المدونة القانونية للمحامي و المستشار القانوني محمد جلال أبو ضوه

(أعطني قاضيا قبل ان تعطني قانونا)

authentication required

أن النص في المادة  (151) من القانون المدني على أنه جوز طلب إبطال العقد للتدليس لمن جاء رضاؤه نتيجة  حيل  وجهت  إليه  بقصد  تغريره  ودفعه بذلك إلى التعاقد إذا أثبت أنه ما كان يرتضي العقد نحو  ما إرتضاه عليه لولا خديعته بتلك الحيل وذلك مع مراعاة ما تقضي به المادتان 153 و154 وفي المادة (152)  من ذات القانون على أن "يعتبر بمثابة الحيل المكونة للتدليس الكذب في الإدلاء  بالمعلومات  بوقائع التعاقد وملابساته أو السكوت عن ذكرها إذا كان ذلك إخلالا بواجب في الصدق  أو  المصارحة  يرفضه القانون أو الإتفاق أو طبيعة المعاملة أو الثقة الخاصة التي يكون من شأن ظروف الحال أن تجعل للمدلس عليه الحق في أن يضيعها فيمن غرر به. وفي المادة (153)  منه  على أن: 1- يلزم لإبطال العقد على أساس التدليس أن تكون الحيل قد صدرت من المتعاقد  الآخر  أو  من  نائبه  أو  من أحد إتباعه أو ممن وسطه في إبرام العقد أو ممن يبرم العقد  لمصلحته... بما مفاده - وحسبما ورد بالمذكرة الإيضاحية - أن قوام التدليس هو الحيلة التي توجه  للمتعاقد  بقصد  تغريره  وجعله  يعتقد  أمرا يخالف الواقع والحقيقة وذلك بغية 

دفعه إلى إرتضاء  التعاقد  فلابد  لقيام  التدليس من إلتجاء المدلس إلى حيلة من الحيل وأن يكون ذلك منه بقصد أن  يضلل  المتعاقد  ويخدعه ليجعله يرتضي العقد. فالتدليس يقوم على قصد مزوج من المدلس: قصد  في  الخديعة  والتضليل  وقصد في دفع المضلل المخدوع إلى التعاقد وقد حرص المشرع على أن يتجنب  إشتراط أن تبلغ الحيل قدرا من الجسامة بحيث تدفع المتعاقد إلى التعاقد، فالعبرة ليست بمدى  ما  تتسم  به  الحيلة  من  جسامة  وإنما  بأثرها  على المتعاقد بالنسبة إلى تضليله وجره بذلك إلى التعاقد. 

فالمعيار هنا  هو  معيار  شخص  قوامه المتعاقد ذاته من حيث ما إذا كانت الحيلة أفلحت في تضليله أم لم تفلح وليس معيارا ماديا يقوم على قدر ما تتسم به الحيلة ذاتها من جسامة. على أن الأمر  لايصل  بطبيعة  الحال  إلى  مستوى الحيلة إلا إذا إنطوى على قدر معقول من الخداع والغش. فإن  لم  يكن  كذلك فإنه لا يعتبر حيلة أصلا ولا يصلح بالتالي تدليسا من شأنه أن يصلح أساسا لإبطال  العقد  حتى  لو  ثبت  أن المتعاقد قد إنخدع به الفعل فمن ينخدع بالبسيط من الأمور هو في العادة  من  المفرطين في السذاجة. ولا يدخل في دور نظام التدليس أن يحمي أمثال هؤلاء. 

كما حرص المشرع  على  أن  يتمشى مع الفقه الإسلامي في التوسيع في الإعتداد بالكذب أو الكتمان بإعتباره  تدليسا  من شأنه أن يبطل العقد وجعله بمثابة الحيل التدلسية كلما جاء بمخالفة واجب خاص متميز  في الصدق والمصارحة يرفضه القانون أو الإتفاق أو طبيعة المعاملة أو الثقة التي يكون من حق أحد الطرفين أن يضعها في الآخر على نحو ما تميله ظروف التعاقد. 

فإنه وإن كان  الأصل  في  الحيلة  التي  هي  أساس التدليس أن تقوم على أفعال مادية (وهو مايسمى في الفقه  الإسلامي  بالتغرير  الفعلي)  فإن  المشرع  قد حرص في المادة (152) سالفة البيان على أن يجعل  في  مقامها  الكذب  والكتمان  كلما  جاءا  إخلالا  بواجب  خاص في الصدق والمصارحة يرفضه  القانون  أو  الإتفاق  أو طبيعة المعاملة أو الثقة الخاصة التي يكون من شأن ظروف الحال أن يجعل  للمدلس عليه الحق في أن يضعها فيمن غشه وغرر به (وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي بالتغرير القولي). 

وغنى عن البيان  أن  الكذب  في  ذاته  ومجردا  من  أي  إعتبار آخر لا ينهض دعامة كافية للتدليس البطل للعقد  برغم  ما  فيه من قبح ومجافاته للدين والأخلاق، إنما الكذب الذي يتدنى إلى مرتبة التدليس هو  ذاك  الذي  يأتي  بمخالفة  واجب خاص يملي على الشخص الإحجام عنه غير مجرد الواجب الديني  أو  الأخلاقي  وهذا الواجب قد يأتي من القانون أو من الإتفاق أو من طبيعة المعاملة ذاتها  التي تقتضي الإلتزام الصارم بالصدق والمصارحة أو حتى من الثقة التي يكون من شأن ظروف الحال  وما  ينبغي  أن  يقوم  عليه التعاقد من إعتبارات حسن النية أن تجعل للمتعاقد المدلس عليه حقا في أن يضعها فيمن خدعه وغرر به. 

ويلزم لأعمال  التدليس  أن  يكون  هو الذي دفع المتعاقد إلى إرتضاء العقد بحيث أنه ما كان ليرتضيه من غيره  على  أن  كون  التدليس  هو  الدافع  إلى التعاقد وإن كان يتضمن ما يدل على تعييب الرضاء إلا  أنه  لا  يكفي  بمجرده  وذاته لجعل العقد قابلا للأبطال وإنما يلزم إلى جانبه أن يكون التدليس متصلا  بالمتعاقد الآخر بأن يكون هو الذي لجأ بذات نفسه إلى الحيلة أو لجاء إليها نائبه أو أحد أتباعه. 

وكان النص في المادة (176) من القانون المدني على أنه: 1- يبطل العقد إذا إلتزم المتعاقد دون سبب أو لسبب غير مشروع. 

2- ويعتد في السبب  بالباعث  المستحث  الذي  يدفع  المتعاقد  إلى التعاقد إذا كان المتعاقد الآخر يعلمه أو كان ينبغي عليه أن يعلمه. 

مفاده أن المشرع  يوجب  أن  يستند إلتزام المتعاقد إلى سبب وأن يكون هذا السبب مشروعا وإلا فإن العقد  يفتقد ركنا من الأركان التي ينبغي له أن يقوم عليها فيبطل ولا يقصر المشرع سبب الإلتزام على الغرض  المباشر  الأول  الذي  يسعى المتعاقد إلى تحقيقه من وراء إرتضائه التحمل بالإلتزام وإنما  يشمل  أيضا  الباعث  المستحث  الدافع إذا كان ملحوظا في العقد بأن كان المتعاقد الآخر يعلمه أو  كان  مفروضا فيه أن يعلمه وينظر إلى توافر هذا السبب ومشروعيته وقت إنعقاد العقد. 

 

طعن رقم 1544 لسنة 2014 (تجاري-1) جلسة 11 مارس سنة 2015

المصدر: أحكام محكمة التمييز الكويتية
abodawh

يسرني أنا المحامي والمستشار القانوني / محمد جلال أبو ضوه أن أدشن هذه المدونة القانونية للعمل على الثقافة القانونية ، ويسعدني استقبال أسئلتكم ورسائلكم على الايميل : [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 352 مشاهدة
نشرت فى 24 أغسطس 2023 بواسطة abodawh

ساحة النقاش

المحامي والمستشار القانوني محمد جلال أبو ضوه

abodawh
نحن مدونة قانونية خالصة تهتم بالقوانين العربية والتشريعات والأحكام القضائية والابحاث القانونية والرد على الاستشارات والاستفسارات القانونية في كافة المجالات القانونية وبدون مقابل مادي . الايميل :[email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

83,805