المراهقة لغة : ترجع كلمة "المراهقة" إلى الفعل العربي "راهق" ,الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق، أي: قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً، أي: قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد.
أما المراهقة في علم النفس فتعني: "الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي"، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.
وهناك فرق بين المراهقة والبلوغ ، فالبلوغ يعني القدرة على الإنسال وهو يشير إلى اكتمال الوظائف الجنسية ونمو الغدد الجنسية وقدرتها على آداء وظيفتها ، وهو جانب من جوانب النمو في مرحلة المراهقة بينما المراهقة تشير إلى التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي..
وجدير بالذكر أن عملية النضج تتم بصورة تدريجية ، ووصول الابن للنمو لاكتمال النمو الجسمي لا يعني اكتمال النمو العقلي ، بل إن عليه أن يتعلم الكثير والكثير ليصبح ناضجاً راشداً ، وللمراهقة والمراهق نموه المتفجر في عقله وفكره وجسمه وإدراكه وانفعالاته، مما يمكن أن نلخصه بأنه نوع من النمو البركاني، حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجياً وهرمونياً وكيماوياً وذهنياً وانفعالياً، ومن الخارج والداخل معاً عضوياً.
مراحل المراهقة:
والمدة الزمنية التي تسمى "مراهقة" تختلف من مجتمع إلى آخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
1- مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عاما)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
2- مرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عاما)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
3- مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.
ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد
- النمو الجسدي: حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات.
2- النضج الجنسي: يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بظهور الدورة الشهرية، ولكنه لا يعني بالضرورة ظهور الخصائص الجنسية الثانوية (مثل: نمو الثديين وظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الأعضاء التناسلية)، أما عند الذكور، فالعلامة الأولى للنضوج الجنسي هي زيادة حجم الخصيتين، وظهور الشعر حول الأعضاء التناسلية لاحقاً، مع زيادة في حجم العضو التناسلي، وفي حين تظهر الدورة الشهرية عند الإناث في حدود العام الثالث عشر، يحصل القذف المنوي الأول عند الذكور في العام الخامس عشر تقريباً.
النمو العقلي : تتميز فترة المراهقة بالانتقال من التفكير العملي الواقعي إلى المادي الملموس"، المميز للأطفال في سن المدرسة إلى العمليات المنطقية المنهجية، وهي تتضمن القدرة على التعامل مع الأفكار المجردة والقدرة على الإقناع والمجادلة وتقييم وجهات نظر الآخرين، لذا يميل المراهق لاستخدام الجدال وعدم الإقتناع إلا بعد مناقشة..كذلك يميل المراهق إلى التفكير النقدي أي أنه يطالب بالدليل على حقائق الأمور ولا يقبلها قبولًا أعمى مسلمًا بها.
3- التغير النفسي: إن للتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فظهور الدورة الشهرية عند الإناث، يمكن أن يكون لها ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وذات الأمر قد يحدث عند الذكور عند حدوث القذف المنوي الأول، أي: مزيج من المشاعر السلبية والإيجايبة. ولكن المهم هنا، أن أكثرية الذكور يكون لديهم علم بالأمر قبل حدوثه، في حين أن معظم الإناث يتكلن على أمهاتهن للحصول على المعلومات أو يبحثن عنها في المصادر والمراجع المتوافرة.
تتسم الانفعالات بالحدة والتغير المفاجئ
الصراع الداخلي : والذي ينشأ عن الطفرة في النمو الجسمي والتي قد تؤدي للارتباك أو الخمول والرغبة في الاستقلال والتحرر من سلطة الأبوين وفي الوقت ذاته عدم القدرة على التخلص من الاعتماد عليهم لأنهم مصدر الأمان وتلبية الاحتياجات ، وبالتالي فلا هو يستطيع أن يستقل ولا هو يستطيع أن يتكل على والديه ، وإذا تصرف كطفل انتقده الكبار وإذا تصرف كرجل لم تسفعه قدراته وامكاناته للتصرف كرجل
صور المراهقة والتي تختلف باختلاف الأسرة والبيئة الاجتماعية والأنشطة المتاحة :
- إما مراهقة انسحابية حيث يختار المراهق الانسحاب والعزلة عن المجتمع
- مراهقة عدوانية عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.
- مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.
أهم المظاهر النفسية:
الصراع: بين متطلبات الطفولة ورغبات المراهقة ، الرغبة في إثبات الذات وعدم القدرة على التخلص من الاعتماد عليهم ، الصراع الثقافي حيث يتصور أنه يفكر أفضل من أبويه الذين ينتمون لزمن أقدم ونظرة غير متطورة.
الاغتراب: الشعور بأن لا أحد يفهمه ومن ثم يتجه لجماعة الأصدقاء
العصبية وحدة الانفعالات فهو سريع الاستثارة يعاني من تقلبات مزاجية خاصة الفتيات عند مرحلة قبل وبعد الدورة
الخجل والانطواء عند القسوة الزائدة أو التدليل المفرط
السلوك المزعج: نتيجة ضيق نظرته للمحيطين ونظرته الضيقة لنفسه وعالمه وأصدقائهوالغضب غير المنضبط
التأثر بالأصدقاء خاصة إذا كان لا يجد ذاته في محيط أسرته
البحث عن قدوة خارج إطار محيط الأسرة والرغبة في إثبات الذات حتى ولو بإتيان الخطأ.
الأساليب التربوية الفعّالة في تلك المرحلة:
الدعاء للولد:
لقوله صلى الله عليه وسلم ( ثلأث دعوات يستجاب لهن لأشك فيهن .دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده ) ..
وفي قوله صلى الله عليه وسلم ..(لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم، ولا على أموالكم، لا توافق من الله ساعة، لا يُسأل فيها شيئًا إلا أعطاه)
الحوار:
لماذا الحوار:
- لأنالحوار سيضيق الفجوة بين الابن ووالديه
- سيشعره بأنه جدير بالثقة والاحترام في الأسرة فلا يلجأ لأصدقائه وشلته فيما يعرض عليه من مشكلات
- سيكسبه مرونة في فهم الأمور بدلا من فهمها من وجهة نظره هو فقط
- سيجنبه الشعور بالاكتئاب والقلق والاحباط التي يتعرض لها كثير من الشباب كما سيقلل من شعوره بالاغتراب داخل أسرته
والحوار مع المراهق له سمات خاصة فهو لم يعد الطفل الذي يمكن أن يتجاوب مع لغة افعل ولا تفعل بل لابد من شروط لهذا الحوار ومنها:
- اختيار الوقت المناسب للأبوين بحيث لا يكونا مشغولين أو غير منتبهين
- الجلوس كجلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، مع تجنب عبارات التوبيخ، والنهر، والتسفيه..وهناك جلسة فوقية بحيث يكون الأب واقفاً والابن جالساً ومعناها أنني أعلمك والجلسة التحتية وهي أن يكون الابن واقفاً والأب جالساً ومعناه أنت مذنب وأنا الأقوى ، لذا فمن المفضل الجلوس معاً ولو في مكان بعيد عن المنزل عند حدوث المشكلة..
- الحوار الجيد يبدأ بالاستماع الجيد ؛ فقد روى أن عقبة بن الوليد عندما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (قل يا أبا الوليد أسمع، فقال له عتبة ما قال حتى إذا فرغ قال له النبي : أو قد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم ، قال: فاسمع مني) وهذا الموقف يحتوي على دروس عظيمة في فن الحوار وكيفية الإنصات لمن نحاوره، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحسن الإصغاء ويترك المقاطعة وحسب بل منحه فرصة أخرى لإضافة أي شيء ربما نساه أو غفل عنه: (أوقد فرغت يا أبا الوليد؟) فهذا خلق رفيع وأدب جم في حسن الاستماع، وقديمًا قالوا: "إن معظم الناس يستدعون الطبيب لا ليفحصهم وإنما ليستمع إليهم".
- لا تضع في ذهنك أنك تحاور ابنك لتقنعه بما تريد أو تسفه من رأيه بل لتفهم وجهة نظره وتزيل الفجوة بينكما ..وابدأ بالموضوعات التي يحبها ابنك أو ابنتك ويرغب في الحديث فيها كما تصطاد السمك بما يحب هو لا بما تحبه أنت..
- الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها "بنعم" أو "لا"، مثل هل ذهبت للمدرسة هل أنهيت دروسك هل كان يومك جيداً أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة، وافسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: "كان هذا خطأ" أو "ألم أنبهك لهذا الأمر من قبل؟".إنت عيل لا تفهم مصلحتك ، إنت بتاخد مصروفك مني..
- إشعاره بتقدير حاجته وحالته النفسية مع بث الأمان والاطمئنان في نفس الابن، وقد يكون من المفيد القول مثلاً: "أنا أعرف أن إخوتك يسببون بعض المضايقات، وأنا نفسي أحس بالإزعاج، لكن على ما يبدو أن هناك أمراً آخر يكدرك ويغضبك، فهل ترغب بالحديث عنه؟ أنا أعلم أن هناك بعض الضغوط التي تعاني منها نتيجة اقتراب الامتحان ، أفهم أنك متعب ولكن هل هناك أسباب أخرى تؤرقك" فذلك يشجع المراهق على الحديث عما يدور في نفسه.
- ابتعد عن الكلمات السلبية والتي تهدم جسر الحوار مع المراهق مثل شوف يا فالح ، أنت مش عارف مصلحتك أنا عارف إنك مبتفهمش أو ( أنا أعرف ما ينفعك، لا داعي لأن تكملي حديثك.. أستطيع توقع ما حدث، فلتنصتي إليّ الآن دون أن تقاطعيني، اسمعي كلامي ولا تناقشيني، يا للغباء.. أخطأت مرة أخرى!، يا كسولة، يا أنانية، إنك طفلة لا تعرفين مصلحتك).
- ولكن استخدام الكلمات الإيجابية مثل( بارك الله فيك، ما شاء الله، رائع، يا لك من فتاة، أحسنت، لقد تحسنت كثيراً، ما فعلته هو الصواب، هذه هي الطريقة المثلى، أفكارك رائعة، إنجاز رائع، يعجبني اختيارك لملابسك، استمر، إلى الأمام، أنا فخور بك، يا سلام، عمل ممتاز، لقد أحسست برغبتك الصادقة في تحمل المسؤولية، أنت محل ثقتي، أنت ماهر في هذا العمل،... ).
- احرصوا على استعمال أساليب التشجيع والثناء الجسدية، مثل ( الابتسامة، الاحتضان، مسك الأيدي، اربت على كتفه، المسح على الرأس،.... ).
فالمراهق لا يزال طفلاً في مشاعره بل وإدراكه ، والذكاء أن نمنحه احتياجات الطفل الشعورية ونمنحه احتياجات الناضج العقلية..
صداقة المراهق:
لحديث علي بن أبي طالب لاعبه لسبع وعلمه لسبع وصاحبه لسبع ، وقال عمر بن الخطاب الولد سيد سبع وعبد سبع ووزير سبع ، وهنا تؤكد توجيهات السلف الصالح لأهمية الصداقة في حياة المراهق ، بل أكدت الدراسات أن الصداقة مفتاح حل مشكلات المراهق لماذا:
لأن الصاحب ساحب
لأن الصراع الذي ينشأ داخله يشعره برفض سلطة الأبوين في الأمر والنهي وتنمو لديه الرغبة في الاستقلال وإثبات الشخصية غير أنه يشعر بالعجز عن تحقيق ذلك لاعتماده على والديه في المصروف وتلبية احتياجاته..فلابد أن يرتبط وجود الوالدين بصورة محببة لا تخالف شعوره بالاستقلالية وإثبات الذات فتكون الصداقة هي المفتاح لذلك وتتحقق الصداقة:
1-بإشعاره دائماً أنه أصبح فرداً ناضجاً قادراً على تحمل المسؤولية..مثل القول هيا يا رجل البيت افعل كذا هيا أيتها الخبيرة المنزلية افعلي كذا..
2- اكتشف الإيجابيات وأتحدث عنها وأضخمها أمام الآخرين..
3-عبر له عن حبك بلغة الاحتضان والتقبيل وهناك مقولة عندما تبني للآخر قصراً من الزجاج في صدرك فإنه لن يحاول قذفك بحجر
4-استشارته في أمور البيت وإرشاده لاتخاذ القرارات الأسرية ، ولنتوقف مع اللفتة القرآنية الكريمة لقول خليل الله إبراهيم وهو يلقي أمر الذبح لابنه في صورة مشاورة " يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى..على الرغم أنه أمر إلهي ووحي ملزم إلا أنه يشير ابنه ويمهد له ويأخذ رأيه فأي علاقة سامية تربط الابن بأبيه..
5-والشورى يجب أن تكون مبدأ قديماً في الأسرة منذ أن كان طفلاً حتى يعتاد اتخاذ القرارات في حياته ولا يكون أمراً مستحدثاً عليه.
6-بمصاحبته بأن يصاحب الولد أباه في المجلس والنزهات وجولات العمل إن أمكن ، وكذلك البنت تكون صديقة أمها ورفيقتها في جلساتها وأنشطتها..
7-بأن يقترب الوالدان من الابن للتعرف على أصدقائه ودعوتهم إلى المنزل والتعليق على بعض سلوكياتهم بتشجيعه على توطيد علاقته ببعضهم وإضعاف الصلة بالبعض الآخر ، بمشاركته الأنشطة التي يحب فيصنع صفحة على الفيسبوك وأصنع مقله وأرسل له إيميلات ، يحب التسوق أصاحبه تحب الأزياء والموضة اشتري لها مجلات متخصصة..
8- بكتمان أسراره وعدم فضحه أمام الغير حتى يكون الوالد أو الوالدة هو الصديق الصدوق والمستشار المؤتمن..
9-بسحبه بالتدريج للمنطقة التي أحبها مرة أقوله يصلي معي ثم يكون مرة الإمام ثم يقرأ بالربع الذي يحفظه في قيام الليل وهكذا..
قواعد للبيت:
فقد نلوم على أبنائنا في إتيانهم تصرفات خاطئة كتأخرهم مع الأصدقاء لوقت طويل أو الجلوس أمام الكمبيوتر أو التلفاز لوقت متأخر ، أو رفع أصواتهم في الكلام ..ولم ننتبه إلى أننا لم نضع قواعد للبيت من البداية ولم نوضحها لهم..
وليس يعني هذا أن نضع لائحة منزلية على الجميع الالتزام بها ، ولكن يجب أن نوضح خاصة للمراهق أن الخروج مسموح به للوقت..كذا والجلوس أمام التلفاز أو الكمبيوتر وقته كذا.. أو استخدام الهاتف مع الأصدقاء وقته كذا وكل هذا بلهجة ودية لا تخلو من الابتسامة وتوضيح سبب هذا الالتزام الذي يكون فيه الخير لوقته ومصلحته ، ولا يكون بصيغة الأمر والنهي ، والتزام الكبار بهذا القواعد سيكون أفضل وسيلة لدفع الابن على الالتزام..كما أن محاسبته بتدرج مع إعطائه الاحترام المطلوب سيدفعه لتحمل المسؤولية
وأخيراً يجب الحزم في الالتزام بهذه القواعد وليس العنف أو الإيذاء.
نقد المراهق:
نفسية المراهق تتسم بالحساسية الشديدة نتيجة التحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة والتي تؤثر تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية للمراهق والمزاج العام والعلاقات الاجتماعية داخل وخارج السلطة..
وبالتالي فهو عرضة للاكتئاب والإحباط والرفض والتمرد لأي توجيه أو نصح أو نقد من قبل المحيطين لذا فإن عملية نقد المراهق عملية دقيقة تحتاج لبعض المهارات من المربي أو المتعامل مع المراهق
هل يعني هذا أن نثني على المراهق في كل أفعاله دون نقد أو لوم ، لا هناك أسلوب لنقد المراهق
- التعريض وليس التصريح ، فقد أتى ثلاثة إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالُّوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال الآخر: وأنا أصوم فلا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا) ثم قال: (ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) [متفق عليه].
- الستر وعدم الفضح وتجنب الحديث عنه بالسوء أمام الناس خاصة وأن المراهق يتسم بالحساسية الشديدة وقد يصاب بالاكتئاب والنفور وكراهية الأسرة
- تجنب استخدام الكلمات الجارحة أو الدعاء عليه ، ومناقشة مشكلاته مهما عظمت بنقل تصور الخطأ إلى نفسه ولنتذكر أن رجلاً جاء رسول الله صلى الله عليه وسلمس فقال: يارسول الله ائذن لي في الزنا فزجره الصحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترضاه لأمك؟ قال: لا يا رسول الله جعلني الله فداك، ومن يرضاه لأمه؟ قال صلى الله عليه وسلم: وكذلك الناس لايرضونه لأمهاتهم»، أترضاه لزوجتك؟ أترضاه لخالتك؟ أترضاه لعمتك؟ وفي كل مرة يقول الشاب: لا يارسول جعلني الله فداك ومن يرضاه لأخته ومن يرضاه لزوجته ومن يرضاه لخالته وعمته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له وكذلك الناس لا يرضونه ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدر هذا الغلام فقال: اللهم طهر قلبه واغفر نبه وحصن فرجه يقول الشاب فما عاد شيء إلى أكره من الزنا [رواه أحمد عن أبي أمامة].
- تبشيع الخطأ في نفسه وهذا أسلوب نبوي رائع في تقويم الأخطاء لدى الشباب والمراهقين ، فبدلاً من ذكر العقوبة وعظم الجزاء مع الترهيب يستخدم أسلوب تبشيع الخطأ في نفس الشاب وإشعاره أنه لو كان الضحية أو المجني عليه لشعر بالأذى ويمكننا أن نستخدم هذا الأسلوب في تقويم سلوكيات الأبناء..
-احترامه مهما ارتكب من أخطاء ونقد سلوكه لا نقده بذاته فلا نقول يا غبي يا سيء الخلق ولكن نقول هذا فعل خاطئ لا يحق لك أن ترتكبه..
- ابنك ليس أنت فلا تحاول بقوة أن يكون شبيهاً لك أو صورة منك فهو لزمان غير زمانك ولكن حاول أن نتفقه اللغة التي يفهمها ويستوعبها..
المراهق وثورات الغضب:
كثير ما يشتكي الآباء من الأفعال غير المنضبطة للمراهقين خاصة عند الغضب فهذا يلوح بيده ، وهذا يرفع صوته ، وهذا يستخدم أسلوب بذيء وهذا يحطم الأشياء وللتعامل مع هذه المشكلة:
- بداية يجب أن نتسائل ما هو نمط العلاقات داخل الأسرة وفي محيط البيئة الاجتماعية ، فلو كان الأب أو الأم غير منضبطين عند الغضب فستجد الولد أو الفتاة يستخدم نفس الأسلوب في التعبير عن غضبه..فإذا لم يكن يقلد الأبوين فلعله يقلد الأصدقاء المقربين أو مشاهداته عبر التلفاز وغيره..
- عند انفعال المراهق لا يجب أن نضغط عليه ونحتد معه ونصعد من غضبه بل يمكن أن نأمره بلهجة حازمة أن يدخل غرفته ويهدأ وعندما يهدأ يمكن أن نتكلم..
- عنما نحدثه يجب أن نتركه يعبر عن مشاعره ويبوح بكل ما في داخله ثم بعد ذلك نسأله هل أسلوبه كان مقبولاً ، وهل يرى أن هذه هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن غضبه..
-علينا أن نشعره بأن الثورة والانفعال غير المنضبط والضرب والتكسير هي من أبرز سمات الضعف البشري وليست علامة قوة أو رجولة أو سيطرة ولنذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ليس القوي بالصرعة ولكن القوي من يملك نفسه عند الغضب
-لنناقش معه المشكلة ونحاول حلها ثم نبدأ في تنفيره من طريقته في التعبير عن غضبه ونتفق معه اتفاقاً رجولياً أن يكون تعبيره في المرة المقبلة منضبطاً ، فإذا التزم فنمدحه ونمدح رجولته وقدرته على ضبط انفعالاته ونرشده لطرق السيطرة على النفس كالاستعاذة وتغيير الوضع والوضوء..
صداقات المراهق:
وهي من أعظم المؤثرات عليه في هذه المرحلة فهو يميل لصداقاته وقد يؤثر به أصدقائه تأثيراً كبيراً..
أولاً لنتساءل هل وجهناه منذ الطفولة للأماكن التي يجد فيها الصداقات الطيبة كحلقات التحفيظ والمسجد والنوادي الرياضية؟؟
ثانياً علينا أن نتسائل ما الذي يجده المراهق مع أصدقائه ولا يجده في المنزل: الاحترام الاحتواء الاهتمام الحب..إذا كانت هذه الاحتباجات بالمنزل فلن يكون تأثره بالأصدقاء بهذه القوة..
على الوالد مرافقة المراهق ليكون هو صديقه الأول ، وعلى الوالدة مرافقة البنت حتى تكون صديقتها ومؤتمن أسرارها..
يمكن دعوة أصدقائه بالمنزل للتعرف عليهم عن قرب ورصد سلوكياتهم ، بل إن أحد الآباء استطاع أن يعدل سلوكيات ابنه من خلال مرافقة أصدقائه والتحدث إليهم وسحبهم تدريجياً إلى المسجد وحلقات العلم..
المراهق وشغل الأوقات:
علموا أولادكم غير ما علمتم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم
لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه
من أهم وسائل تجاوز صعوبات المراهقة شغل المراهق بالأنشطة والهوايات التي تملؤ فراغه وتشغله عن أحلام اليقظة والخواطر الخاطئة والانحرافات السلوكية ولنتذكر قول سيدنا عمر رضي الله عنه : نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ..
فالمراهق يبحث عن ذاته ويبحث عن مجال يشعر فيه بالتقدير والاحترام والتميز ، وعادة نحن ما نقدر المراهق الهادئ المتفوق دراسياً ولا ننتبه أن لدى المراهق طاقات وإمكانيات يجب استغلالها كتوجيهه للأنشطة الرياضية ، والدورات المتخصصة في المجالات الحرفية ومهارات تعلم الحاسوب واللغات وحفظ القرآن الكريم وجماعات الأنشطة فهذه من أهم وسائل تفريغ طاقته بصورة سليمة وصرفه عن الانحرافات..ولنتذكر أن من صحابة رسول الله صلى الله عليه من تولى قيادة الجيش ولم يتجاوز الحلم وهو أسامة بن زيد وقد أمر على كبار الصحابة..وكان منهم مصعب بن عمير الذي أرسل كأول سفير للإسلام إلى المدينة المنورة تمهيداً لهجرة النبي صلى الله عليه فأسلم على يديه الكثير من الناس ولم يكن قد تجاوز الثامنة عشر وكان منهم حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهكذا ..
المراهق والثقافة الجنسية:
تحدث للمراهق العديد من التغيرات الفسيولوجية والهرمونية والتي تؤهله للقيام بدوره المستقبلي كرجل وفتاة ..
وهذا النضج يصاحب بتغيرات نفسية وانفعالية كظهور الميل للجنس الآخر
ولابد للأسرة أن يكون لها دورها في تهيئة الشاب والفتاة للتعرف على التغيرات التي صاحبته وذلك من خلال:
- إعلام المراهق أنه ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فهو يخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة، تعني أنه كبر وأصبح مسؤولاً عن تصرفاته، وأنها تسمى مرحلة التكليف؛ لأن الإنسان يصبح محاسباً من قبل الله _تعالى_؛ لأنه وصل إلى النضج العقلي والنفسي الذي يجعله قادراً على تحمل نتيجة أفعاله واختياراته.
وأنه مثلما زادت مسؤولياته فقد زادت حقوقه، وأصبح عضواً كاملاً في الأسرة يشارك في القرارات، ويؤخذ رأيه، وتوكل له مهام يؤديها للثقة فيه وفي قدراته.
- يعلم المراهق الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة والاغتسال، ويكون ذلك مدخلاً لإعطائه الفرصة للتساؤل حول أي شيء يدور حول هذه المسألة، حتى لا يضطر لأن يستقي معلوماته من جهات خارجية يمكن أن تضره أو ترشده إلى خطأ أو حرام.
- إعطاء المراهق الثقة في نفسه وعدم الخجل من طرح أي سؤال يدور في ذهنه حتى لا يخجل من طرح مشكلاته..
-عدم اللجلجة أو التحرج من الإجابة عن أي سؤال يخصه ، ولكن لنحاول الإجابة بلغة علمية دقيقة تعطي الجواب الشافي للمراهق ويفضل أن يقوم الأب بدور الموجه للابن في هذه المسألة حتى لا يتحرج من البوح لأمه ومن المهم أن تحيط الأم ابنتها علماً بكل ما يعتريها من تغيرات وما يختص بها أحكام شرعية..
-يمكن استخدام كتب علمية لمساعدة المراهق على فهم هذه الأمور بدقة..
المراهق والبحث عن الذات:
إذا كان الولد يجد ذاته في الأسرة فتمتدح سلوكياته الإيجابية وتصغر سلوكياته السلبية فإنه سيجد ذاته في أسرته ولن يضطر للبحث خارج الأسرة كذلك الفتيات اللاتي تجوب مواقع الشات بحثاً عن الاهتمام والحب غالباً يشتكين من إهمال الوالدين لهن واعتبارهن كباراً عليهن تحمل المسؤولية لا أن يكن عبئاً وفي حاجة للرعاية والحنان كما كن صغاراً..
ومن المفيد توجيه الشاب والفتاة لنشاط ومهارة يتفوق فيها تؤهله لمهنة المستقبل مما سيشعره بذاته ويمنعه من الضياع..
المراهق والقدوة:
في هذا السن نلاحظ أكثر ما نلاحظ تقليد الشاب لهيئات النجوم واللاعبين وقصات الشعر والملابس الغريبة الشائعة ، وهو يتعلل أن كل الشباب يلبسون هذا ، وهذا يكون نتيجة عدم التوجيه منذ الصغر لقدوات صحيحة ونموذجية كالصحابة والتابعين والقادة والمفكرين والعلماء فإذا تم تمثل الولد بهؤلاء منذ صغره بل وتلقيبه بلقب مميز لأحدهم كشيخنا الجليل وعالمنا الفذ والمخترع الصغير كل هذا سيساعده على تمثل القدوة الصحيحة ونبذ القدوات غير الصالحة..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن أساءوا أسأنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا وإن أساءوا أن لا تظلموا" صحيح.
المراهق وتنظيم الأوقات:
غالباً ما يقع المراهق في مشكلة الارتباك وعدم التوازن فهو لا يستطيع تحديد هدفٍ لحياته ولا تنظيم وقته حسب أولوياته ، بينما لو ربطنا هذا المراهق بهدفٍ ، هدف رئيسي كأن يكون طبيباً يخدم أمته أو عالماً فذا أو مجاهداً ينصر الإسلام أو داعية يستخدم الحاسوب والإنترنت في دعوته ثم أهداف إجرائية أو مرحلية فإنه يتمكن من تنظيم وقته..
ومن المهم أن تكون اهتماماته منوعة ما بين أنشطة عبادية وعلمية ورياضية واجتماعية وغيرها فسيجد أن وقته يضيق على هذه الواجبات فلا يشعر بالفراغ وبالتالي تقل مشكلاته..
ولننتبه أن الكثير من الأولاد ينجذبون لألعاب بعينها أو أنشطة تطغى على حياتهم كألعاب الكمبيوتر أو الفيديو جام أو الأنشطة الرياضية ، ولكن يجب أن نساعد المراهق على تحقيق التوازن في حياته :
- وذلك بضرب النموذج أو القدوة الصالحة في توزيع الأوقات وتنوع المهام..
-بتعويده منذ الصغر على عدم حصر نفسه في مهمة بعينها أو نشاط معين بل عليه أن يتنوع..
-بعدم الضغط عليه والأثقال عليه في المهام الدراسية فلا يجد متنفساً إلا ألعاب الفيديو وغيرها ، ولكن يجب تحقيق قدر من الرفاهية المفيدة كالسفر والرحلات التعليمية والمعسكرات والأنشطة الشبابية الإيجابية والاهتمام بالهوايات..
المراهق وقضايا أمته:
لابد من ربط المراهق بقضايا أمته حتى لا يكون بمعزلٍ عنها وهذا الربط لابد أن يكون في وقت مبكر من عمره..
يجب حثه على الاهتمام بمتابعة الأحداث على نشرات الأخبار والإنترنت وغيرها والتفاعل معها بالمشاركة الإيجابية عبر المنتديات الجادة..
من المهم عدم ترديد عبارات يأس أو إحباط أمام الشاب حتى لا ينصرف عن الاهتمام بأمر أمته ولابد من بث روح الأمل والتفاؤل فيه حتى يشعر أنه وغيره قادرون على تحقيق الخير
من المهم عدم تحقير الزعماء وسبهم حتى لا تنهار أمامه القدوات ، ولكن من الصواب توجيه النقد البناء للأفعال وليس لأصحابها..
ومن المهم توجيههم لفهم المناسبات الدينية والوقوف معها بالعبرة والعظة والدروس المستفادة ..