الميلودراما هي ذلك النوع من التمثليات التي تزخر بالحوادث المثيرة و تتسم بالمبالغة في كل شيء قالممثلون يبالغون في التعبير عن العواطف و الانفعالات كما يبالغون في الحركات التمثيلية , لكي يؤثروا في المتفرجين وشخصية الرجل الشرير في الرواية مبالغ فيها كما أن البطل دائما كريم الخلق جميل الصورة, والبطلة دائما حسناء طيبة طاهرة النفس. وتقع في الرواية حوادث و مغامرات غير معقولة ومع ذلك تنتهي دائما نهاية سعيدة. ( هذا هو التعريف العلمي الذي أفردته الموسوعه الحره للميلودراما )
والذي يمكنا تطبيقه فيما نراه واقعيا دون تمثيل على شخصية الرئيس الليبي معمر القذافي وشخصيته التي بدت لنا من قبل جميل الطلعة والفتيات الجميلات الحارسات من خلفه والحناجر هاتفة بحياته وهانحن نعيش مع هذه الشخصية طيلة الأيام الماضية مشاهد ميلودرامية بين الفكاهه في خطاباته والدراما الحزينة من قتله للعزل من أفراد شعبه
فإذا ما سلمنا جدلا بجنون القذافي ,نتوقف إذن عن أي تحليل لما يصدرعنه فليس على المجنون حرج وتلك قاعدة شرعية وفي نفس الوقت لايؤيد التسليم بالجنون إلا تقرير طبي صريح ومن هنا ينتهي الجدل ويتوقف النقاش
والى أن نصل الى هذا الجزم أوهذا الحكم نتوقف بعض الشيئ عند كلماته وأقواله وهي عديدة جدا ونشاهد مواقفه الميلودرامية وقراراته والتي تكشف عن شخصية مستبدة والمعرفة اصطلاحا بالديكتاتورية , ومن مشاهداتنا لهذه الشخصة :
أشار القذافي في حديث إلى قناة "تي آر تي" التركية ردا على سؤال عما سيحصل في حال هذا فرض حظر جوي، ان هذا "يفيد لأن الشعب الليبي في هذه الحالة سيتجه وجهة واحدة وهي مواجهة الاستعمار الجديد والامبريالية وسيتضح أنها مؤامرة على ليبيا وعدوان على ليبيا هدفه السيطرة على نفط ليبيا". وفي هذا يعود بنا الى المخاوف التقليدية والتي لم يتحسسها أحد أثناء حكمه اللهم إن كان هو وأبناءه المستفيدون الوحيدون منأرباحها كما أظهرت من بعد الدلائل والشهود وهويصرح بها بطلاقة مبررا استبداده وتصرفه مع شعبه الأعزل آلان وأخرى :
قال إن الوضع في ليبيا مختلف عما هو عليه في تونس ومصر وغيرها، "ففي ليبيا الشعب كله معي ضد بن لادن ولكن في تونس كان الشعب ضد الرئيس وفي مصر أيضا الشعب ضد الرئيس".في تصريح أشد خبثا يستدرك فيه الغرب الذي يلعب بتركيز على هذه النقطة ويسلم بها وفي ذلك يعطي مبررا آخر لاستبداده وتصرفه الاجرامي بحق شعبه
ويقول أيضا :" "إذا نجحت القاعدة في الاستيلاء على ليبيا، فإن المنطقة بأسرها حتى إسرائيل ستقع فريسة للفوضى"، مؤكداً أن "الأسرة الدولية بدأت تفهم الآن اننا نمنع اسامة بن لادن من السيطرة على ليبيا وافريقيا".وفي هذا التصريح يستخدم عبارات الخوف على اسرائيل في تبني مقيت للسياسة الامريكية و هي أولى أن تعبر بهذا التعبير عن القذافي نفسه مما يعد توجه غير مسبوق منه تحديدا ,وفي رؤية لايغيب عنها توجيه التهمة اليه بالعمالة .
ويقول مناقضا نفسه أيضا «اذا كان الشعب الليبي يريد ان يعيش مرة ثانية تحت جذوة الاستعمار فليتفضل». ويقاطعه جمهور قليل بهتاف آخر هو «طز بأميركا وبريطانيا»، وكرر الهتاف ايضا القذافي رافعا قبضتيه في الهواء ثم غادر. وعبارة طز عبارة صبيانية نعرفها نحن المصريون جيدا وتعني أننا لاتعنينا أمريكا مهما كان , وهو تسليم مناقض لكل مايصرح به ولازال القذافي يعيش نفس الجو أو الوهم الذي كان يعيشه قبل 17 فبراير من وهم القائد الملهم والوثن الذي تكاد تسجد له الجماهير عياذا بالله ونشير الى فوضويته التي ابتكرها للعالم وكأنها الحلم المنتظر فانظر الى مافعل فمثلا :
حتـى تتميز الجماهيرية الليبية عن غيرها من الدول ألغى الوزارات وأسماها (أمانات) وشكل ما سماه (مؤتمر الشعب العام) حيث رفع شعارات أهمها (شركاء لا اجراء) و(لا ثورى خارج اللجان الثورية) و(من تحزب خان)، وعقب الغارة الأمريكية على طرابلس وبنغازى عام 1986 كان رد العقيد يومها أن أضاف صفة (العظمى) على اسم الجماهيرية وأعلن تحديه لأمريكا فى خطابه المشهور الذى قال فيه حرفيا: (نحن دولة عظمى مثل أمريكا ونقول طز فى أمريكا) , ثم شاهد ما استطعت أسلوبه في ملابسه ونصبه لخيمته المشهورة ولو استدعى الأمر أن ينصبها تحت مبنى الأمم المتحدة !! واستخدامه لحراسه من الفتيات الحسناوات , واتخاذه العصى برأس الثعبان يمسكها بيده في المؤتمرات الأفريقية واتخاذه لقب ملك ملوك أفريقيا , وتمرده على عروبته ومحاولاته سحب ليبيا من جامعة الدول العربية ولو كان بيده أمرا الهيا لحمل ليبيا فوق رأسه الى موقع آخر من الأرض بعيدا عن العرب و توقف ما استطعت عند كل مشهد ثم توقف قليلا على قول الفيلسوف التاريخي عبدالرحمن الكواكبي
حيث أشار في تشريحه لطبائع المستبد إلى أن حياته غالبا تنتهي بالجنون و"كلما زاد ظلما واعتسافا زاد خوفه من رعيته وحتى من حاشيته، وحتى من هواجسه وخيالاته. وأكثر ما تختم حياة المستبد بالجنون التام، لأن المستبد لا يخلو من الحمق قط، لنفوره من البحث عن الحقائق، وإذا صادف وجود مستبد غير أحمق فيسارعه الموت قهرا إذا لم يسارعه الجنون أو العته" وتلك هي الرؤية الميلودرامية لشخصية اسمها معمر القذافي لعلها باذن الله تنتهي بالسعادة كما هي على المسرح لصالح شعب عانى منها عقودا أربع .
ساحة النقاش