مؤسسات المجتمع المدني كانت ولا تزال تمثل الضلع الثالث للتنمية بعد الحكومة والقطاع الخاص بأي دولة بشكل عام وفى مصر بوجه خاص وفى ظل الثقافة الخاطئة لدور مؤسسات المجتمع المدني والأسس والأطر الشرعية لعملها والعراقيل التي تواجه قوافل الخير جاء توجهات الدولة في مصر بإعادة النظر في القانون المنظم لعمل هذه المؤسسات بمثابة تفجير تلك القدرة الكامنة لها وجعلها شريكا أساسيا في تنمية المجتمع والنهوض بالمواطن المصري.
إنَّ المجتمع المدني لم ينشأ لعبث، بل هناك العديد من الأهداف المتنوعة والمُختلفة التي يرمي إلى تحقيقها، هذه الأهداف قد يكون لها مجموعة من الآثار الخيرية التي تعود على الدولة وأفرادها، وفي الآتي توضيح أهمية المجتمع المدني:
<!--الحرص على توفير مجموعة من الخدمات للدولة من خلال المؤسسات غير الحكومية والخاصة وجميع الهيئات الخيرية.
<!--إنَّ أهمية المجتمع المدني تتجلى بالسّعي من أجل تنفيذ جميع برامجها التنموية على اعتبار أنها ممولة من قبل الحكومة، وذلك من خلال ما تمتلكه من قدرات فنية عالية، وعلى الأخص في المناطق التي يُصعب تواجد الحكومات فيها، كالمناطق الريفية والنّائية.
<!--تعمل وبكل قوتها على تقوية جميع المجتمعات المحلية من خلال تدريبها وتطوير قدراتها وتنمية معارفها وصقل مهاراتها بكل المجالات التي تحتاجها تلك المجتمعات. وتُسهم بشكلٍ إيجابي في رسم جميع السياسات والخُطط العامة على المستويين الوطني والمحلي، كما تقترح عدّة بدائل وتسعى للمفاوضة عليها، وتحاول التأثير على الرّأي العام لكسب تأييد من حولها.
<!--تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في الدّولة، بما يكون متوافقًا مع مصلحة القانون في الدولة. وتعمل على درء مشاكل البيئة وتبيان انعكاساتها من خلال مساهمتها في نشر الوعي البيئي، وكذا مشاركتها في كفالة وضمان حق الأجيال اللاحقة في التمتع ببيئة ملائمة وموارد متاحة.
ومن أهداف مؤسسات المجتمع المدني:
<!--دعم مشاريع وخطط التنمية الشاملة والمستدامة، بحيث تكون شريكاً للدولة في تنفيذها ومراقبة حسن إدائها ورصد الانتهاكات والخروقات التي تعترضها.
<!--اقتراح قوانين وأنظمة ولوائح وتقديمها الى البرلمانات والجهات التشريعية والحكومات.
<!--السعي من أجل بناء مواطنة متساوية وكاملة ودون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو العرق أو المذهب أو الجنس أو المنحدر الاجتماعي أو غير ذلك.
<!--العمل على بناء قدرات الأفراد وتنمية مهاراتهم وتدريبهم، ليسهموا في مجتمعاتهم وفي مؤسساتهم المهنية والنقابية للدفاع عن مصالح منتسبيها وعن مصالح المجتمع ككل.
<!--تشجيع الجهود التطوعية والمبادرات الفردية والجماعية، بما يعزز التضامن والتكافل والتعاون والمساندة بين جميع الفعاليات الاجتماعية.
كما تعتبر مؤسسات المجتمع المدني ركيزة من ركائز حماية حقوق الإنسان في المجتمع الدولي نظرا للإمكانيات والآليات المتعددة التي تملكها من تحقيق مصالح الأفراد والدفاع عنها ومحاولة إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان وتسعى إلى تنفيذ القوانين الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وأصبحت ضمانا كبيرا لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث أن المجتمع المدني يلعب أيضا دورا مهما في مساعدة الدول الأقل غنى في مواجهة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمواطنيها.
فمؤسسات المجتمع المدني كما أنها تهتم بموضوعات حقوق الإنسان والأقليات وغيرها من الحقوق السياسية، فإنها تلعب أيضا دورا مهما في الدفاع عن حق السكن والتعليم والصحة والعمل وتلعب أدوارا مهمة في كل هذه الملفات في توفير الخدمات الصحية والتعليمية والتشغيلية التي تساهم في مواجهة الأعباء وتخفيف الضغوط على النظام السياسي ومن ثم الحكومة.
وتلعب مؤسسات المجتمع المدني دورا مهما في القيام بالأعمال البحثية والاستقصائية. فمعظم المؤسسات الحقوقية على سبيل المثال أضحى لها وحدات بحثية للبحث والتحليل والاستطلاع من أجل رصد مشكلات المجتمع واتجاهات الحلول ومن ثم تقديم بدائل لصناع القرار تحتاج إليها تحديدا الدول الأخذة في التحول إذا ما أرادت التوصل إلى حلول علمية ومنهجية غير متحيزة. لمؤسسات المجتمع المدني أهداف عدة تشمل الفئات العُمرية والمجتمعيَّة كافًة، أهمها:
<!--مكافحة الفقر
تقوم مؤسسات المجتمع المدني باتباع طرق ووسائل مُختلفة لمكافحة الفقر وتحسين مستوى معيشة الأفراد المحتاجين، مثل:
<!--تأهيل الأطفال والفئة الشبابيَّة؛ وذلك من خلال تعزيز المهارات الحياتيَّة وآليات التأقلُم والمسؤولية المجتمعيَّة، ليتمكّنوا من تحديد ميولهم وعدم الاستسلام للفقر؛ وذلك بالانخراط في برامج التَّمكين (وهي برامج تقيمها المؤسسات الخيرية في مجالات مُختلفة لتعليم وتأهيل الفقراء والمحتاجين وغيرهم لمهَن أو حِرَف تعود عليهم بالدَّخل المادي).
<!--عمل دراسات اجتماعيَّة للفقراء على نطاق المنطقة، ومتابعتهم لتقديم البدائل لهم من مساعدات أو محاولة ربطهم مع المؤسسات التشغيليَّة لتوفير فرص عمل لهم.
<!--العمل على توفير فرص عمل للأفراد المؤهلين بعد إنهائهم للبرامج التدريبيَّة.
<!--جمع التبرعات لكبار السن والمحتاجين العاجزين عن العمل.
<!-- رفع مستوى التعليم
تولي مؤسسات المجتمع المدني في رفع مستوى التعليم وخصوصًا في الدول النامية أهمية بالغة، ومن الوسائل المُتبعة لتحقيق ذلك ما يلي:
<!--عقد دورات مجانيَّة تأهيلية للمعلمين القائمين على عملهم لتقويَتهم في الأساليب التدريسية الحديثة، وبالتالي رفع كفاءة التعليم داخل مؤسساتهم التعليميَّة.
<!--إنشاء المكتبات العامَّة المُجهَّزة لتسهيل وصول العلم والمعرفة لأكبر شريحة ممكنة من الفُقراءِ وغير المقتدرين.
<!--تجهيز ودعم المدارس المحليَّة بالوسائل التعليميَّة الحديثة التي من شأنها تَطوير المُستوى التعليمي وكفاءته.
<!-- زيادة التكافل الاجتماعي
يُعدّ التكافل المجتمعي أساسًا في نهضة المجتمعات، وهو الترابُط بين الأفراد في المجتمع بشكل يؤدي إلى تحسين حياة الآخرين ممّن هم أقل حظًا بين أفراد مجتمعهم لمختلف الأسباب، وفيما يلي دور مؤسسات المجتمع المدني في المجتمع بما يتعلق في هذا الجانب:
<!--العمل على ربط مؤسسات المجتمع المحلي الخدميَّة ببعضها البعض لتحقيقِ أقصى درجات التعاوُن التي تُتيح الفرص لتطوير الأفراد، وتوفير فرص عمل للأشخاص المُستبعَدين من سوق العمل، وتوفير خدمات مجانيَّة لهم بما ينعكس بشكٍل إيجابي على المجتمع بأكمله.
<!--دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة وأي أعمال اجتماعية، وذلك من خلال توفير المكان المُزوَّد بالبنية التحتيَّة اللّازمة بشكل مجاني أو عن طريق الدَّعم المالي.
<!-- تقليل التمييز الطبقي
تعزيز الروح الاجتماعيَّة التي تعمل بها مؤسسات المجتمع المدني قد ساهم بشكل كبير في تذويب بعض أنماط التمييز الطبقي في المجتمع، ومن أهم الطرق لتقليل التمييز الطبقي من قبَل مؤسسات المجتمع المدني ما يلي:
<!--مساعدة المجموعات المُبعدة من الأفراد داخل المجتمع، وتعويضهم عن طريق تأمين الحقوق الأساسيَّة لهم كالعلاج والتعلُّم والتغذية.
<!--عمل تحالفات وشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل دمج الطَّبقات الأقل حظًا بغيرهم، وتذويب هذه الفروقات قدر الإمكان والتأكيد على حقوقهم من دون تمييز. أن هذه المسألة باتت ملحة للتنسيق والتكامل بين مختلف الجمعيات خاصة على نطاق المنطقة الواحدة.
إنّ مجموعة الأهداف الاجتماعية التي تعمل من أجلها مؤسسات المجتمع المدني من مكافحة للفقر ورفع لمستوى التعليم وغيرها من الأهداف لا يمكن استمرارها إلّا عن طريق الدعم المستمّر، ومن المهم أن يكون الدعم على شكل قوى بشريَّة لتنفيذ الأعمال إضافةً إلى الدعم المادي حيث لا غِنى عنه.