والنظام الاقتصادي هو الطريقة أو الآلية المتّبعة في علاج المشكلة الاقتصادية. فطريقة الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدد النظام الاقتصادي، وتشترك هذه الأنظمة في هدف واحد وهو استخدام الموارد أحسن استخدام ممكن لإشباع حاجات أفراد المجتمع بأقصى إشباع ممكن في مرحلة معينة. إذن تتفق النظم الاقتصادية في الهدف, ولكن تختلف عن بعضها البعض في الكيفية والوسائل التي تتبعها للوصول إلى ذلك الهدف، وبقاء أي نظام اقتصادي أو تغيره يتوقف على قدرته على التعامل مع المشكلة الاقتصادية بكفاءة وفاعلية.
ولعل ذلك يفسر لنا تغير النظم الاقتصادية عبر تاريخ البشرية من النظام الاقتصادي البدائي ونظام اقتصاد الرّقّ والنظام الإقطاعي والنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي والنظام الاقتصادي المختلط, علمًا بأننا سنتناول - إن شاء الله - النظم الاقتصادية الحديثة فقط, وهي النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي والنظام المختلط؛ ذلك لأن الأنظمة الأخرى تكاد تكون قد انقرضت وفي إطار التنظير.
أولاً: النظام الرأسمالي:
النظام الرأسمالي هو النظام الذي يقوم على الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية للأفراد في إدارة وتيسير وممارسة النشاط الاقتصادي والتنافس فيما بينهم بهدف تحقيق المكسب المادي.
ويتمتع النظام الرأسمالي إلى هذه اللحظة بقدرته على التجدد والاستمرار وقابليته للإصلاح؛ الأمر الذي جعل أغلب دول العالم اليوم تتوجه نحو الاتجاه الرأسمالي.
ومن أهم خصائص النظام الرأسمالي:
1- الملكية الفردية لعناصر الإنتاج:
حيث يقوم النظام الرأسمالي على ملكية الأفراد لعناصر الإنتاج, ويعترف القانون بهذه الملكية ويحميها, فالمالك له مطلق الحرية في التصرف فيما يملك بالبيع وخلافه, وله الحق في استغلاله في أي مجال طالما لا يتعارض مع القانون. فيمكن أن يوظف أمواله وما لديه في النشاط الزراعي أو الصناعي أو يتركه عاطلاً, فهو له مطلق الحرية فيما يملك، ومن أهم الوظائف التي يؤديها حق الملكية الخاص لعناصر الإنتاج أنه يوفر الباعث على الادخار، فمن يملك يستهلك جزءًا مما يملكه ويدخر الباقي, وبذلك يكون هناك مدخرات لأغراض الاستثمار وزيادة الدخل، فبدون الباعث على الادخار الذي يتيحه نظام الملكية الفردية لا تتوافر الأموال التي توجّه إلى الاستثمار.
ويترتب أيضًا على حق المستقبل أو ليتمتع بها أبناؤه وبقية ورثته، وبذلك يتوفر المزيد من دافع الادخار, ومن ثم المزيد من حوافز الاستثمار.
وبالطبع فهذه الحرية الاقتصادية المتاحة للأفراد ليست حرية مطلقة تمامًا, بل في داخل الإطار القانوني والاجتماعي للمجتمع، فهناك أنشطة غير مشروعة تمارس بما يعرف بالاقتصاد الخفي مثل بيع المخدرات مثلاً، فالحرية الاقتصادية في النظام الرأسمالي مكفولة لكل الأنشطة المشروعة فقط.
2- حافز الربح:
يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي هو الدافع الأساسي لزيادة الإنتاج, وهو المحرك الرئيس لأي قرار يتخذه المنتجون, فكل فرد في هذا النظام إنما يتصرف بما تمليه عليه مصلحته الشخصية بما يتفق مع تحقيق أهدافه الخاصة، وبما أن الربح هو الفرق بين الإيرادات والتكاليف, فإن المنتجين في النظام الرأسمالي يختارون النشاط الاقتصادي الملائم لاستغلال الموارد بأفضل طريقة ممكنة, وحين يحدث ذلك في جميع الأنشطة الاقتصادية فإن كل الموارد الاقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت بحيث تعطي أقصى أرباح ممكنة, وبالتالي يحصل المجتمع على أقصى دخل ممكن من موارده.
وهذا الربح في النظام الرأسمالي يسمى عائد المخاطرة؛ لأن الشخص صاحب المشروع يخاطر ويغامر؛ فقد يربح أو يخسر, هذا, وقد أشار آدم سميث إلى وجود يد خفية توقف بين المصلحة الخاصة للفرد وبين المصلحة العامة للمجتمع، فالفرد الذي يسعى لتحقيق أقصى ربح ممكن إنما يقوم بإنتاج السلع التي يزداد الطلب عليها, وبذلك فهو يلبي حاجة المجتمع لهذه السلعة. كما أنه يحقق المزيد من الأرباح, وهكذا نجد أن الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عليه المنظمون فحسب، ولكنه يعتبر أيضًا أحد العناصر الأساسية المسيرة للنظام الاقتصادي وتعمل دائمًا على تنميته؛ حيث إن مزيدًا من الأرباح يعني في النهاية مزيدًا من الإنتاج.
3- سيادة المستهلك:
لما كان المنتج يسعى إلى تحقيق أقصى ربح، فإن رغبات المستهلكين هي التي تحدد مجالات الإنتاج التي فيها ربح أكبر، ولذلك حين تزداد رغبات المستهلكين في منتج معين يزداد طلبهم عليها, وبالتالي يتّجه المنتجون إلى إنتاج هذا المنتج ليربحوا أكثر, إذن فرغبات المستهلكين الزائدة هي التي تقرّر ما ينتجه المنتجون, هذا ما يعرف بسيادة المستهلك، إن كمية إنتاج سلعة معينة تتحدد حسب درجة رغبة المستهلك فيها.
4- المنافسة:
وهي من أهم خصائص النظام الرأسمالي, حيث تعتبر من العوامل التي تعمل على زيادة الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية، فالمنتجون يتنافسون فيما بينهم لاجتذاب أكبر عدد من المستهلكين, والنتيجة هي اتجاه الأسعار للانخفاض وخروج المنتجين ذوي الكفاءة المنخفضة, ولا يتبقى في السوق إلا الأكفاء، ومن ثمّ يؤدي ذلك إلى الاستخدام الأفضل للموارد ومن ثم التخصيص الكفء للموارد.
ومن ناحية أخرى توجد المنافسة على مستوى المستهلكين الذين يتنافسون فيما بينهم للحصول على السلع والخدمات التي يحتاجونها؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار, بحيث يخرج المستهلكون الذين لا تمثل لهم السلع ضرورة قصوى, أو الذين لا تتناسب المنفعة التي يحصلون عليها من السلعة مع ثمن السلعة. ولا يتبقى في السوق إلا الذين تكون حاجتهم للسلعة أكبر.
وهكذا يؤدي التنافس بين المنتجين فيما بينهم وبين المستهلكين فيما بينهم إلى الاستغلال الكفء للموارد الاقتصادية؛ حيث إن توفر خاصية المنافسة يؤدي إلى توفير السلع بأحسن جودة وأفضل الأسعار.
5- جهاز الثمن هي الآلية التي تحدد الأسعار:
توجد رغبات للمستهلكين في سلع معينة, هذه الرغبات تسمى بقوى الطلب, وتوجد رغبات للمنتجين في عرض منتجاتهم وبيعها لتحقيق أنظم ربح ممكن, ويسمى ذلك بقوى العرض، فنتيجة للتفاعل بين قوى الطلب وقوى العرض تتحدد الأسعار وتتجدد كمية كل منتج في السوق
مثال ذلك: إذا ارتفع طلب المستهلكين على شراء المياه المعدنية حتى صار طلبهم عليها أكبر من الكمية الموجودة في السوق سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المياه المعدنية, وبالتالي سيتجه المنتجون إلى إنتاج مياه معدنية أكثر لتحقيق ربح أكبر, وبالتالي سيزيد إنتاج المياه المعدنية بالفعل، والعكس إذا قلّ طلب المستهلكين على الدجاج سيقل سعر الدجاج, وبالتالي سيقل عدد المنتجين للدجاج. هذا التفاعل بين قوى العرض والطلب وما يؤدي إليه من تحديد ثمن للأسعار والكمية المنتجة للسلع, هذا ما يعرف بجهاز الثمن.
كيف أجاب النظام الرأسمالي على الأسئلة الثلاثة:
من خلال قراءتك لخصائص النظام الرأسمالي في السابق؛ تستطيع أن تستنج كيف أجاب على الأسئلة الثلاثة، والتي تحدد نوعية النظام الاقتصادي: وهي ماذا تنتج؟ وكيف تنتج؟ ولمن تنتج؟ والذي أجاب على هذه الأسئلة الثلاثة في النظام الرأسمالي هو جهاز الثمن .
1-ماذا تنتج؟
أجاب جهاز الثمن على هذا السؤال من خلال التفاعل بين المستهلكين والمنتجين، أي تفاعل قوى العرض والطلب؛ فحينما يزداد طلب المستهلكين على سلعة أو خدمة؛ يتجه المنتجون إلى إنتاجها لتحصيل الربح، وبالتالي يجاب على سؤال: ماذا تنتج؟
2- كيف تنتج؟
أجاب جهاز الثمن أيضًا على هذا السؤال من خلال حرص المنتجين على تحقيق أعلى ربح ممكن فيما يعرضونه من المنتجات، وبالتالي ستتحدد كيفية إنتاجهم بناءًا على تحقيق أقل تكلفة ممكنة في الإنتاج، وهكذا يجاب على سؤال: كيف تنتج؟
3- لمن ننتج؟
أي كيفية توزيع الناتج على الذين شاركوا في إنتاجه؟ وقد أجاب جهاز الثمن على هذا السؤال، حيث يقوم بتحديد نسبة مساهمة كل عامل في الإنتاج، وعلى قدر نسبته من الإنتاج يكون نصيبه من الناتج، وهكذا يتوزع الناتج على من شاركوا في إنتاجه.
ومن الجدير بالذكر أن جميع عناصر الإنتاج لها نسبة في المشاركة في العملة الإنتاجية، وليس العنصر البشري فقط وهكذا يتوزع الناتج على جميع عناصر الإنتاج: البشري ورأس المال والتنظيم وهكذا، كل بحسب نسبة مساهمته في العملية الإنتاجية .
عيوب النظام الرأسمالي:
عندما طُبق النظام الرأسمالي في الواقع؛ أسفر عن بعض العيوب، وذلك نتيجة لصعوبة توفر الشروط اللازمة لنظام رأسمالي مثالي، بمعنى أنه حتى يتحقق نظام رأسمالي مثالي، يكون فيه جهاز الثمن هو المتحكم في الأسعار وفي الكميات المنتجة؛ لا بد من وجود المنافسة الكاملة التي تتمثل في وجود أعداد كبيرة جدًا من البائعين والمشترين، بحيث لا يكون لأي واحد منهم بمفرده القدرة على التأثير على السعر وظروف السوق، مع وجود حرية الانتقال الكاملة لعناصر الإنتاج، وحرية الدخول والخروج في السوق، والعلم الكامل بأحوال السوق.
وقد كشفت التجربة الرأسمالية أن هذه الشروط قل أن تتوافر مجتمعة، وأن تلك الصورة المُثلى لم تتحقق في الواقع العملي إلا لفترة وجيزة من الزمن .
ولكن من باب الإنصاف علينا أن نعترف بأن النظام الرأسمالي يتمتع بمرونة وقدرة على التكيف، وقد أضيفت له الكثير من الإصلاحات مع الزمن، مما جعله يستمر حتى الآن، ويحقق نجاحات أكبر من النظام المنافس له وهو النظام الاشتراكي، وأبرز عيوب النظام الرأسمالي هي:
1- نمو ظاهرة الاحتكار:
يقصد بالاحتكار انفراد مشروع من المشروعات بعمل إنتاج معين يقوم به، بحيث لا يستطيع مشروع آخر منافسته فيه، ويترتب على ذلك أن المحتكر يستطيع السيطرة على السوق من حيث تحديد الأسعار والكميات، ويتعطل جهاز الثمن ويفقد فاعليته في توزيع وتخصيص الموارد بشكل يحقق الكفاءة، ومن مساوئ الاحتكار أن المحتكر يلجأ إلى تحديد حجم الإنتاج، وحرمان السوق من السلعة لرفع أسعارها, وتحقيق أرباحه الاحتكارية, ورغم أن في إمكان المصانع والمزارع أن تنتج المزيد وبأسعار منخفضة، إلا أن المحتكرين يفضلون بقاء آلاتهم عاطلة ومزارعهم يابسة حتى يقل المعروض من السلعة وترتفع أسعارها، وهكذا يؤدي الاحتكار إلى سوء استخدام للموارد الاقتصادية.
وهكذا يؤدي الاحتكار إلى استغلال المستهلكين لصالح أصحاب رؤوس الأموال، ويؤدي أيضًا إلى سوء استغلال للموارد، مما جعل كثير من الحكومات الرأسمالية تتدخل لمنع الاحتكار من خلال إصدار تشريعات وسن قوانين لمنع الاحتكار، والتقييد من سلطاته لصالح المستهلك.
2- سوء توزيع الدخل والثروة:
يرتكز النظام الرأسمالي على عدد من الدعائم أهمها الملكية الخاصة لعناصر الإنتاج، ونظرًا لندرة عناصر الإنتاج بالنسبة لعدد السكان في كل دولة؛ فإنه من المشاهد أن تتركز عناصر الإنتاج في أيدي فئة قليلة من المجتمع، ويبقى جمهور المجتمع من الطبقة العاملة الكادحة، وهكذا يربح أصحاب رؤوس الأموال من عناصر إنتاجهم مباشرة، كما هو الحال بالنسبة لأصحاب الأراضي مثلاً الذين يحصلون الريع أو الإيجار، أما العمال الذين لا يملكون عناصر الإنتاج؛ فإنهم يحصلون على دخلهم مقابل المجهود الذي يبذلونه، ومن الطبيعي إزاء هذا الوضع أن يزداد أصحاب رؤوس الأموال ثراء نتيجة لارتفاع دخولهم، ومن ثم يمكنهم ادخار جزء من هذا الدخل، وإعادة استثمار مما يؤدي إلى زيادة ملكية عناصر الإنتاج وتراكمها في أيدي عدد قليل من الأفراد، وعلى الجهة الأخرى تطل الطبقة العاملة في مستوى معيشي منخفض؛ لأن العامل الذي يحصل على دخل منخفض لا يتمكن من الادخار، ومن ثم لا يملك عناصر الإنتاج.
ولا يتوقف ذلك على النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل يتعدى إلى النواحي السياسية؛ حيث يسيطر الأغنياء على مقومات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يمتد نفوذهم إلى النواحي السياسية؛ فيصل نفوذهم إلى إدارة شؤون الدولة، والحصول على أعلى مراكز فيها، وذلك من خلال السيطرة على الأحزاب وانتخابها، بما يملكون من أموال تتفق من الإعلام والدعاية وشراء الذمم.
وبمرور الوقت تجد الأسر الغنية تزداد قوة وأحكامًا، بفضل ما توفره لأبنائها وأعضائها من فرص الحياة والتعليم والترقي، وفي الوقت نفسه تتوارث الطبقات الكادحة فقر آبائها.
3- تزايد البطالة ووجود الأزمات الدورية والتقلبات الاقتصادية:
لقد ساد الاعتقاد أن جهاز الثمن في إطار من الحرية الاقتصادية، كفيل بتحقيق الاستخدام الأمثل والكامل والكفء للموارد، إلا أن السير الطبيعي للنظام الرأسمالي أدى إلى ظهور البطالة، ودخول الاقتصاد في أزمات دورية متلاحقة، فمع توسع النشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي تزداد أرباح المنتجين؛ مما يؤدي إلى استخدام الأرباح في توسيع وزيادة الطاقة الإنتاجية؛ من معدات ومصانع وآلات بزيادة هائلة، إلا أن هذه الزيادة في الطاقة الإنتاجية لا يقابلها عادة، ولا يصاحبها زيادة مماثلة في دخول العمال؛ ومن ثم لا تزداد قدرة العمال الشرائية بالقدر الكافي لاستيعاب الزيادة في الطاقة الإنتاجية، مما يحدث تكدس للمنتجات، ومن ثم يتجه رجال الأعمال إلى تخفيض حجم الإنتاج عن طريق الاستغناء عن أعداد من القوة العاملة؛ وبالتالي تظهر البطالة، والبطالة تؤدي إلى زيادة الأزمة حدة.
ومن أسباب الأزمات في النظام الرأسمالي أيضًا أن المنتجين لا يمكن أن يتوقعوا بدقة عالية طلب المستهلكين في الأجل الطويل، وخصوصاً في ظل حدوث تغيرات سياسية واجتماعية متلاحقة، ويترتب على ذلك أن الطلب الفعلي على سلعة معينة قد يزيد وقد ينقص عما كان يتوقعه المنظمون، مما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
ولذلك يمكن القول: إن التقلبات الاقتصادية رواج وكساد، هي في الواقع سمة من سمات النظام الرأسمالي الحر، ففي فترة يزداد حجم النشاط الاقتصادي ويحدث رواج وانتعاش، وفي فترة أخرى يقل حجم النشاط الاقتصادي ويحدث كساد وركود.
4- الحرية الوهمية:
الحرية التي افترضها أنصار المذهب الرأسمالي ليست مطلقة، إذ لا تتمتع بها سوى فئة محدودة من الأفراد هي فئة ملاك عناصر الإنتاج؛ فحرية العمل على سبيل المثال، لا يتمتع بها العامل الأجير الذي غالبًا ما يعجز عن إيجاد العمل الذي يرغب فيه، وذلك بسبب اشتداد المنافسة بين الطبقة المعاملة التي تكوِّن غالبية الشعب، مما يجبرهم على قبول أجور منخفضة؛ حتى لا يتعرضوا للبطالة والتشرد، فأي حرية كان يملكها أكثر من 12 مليون عامل في الولايات المتحدة، كانوا في حالة بطالة خلال الثلاثينات، حيث ساد العالم أزمة عالمية كبرى .
أما حرية الاستهلاك فليست مطلقة كذلك، وإنما يحد منها الدخل الذي يحصل عليه كل فرد في المجتمع، ويترتب على ذلك أن طبقة العمال التي تحصل على دخل منخفض؛ لا تحصل إلا على الضروريات.
ويمكن تشبيه النظام الرأسمالي بنظام المرور في مدينة كبيرة، حيث إن الشوارع قد أعدت لسير السيارات فيها، ثم تركت السيارات بمختلف أنواعها للسير في الشوارع بدون تنظيم المرور، ففي هذه الحالة سيقع الكثير من الحوادث، وتعم الفوضى، وترتبك حركة المرور، وستكون النتيجة الحتمية لمثل هذه الحالة أن يحصل سائقو السيارات الصغيرة، الذين يحصلون على قدر بسيط من الحرية يهددون به حياة راكبي الدراجات، وهؤلاء بدورهم يحصلون على قدر طفيف جداً من الحرية يعرضون بها حياة المشاة للخطر، وهكذا نجد أنه في هذا النظام يحصل القوي على حريته، أما الضعيف فلن تكون حريته إلا كلمة خالية من كل معنى، وبذلك ينتصر قانون الغابة حيث تعيش الذئاب الحرة مع الخراف الحرة.