كثير من المؤسسات و الجمعيات الخيرية ما زالت تحبو بالرغم من امتداد عمرها التطوعي سنوات طويلة؛ فلا تغيير في مشاريعها و لا برامجها، و تفتقر للإبداع و الابتكار في المشاريع الاستثمارية و النوعية التي تضمن لها دخلا ثابتا تحافظ به على موقعها العملي، و تستمر بعطائها الخيري، و تعزز رسالتها الاجتماعية، و تزيد فعاليتها في حركة المجتمع.
بما أن أحد تعاريف العمل التطوعي هو العمل الاختياري الحر بدون مقابل مادي، الذي يتضمن نشاطات إنسانية و اجتماعية، يقوم بالأساس على الرغبة و الدافع الذاتيين، ويهدف إلى تحقيق رغبة ذاتية، و تأكيد الوجود الشخصي في المجتمع، و تعزيز شعور الانتماء الاجتماعي بتحمل بعض المسؤوليات و المهمات الاجتماعية التي تسهم في تلبية متطلبات اجتماعية و وطنية، و بحكم الرغبة الداخلية عند الكثير في العمل التطوعي للأسباب السابقة، و بدافع ديني يحث على العطاء و المساهمة الاجتماعية ـ اقتحم الكثير من الشباب العمل التطوعي من باب الرغبة، و ليس من بوابة الاحترافية التي تستند على الدراسة و التدريب و الدورات المتخصصة التي تصقل و تكيف نشاطات و حماسة المتطوعين نحو عمل حرفي يزيد في الإنتاجية ( العطاء )، و يوجه توجيها صحيحا تقل فيه مصاريف التكلفة، و تزيد الإيرادات النقدية و العينية. و ينبغي أن نميز بين الذاتية و الاحترافية.
الذاتية هي الالتزام الذاتي بعمل تطوعي يقدم خدمات للمجتمع من رغبة شخصية، و حث ديني و فكري فقط، إما الاحترافية فهي ـ بالإضافة للعناصر السابقة ـ إتقان العمل المنتج المتميز بالجودة، و تقليل التكلفة، وتحقيق الإشباع لدى المستفيد. و الانتقال من الذاتية ـ التي تفتقر أحيانا كثيرة إلى التخصص و المهارات المطلوبة في العمل التطوعي ـ إلى الاحترافية يتطلب عنصرين مهمين هما: العمل المأجور، التي تنقسم إلى قسمين: نصف احترافي، وهو العنصر الأقوى، ويتبوأ مواقع مهمة في المنظمة الخيرية بالإشراف على المهام و الواجبات، و يصنع القرارات، و التخطيط و رسم الاستراتيجيات للمؤسسة الخيرية المعتمد على بيانات معينة قد تكون أحيانا ناقصة لديه يستعين بها من القسم الثاني المكمل في العمل التطوعي وهو المأجور، الذي يتقاضى أجرا عن عمله يقوم بالتنفيذ و التنسيق وتجميع البيانات و المهمات الإدارية، مثل: التنظيم، و الترتيب، و الكتابة، و الاتصالات، و واجبات السكرتارية، و هذا الجانب يحتل أهمية كبيرة في العمل التطوعي، بالرغم من أنه أسفل الهرم أو في الإدارة السفلى، الذي ينفق وقتا عمليا كاملا في المنظمة؛ فهو حلقة الوصل ما بين العضو المتطوع ( النصف الحرفي ) و المستفيدين و المجتمع الذين يحصلون على المساعدات النقدية و العينية و الخدمات من المنظمة. و بهذا الموقع يكتسب الموظف و العامل أهمية في تجميع البيانات و المعلومات التي على ضوئها يمكن اتخاذ قرارات اجتماعية من مساعدات و خدمات خيرية، بل أحيانا كثيرة يضعف دور المتطوع بدون معاونة الموظف. و هنا يأتي دور الاحترافية المعتمدة على التخصص و الخبرة في العمل التطوعي.
عناصر الاحترافية:
1- رسالة واضحة للمؤسسة تكون واضحة مكتوبة يطلع عليها كل منسوبي المنظمة الخيرية، تحدد رسالة المنظمة، و أهدافها، و وعيها، و غاية وجودها، و مشاريع المنظمة المقدمة للمجتمع.
2- هيكل تنظيمي معد على أسس إدارية احترافية واضح و مرن.
3- توصيف الوظائف و المهام في المنظمة الخيرية، و تحديد المسؤوليات و الصلاحيات.
4- توظيف موارد بشرية متخصصة لديهم إيمان بالعمل التطوعي.
5- منح دورات تدريبية بشكل دوري للمتطوعين و الموظفين و العمال.
6- نظم معلومات إدارية متخصصة تسهل اتخاذا القرارات.
7- رسم خطط قصيرة الأجل و متوسطة الأجل و طويلة الأجل للبرامج و المشاريع.
فوائد الانتقال من الذاتية إلى الاحترافية:
1- تغليب المصلحة العامة على المصلحة الذاتية.
2- النظر بموضوعية إلى الأهداف و المشاريع الاجتماعية.
3- الابتعاد عن المزاجية.
4- عدم استخدام الاستقالة كعامل ضغط بسبب الاختلافات الإدارية.
5- الاحتراف في اتخاذ القرارات.
6- سرعة و دقة الأداء و التنفيذ.
7- استخدام التقنية الحديثة في تسيير العمل التطوعي.
8- تخفيف الروتين و البيروقراطية في اتخاذ القرارات الاجتماعية.
9- الحماية و الأمان من نقد المجتمع.
10- كسب ثقة و مصداقية المجتمع.
11- تثبيت العمل التطوعي بالبرامج و المشاريع الملموسة.
12- تشجيع المتخصصين للمساهمة بالعمل التطوعي.
13- زيادة الرقابة الذاتية بسبب حرفية المتطوعين.
14- تحسين الإنتاجية و الخدماتية و تميزها بالجودة.