معايير التقييم والمفاضلة
هناك عدة معايير تستخدم في تقييم وترتيب أساليب الإنفاق الرأسمالي المتاحة، وهي تتفاوت فيما بينها من حيث الدقة والصعوبة بين المعايير التي تعتمد على التقدير الشخصي والمعايير الموضوعية التي تقوم على الأساس الكمي.
ونظراً لتعدد هذه المعايير للتقييم وتفاوتها، فإننا سنقتصر على مناقشة أهمها بشكل موسع بحيث تتناول تلك التي تستخدم في الحياة العملية على نطاق واسع وتتميز بالدقة والصحة من الناحية النظرية. وهذه المعايير يمكن تبويبها داخل ثلاثة أقسام رئيسية كما يوضح الشكل التالي:
* فترة الاسترداد (المعيار الزمني)
* المعدل المتوسط للعائد (المعيار المحاسبي أو المالي)
* المعايير الاقتصادية
………………………………………………….
فترة الاسترداد (المعيار الزمني)
تشير فترة الاسترداد إلى طول المدة الزمنية اللازمة لتساوي التدفق النقدي الصافي الداخل من إنفاق رأسمالي معين مع التدفق النقدي الخارج للمشروع المقترح. وبعبارة أخرى الفترة الزمنية المتوقع استرداد قيمة الإنفاق الأصلي خلالها.وطبقاً لهذا المعيار يفضل الأسلوب الرأسمالي الذي تغطي تدفقاته النقدية الداخلة قيمة الإنفاق الرأسمالي بطريقة أسرع من الأسلوب الرأسمالي الذي يستغرق وقتاً أطول.
وتحسب فترة الاسترداد بقسمة الاستثمار المبدئي على صافي التدفق السنوي وذلك في حالة تساوي صافي التدفقات السنوية. أما في حالة عدم تساويها فيتم تجميعها سنة بعد سنة حتى نتوصل إلى المجموع الذي يتعادل مع الاستثمار المبدئي.
ويعتبر معيار فترة الاسترداد من أكثر المعايير استخداماً نظراً لسهولته وبساطته. وفي رأينا أن صلاحية هذا المعيار وملائمته تبرز في حالة اقتراحات الإنفاق الرأسمالي للاستثمارات التي تخضع لعوامل التقلب وعدم اليقين والتي تتعرض لتغيرات تكنولوجية سريعة. حيث يعتبر هذا المعيار مؤشراً لدرجة المخاطرة التي يتضمنها كل اقتراح. غير أنه يؤخذ على معيار فترة الاسترداد ما يلي:
1. إهماله للقيمة الزمنية للنقود (Time Value of Money) فإذا افترضنا وجود اقتراحين يحتاج كل منهما مبلغ 100 ألف وحدة نقدية.
فعلى الرغم من أن الاقتراحين يتم استرداد قيمتهما في 3 سنوات، إلا أنهما ليسا على درجة واحدة من التفضيل بسبب القيمة الزمنية للنقود. فالاقتراح الأول يتميز بسرعة استرداد الاستثمار المبدئي ومن ثم فهو أفضل من الاقتراح الثاني من وجهة نظر الربحية. ولكن معيار فترة الاسترداد يضع كل الاقتراحين في نفس المستوى نظراً لإعطائه أوزاناً متساوية للتدفقات المختلفة خلال الفترة الزمنية.
2. إهماله للعمر الافتراضي للمشروع وما يتحقق من مكاسب نقدية في فترة الاسترداد، على الرغم من أن القيمة الحقيقية للاقتراح تتوقف على عدد السنوات التي يتحقق خلالها عائداً. الأمر الذي يترتب عليه اختيار استثمارات أقل كفاءة.
………………………………………………….
المعدل المتوسط للعائد (المعيار المحاسبي أو المالي)
يقوم هذا المعيار على إيجاد النسبة المئوية لمتوسط صافي الربح المحاسبي (المالي) السنوي بعد خصم الإهلاك والضرائب إلى متوسط قيمة الاستثمار للمشروع. وواضح من هذا أن ذلك المعيار لا يقوم على التدفقات النقدية الداخلة أو الخارجة بل يقوم على الأساسي المحاسبي، وخاصة فيما يتعلق بتحديد الأرباح المتوقعة من الإنفاق الرأسمالي المقترح.
يتميز معيار المعدل المتوسط للعائد بالبساطة والسهولة. لهذا يستخدم بواسطة عدد كبير من المنشآت كأداة لتقييم استثماراتها الرأسمالية. غير أنه يؤخذ على هذا المعيار أنه ينطوي على كثير من العيوب ونقاط الضعف وأهمها الآتي:
1. تجاهل القيمة الزمنية للنقود والتضخم النقدي.
2. تجاهل توقيت مكونات المكاسب النقدية.
3. تجاهل العمر الافتراضي للمشروع.
4. يقوم هذا المعيار على الأساس الدفتري وليس على أساس التدفقات النقدية.
ويترتب على ذلك تحميل المشروع ببعض عناصر التكاليف التي لا يعتبر مسؤولاً عنها. يضاف إلى ذلك أن المبدأ المحاسبي المتعارف عليه في حساب العائد هو مبدأ الاستحقاق وليس المبدأ النقدي.
…………………………………………………..
المعايير الاقتصادية
عرضنا حتى الآن للمعيار الزمني “فترة الاسترداد” والمعيار المحاسبي “معدل متوسط العائد” وقد لاحظنا في كل معيار منهما بعض القصور خصوصاً فيما يتعلق بعنصر الزمن. وهذا ما تقوم عليه المعايير الاقتصادية ولنتناول الآن كل معيار من المعايير الاقتصادية على حدة.
* معيار صافي القيمة الحالية.
* تحليل التكلفة والمنفعة.
* معدل العائد الداخلي.
1- معيار صافي القيمة الحالية
يشير صافي القيمة الحالية (Net Present Value – NPV) للمشروع الاستثماري إلى الفرق بين القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة للمشروع والقيمة الحالية للتدفقات الخارجة فإذا كان صافي القيمة الحالية موجب- أي تزيد القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة عن القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجة كان المشروع الاستثماري مربحاً. وعلى العكس من ذلك يعتبر المشروع الاستثماري غير مربح إذا كان صافي القيمة الحالية سالباً- أي تقل القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة عن القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجة. وفي حالة وجود أكثر من مشروع استثماري يفضل المشروع الذي يعطي أكبر صافي قيمة حالية.
ويتم إيجاد صافي القيمة الحالية عن طريق خصم التدفقات النقدية المرتبطة بالاستثمار (الداخلة والخارجة) بمعدل يمثل تقدير الإدارة لتكلفة الأموال. ويمثل هذا المعدل الحد الأدنى لعائد الاستثمار.
2- تحليل التكلفة والمنفعة
يقصد بتحليل التكلفة والمنفعة (ويسمى أحياناً بدليل الربحية) خارج قسمة القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة في المشروع الاستثماري على القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجة لهذا المشروع. فإذا كانت النتيجة أقل من الواحد الصحيح فإن هذا يعني أن التدفقات الداخلة أقل من الخارجة وبالتالي فالمشروع غير مربح. وعلى العكس من ذلك إذا كانت النسبة أكبر من الواحد الصحيح فيعني هذا بلاشك أن التدفقات النقدية الداخلة أكبر من الخارجة وبالتالي يصبح المشروع الاستثماري مربحاً.
ويفيد هذا التحليل كل المقترحات المتنافسة في ترتيبها على أساس ربحيتها تمهيداً لاختيار الاقتراح الأكثر ربحية.
3- معدل العائد الداخلي
يعتبر معيار معدل العائد الداخلي (Internal Rate of Return – IRR) من أهم المعايير المستخدمة في المفاضلة بين المشروعات الاستثمارية المختلفة ويستخدمه البنك الدولي حالياً في كل أنواع التحليل المالي والاقتصادي للمشروعات وكذلك تستخدمه معظم مؤسسات التمويل الدولية عند قبولها أو رفضها للمشروعات المقدمة إليها بغرض التمويل.
ويتمثل هذا المعيار في المعدل الذي تتساوى عنده القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة مع القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجة للمشروع الاستثماري. وبمعنى آخر هو معدل الخصم الذي عنده تكون صافي القيمة الحالية للمشروع الاستثماري مساوية للصفر.
ويلاحظ أنه رغم أن معدل تكلفة النقود لا تدخل في إجراءات حساب معدل العائد الداخلي فإنه تتم مقارنة هذان المعدلان ببعضهما. فإذا كان معدل العائد الداخلي أكبر من معدل تكلفة النقود فيعتبر المشروع مربحاً. وعلى العكس من ذلك يعتبر المشروع غير مربح إذا كان معدل العائد الداخلي أصغر من معدل تكلفة النقود. وفي حالة وجود مشروعات متنافسة يفضل المشروع الذي يعطي أكبر معدل للعائد الداخلي.