بقلم:

أحمد السيد كردي

خبير تنمية بشرية وتطوير إداري

2012 م.

لا توجد حياة زوجية بدون مشاكل, والمشاكل الأسرية والخلافات الزوجية متعددة وهي لم تترك بيتا لم تدخله على حسب نوع وحجم المشكلة, فلم يخلو بيتا من المشاكل الزوجية حتى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من البشر وخيرهم وأكرمهم عند الله وهو معصوم من الخطأ, وأما زوجاته فلسن بملائكة ولا معصومات من الخطأ ولكنهم زوجات خير البرية.

ولولا ذلك ما أنزلت سورة الطلاق وذلك عندما طلق صلى الله عليه وسلم السيدة حفصة إبنة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وحتى يتم تشريع أبغض الحلال عند الله الطلاق القانون السماوي رحمة من عند الله بالعلاقات الزوجية المستحيلة وبخلاف التشريعات الأخرى التي لم تقر الطلاق.

ولم تسلم أيضا بيوت الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك الخلفاء الراشدين والسلف الصالح والتابعين من المشاكل والخلافات الزوجية فهناك العديد من القصص والمواقف لصور من تلك المشاكل والخلافات كل منها بمثابة قاعدة وقانون للأسرة في كل زمان ومكان.

ومما ذكر في ذلك أنه جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليشكو سوء خلق زوجته، فوقف على بابه ينتظر خروجه، فسمع الرجل امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه، وعمر ساكت لا يرد عليها، فانصرف الرجل راجعاً وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين، فكيف حالي؟!

وخرج عمر فرآه مولياً عن بابه، فناداه وقال: ما حاجتك أيها الرجل؟! فقال: يا أمير المؤمنين! جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك؛ فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي؟!

قال عمر: يا أخي إني أحتملها لحقوق لها علي، إنها لطباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي، وليس ذلك كله بواجب عليها، ويسكن قلبي بها عن الحرام؛ فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين! وكذلك زوجتي. (القصة ذكرها الذهبى فى كتاب الكبائر ص: 179)

وهذا معناه أنه ينبغي أن نتقبل الحياة الزوجية بحلوها ومرها ونرضى بما قسمه الله فلسنا أفضل من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام, وينبغي أن نعلم علم اليقين أنه مادامت هناك مشكلة فهناك العديد من الحلول البديلة المناسبة لهذه المشكلة وذلك من باب "ما خلق الله سبحانه وتعالى داءا إلا وخلق له الدواء.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيراً؛ فهن خلقن من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً. (أخرجه البخاري ومسلم).

وقد وضع الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة النساء قانونا هاما في علاج المشاكل الزوجية وحل لقضايا الأسرة, فقال تعالى: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فاللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبير(34) فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا (35)".

فأفادت الآية الكريمة أن القوامة للرجل في التحمل لمشاق وأعباء الحياة والسعي لطلب الرزق والإنفاق على الأسرة بما أفاض الله عليه من فضله فليس ذلك من إختصاصات المرأة ولكنه من مسئوليات الرجل ولا يلزم المرأة أن تعمل للأنفاق علي زوجها بحكم خلقتها وضعفها, ولكن عليها القيام بمهامها من خدمة الزوج ورعاية أبنائه وما أشبه ذلك, وهذا هو الوضع الطبيعي والمعيار الصحيح لاستقرار السعادة والخلل في ذلك يؤدي إلي فساد العلاقة الزوجية حتماً, كما أن للزوج الحق في تأديب زوجته عند عصيانها أمره ونشوزها عليه تأديباً يراعى فيه التدرج الذي قد يصل في النهاية إلى الضرب بشروطه.

قال القرطبي رحمه الله: " اعلم أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحاً إلا هنا وفي الحدود العظام فساوى معصيتهن أزواجهن بمعصية الكبائر وولى الأزواج ذلك دون الأئمة وجعلَه لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتماناً من الله تعالى للأزواج على النساء ", والنشوز في الآية بمعنى العصيان، أي: اللاتي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج فجعل الله للتأديب مراتب:

المرتبة الأولى: الوعظ بلا هجر ولا ضرب فتذكر المرأة ما أوجب الله عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة للزوج, فإن لم ينفع الوعظ والتذكير بالرفق واللين إنتقل إلى المرتبة الثانية: وهي الهجر في المضجع وذلك بأن يوليها ظهره في المضجع أو ينفرد عنها بالفراش لكن لا ينبغي له أن يبالغ في الهجر أكثر من أربعة أشهر وهي المدة التي ضرب الله أجلاً للمولي، كما ينبغي له أن يقصد من الهجر التأديب والاستصلاح لا التشفي والانتقام .

المرتبة الثالثة: وهي الضرب غير المبرح لقوله: (واضربوهن) قال ابن عباس رضي الله عنهما: أهجرها في المضجع فإن أقبلَت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضرباً غير مبرح، وعلى الزوج أن يراعي أن المقصود من الضرب العلاج والتأديب والزجر لا غير فيراعي التخفيف فيه على أبلغ الوجوه, قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرّح ؟ قال: السواك ونحوه (أي الضّرب بالسواك).

وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه بيانا لبعض حقوق الزوجة على الزوج وأهمها حسن المعاملة, حيث قال: قلت: يارسول الله، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال: " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب ", أي: لا تضرب الوجه. (رواه أبوداود)

 

ومن بعض المشاكل في الحياة الزوجية

- سوء الإختيار, فمن أهم وأول المشاكل الزوجية ما يتعلق بعدم التخطيط والإختيار الصحيح عند الإستعداد للزواج, قال صلى الله عليه وسلم: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ", ومشكلة عدم توافر عنصر الإستطاعة والبائة وكذلك سوء التقدير والإختيار وعدم التوافق الفكري والإلتزام الديني وكذلك الفروق التعليمية والعلمية بين الزوجين.

- سنة أولى زواج, فمعظم الخلافات تكون في بداية الحياة الزوجية, والمرتبطة ببداية حياة الشاب العملية وكذلك الزواج في السن المبكر وعدم فهم الطرف الأخر ولسلوكياته وشخصيته, وعدم الخبرة الكافية في حل المشكلات وإتخاذ القرارات بعقلانية وحكمة ومقاومة أعباء الحياة, وخاصة إن إرتبط ذلك بعدم وجود ولي الأمر الموجه والمرشد للزوجين والذي يمكن أن يعتمد عليه ويستعان به في وقت الشدة.

- ومنها ما يعود إلى المشاكل المادية والمالية لدى الزوج وأثرها على سوء الأحوال الإقتصادية للأسرة وضيق العيش, وخصوصا في بداية الحياة الزوجية وأول طريق الكفاح, وإذا تسبب هذا الوضع في ضجر الزوجة ونفورها وعدم تحملها لهذا العبء والصبر عليه.

- وأسوء المشاكل الهادمة لكيان وبنيان الأسرة وتطيح بالحياة الزوجية إلى الهاوية ما يتعلق بالخيانة الزوجية من الزوج أو الزوجة فهي خيانه ومعصية لله سبحانه وتعالى قبل خيانة الطرف الأخر, وهو ثبوت الوقوع في علاقة غير مشروعة ومحرمة, ومجرد الشك فقط ينساب على الأسرة نوعا من القلق والتوتر, وإذا حدث التقين من أمر الخيانة إستحالت الحياة وانتهت بالطلاق المؤسف بسبب نزوة شيطانية قذرة.

- ومن المشاكل أيضا ما يتعلق بالمشاكل العاطفية في الحياة الزوجية من الغيرة الزائدة عن الحد بطريقة مرضية من أحد الزوجين والشك المستمر, وكذلك الحب من طرف واحد سواء من الزوج أو من الزوجة وإهمال الطرف الأخر وعدم إحترام مشاعر وأحاسيس الأخر والفتور العاطفى.

عن عروة أن ‏ ‏عائشة زوج النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حدثته ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خرج من عندها ليلا قالت: فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال:‏ ‏ما لك يا ‏ ‏عائشة ‏ ‏أغرت فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال: رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أقد جاءك شيطانك قالت يا رسول الله أو ‏ ‏معي شيطان قال نعم قلت ومع كل إنسان قال نعم قلت ومعك يا رسول الله قال نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم. (صحيح مسلم بشرح النووي)

- ومن أخطر المشاكل نشوز المرأة وخروجها عن طاعة الزوج بدون سبب ولا عذر شرعي وكفرانها العشير, وإعلانها العصيان والتمرد على الزوج ولا تعلم أن طاعة الزوج من طاعة الله, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو كنت امراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".(رواه الترمذي)

وعن‏ ‏أبي سعيد الخدري‏ ‏قال: خرج رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء ‏تصدقن فإني ‏رأيتكن‏ ‏أكثر أهل النار فقلن وبم يا رسول الله قال تكثرن ‏اللعن‏ ‏وتكفرن ‏العشير‏ ‏ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب ‏ ‏للب ‏الرجل الحازم من إحداكن قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله قال أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها " (رواه البخاري).

وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها حتى لو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها.(رواه الطبراني في الكبير)

عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا دَعَا الرّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتّى تُصْبِحَ".(سنن أبى داود كتاب النكاح)

- ومن الخلافات الزوجية ما تبدأ بمشكلة صغيرة ولسوء الأدب في الحوار وخاصة من جانب الزوجة, والإنفعال الزائد عن الحد من الزوج تكبر المشكلة وتتعقد وخصوصا إن صاحب ذلك الخلاف إستخدام العنف والضرب.

وبعدها تصبح المشكلة الأساسية هي مشكلة الضرب ويتم نسيان الدافع, ويضيع الزوج حقه إن كان عنده حق بإستخدامه أسلوب الضرب وخاصة إن كان ضربا مبرحا, فكما قال العقلاء: علو صوتك وسوطك دليل على ضعف موقفك ", وينبغي على الزوج إستخدام العقل والحكمة واللين والرحمة في معالجة المشاكل والخلافات, قال تعالى: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك ", إن الاعتماد الأساسي على حل الخلافات الزوجية هو لغة الحوار لكي يكون الإنطلاق نحو حل الخلافات على أسس سليمة.

- ومنها المشاكل الخاصة بتدخل الأهل في حياة الزوجين وشئون معيشتهم وقراراتهم الخاصة وإنقياد أحد الزوجين لهذا التدخل والذي غالبا ما يكون من أحد أقاربه أو أصدقائه مع ضجر وصخب الطرف الأخر, وكما قيل في الأمثال الشعبية: الحما عمى ولو كانت نجمة من السما ", وهي مشكلة أم الزوج وأم الزوجة التي لا تنتهي ولأهمية هذه القضية أخذت حيزا وإهتماما ملحوظا لدى صناع السينما والدراما, لذا ينبغي عدم تدخل الأهل والأقارب في أي مشكلة تحدث بين الزوجين إلاّ إذا اقتضت الضرورة ذلك يجب أن يدرك الزوجان أنه لا يوجد هناك من يحل لهما خلافاتهما غيرهما.

- خروج أسرار المنزل الخاصة للأقارب وللأصدقاء, وكما قيل في الأمثال الشعبية: " الراجل وزوجته مثل القبر وصاحبه " كناية عن السرية التامة, وأنه لا يوجد أحد منا يعلم ما يحدث لسكان القبور حتى أقرب الأقربين, ولا يعلم حالهم إلا الله وكذلك ينبغي أن يكون الحال بالنسبة للحياة الزوجية فالبيوت أسرار, والمصطفى صلى الله عليه وسلم قال: " إستعينوا على قضاء حوائجكم في السر والكتمان ".

فعندما زار إبراهيم بيت ابنه إسماعيل عليهما السلام لم يجده، ووجد امرأته، فسألها عنه فقالت: خرج يبتغي لنا أو يصيد لنا، ثم سألها عن عيشهم فقالت: نحن في ضيق وشدة، وشكت إليه... وهكذا أساءت لنفسها قبل أن تسيء لزوجها، فقد كشفت سر بيته، ولم تحفظه في غيبته، ثم إنها لم ترض بقدر الله -عز وجل- لها فالمشتكي معترضٌ على قدر الله... فما كان من إبراهيم عليه السلام إلاّ أن قال لها: أقرئي زوجك السلام وأبلغيه أن يغير عتبة داره.

وفعلاً عندما عاد إسماعيل عليه السلام روت له ما جرى، فأدرك أن هذا الشيخ الزائر هو أبوه، وقد رأى أن يفارق زوجته، فقال لها: الحقي بأهلك.

وما لبث إبراهيم عليه السلام، وعاد لزيارة بيت ابنه مرة ثانية حيث وجد امرأة غير الأولى، فسألها عن زوجها فقالت: خرج يبتغي لنا، فقال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله تعالى، فدعا لهما، وقال لها: أقرئي زوجك السلام، وأبلغيه أن يثبت عتبة داره, وفعلاً عندما عاد إسماعيل عليه السلام روت له ما كان من هذا الشيخ فقال لها: هذا أبي أمرني أن أمسكك.

- زواج الأقارب وإن كان في الأصل توطيدا للعلاقات الأسرية وصلة الأرحام, أصبح هذا الزواج بمثابة مشكلة كبيرة يخاف الكثير من الأهالي الإقبال عليها لكثرة المشاكل والخلافات العائلية القائمة كنماذج سلبية أدت إلى الفرقة وقطع الرحم, وكما قيل في الأمثال الشعبية: زواج الأقارب جلاب للمصايب ".

- عمل الزوجة, ومن الخلافات الزوجية ما يتعلق بخروج الزوجه من منزلها للعمل, وأثره السلبي على حياتها الشخصية وخصوصا إن صاحب ذلك إهمالها وتقصيرها في حق زوجها وأبنائها ونفسها وبيتها, لذا ينبغي على المرأة العاملة عمل موازنة بين حياتها العلمية والعملية وحياتها الشخصية والأسرية, وينبغي على الزوج أن يكون متفهما لهذا الموقف.

- مرتب الزوجة ومالها الخاص والناتج عن خروجها للعمل على حساب أسرتها, والمشكله والخلاف تكون بأخذ الزوج للراتب أو جزء منه للمساعدة في النفقات المعيشية, وهذا الأمر فيه خلاف شرعي بين الفقاء في قضية مرتب الزوجة فمنهم من يرى وجوب مشاركتها في أعباء الحياة نظير خروجها من المنزل والذي يترتب عليه من تقصير في واجباتها تجاه الزوج وأسرتها.

والرأي الأخر الذي لا يلزمها ذلك واعتبر راتبها من حقها وأي تفضل منها يكون تحت إرادتها وطيب نفسها فلا يجوز إرغامها وإجبارها على أخذ راتبها أو إلزمها بمصاريف ونفقة الأبناء, بخلاف مالها الواصل إليها عن طريق الإرث أو المنح والعطية من أحد الوالدين فهو من حقها فقط ولا دخل للزوج فيه.

- وأيضا من المشاكل النظر لما في يد الغير وعدم الرضا بالنصيب وإقامة المقارنات مع الجيران والأقارب والأصدقاء والتي من شئنها الهدم وليس الإصلاح وتحميل الزوج فوق طاقته وإمكانياته المادية التي رزقه الله إياها, والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى أن ننظر إلى من هو أفضل منا في العلم والدين والخلق ولا ننظر إلى من هو أعلى منا في الرزق والدنيا, قال تعالى: " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء ".

- زواج الرجل بأخري, فمشكلة التعدد من المشاكل العصرية والتي لها الأثر السلبي على الزوجه وبالأخص عندما لا يوجد أي عذر شرعي قهري ولا مبرر ولا تقصير من الزوجة وعدم مراعاة الجوانب الإنسانية وتناسي الحب وروح المودة والعشرة وهذا من وجه نظر الزوجة, ولا يرضى بهذا الوضع إلا القلائل من النساء.

وتزداد حدة المشكلة بعدم الإلمام بفقه التعدد من جهة الزوج, وإن كان ذلك من حق الزوج شرعيا ولن يستطيع أحد لومة مادام يستطيع الباءة ولديه مقدرة على التعدد إستنادا بقول المولى عز وجل: " فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تحولوا " (سورة النساء: أية 3).

وما يتبع التعدد من إهمال الزوج حقوق الزوجة الأولى الشرعية, ثم مشكلة عدم العدل بين الزوجات والتي أشار إليها الحق سبحانه وتعالى بقولة: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ", فالتعدد يحتاج إلى شخص محترف ومسايس صاحب إمكانيات مادية تغطي حدة المنافسة بين الزوجات ومتطلباتهم الخاصة, ويتحلى بالصبر والنفس الطويل.

- سفر الزوج وإهمالة لمسؤليات الأسرة ومتابعة الأبناء وإلقاء العبء كليا على الزوجة في رعاية وتربية الأبناء, وأيضا سفر الزوجة وإهمال أسرتها فالمسؤلية في الحياة الزوجية مسؤلية مشتركة بين الزوج والزوجة على كل منهم واجبات تجاه بناء كيان الأسرة.

- إنشغال الزوج أو الزوجة بهوايات تكميلية وأنشطة ترفيهية على حساب الإحتياجات الأساسية وإقامة الواجبات الشرعية في الحياة الزوجية وبناء الأسرة, كمن يدمن الجلوس أمام الإنترنت وعلى المقاهي ويأخذ ذلك غالبية وقته وإهتمامه على حساب عمله وسعيه لطلب الرزق وإهمالة لأبنائه ورعايتهم تعليميا وتأديبيا, وتقصيرة في حقوق الزوجة الشرعية.

- الزواج أثناء الدراسة, وما يترتب عليه من إنشغال الزوجة بالتعليم, وكذلك الحال عندما تريد إستكمال الدراسات العليا التكميلية على حساب الأسرة وإمكانياتها المادية المتاحة وتقصيرها في واجباتها الشرعية الزوجية, وما دام أن الزوج كان على معرفة وبينه بهذا الأمر قبل الزواج ووافق على الزواج بهذا الشرط, فعليه أن يتحمل أعباء هذا الأمر وتأثيره على حياته والتنازل عن بعض حقوقة حتى إنتهاء الزوجة من إتمام الدراسة, وتوفير بيئة صحيه ومساعدة الزوجة على تخطي هذه المرحلة.

 فليس من الخطأ الزواج أثناء فترة الدراسة بل ينبغي تشجيع الشباب على سرعة تزويج الشباب والفتيات لتحصينهم من الوقوع في المحرمات وإبداء النصح لهم دائما وإرشادهم وتوجيههم إلى الصواب بما يساعد على نجاحهم في حياتهم الزوجية, قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة حق على الله عونهم, وذكر منهم: والناكح الذي يريد العفاف "(رواه الترمذي وحسنه الألباني).

- سلوكيات الطمع والأنانية المفرطة والواضحة سواء من جانب الزوج أو الزوجة وغيرها من صفات حب الذات المرضي النرجسي, وإهمال الطرف الأخر والبحث عن الحقوق فقط والتمسك بها والتقصير في الواجبات.

- مشكلة الكذب بين الزوجين وأضرارها الوخيمة على الحياة الزوجية وإفساد صفوها, وخاصة عند إكتشاف أحد الزوجين بكذب الطرف الأخر, مما يؤدي إلى إنتزاع عنصر الثقة بين الزوجين وفقدان الأمان في الحياة الزوجية, وإن كان إستخدام الكذب مستحب في بعض الأمور أثناء الحياة الزوجية حتى لا تتوقف عجلة الحياة وتخطي الأزمة.

فقد أجيز الكذب في الإصلاح بين الزوجين خاصة وبين المتخاصمين على وجه العموم, الأمر الذي يحتاج إلى مهارة في إستخدام هذه الوسيلة وعدم الإعتماد على ذلك في حل المشاكل في كل مرة, وينبغي شيوع المصداقية والشفافية في الحياة الزوجية الناجحة وتربية الأبناء على سلوك الصدق والتخلق به كخلق إسلامي قويم تقوم عليه المباديء والتشريعات الإسلامية, وهو خلق عظيم يهدي إلى البر والبر هو كافة أوجه الخير للهداية إلى طريق الجنة.

- غياب الإحترام والتقدير بين الزوجين, من المشاكل الهامة والتي يكون لها الأثر السلبي على تربية الأبناء وثقتهم بأنفسهم ونظرة المجتمع لهم, وعدم إحترام شريك الحياة أمام الغير مشكلة لا تنسى ولا تغتفر, وكما قيل في الأمثال: من قال لزوجته يا عورة لعبت بها الناس الكرة ".

لذا يلزم أن تسود الحياة الزوجية روح المودة والإحترام والتقدير وبالأخص أمام الغير, وأن تحل المشاكل بعيدا عن الأبناء وخلف الأبواب المغلقة دون لفت نظر أي أحد مهما كان.

- مشكلة عدم الإنجاب من الأمور المقدرة لدى بعد الأزواج وقد تكون هي العقبة الوحيدة في حياتهم الزوجية التي يملؤها الود والحب وهو إبتلاء من الله سبحانه وتعالى وإختبار صعب, فمسألة الانجاب قضية حيوية في المجتمع وهو أحد دواعي الزواج, كما قال صلى الله عليه وسلم بهم: { تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة }.

فلا يقنط من أبتلي بمثل هذه المشكلة من رحمة الله, فهناك العديد من الحالات نجحت مع العلاج والصبر والأخذ بالأسباب

- المشاكل الجنسية المختلفة وتأثيرها على الحياة الزوجية من البرود الجنسي لدى أحد الزوجين وكذلك الشذوذ الجنسي, إن العلاقة الجنسية بين الرجل وزوجته من أعمق العلاقات الإنسانية، ونجاحها من أهم عوامل نجاح الزواج واستمرار حياة زوجية سعيدة بينما وجود أي خلل بها سواء من الرجل أو المرأة أو كليهما معاً يدفع بالزوجين إلى الشعور بالإحباط الذي ينعكس على أوجه حياتية أخرى مما يؤدي إلى حدوث مشاكل اجتماعية.

إن الحالة النفسية لها تأثير مهم جداً على العملية الجنسية لدى المرأة حتى في عدم وجود أمراض عضوية، فحالة المرأة النفسية قد تكون هي السبب الوحيد لظهور أي نوع من أنواع المشاكل الجنسية، فمثلاً أي خلل في علاقتها بزوجها وحدوث مشاحنات بينهما يؤدي إلى قلة الرغبة لديها، وكذلك تصور المرأة لجسمها وعدم تقبلها لعيوبه يؤثر تأثيراً سلبياً على صحتها الجنسية، ومن الأسباب النفسية المهمة جداً التي تواجه المرأة الشرقية عدم التواصل والمصارحة بينها وبين زوجها في ما يخص علاقتهما الجنسية.

وكذلك فإن الأمراض النفسية جميعها، مثل: الاكتئاب أو حالات الذعر أو الوسواس القهري... الخ، تؤثر تأثيراً سلبياً على صحة المرأة الجنسية، كما أن مضادات الاكتئاب وعقاقير علاج الأمراض النفسية المختلفة لها تأثيرها السلبي على صحة المرأة الجنسية.

وحتى تستمر العلاقة الزوجية يجب البحث عن علاج المشكلة فليس من العيب استشارة أطباء متختصصين, كما يجب الإهتمام بالنظافة الشخصية والإبتعاد عن كل ما من شأنه أن يتسبب في إنبعاث الروائح غير المستحبّة ونفور الطرف الأخر والذي له التأثير السلبي على العلاقة.

وكذلك من المشاكل المرتبطة بالعلاقة الجنسية الممارسة المحرمة مع الزوجة في الدبر وفي وقت الحيض, قال صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ). (صحيح الترغيب) وقوله صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأته في دبرها. (رواه الترمذي). ومن فعل ذلك فقد أخطأ وعصى، وكفارته أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فيستغفر من ذنبه ويندم عليه ويعزم ألا يعود إليه أبداً.

 

الأسباب الخفية للمشاكل الزوجية

ومن الأسباب المعنوية الهامة والغير ظاهرة والتي لها تأثير قوي لوجود المشاكل في الحياة الزوجية هو المعصية لله والتقصير في طاعته وإتباع خطوات الشيطان والنفس الآمارة بالسوء سواء من الزوج أو الزوجة وأثر ذلك على فشل الحياة الزوجية, قال أحد الصالحين: " والله إني لأجد أثر معصيتي في زوجتي ودابتي ".

فقد تكون هذه الأزمة إبتلاء من الله سبحانه وتعالى وتقديم الجزاء على المعاصي والتقصير في الدنيا خير من تأخيره إلى يوم القيامة, فلا تحزن على ذلك ولا تلومن إلا نفسك, وأصلح علاقتك مع ربك يصلح لك الحياة, واعلم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

ومن الأسباب أيضا لوجود المشاكل غياب الوازع الديني والتنشئة الصالحة والتربية الإسلامية القويمة في الأصل والأساس, وإهمال جانب الإختيار على أساس الدين والتدين والإلتزام بالأخلاق, فعندما يبين المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا جائكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ففيه إشارة أيضا إلى أنه إذا جائكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تزوجوه.

ومن أسباب المشاكل والخلافات الزوجية هو وجود الضغوط النفسية الخارجية والتي تؤثر على الشئون الداخلية للأسرة, والتي تخلق جوا غير صحي لحياة غير هادئة ومستقرة يملؤها التوتر والقلق والغضب المستمر, وذلك كالضغوط الناتجة عن مشاكل في العمل بالنسبة للزوج أو الزوجة, والضغوط الناتجة عن تربية الأبناء ورعايتهم. لذا ينبغي ترك هموم العمل خارج أسوار البيت والتحدث بالجوانب المشرقة والمفرحة التي تصادفك وإشرك عائلتك بالحديث حولها فهذا الأسلوب سيقلل الإنفعال والتوتر.

ويمكن اللجوء في علاج هذه المشكلة إلى التغافل وغض الطرف عن بعض الهفوات اللفظية أو الفعلية لشريك الحياة فهي مطلب أساسي في استقرار الأسرة، فالحياة الزوجية مبنية على التلقائية وعدم التكلف، والمرء يعترضه من هموم الحياة ما يجعله يتصرف في بيته ببعض التصرفات غير المناسبة أحياناً، الأمر الذي يتطلب احتواء الطرف الآخر له، بل ومنحه شيء من الحميمية التي تعينه على تجاوز تلك الضغوط أو التصرفات.

ومن أسباب المشاكل أيضا الحقد والحسد لكل فرد حياته الزوجية ناجحة, وخاصا إن كان هذا الحقد أو الحسد من الأقربين أو الأصدقاء المقربين, وكما قيل في الأمثال الشعبية: " ما يحسد المال إلا إصحابه , والعين بتفلق الحجر", فالحسد والحقد موجود وحقيقة ذكرها القرآن, قال تعالى " ومن شر حاسد إذا حسد ".

وللخروج من مأزق تلك المشكلة وتفادي عواقبها الوخيمة أرشدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى العديد من النصائح لأقوال وأفعال أهمها أذكار الصباح والمساء التي تحصن المسلم من شر العين والشيطان, ومن هذه الأذكار قوله صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ", وكذلك إلتزام السرية للحيطة والحذر لقوله صلى الله عليه وسلم: " إستعينوا على قضاء حوائجكم في السر والكتمان ".

 

إحذر من كيد الشيطان

من الأسباب الهامة وراء حدوث المشاكل والخلافات الزوجية, فالشيطان ينتهز أي فرصة لتهويل الموقف وتطوير الخلاف لتفاقم حدة النزاع والصراع وذلك للتفرقة بين الزوجين فهو العدو الخفي المرتبص للنيل من العلاقات الزوجية عن طريق وساوسه وهمزه ولمزه, فأفضل الشياطين لدى أبليس والذي يقربه منه ويدنيه من مجلسه هو من يستطيع أن يفرق بين الرجل وزوجته, قال سبحانه وتعالى عن الشياطين في القرآن الكريم: " فيتعلمون منهما ما يفرقون بين المرء وزوجه, وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ".

 وهذا ليس معناه بأنه هو السبب الوحيد في المشاكل والخلافات الزوجية فلا يصح في كل خلاف وشقاق إلقاء اللوم والعذر على الشيطان ومصائدة وتعليق شماعة الخطأ عليه فقط فالنفس البشرية أقوى من الشيطان ومن أعداء الإنسان وخاصة النفس الأمارة بالسوء إن لم يروضها على طاعة الله, فكن أنت قوي بالله بإيمانك من كيد الشيطان ووسوسته.

 قال تعالى: " إن كيد الشيطان كان ضعيفا ", وقال تعالى: " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ", وقال تعالى: " إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ".

 فاحذر من خطر الشيطان على حياتك واحطاط من مكره واغلق كل باب يفتحه الشيطان واستعذ بالله من الشيطان الرجيم إذا تملك منك الغضب, والتزم بقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئله أعرابي فقال له: أوصني يا رسول الله, فقال له: لا تغضب ", فكم من بيوت تم بناؤها أعوام طويلة هدمت بسبب دقائق من الغضب وتدخل الشيطان لإشعال نار ولهيب الغضب, فحصن نفسك بأذكار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي الحصن المنيع لمكائد الشيطان.

 

وختاما

العجيب في ذلك أن هذه المشاكل متكررة بنفس الشكل والصورة من بيت لأخر وفي العائلة الواحدة, ولا أحد يأخذ العظة ويتعلم من خطأ الغير, ولا يغلق أبواب الشيطان إلا القليل من أصحاب العقول, قال تعالى: " فاعتبروا يا أولي الألباب ", أي: خذوا العبرة يا أصحاب العقول الرشيدة والواعية, وقال تعالى: " فاعتبروا يا أولي الأبصار ", أي: يا أصحاب العقول المتبصرة لحقائق الأمور.

وأخذ العبرة هنا يكون بالتعرف على المشاكل والخلافات في الحياة الزوجية وأسبابها ثم العمل على تفاديها وتلاشيها بقدر الإمكان, ومعرفة وسائل العلاج والحلول البديلة للمشكلة عند الوقوع فيها, واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب, ولا تبحث عن المثالية فسيرهقكك العناء في البحث فلا كمال ولا عصمة للبشر.

فليس عيبا أبدا أن تخطيء فالخطأ وارد وهو من طبيعة البشر فنحن غير معصومون من الخطأ فالكمال لله وحده والعصمة للمرسلين فقط, ولكن العيب كل العيب أن تكرر الخطأ وتتمادى فيه ولا تتعلم أن تتفادى من الوقوع في نفس المشكلة, ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " (رواه الترمذي).

واعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك, فارضى عن الله وما قدره لك في الدنيا يرضى عنك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,721,709

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters