قال في تعجب وقد أخذ نفسا عميقا كأنه توقف عن الركض : سبحان الله ماذا نرى هذه الأيام , الوجوه الحلوة دي يطلع منها كده !
وقد كنت ألاحظ أنه يقرأ احدى الصحف متابعا اخبار القبض على هذا وذاك من رموز العهد الفائت ويشير بكلتا يديه الى صورهم , وجدت في شعوره الصدق فماكان لامرء مثلي ومثله ومثلك وقت العهد السابق , وهو مشدود أمام الشاشات على اختلاف الوانها وهي تسابق بكاميراتها اخبار فلان وعلان وترتان !من تلك الوجوه ما كان ليتصور أن يحاط بها آلان بالتحقيق والحبس
أمر اجتمعت فيه دواع الزجر العام والخاص بلغة القانون , وأيقظت قيمة العدل هذه القيمة التي علاها التراب زمنا وكادت أن تطمس وتصبح مجرد لحن انشائي يصلح فقط لآهات الطرب
لاننكر أن تلك الوجوه العابسة آلان كانت وجوها براقة جميلة ناس باشوات بلغة العامي البسيط , لم يكن ليتخيل أحد أن يزج بها أو حتى أحدها هكذا تحقيقا وحبسا , نتيجة رائعة لثورة رائعة فالمال آمانة والمسئولية أمانة عبارات قوية المعنى عند الخطاب بها وعند المناسبات
غير أنها كانت مجرد حروف ينطق بها اللسان وينافق بها القلب , لاتتجاوز حناجر من يلقون بها عبثا كان أم استخفافا بالعقول
ملابس أنيقة يرتدونها , وأماكن رائعة الفخامة يحلون بها ومناسبات بمعنى وبغير معنى تلزم حضورهم , بريق الدنيا وزهوها , والناس من حولهم ما بين قائل : ياليتنا أمثالهم أو نصفهم أو ربعهم أو الى طابور من تمنيات لاتنتهي .....!
وآخرون غيرهم غلبتهم الحكمة يردون : لاتغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم الزهو والفخـار فلما خسف بهم بين عشية وضحاها ! أصبح المتمنون مكانهم بالامس يهتفون : سبحان الله , أجل ألف ألف مرة سبحان الله فهو العدل الحق
لقد كانوا الشياطين الأنيقة , وكأن الناس لم يستمعوا ولم يقرأوا قول الحق : " .. لايغرنكم الشيطان .. " و " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " , فيا من أصبت في نفسك أو مالك هاهي العبر تتــالى أمامك يوميا كالآيات فهل من مدكــر !
ساحة النقاش