أولا: مفهوم الإشراف التربوي. 

يسعى الإشراف التربوي من خلال أدواره والمهام الموكلة له إلى غاية أساسية تتمثل في تحقيق جودة التعلم وتحسين نوعيته، كونه من العمليات التربوية الحيوية المصاحبة لعلميتي التعليم والتعلم في المدرسة، إلى جانب كونه حلقة إتصال فاعلة بين المدرسة والأجهزة الإدارية والفنية في مديريات التربية ووزارة التربية والتعلم. (عيسان, والعاني, 2008م, ص: 1) 

كما وأنه يمثل حلقة الإتصال بين الميدان التربوي والأجهزة المسؤولة عنه، فهو يرتبط بالجانب الفني لوزارة التربية والتعليم ويمدها بالمعلومات الحقيقية عن إيجابيات العمل ومناحي تطويره التي في ضوئها يتم إتخاذ القرارات. (الإبراهيم، 2002م, ص: 37-42)

كما تطوَّر مفهوم الإشراف التربوي من نظام التفتيش الذي يقوم على أساس مراقبة عمل المعلمين وتصيّد أخطائهم، إلى عملية التوجيه التي تقوم على أساس التعاون بين المشرفين التربويين والمعلمين من أجل رفع كفاياتهم التعليمية, ثم إلى عملية الإشراف التي تهدف إلى مساعدة المعلمين في مواجهة مشكلاتهم التعليمية ومعالجتها بأسلوب علمي منهجي منظم. (العكر, 2008م, ص: 40)

 

ويمكن تحديد المفهوم الحديث للإشراف التربوي على أنه: مجهود منظم، وعمل إيجابي، يهدف إلى تحسين عمليات التعلم والتعليم والتدريب؛ وذلك لتنسيق وتوجيه النمو الذاتي للمعلمين ليزداد فهمهم التربوي وإيمانهم بأهداف التعليم، وبذلك يؤدون دورهم بصورة أكثر فاعلية. (عبد الهادي، 2002م, ص: 12) 

كما يعرّف على أنه: عملية قيادية ديمقراطية تعاونية منظمة، تعنى بالموقف التعليمي بجميع عناصره من مناهج ووسائل وأساليب وبيئة ومعلم وطالب، للعمل على تحسينها وتنظيمها وتحقيق أهداف التعلم والتعليم. (Carl, 1990, P: 9) 

وعرفه بوردمان بأنه المجهود الذي يبذل لإستثارة وتنسيق وتوجيه النمو المستمر للمعلمين فرادي وجماعات ليؤدوا وظائفهم  بصورة أكثر فاعلية. (طافش، 2004م, ص: 6)

لذا نرى أن هناك إتفاقاً بين مفاهيم الإشراف التربوي على أنه جهود تربوية تطويرية وعملية قيادية وإدارية تهدف إلى تحسين عملية التعليم والتعلم, وإن تنوعت في أساليب ووسائل تحقيق هذا الهدف.

ويهدف الإشراف التربوي إلى غاية أساسية تتمثل في حسن إستثمار وتوظيف الإمكانات المتاحة في المدرسة التي تخدم عملية تنفيذ المناهج والخطط المنبثقة من البرامج التطويرية المستحدثة. (فيفر, ودنلاب، 1993م, ص: 25)

والمشرف التربوي هو خبير فني وظيفته الرئيسية مساعدة المعلمين علي النمو المهني وحل المشكلات التعليمية التي تواجههم, بالإضافة إلي تقديم الخدمات الفنية لتحسين أساليب التدريس وتوجيه العملية التربوية الوجهة الصحيحة مما يستلزم منه معرفة (أصول التربية الإسلامية ونظريات التعلم وطرق التدريس والقياس والتقويم ومهارات الإدارة والإتصـال والتعامل مع وسائل التعليم حسب إختصاصه).

ويقع على عاتق المشرف التربوي مهام كثيرة وعبء كبير في توجيه المعلمين وإرشادهم أثناء خدمتهم، لمواجهة التغيرات العالمية المعاصرة والمتسارعة في المعرفة العلمية والتكنولوجية وتوظيفها من أجل خدمة العملية التعليمية التعلمية وتحقيق أهدافها، حيث يقوم بإتخاذ جميع الأساليب والإجراءات اللازمة للتعرف على إحتياجات العملية التربوية ومتطلبات تحسين مستوى أدائها الشامل وصولا إلى التمكين. (Greene, 1992, P: 17)

 

ثانيا: أهمية دور المشرف التربوي.

يكتسب الإشراف التربوي أهميته من خلال الخدمات الفنية التي يقدمها والمتمثلة في متابعة العملية التربوية ومعايشة مشكلاتها، ثم وضع الحلول المناسبة لها، فهو حلقة الإتصال بين الميدان والأجهزة الإدارية والفنية التي تشرف على عملية التعليم والتعلم، علما  بأن التوسع في الخدمات التعليمية مع إنتشار المدارس وإزدياد عددها يفرض الحاجة إلى وجود مشرفين متخصصين في مواد الدراسة المختلفة ليقوموا بمهمة الإشراف على أعمال المعلمين، ومساعدتهم وتمكينهم من تحقيق الأهداف المنشودة. (Silva, & Dana, 2001, P: 305)

تنبع الأهمية هنا من كون المهمة الأساسية للمشرف التربوي هي الإضطلاع بالمسؤوليات التي من شأنها تطوير العمل التربوي التعليمي في المدرسة. ويؤكد هذه الأهمية ما تشير إليه الدراسات السابقة من تركيز الكثير من مديري المدارس على المسؤوليات الإدارية أكثر من المسؤوليات الفنية.

 

هذا الواقع للإدارة المدرسية يجعل الحاجة ماسة إلى وجود المشرف التربوي الذي يفترض أن يعالج هذا الخلل ويسد هذا النقص, ومما يؤكد أهمية دور المشرف التربوي في تحسين وتطوير العمل التربوي التعليمي هو ما يملكه من خبرة فنية متخصصة في المادة العلمية وطرق تدريسها, وهي خبرة إكتسبها بإعداده المسبق, وكذلك إكتسبها بتجواله المستمر بين مختلف المدارس ومواجهته لمختلف المواقف وإطلاعه على الكثير من الأفكار والتجارب, كما أن للإشراف التربوي الأهمية في تعميق الجدارة الإدارية لدى مديري المدارس.

 

ولعل موقع المشرف التربوي كحلقة وصل بين مستوى التخطيط في إدارة التعليم ومستوى التنفيذ في المدرسة يعطي دوره المزيد من الأهمية, وهذه الأهمية تأتي من دوره المفترض في ترشيد صناعة القرار في مستوى التخطيط عن طريق تزويده المخططين هناك بالمعلومات المطلوبة عن ظروف الواقع وإمكاناته، وهي معلومات ضرورية لإتخاذ قرارات قابلة للتطبيق, وإنطلاقاً من هذا الموقع يفترض أن يقوم المشرف التربوي في مستوى التنفيذ بتفسير السياسات ويوضح أهداف القرارات والخطط وآليات تطبيقها، ويعمل بالتعاون مع العاملين في المدرسة على أن تكون الجهود موجهة لتحقيق الأهداف. (عطوي، 2001م, ص: 27)

ويفترض في المشرف التربوي أن يكون مدركاً لكافة الأساليب والطرق التي يمكن أن تساعد المعلمين على التغير والتطوير والسير نحو الأفضل, وأن يكون منطلق إختيار الأسلوب المعين ما يستلزمه الموقف الإشرافي بكل أبعاده, فالمشرف التربوي إنسان مبدع قادر على إستعمال الأساليب والوسائل التي يراها مناسبة في ظروف معينة مع أشخاص معينين ولديه إمكانية التبديل والتعديل في هذه الأساليب بالشكل الذي يتطلبه الموقف التربوي, ويستطيع المشرف التربوي الذي يقود عملية إحداث التغيير والتطوير التربوي أن يمارس الأساليب الجديدة تبعاً للمواقف التعليمية الطارئة ما دام هدف هذه الأساليب هو تحسين البرنامج التعليمي من ناحية وتحسين أداء المعلمين من ناحية أخرى. (الخطيب, وآخرون 1997م، ص: 224ـ 225)

 

ثالثا: المبادئ التي يقوم عليها الإشراف التربوي.

يستند العمل التربوي بصورة رئيسية على مجموعة من الإختصاصين الذين يتعاونون ويتفاعلون معاً لتحقيق أهدافه، وهذا التعاون المبني على أسس سليمة ومتينة شرط لا بد منه للوصول إلى مخرجات تامة. (طافش، 2004م, ص: 73)

من هذا المنطلق لا بد من إرساء قواعد متينة يقوم عليها الإشراف التربوي, ليؤدي دوره في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة في أسرع وقت وأقل تكلفة ممكنين. (صيام، 2007م, ص: 47)

 

ومن أبرز هذه المبادئ ما ذكره (الحريري، 2006م, ص: 185) بأن الإشراف التربوي عملية:

1 عملية شاملة: النظر إلى عملية الإشراف على أنها عملية تهتم بكل جوانب الموقف التعليمي وبجميع عناصر العملية التعليمية من مدرس وطالب ومنهج وأساليب وبيئة وتسهيلات مدرسية والعمل على تحسينها والإرتقاء بمستواها.

كما أنها تعنى بجميع العوامل المؤثرة في تحسين العملية التعليمية وتطويرها ضمن الإطار العام لأهداف التربية والتعليم.

 

ويذكر (نشوان، ونشوان، 2001م, ص: 109) مجموعة من المبادئ التي يقوم عليها الإشراف التربوي كما يلي:

2– عملية ديمقراطية: يعتمد الإشراف في المقام الأول على الأسلوب الديمقراطي, الذي لا يؤمن بأن يعمل كل فرد كما يحب ولكن بما يشمله من الديناميكية والفهم والحساسية لدور القائد التربوي, بالإضافة إلى تعاون وإندماج كل الأعضاء العاملين والمشتركين في تنفيذ البرنامج المدرسي من خلال العلاقات الرسمية وغير الرسمية.

 

3– عملية إنسانية: وذلك من خلال العمل على توضيح حاجات العاملين في الحقل التربوي, ومنها العلاقات الإنسانية بين أعضاء هيئة التدريس التي تعتمد الصداقة والمعاملة غير الرسمية والثقة المتبادلة والإحترام.

فهي عملية تعنى بتنمية العلاقات الإنسانية والمشاركة الوجدانية في الحقل التربوي، بحيث تتحقق الترجمة الفعلية لمبادئ الشورى والإخلاص والمحبة والإرشاد في العمل، والجدية في العطاء، والبعد عن إستخدام السلطة وكثرة العقوبات وتصيد الأخطاء.

 

كما يضيف (صيام، 2007م, ص: 47) أن من مبادئ الإشراف التربوي:

4– تشجيع الإبداع: ويتم ذلك عن طريق التفكير الإبداعي, حيث يكون الوصول لكل جديد في الرأي والعمل نتيجة التفكير العميق والبحث والتجريب، ويستطيع المشرف التربوي نتيجة الإبداع والإبتكار عند المعلمين إتاحة حرية التفكير لهم, وإشراكهم في تحسين الأهداف والمحتويات والمنهج وطرق التدريس والتقويم وتشجيعهم على التجريب, وبث الثقة بالنفس والإعتراف بجهودهم والإيمان بقدراتهم.

 

ويضيف (عبد الهادي، 2002م, ص: 30) مجموعة أخري من المبادئ للإشراف التربوي:

5 عملية قيادية: تتمثل في المقدرة على التأثير في المعلمين والطلبة وغيرهم من ذوى العلاقة بالعملية التعليمية التعلمية في المدرسة, لتنسيق جهودهم من أجل تحسين هذه العملية وتطويرها.

وهي عملية تتوافر فيها مقومات الشخصية القوية التي تستطيع التأثير في المعلمين والطلاب وغيرهم ممن لهم علاقة بالعملية التربوية، وتعمل على تنسيق جهودهم، من أجل تحسين تلك العملية وتحقيق أهدافها.

 

6 عملية فنية: أي يهدف إلى تحسين التعليم والتعلم من خلال رعاية وتوجيه وتنشيط النمو المستمر لكل من المعلم والطالب والمشرف نفسه وأي شخص لآخر له أثر في تحسين العملية التعليمية التعلمية.

 

ويذكر (الخطيب، والخطيب، 2003م, ص: 35) أن الإشراف التربوي:

7– عملية تعاونية: تحرص على إشراك المشرفين والمديرين والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور, وذلك بتنسيق جهودهم وتنظيمها أي: العمل من خلال الجماعة.

وهي عملية تعاونية في مراحلها المختلفة (من تخطيط وتنسيق وتنفيذ وتقويم ومتابعة) ترحب بإختلاف وجهات النظر، مما يقضي على العلاقة السلبية بين المشرف والمعلم، وينظم العلاقة بينهما لمواجهة المشكلات التربوية وإيجاد الحلول المناسبة.

 

ويضيف (العيساوي ، 1987م, ص: 50) أن الإشراف التربوي:

8 عملية علمية: تقوم على أساس البحث والملاحظة والتجريب, وذلك من أجل تطوير العملية التعليمية التعلمية. لتشجيع البحث والتجريب والإبداع، وتوظف نتائجها لتحسين التعليم، وتقوم على السعي لتحقيق أهداف واضحة قابلة للملاحظة والقياس.

 

9 عملية مرنة: تعتبر عملية الإشراف التربوي بأنها عملية مرنة متطورة, وقد أثبتت مرونتها عن طريق إتباع أساليب ووسائل متعددة من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة. فهي متطورة تتحرر من القيود الروتينية، وتشجع المبادرات الإيجابية، وتعمل على نشر الخبرات الجيدة والتجارب الناجحة، وتتجه إلى مرونة العمل وتنويع الأساليب.

 

ويضيف (طافش، 2004م, ص: 75) مجموعة من المبادئ التي يرتكز عليها الإشراف التربوي منها:

10– إستشراف المستقبل: حيث يكتسب المشرف القدرة على توقع المشكلات التي تواجه العمل, فيتخذ الإجراءات الوقائية التي تمكنه من تلافيها قبل وقوعها, ويكتسب المشرف هذه القدرة من خلال خبرته في الحياة ومن دراسته العلمية للماضي والحاضر.

 

11 النقد والنقد الذاتي: حتى لا تنحرف العملية التربوية عن مسارها القديم يقبل المشرف التربوي بمبدأ النقد والنقد الذاتي, ويدرب الفريق الذي يعمل معه على تقبله, فهو صمام الأمان الذي لا يسمح بالسلوك الإنحراف إلى أهداف غير مرغوبة، ويقوم النقد بدوره البناء والتصحيحي الذي يساعد على وضوح الرؤية ولا يسمح بتزييف المواقف.

 

كما يتميز الإشراف التربوي الحديث بالخصائص الآتية:

ـ أنه عملية تفاعلية تتغير ممارستها بتغير المواقف والحاجات التي تقابلها ومتابعة كل جديد في مجال الفكر التربوي والتقدم العلمي.

ـ أنه عملية مستمرة في سيرها نحو الأفضل، لا تبدأ عند زيارة مشرف وتنقضي بإنقضاء تلك الزيارة، بل يتمم المشرف اللاحق مسيرة المشرف السابق.

ـ أنه عملية تعتمد على الواقعية المدعمة بالأدلة الميدانية والممارسة العملية، وعلى الصراحة التامة في تشخيص نواحي القصور في العملية التربوية.

ـ أنه عملية تحترم الفروق الفردية بين المعلمين وتقدرها، فتقبل المعلم الضعيف أو المتذمر، كما تقبل المعلم المبدع والنشيط.

ـ أنه عملية وقائية علاجية هدفها تبصير المعلم بما يجنبه الخطأ في أثناء ممارسته العملية التربوية، كما تقدم له العون اللازم لتخطي العقبات التي قد تصادفه في أثناء عمله.

ـ أنه عملية تهدف إلى بناء الإشراف الذاتي لدى المعلمين.

ـ أنه وسيلة هامة لتحقيق أهداف السياسة التعليمية خاصة وأهداف التربية عامة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 7282 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,772,602

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters