الوتر.. القاتل!"
بقلم : محمد صلاح الدين
صحيح الاستنساخ أو حتي الاقتباس من مصادر غربية آفة من آفات الفنون عندنا سواء في السينما او التليفزيون او حتي في المسرح مؤخرا.. إلا أن براعة المقلد أو المستنسخ أحياناً تجبر المتلقي علي الاستسلام للتجربة.. علي الاقل لانها تذكرنا بفطاحل المقتبسين في تاريخنا السينمائي. الذين وللأمانة كانوا يحيلون "النص" مصرياً خالصاً!!
غاده عادل فى مشهد من فيلم الوتر
وفيلم "الوتر" للمخرج مجدي الهواري في خامس تجربة له في الاخراج. والتي بالتأكيد تختلف شكلاً ومضموناً عن سابقيه.. خاصة تلك التي كان يمارس فيها عمله كمنتج ساهم في إغراق السوق بالمسليات.. أما في "الوتر" فهو يشي بمفاجأة فنية مثل الموضوع البوليسي أو المفاجأة الدرامية التي يقدمها.. بحيث يأخذ ذهن المتفرج وانفعالاته وتوقعاته في عدة اتجاهات ومسارات أخري. من أجل المزيد من الامتاع والابداع في مشاهدة فيلم يأخذك بكل وعيك إلي جريمة قتل صريحة ومباشرة.. ولكن علي انغام الموسيقي واللوحات التشكيلية. بل وعلي العزف المنفرد أو حتي الدويتو بين آلتي "الكمان" و "التشيللو"!!
مثل كل الأفلام البوليسية تبدأ الاحداث التي كتبها محمد ناير بأبرز صياغة فنية مشوقة ألا وهي جريمة القتل الغامضة.. التي تتم في حق موسيقي شاب "أحمد السعدني" لا يتمتع بسمعة طيبة بسبب تعدد علاقاته النسائية واقامته بمفرده في شاليه في منطقة نائية بالإسكندرية.. يقوم الضابط الشاب سليم "مصطفي شعبان" بالتحقيق في الجريمة حيث يجد صوراً لشقيقتين "غادة عادل وأروي جودة" كان يرتبط معهما بعلاقات غرامية في نفس الوقت.. وباستخدام طريقة الرجوع إلي الماضي أو الفلاش باك. نتعرف علي تفاصيل عديدة في حياة كل الاطراف بما فيها المحقق نفسه الذي ثبت أنه قتل زوجته بإدعاء الخطأ ويعاني من اضطراب نفسي. مروراً علي الفتاتين العازفتين لآلات وترية. وكذا أمهما "سوسن بدر" المتزوجة من رجل اعتدي علي الفتاتين في طفولتهما فأصابهما بأمراض نفسية عديدة!!
بهذه الطريقة أخذ الفيلم طابعاً أسود في تعامله مع القضية المطروحة. وبرز أسلوب المخرج وبراعته في الامساك بخيوطه جيداً في المشاهد المتلاحقة التي كلما بدت أنها تحل القضية وتظهر القاتل. كلما كان هذا كاذباً. لنعود نبحث عن القتال من جديد.. حتي تنجح الفتاتان في الايقاع بالضابط نفسه وتوريطه في جريمة قتل زوج الأم ليتخلصوا منه هو الآخر كما تخلصا من الموسيقي الشاب المخادع علي طريقة "ريا وسكينة". حيث تشل إحداهما حركته. بينما تقوم الأخري بخنقه بالوتر!!
نجح العمل في العديد من التفاصيل في تكثيف حالات الغموض والحيرة بحذق ومهارة بصرية أخاذة. عن طريق استخدام الضوء والظلام والديكور والاكسسوار. وكذا الأمطار والأنواء خاصة في المنطقة الساحلية. واخضع كل هذا لدعم الموقف الدرامي.. ونجح في الوصول إلي المفاجأة في نهاية الفيلم رغم تعبيريتها. حيث نري المحقق مهزوماً ومنهاراً في احدي المصحات والفتاتين تعزفان له.. وقد كان الجزء الاخير الصامت من أفضل أوقات الفيلم الممتعة.. حيث اعتمد علي الموسيقي وتكوين الصورة والمونتاج أكثر!!
نجح التمثيل إلي حد كبير بأداء غادة الرصين والبارد المتفق مع الشخصية. وكذا أروي وشعبان والسعدني وأشرف زكي وبدا هناك نضج قلما يسطع.. حتي لو كان لابس برنيطة!!
ساحة النقاش