قلنا أن ركني التنظيم الأساسيين هما السلطة والمسؤولية وإذا وجدت هناك مبادئ لها علاقة بمفهوم التنظيم يمكن ردها الى ركني أو مبدأي السلطة والمسؤولية في هذا النوع من السلطة.
ركني التنظيم الأساسيين هما السلطة والمسئولية وأن كل ما يمن أن هناك من مبادئ لها علاقة بمفهوم التنظيم، يمكن ردها في النهاية إلى مبناي وقد انتهينا أنفا من مناقشة السلطة الإدارية وما يتعلق بها من مبادئ في الفكر الإسلامي، ويبقي أن نشير إلى المسئولية كمبدأ ملازم ومتعادل مع مبدأ السلطة إلى تكامل المستولية وتكفل لها التطبيق الفعال في الواقع العملي للتنظيمات. لنرى إلى حد وصل الفكر الإسلامي في وضع الضمانات والضوابط التي تؤدى الى تكامل المسؤولية وتضمن لها التطبيق الفعال في الواقع العملي للتنظيمات.
وكما تقدم، فقد وردت نصوص عديدة في القرآن الكريم تحمل معنى المسئولية كما يراد بها في الفقه الإداري المعاصر والتي تعبر عن الالتزام بتحقيق مهام معينة بما يؤدي إلى تحقيق أهداف معينة على الوجه الصحيح وفي فترة زمنية معينة بأقل تكلفة ممكنة ويترتب على هذا الالتزام ومسائلة من يتحمل مسئولية أي عمل داخل المنظمة عن نتائج قراراته وتصرفاته على أساس فردي.
وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته ﴿ ولَتُسئلُنّ عَمَّا كنتم تعملونَ ﴾. [النحل: ١٣]. ويقول أيضا في موضع أخر في سورة أخرى ﴿ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾. [الطور : ۲۱]، وقوله تعالى ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾. [الأنعام : ١٦٤]، وقوله تعالى ﴿ قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُون ﴾. [سبأ : ٢٥]، وقوله تعالى ﴿ فمن يُعمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرة شَراً يَرَه ﴾. [الزلزلة : ۷-۸]. ﴿ وَأَن لَيس للإنسانِ إلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعية سَوفَ يُرَى ﴾. [النجم : ٣٩ : ٤٠]، ﴿ إنَّا عرَضْنَا الأمانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَين أن يحملنَها وأَشْفَقْنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإنسانُ ﴾. [الأحزاب : ۷۲].
أما عن السنة النبوية المطهرة فقد ذكر الرسول في حديثة المعروف عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله . ﷺ . " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ومسئولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".
وهذه هي عظيهم المسئولية التي تمثلها الخلفاء الراشدون وعبروا عنها جميعهم في خطبهم عند تولى مسئولية الحكم وترجموها عمليا في كل قراراتهم وتصرفاتهم ونشير في ذلك إلى قول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: رأيت عمر بن الخطاب يعدو، فقلت يا أمير المؤمنين أين تذهب؟ فقال بعير ندّ من إبل الصدقة أطلبه، فقلت والله لقد أتعبت من بعدك يا عمر!! فقال عمر فوالذي بعث محمد بالنبوة، لو أن عنزا ذهبت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة.
وكما تروي كتب التراث أيضا بينما عثمان بن عفان في مال بالعالية في يوم صائف شديد الحر إذ رأى رجلا يسوق بكرين من الإبل وعلى الأرض مثل الفراش من الحر فقال ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح ثم دنا الرجل فقال لمولاه: انظر من هذا فنظر فقال: أرى رجلا معتما بردائه يسوق بكرين ثم دنا الرجل فقال: انظر فنظر فإذا عمر بن الخطاب فقال: هذا أمير المؤمنين فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال: ما أخرجك هذه الساعة فقال عمر: بكران من إبل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة فاردت أن ألحقهما وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما فقال عثمان: يا أمير المؤمنين هلم إلى الماء والظل ونكفيك فقال: عد إلى ظلك يا عثمان فقال عثمان: من أحب أن ينظر إلى القوى الأمين فلينظر إلى هذا فعاد إلينا فألقى نفسه.
ومن وجهة نظر الفكر الإداري المعاصر يتبلور مفهوم المسئولية كما تقدم في الالتزام بتحقق مهام معينة مقابل التمتع بحق السلطة يجب عليه أن يحاسب على كيفية ممارستها وتتم هذ المحاسبة بأساليب ووسائل مختلفة في الواقع العملي ويجمع هذه الأساليب والوسائل مفهوم الرقابة بكل أشكالها. وينبغي إعمال هذا المفهوم بالصورة التي تحقق الأهداف التنظيمية على نحو فعال.