حينما دخل المدرسة قال له أبوه: ادرسْ جيدًا، كي تجد مكانك في الوظائف العامة.

حينما دخل الصف، وجد المعلم يؤكد: المميز منكم سيحصل على وظيفة عامة.

حينما تخرج من الجامعة.  

عرفَ فيها أن الشخص الذي يعين في وظيفة دائمة في المرافق العامة هو الموظف العام، ولكنه عرف السرّ في كونها وظيفة يكرم بها البعض تكريماً، ويتمناها الآباء لأبنائهم وظيفة دائمة.

تعتبر الوظائف العامة في عُرف الناس مصدر أمان، وإن قلَّ مرتبها أو ضعف تأثيرها، فقرار الفصل فيها صعب، كما أن النظام البيروقراطي في الرواتب والترقيات يجري فيها بتلقائية، أو شبه تلقائية؛ مما يحفز على بيئة الكسل، فما الحل؟

يستخدم بعض المديرين بعض الصلاحيات الممنوحة كنوع تحفيز للموظفين، كالانتدابات، خارج الدوام، أذونات الخروج، التجاوز عن الحضور المبكر فترة معينة. . مما يعطي للموظفين حوافز إنجاز وإنتاج أعلى، وهذا برأيي لا يخالف اللوائح والأنظمة، بل إنه يخدمها بالجملة.

هناك أنظمة خاصة بحجم التوظيف في كل منظمة تضبط سلالمها الوظيفية، وتضمن الحد المعقول من الموظفين في كل وظيفة، إلاّ أن هناك أنظمة خاصة باستحداث الوظائف تختلف من دولة إلى دولة، يمثل لجنتها غالبًا موظف من الوزارة المعنية في التوظيف، ومن المنظمة التي ترغب في استحداث وظيفة، ووزارة المالية.

كما أن هناك أنظمة لرفع الوظائف وخفضها، تحويرها، وإلغائها.. وغالبًا ما تستخدم هذه الأنظمة في المنظمات الناشئة، أما المنظمات التي استقرت في هياكل وأنظمة فإنها في غنى عنها في غالب الأحوال.

هناك عميلتان مهمتان ومفهومان بدآ في الظهور بقوة في السطح مؤخرًا مع الأزمات المالية والبشرية، ألا وهما: الهندرة، وإدارة الجودة الشاملة. . ويقصد بالهندرة: إعادة التفكير بشكل جذري وإعادة التصميم بشكل راديكالي لعمليات العمل لتحقيق تحسينات دراماتيكية في المعايير الحالية الأساسية للأداء مقل التكاليف والخدمة والسرعة، فيكون التغيير من الأعلى إلى الأدنى. . أما في الجودة الشاملة، فإن التغيير من الأدنى إلى الأعلى، فيتم التغيير بصورة مستمرة وبالتدريج، أي التركيز على عمليات معينة في كل مرحلة من مراحل التغيير.

وتبقى المرونة وفرص إثبات الذات في الوظائف العامة، والتغيير الإداري والوظيفي فيها. . أقل بكثير من الوظائف الخاصة أو شبه الخاصة، ولكن تبقى ميزة الأمان هناك أعلى، ويُقال: أمان القوي في ذاته.