القـــــــــــــرار الإداري
القرار الإداري وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
ومن هذا التعريف يتبين أنه لا يلزم أن يكون الإفصاح عن الإرادة صريحاً، بل قد يكون ضمنياً يستفاد من السكوت، فيعتبر في حكم القرار الإداري امتناع السلطة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقانون، كما أن أعمال الإدارة المادية سواء كانت إرادية أو لا إرادية لا تدخل ضمن القرارات الإدارية.
وتنقسم القرارات الإدارية إلى أنواع عديدة يهمنا منها القرار التنظيمي أو اللائحي والقرار الفردي أما الأول فهو الذي يتضمن قواعد عامة مجردة ولا يتعلق بشخص أو بحاله على سبيل التعيين بالذات وإنما بمسائل متجددة تحدد بأوصافها وشروطها مثل لائحة المرور بعكس الثاني الذي ينشئ مركزاً قانونياً خاصاً بفرد أو أفراد معينين مثل قرار ترقية أو تعيين موظف واحد أو عدد من الموظفين.
والقرار التنظيمي يكون العلم به عن طريق النشر في الجريدة الرسمية، أما القرار الفردي فيتم العلم به عن طريق إعلان الفرد أو الأفراد به ما لم يقرر المشرع جواز العلم به عن طريق النشر، كما جرى اعتبار العلم اليقيني وسيلة تقوم مقام النشر أو الإعلان ويثبت هذا العلم من أي واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة إثبات معينه، وأهمية نشر أو إعلان القرار تكمن في ترتيب كافة آثاره واكتساب كامل قوته التنفيذية ، ومن ثم تحديد تاريخ بدء سريان ميعاد الطعن فيه.
ذهب معظم الفقهاء إلى أن القرار الإداري الصحيح يقوم على أركان خمسة هي:
1. المحل : وهو موضوع القرار أو الأثر القانوني الذي يحدثه.
2. السبب : وهو ما يدعو الإدارة إلى إصدار القرار أي أنه الحالة الواقعية أو القانونية التي توجد قبل إصدار القرار فتحرك الإدارة وتدفعها لإصداره.
3. الغاية : وهي الهدف الذي تسعى الإدارة إلى تحقيقه من إصدار قرارها، وهي أي الغاية غير السبب أو المحل، فإذا ارتكب الموظف مخالفة إدارية وصدر قرار بمجازاته فإن سبب القرار هو ارتكاب المخالفة، ومحل القرار توقيع العقوبة وآثارها، أما الغاية فهي ردع الموظف وجعله عبره لغيره.
4. الشكل : الأصل أن القرار الإداري لا يخضع لشكل معين إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك بأن استلزم كتابته أو احتواءه على بيانات معينة أو مروره بإجراءات معينة قبل إصداره.
5. الاختصاص : هو السلطة أو الصلاحية القانونية التي يتمتع بها متخذ القرار في إصدار قراره من الناحية الموضوعية أو الزمنية أو المكانية.
والاختصاص الموضوعي : هو قيام عضو السلطة الإدارية بإصدار القرار في الموضوع الذي يدخل في اختصاصه وليس في اختصاص عضو آخر.
والاختصاص الزمني : هو قيام صاحب الاختصاص بممارسة اختصاصه خلال المدة الزمنية التي يثبت له فيها هذا الاختصاص طبقاً للقانون. أي ليس له أن يصدر قرار قبل توليه وظيفتة أو بعد تركها.
والاختصاص المكاني : هو قيام رجل الإدارة بممارسة اختصاصه داخل النطاق الإقليمي المحدد له.
وقد يصيب القرار أحد العيوب لتخلف ركن من أركانه أو شرط من شروط صحته، ومن ثم يكون القرار أما معدوماً أو باطلاً وللتفريق بينهما فإن ذلك يعتمد على مدى جسامة عدم المشروعية ، فالقرار يعتبر معدوماً إذا بلغ في عدم مشروعيته حداً من الجسامة يفقده صفته كقرار إداري ويجعله مجرد عمل مادي، كما لو صدر القرار من شخص ليست له صفه الموظف العام – ويعد القرار باطلاً إذا لم تبلغ عدم المشروعية فيه هذا الحد من الجسامة.
وينبني على ذلك أن القرار المعدوم لا يتحصن بمضي المدة وتستطيع الإدارة سحبه في أي وقت ولا يرتب آثاراً قانونية.
أما القرار الباطل فيعتبر صحيحاً مرتباً لآثاره ما دام قائماً لم يلغ أو يسحب أو يحكم القضاء بإلغائه ويتحصن هذا القرار بمضي المدة المقررة.
وسحب القرار يعني اعتباره كأن لم يكن وينسحب ذلك على الماضي والمستقبل، والإلغاء القضائي كالسحب الإداري فيما يتعلق بالآثار المترتبة عليه.
هذا بالنسبة للقرارات غير المشروعة، أما القرارات السليمة فإنه لا يجوز سحبها كقاعدة عامة نظراً لما يترتب على هذا السحب من رجعية تتعارض مع مبدأ عدم رجعية القرار الإداري ومن شأنه في بعض الأحوال المساس بالحقوق التي تولدت للأفراد.
ساحة النقاش