- الدراسات التي تشير إلى أن نسبة نجاح أسلوب المحاضرة في تحقيق أهداف التدريب قد لا تتعدى حوالي 7% لا تـُعد عيبًا في الأسلوب وإنما هي قصور في تطبيق هذا الأسلوب بالطريقة الفعالة التي يستخدم فيه المدرب خبراته ومهاراته.
تعرفنا بالحلقات السابقة على بعض أهم أساليب التدريب وهي (ورشة العمل، الخرائط الذهنية، دراسة الحالة، المحاكاة) ومن خلال هذا العدد نتعرف على أسلوبين من أقدم وأهم أساليب التدريب وأكثرهم شيوعاً وهما (أسلوب المحاضرة أو الخطبة) و (أسلوب المحاضرة مع الأسئلة). وإتقان هذين الأسلوبين تحديدًا يُعد شرطًا أساسياً يجب توافره ضمن المهارات الأساسية للمدربين ليسهل بعد ذلك تمكنهم من استخدام باقي أساليب التدريب الأخرى، وفيما يلي عرض شرح تفصيلي يتناول كلا من الأسلوبين.
أسـلــوب الـمـحــاضــرة
يتضمن شرح أسلوب "المحاضرة" تفاصيل كل من العناصر التالية:
أولًا: مفهوم المحاضرة.
ثانيًا: أهمية أسلوب المحاضرة.
ثالثًا: عناصر المحاضرة.
رابعًا: خطوات تطبيق المحاضرة.
خامسًا: شروط المحاضرة الفعالة.
وفيما يلي استعراض تفاصيل هذه العناصر:
أولًا: مفهوم المحاضرة
يُـقصد بالمحاضرة الإلقاء أو الخطبة التي يلقيها المدرب على عدد من الحضور، ولذا سميت محاضرة لأنها في حضور عدد من الأفراد. وقد يكون حضور المدرب بالشكل التقليدي المتعارف عليه بوجوده مع المتدربين كما قد يتم بالاعتماد على الوسائ,ل والتقنيات الحديثة والتي منها الحضور من خلال شبكات الإنترنت أو الاتصالات التليفزيونية المعروفة باسم Video Conference.
وفي هذا الأسلوب من أساليب التدريب يكون اتجاه سير الاتصال بين المدرب والمتدربين في اتجاه واحد (كما هو في خطبة يوم الجمعة على سبيل المثال)، أما إذا كان هناك اتجاهان من خلال الأسئلة التي توجه (من/إلى) المتدربين فإن ذلك يعتبر أسلوبا آخر سيلي شرحه من خلال هذه الحلقة باسم "المحاضرة مع الأسئلة" وبينهما عدة اختلافات جوهرية بالرغم أن كثير من غير المتخصصين في التدريب يظن أنهما أسلوب واحد.
وليس المقصود بوصف أسلوب المحاضرة بالسير في اتجاه واحد هو أن المدرب لا يلتفت لمدى استجابة المتدربين وتطوير الأداء وحاجته لتغيير مسار المحاضرة - لو لزم الأمر - بل على العكس تمامًا حيث يقصد بالاتجاه الواحد ما يشير لمساحة المشاركات الممنوحة للمتدربين والتي تكون في أقل ما يمكن نظرًا لأن هذا الأسلوب يركز على تحقيق الهدف المعرفي كأحد الأهداف الثلاثة من العملية التدريبية بجانب الهدف الوجداني في حين تقل إسهاماته لخدمة الهدف المهاري عن باقي أساليب التدريب الأخرى.
ثانيًا: أهمية أسلوب المحاضرة
يجب على المدرب المحترف أن يُلم بأسلوب المحاضرة لأنه أساس باقي الأساليب الأخرى، ومهارة المدرب في تطبيق أسلوب المحاضرة تعتبر شرطا أساسيا لاجتياز دورة إعداد المدربين.
والمدرب في أسلوب المحاضرة يكون على اتصال مباشر بالمتدربين لخدمة الهدف المعرفي والوجداني المدرجين ضمن الخطة التدريبية المحددة، ولذا فهو الأنسب في حالة عدم توافر معارف سابقة بدرجة كافية عن موضوع التدريب لدى المتدربين.
والدراسات التي تشير إلى أن نسبة نجاح أسلوب المحاضرة في تحقيق أهداف التدريب قد لا تتعدى حوالي 7% لا تـُعد عيبًا في الأسلوب وإنما هي قصور في تطبيق هذا الأسلوب بالطريقة الفعالة التي يستخدم فيه المدرب خبراته ومهاراته. ويحضرني هنا مثال واقعي لمحاضرة استمعت إليها من أحد المشاهير ألقاها على ما يقرب من خمسمائة فرد وأثناء المحاضرة انقطع التيار الكهربائي مما أدى لعدم إمكانية استخدام المحاضر لمكبر الصوت واستمر ذلك إلى نهاية المحاضرة وهو يكرر عبارة "أنا أعلم أن الجميع تقريبًا لا يسمع الصوت ولكن ليس باليد حيلة" واستمر بعدها لفترة أكثر من 45 دقيقة، وهو مثال على عدم حسن التصرف من هذا المدرب الذي كان من الضروري أن يجد حلًا مع المختصين عن الشئون الإدارية بالقاعة أو على الأقل كان بإمكانه اختصار المحاضرة لأقل ما يمكن مع استخدام الكتابة لبعض العناصر المهمة على السبورة أو ما على ذلك.
ثالثًا: عناصر المحاضرة
فيما يلي أهم العناصر الرئيسية للمحاضرة:
1 - العنوان:
يجب أن يكون جامعًا للموضوعات الرئيسية للمحاضرة ومانعاً للظن بتناول موضوعات أخرى لن ترد فيها لمساعدة الحضور في التعرف على محتوى المحاضرة بسهولة.
وهنا تجدر الإشارة إلى بعض الملاحظات:
- بالرغم من أهمية أن يكون العنوان مشوقا ومحفزا للحضور إلا أنه يجب أن تتجنب العناوين غير المهنية كتلك التي تستخدم في الصحف والمجلات لجذب الانتباه.
- يفضل ألا تزيد عدد كلمات عنوان المحاضرة بين 5-7 كلمات فقط.
2 - الأهداف:
يجب على المحاضر تحديد أهداف المحاضرة بوضوح ودقة قبل تجهيزه لمحتواها، كما عليه ألا يغفل عن تلك الأهداف أثناء العرض.
3 - التحية والترحيب الافتتاحي:
على المحاضر ألا ينسى إلقاء التحية على الحضور والترحيب بهم (حتى لو سبق ذلك من خلال المشرف الإداري الذي يفتتح المحاضرة بتعريف الحضور على شخص المحاضر ويقدمه لهم).
4 - التعريف والتعارف بالحضور (لو أمكن):
يُنصح بقيام المحاضر بتعريف نفسه بشكل مختصر ومناسب لخدمة أهداف المحاضرة، كما يفضل لو أمكن التعرف على الحضور بصورة موجزة وسريعة لتهيئة النفوس للمحاضرة وللتعرف على تخصصات الموجودين لاستكمال بعض البيانات غير الواردة بكشوف تعريف الحاضرين (إن وجدت) ولكن على المحاضر أن يحدد بنود التعارف المطلوبة من الحضور أنفسهم بها منعًا لإسهاب بعضهم مما قد يتسبب في ضياع وقت المحاضرة أو إحراجهم من خلال الإداريين أحيانًا، غير أن هذا الأسلوب قد لا يتناسب عند وجود أعداد كبيرة من الحضور وبحسب الوقت المتاح للمحاضرة حيث يستغرق الفرد تقريبًا 20 ثانية في تعريف نفسه في حين ينبغي ألا تزيد الفترة الإجمالية لتعريف أنفسهم عن 10% من الزمن الإجمالي للمحاضرة (فلو كانت على سبيل المثال مدة المحاضرة 60 دقيقة فإن الفترة المناسبة للتعارف في حدود 6 دقائق كحد أقصى وهي تصلح لحوالي 18 مشاركا تقريبًا).
5 - المقدمة:
يتحتم على المحاضر أن يبدأ بمقدمة مناسبة عن موضوع المحاضرة لتوضيح الهدف منها وعناصرها الرئيسية والزمن المخصص للمحاضرة وطريقة عرضها والتنويه مقدماً عن بعض القواعد التي قد يحتاج لها أثناء المحاضرة كما تتضمن علاقتها بالمحاضرات السابقة واللاحقة إن كانت ضمن برنامج يشمل عدة محاضرات.
6 - الافتتاحية:
المحاضر المحترف يبدأ محاضرته بما يلطف نفوس الموجودين ويهيئهم للمحاضرة كالافتتاح بآية من القرآن الكريم أو حديث شريف، كما يمكن ذلك من خلال خاطرة، موقف لطيف مر به، طرفة أو ما شابه.
7 - الخلاصة والتوصيات:
يقوم المحاضر بتلخيص سريع لمحاضرته بنهاية العرض مع عدم إشعار الحاضرين بالملل والتكرار، مع الختام بمجموعة توصيات ومقترحات تساعد على تنفيذ موضوع المحاضرة والوسائل العملية المساعدة في ذلك.
8 - تحية الختام:
يحرص المحاضر على أن تكون آخر كلماته للحاضرين هي التحية الختامية لتكون في بداية وختامه محاضرته لهم.
رابعًا: خطوات تطبيق المحاضرة
يتم تطبيق أسلوب المحاضرة على عدة مراحل وخطوات رئيسية كما يلي:
1 - تحديد الهدف العام للمحاضرة.
2 - تصميم المحاضرة وتجهيز محتواها الرئيسي.
3 - صياغة محتوى المحاضرة واختيار الوسائل التدريبية المناسبة.
4 - إلقاء المحاضرة.
5 - تقييم المحاضرة.
خامسًا: شروط المحاضرة الفعالة
يجب لتقديم محاضرة فعالة أن تتوافر فيها الشروط التالية:
1 - التحديد الواضح لهدف المحاضرة.
2 - التعرف على المتدربين قبل تجهيز المحاضرة.
3 - الإعداد الجيد لمحتوى المحاضرة.
4 - الاستخدام الجذاب لوسائل التدريب والإيضاح دون إفراط أو تفريط.
5 - التحية والترحيب.
6 - الافتتاحية والتهيئة المناسبة.
7 - المقدمة المحفزة.
8 - التعارف والتعريف بالجميع (لو أمكن) ما لم يكن العدد أكثر من 20 فردا أو أنهم سبق التعارف بهم من قبل.
9 - التدرج في عرض العناصر.
10 - متابعة ردود الأفعال والاستجابة لها بتغيير محتوى المحاضرة أو طريقة سيرها عند الضرورة.
11 - تعلم كيف يمكن أن تتعامل مع الأنماط المختلفة للشخصيات وخاصة غير العادية مثل المدعي، الثرثار، المتكبر، المغرور، الانطوائي، العدواني، متصيد الخطاء.
12 - التقييم والتقويم.
13 - إثارة الاهتمام والتحفيز.
14 - استخدام لغة الجسد المناسبة من حركات اليدين وملامح الوجه ونبرات الصوت وتوزيع النظرات على جميع الحاضرين وغير ذلك مما يساعد على توصيل الرسائل المستهدفة من المحاضرة.
15 - استخدام القصص القصيرة التي تساعد على توصيل المعاني المستهدفة.
16 - يجب على المدرب أن يقدم نوعا من التغيير في عنصر المحاضرة الذي يقدمه في طريقة تقديمه أثناء العرض بعد فترة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق بحسب أعمار المتدربين ومستواهم الثقافي.
17- الدعابة المناسبة لإحداث نوع من الترويح أثناء المحاضرة.
أسـلــوب الـمـحــاضــرة مع الأسئلة
يتشابه أسلوب "المحاضرة مع الأسئلة" مع أسلوب "المحاضرة" غير أنه يضاف عليه بعض التفاصيل نظرًا لوجود علاقة من طرفين وسماح بتقديم أسئلة (إلى/من) الحاضرين ولذا فهذا الأسلوب يحتاج لمراعاة مجموعة من النصائح في كل من حالة توجيه الأسئلة وحالة تلقي الأسئلة.
وفيما يلي النصائح الخاصة (بتوجيه الأسئلة):
1 - ضع نظاما معلنا وواضحا لطريقتك في عرض الأسئلة والأسلوب المفضل للإجابة عليها.
2 - قم بتوجيه الأسئلة بصورة عامة مع ترك المجال لمن يرغب في الإجابة عليها.
3 - لا تختر شخصًا لم يطلب الإجابة على أسئلتك لأنها ليست اختبارا وإنما محاضرة، إلا إذا كنت تتعمد تقييم فهم الحاضرين لموضوع المحاضرة فيجب التنويه عن الأسئلة الفجائية من البداية.
4 - لا تسأل عن عنصر لم يتم شرحه لأن في ذلك إحباطا وتحديا للحاضرين في غير محله، ولكن قد يصح توجيه أسئلة مرسلة دون طلب من يجيب عليها لتكون بمثابة إطار في بداية الشرح والتحفيز.
5 - يمكن توجيه سؤال ختامي بطلب تلخيص المحاضرة من خلال أحد الحاضرين.
6 - لا تقل أنت خطأ وإنما يمكن أن تقل "شكرًا لك" ثم تعيد السؤال "من لديه إجابة على السؤال؟"فسيفهم المشارك خطأه دون إحراج له.
7 - لا تشر بإصبعك أمام المشارك وإنما بكامل كفك وذراعك لأن في ذلك تقديرا أفضل لشخصه.
8 - لا تقاطع الفرد أثناء الإجابة أو تكمل إجابته إلا إذا تعثر فحاول مساعدته.
أما مجموعة النصائح التالية فتكون عند (تلقي الأسئلة):
1 - تأكد جيدًا من صحة الإجابات.
2 - يفضل إعادة محتوى السؤال لتشعر السائل بالاهتمام ولكن لا تعد السؤال نفسه مرة أخرى حتى لا يشعر السائل بضعف الفهم لدى المحاضر أو أن يفهم أنك تتهمه بضعف صياغته للسؤال.
3 - أحسن الإنصات للسائل.
4 - أقبل بوجهك ونظراتك على السائل.
5 - حافظ على لباقتك وذوقك وحكمتك لو وجه أحدهم سؤالا غير لائق لك.
6 - لا تنتقم من السائل لو وجه إليك سؤالا صعبا وافترض حسن القصد (حتى ولو تأكدت من سوء القصد فترفع عن الانتقام).
7 - لا تغضب من كثرة الأسئلة وإنما قم بتنظيمها فقط وتوجيهها لموضوع المحاضرة.
8 - أحيانا تحتاج لسؤال الحاضرين عن رأيهم في الإجابة على بعض الأسئلة لو شعرت بأنها ستتسبب في تضييع الوقت ليكون الرفض من عندهم مع وعد بلباقة للسائل والذي يكون من النمط كثير الأسئلة.
9 - يمكن للرد على الأسئلة التي تشعر فيها بنوع من التصنع من بعض الحاضرين أو التي لا تعرف الإجابة عليها أو الأسئلة التي لا تود الإجابة عليها اتباع أي من حيل التالية:
- إعادة السؤال للسائل لتعرف كيف يجيب لو وجه إليه أحد هذا السؤال.
- توجيه السؤال لجميع الحاضرين للتعرف على أفضل الإجابات.
- تقديم وعد بإجابة مفصلة بالتوقيت المناسب بالمحاضرة، أو بموعد لاحق على انفراد لأن الإجابة تحتاج إلى شيء من التفصيل، أو بالمحاضرة اللاحقة.