والدك.. والدتك.. في طريقهما إلى الشيخوخة، وأنا وأنت سنتبعهم لا محالة - إن كتب الله لنا العمر -، فالله تعالى يقول: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً...) (الروم/ 54).

هما ينتظران منك أن تقابلهما بالتقدير والعرفان، لسنوات طوال قضياها في رعايتك، بذلا كل ما في وسعهما كي تكبر وتنضج، وتبدأ في العطاء!..
ولكن، عليك أن تعرف خصائص هذه المرحلة من العمر؛ كي تعرف كيف تعاملهما، وتحسن إليهما.

فهما لا يستطيعان تغيير أسلوب حياتهما بعد هذا العمر المديد، ولا يستطيعان التكيف والتأقلم..

ويصبح المسنُّ أقل إستجابة، وأبطأ في تفاعلاته مع الأحداث، قد يبدو غير قادر على التعبير عن مشاعره، وقد يظهر أمام الأبناء بارداً في مشاعره وإنفعالاته.

ربّما لا يستطيع أن يفرح بسرعة، ولا أن يحزن بسرعة، فيظن الأبناء أنّه غير مبالٍ ولا مكترث بما يحيط به! وكثيراً ما يضعف السمع والبصر عند المسنين، وتضعف أجسادهم، ويصابون بالوهن، بل ربّما يصاب البعض منهم بالخَرَف؛ قال تعالى: (.. وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا...) (النحل/ 70)، وتكثر أمراضهم؛ من مرض السكري إلى إرتفاع ضغط الدم إلى هشاشة العظام وغيرها..

وبسبب كل هذا يحجمون عن الإختلاط بالناس، وقد يلتزمون الصمت إذا جلسوا في مجلس، فتضعف مشاركتهم لضعف سمعهم أو عدم قدرتهم على مواكبة الأحداث.. وغير ذلك.

وقد يخطئ المسنُّ في إستعمال أدويته، فيأخذ جرعة أكبر أو أقل، وهذا ما يجعلك مسؤولاً عن أدويتهم كي لا يصابوا بمكروه لا سمح الله..

ويقلُّ النوم عند المسنين؛ فهم ينامون مبكِّرين، ويستيقظون مبكِّرين، وقد يستيقظ المسنّ في الليل مرات عديدة للتبوُّل؛ فاحرص على صحته وسلامته.

تذكَّر: أنّ أباك وأُمّك أمانة عندك، وأنها فرصة لك كي تكسب رضاهما.. تُسعدهما وتفرحهما، فتنال رضا الله في رضاهما، وتفوز بأعلى الجنان..

************************************************************************

وإليكم قصة واقعية حدثت في المملكة العربية السعودية 

يخبرني أحد أقاربي بقصة زميل له بجامعة الملك عبد العزيز بجدة يقول: تعب والدي في البيت وأحس بآلام في قلبه وكان ذلك يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء اختباري بالجامعة. 

قال لي والدي: أريدك أن تذهب بي إلى المستشفى قلت له: "أبشر" فأخذت مذكرتي التي سوف أمتحن بها غداً فتوجهت للمستشفى.

وبعد الكشوفات والتحاليل قال لي الدكتور: والدك لابد أن ينام في المستشفى . قلت له: يا دكتور هل بالإمكان أن يخرج الليلة لأن غداً لدي اختبار؟

قال لي: الأمر يعود إليك وأنا أفضل بقاءه.

يقول: جلست مع والدي بالغرفة وكان والدي متعب جداً ولم يكن هناك متسع من الوقت للمذاكرة، داهمني الوقت الساعة العاشرة مساءً فنام والدي وبدأت أذاكر بعض الوقت.

 أحسست أني متعب جداً وأريد النوم فنمت بالقرب من والدي، ووقت منبه الجوال على أذان صلاة الفجر فاستيقظت للصلاة ولله الحمد وأيقظت والدي وبعد الصلاة بدأت في إكمال المذاكرة ولم أنتهي بعد وبقي على موعد اختباري نصف ساعة.

قبلت رأس والدي ويده وقلت له: ادع الله لي بالتوفيق، أنا ذاهب لدي اختبار بالجامعة فرفع يده إلى السماء ودعا لي.. يقول: ذهبت للقاعة وبدأ الدكتور بتوزيع الأوراق وكتبت ما أعرفه في ورقة الأسئلة قرابة 60 سؤال لم أجاوب إلا 9 فقرات تقريباً والباقي لم أتذكر إجابته، وكانت المادة طويلة جدا.

يقول : وبعد أسبوع أعلن الدكتور الأسماء والدرجات أمام الطلاب في القاعة فذكر اسمي وذكر أن درجتي ستين من ستين .

قلت في نفسي: لعله أخطأ.

وبعد الانتهاء من الدرس وإعلان الدرجات خرج الدكتور وتبعته وقلت يا دكتور : ممكن أتأكد كم أخذت بالاختبار؟، قال: ما اسمك؟، قلت له: فيصل " قال: "مبروك" ستين من ستين وفقك الله .

قلت: يا دكتور بكل أمانة أنا لا أستحق ذلك، أنا لم أحل جيدا وكيف حصلت على هذه الدرجة.

بدأ الدكتور بمراجعة الأوراق فلم يجد ورقتي من بين زملائي الطلاب ثم قال لي: اسمع يا فيصل ماذا حصل معي مع ورقتك..

أنا يوم الخميس عصراً كنت أصحح أوراق الطلاب في البلكونة فطارت ورقة مني أثناء التصحيح فمن شدة الهواء جمعت باقي الأوراق ودخلت الغرفة فخفت أن تطير باقي الأوراق ولعل الورقة التي طارت كانت ورقتك .

قلت: لا أريد أن أظلمك بشيء فأعطيتك الدرجة الكاملة وهذا من أمر الله لم يأخذ إلا هذه الورقة فقط.

يقول: قلت للدكتور بقصتي مع الوالد فضحك وقال: اسمع يا فيصل لعله كرم من الله من حسن برك بوالدك ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

الفوائد من هذه القصة: 
1- ترك هذا الشاب المذاكرة من أجل الوالد فعوضه الله في اختباره بالدرجة الكاملة.
2- دعوة الوالدين مستجابة .
3- صدق هذا الطالب وإخبار مدرسه أنه لم يستحق الدرجة .

المصدر: مقالات النجاح.. البلاغ
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 58/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 1603 مشاهدة

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,041,105