من المعلوم لنا جميعا أن شهر يانير هو بداية السنة الميلادية، وأن شهر المحرم هو بداية السنة الهجرية، ونحن نعتقد
أن شهر رمضان هو بداية السنة التعبدية لدى المسلمين وذلك لشواهد وفوائد عديدة نسوق طرفا منها:
1- أنه في شهر شعبان ترفع الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى وكأنه الحساب الختامي للعام بعده يبدؤ المسلم عاما تعبديا جديدا مع بدياة شهر رمضان ، وذلك كما ورد في الحديث الذي رواه سيدنا أسامة بن زيد (ر)ويخبرنا فيه النبي الكريم (ص) ببعض الحقائق عن شهر شعبان فيقول : (ذاك شهرٌ يغفلُ الناسُ فيه عنه ، بين رجبَ و رمضانَ ، و هو شهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين ، و أُحِبُّ أن يُرفَعَ عملي و أنا صائمٌ(صحيح الترغيب ،رقم:1022: بإسناد حسن)
2 - في شهر رمضان يظل المسلم يعمل حتى يغفر له ما تقدم من ذنوبه والتي منها ما تضمنه الحساب الختامي السابق الإشارة إليه، كما ورد في الأحاديث الصحيحة :
(من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)
(من قام رمضان أيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)
(من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)(صحيح البخاري).
3- كما يقوم رمضان بمحو الذنوب الصغيرة السابقة عليه ما اجتنبت الكبائر كما ورد في الحديث: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) (صحيح مسلم).
4- ويظل المسلم يعمل حتى يغفر له ويكون من العتقاء من النار خلال هذا الشهر الكريم ومن الفائزين بدخول الجنة، ، وذلك كما في الحديث:الذي رواه سيدنا جابر بن عبد الله (ر) :
أُعطيت أمتي في شهرِ رمضانَ خمسًا لم يُعطهنَّ نبيٌّ قبلي: ...
وأما الثالثةُ: فإنَّ الملائكةَ تستغفرُ لهم في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وأما الرَّابعةُ: فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يأمرُ جنتَه فيقولُ لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أنْ يستريحوا من تعبِ الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسةُ: فإنه إذا كان آخرُ ليلةٍ غُفر لهم جميعًا فقال رجلٌ من القومِ: أهي ليلةُ القدرِ؟ فقال: لا ألم تر إلى العمالِ يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورَهم؟
(المتجر الرابح ، رقم:132: إسناده لا بأس به
5- وأيضا يكون شهر رمضان بمثابة دورة تدريبية أو معسكرا تعبديا ياخذ منه المسلم شحنة وزادا يكفيه حتى يأتي رمضان القادم، كما ورد في الأثر (أن الصحابة (ر) كانوا يودعون رمضان في ستة أشهر ويستقبلونه في ستة أشهر) وكأنهم كانوا يستصحبونه طوال العام.
6- فإذا قصر الإنسان أو انشغل خلال أيام الشهر الأول فعليه أن يشمر ساعد الجد في العشر أيام الأخيرة ليعوض ما فات وليحصل ما استطاع من حسنات وأعمال صالحة ويؤدي سنة الاعتكاف وتكون فرصة للخلوة بربه والتفكر في خلقهكما كان يفعل النبي (ص) كما تروي ذلك السيدة عائشة (ر) فتقول:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخل العشرُ شدَّ مِئْزَرَهُ، وأحيا ليلهُ، وأيقظَ أهلهُ .
(صحيح البخاري، رقم: 2024: []
وهكذا يكون شهر رمضان بداية لفتح صفحة جديدة يصحح فيها المسلم مساره،
ويعمل على محو ما تبقى من ذنوب في صفحة عامه الماضي،
ويجتهد خلال هذا الشهر ليكون من العتقاء من النار ومن الفائزين بدخول الجنة
ويأخذ الشحنة والزاد من الإيمان والقيم والسلوكيات والأخلاقيات ما يتزود به حتى يأتي رمضان التالي
نسأل الله أن يعيننا على ذلك في رمضان وأن يجعلنا فيه من الفائزين.
ساحة النقاش