السلام عليكم و رحمة الله
انا فتاة في 18 من عمري ادرس في الجامعة و لي ابنة خال في بلد اخرى (15 سنة)، لكنها اتت لزيارتنا في الاجازة، و اكتشفت انها تعاني من قسوة امها المفرطة معها من ضرب شديد قد يكون مبرح لاتفه الاسباب و و تهزيء و شتم و تحقير، فامها تسيء معاملتها لدرجة كبيرة منذ صغرها و لا تعطف عليها او تحن عليها، لدرجة ان البنت عندما تمرض تصرخ فيها امها بانها هي السبب و انها هي التي أمرضت نفسها، خفت على الفتاة كثيرا من الانحراف فحاولت التقرب منها خلال فترة تواجدها عندنا في الاجازة بقصد احتضانها و احتوائها خشية ان تنحرف بعد ان هداها الله على يد احدى المعلمات في المرحلة المتوسطة ، فقد كانت هذه المعلمة بمثابة امها توجهها و ترعاها و تحتضنها و تكلفها باشغال و انشطة لشغل وقت فراغها في المرحلة المتوسطة و شيئا فشيئا بدات تتحدث معي و بدات اشعر بمبدى الفراغ العاطفي (وقالت لي انها كانت تفكر بالانتحار!) مما كانت تعانيه.
و امها تقسو عليها اكثر و تعاملها اقل بكثير من اخواتها
و أصبحت بنت خالي هي التي تتقرب الي اكثر فاكثر و تعتبريني اختها الكبيرة، تجلس وتنام الى جنبي و تحرص على ان تمسك بيدي كالاطفال ، كنت اشفق عليها كثيرا بسبب الحياة الجحيمية التي كانت تعيشها، فامها لا تحن عليها ابدا و تقسو عليها بأسلوب لا يصدق!!!جدا لذا كنت اضمها الى صدري كثيرا و اقبلها و احاول ان اخفف عنها ، و تحسنت كثيرا خلال مكوثها عندنا لكن حالات شعورها بالاكتئاب عادت عندما رجعت الى اهلها في البلد الاخر مع استمرار المعاملة السيئة لها، و انا لشدة خوفي عليها من الانحراف (لانها الان دخلت الثانوي و لغياب المعلمة التي كانت معها في المتوسط) اصبحت اكثف تواصلي معها بشكل كبير جدا عن طريق الايميل او الجوال و احاول ان ادللها في الاسم و بكل ما استطيع (مثلا اقول يا قلبي، حبيبتي، الخ،حتى لا تشعر بالنقص و تنحرف خصوصا و انها في مدرسة فاسدة
<!--
و هي اصبحت تاخذ بنصائحي و توجيهاتي لها لانها تحبني كثيرا و ترسل لي اخبارها دوما بالايميل
وهي الان جزء كبير من تفكيري لاني محتارة كيف يمكنني مساعدتها خصوصا و انها في بلد اخرى و لا اراها.
نريد نصيحتكم يا حضرة الدكتور كيف يمكنني مساعدتها و ملئ النقص الذي تعانيه؟ وهل انا بدوري تصرفت صحيحا معها ام لا ؟
و جزاكم الله خيرا
وأنت أيضا جزاكم الله خير الجزاء على هذه المشاعر ؟نبيلة والرغبة المخلصة في مساعدة هذه الفتاة المظلومة
والحمد لله الذي وهبنا نعمة الأحساس والتعاطف مع الآخرين ولم يجعل قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة
أختي الكريمة:
أثمن على ما قمتي وتقمين به من جهد طيب وادعوك للاستمرار في التواصل مع قريبتك عن طريق الهاتف والأميل والشات كي تملئي بعض الفراغ عندها.
- كذلك حاولي معها أن تبحث عن معلمة مخلصة في مدرستها الجديدة كي تعوضها عن الدور الذي كانت تقوم به معلمتها الفاضلة في المرحلة المتوسطة وستجد بإذن الله ؛ فالللؤؤ موجود لكن يحتاج إلى من يبحث وينقب عنه
- كذلك يمكن أن تجد من بين أصدقائها من تثق به وتفتح له صدرها تكون قريبة منها في نفس الظروف.
- ولو استطعتي أن تجدي من خلال بعض الأقارب من يبحث عن سبب هذا الرفض والإهمال والقسوة من الأم ويلفت نظر الأم إليه علها ترجع عنه فلا شك أن ذلك سيخفف عن هذه الفتاة كثيرا.
وقد رأينا أمثال هذه الحالات التي لا تستحق شرف الأمومة –إن كان ما تصف به البنت أمها صحيحا -
وقد جاء أعرابي إلى النبي (ص) وقال له: إن لي عشرة من الولد لم أقبل منهم أحدا، فقال له ماذا أفعل إن كان الله قد نزع لرحمة من قلبك
ومع كل ذلك فلا بد من وصية الابنة ببرها بأمها مهما حدث ودعائها لها، وإحسان الظن بها فإن بعض الأمهات تظن مخطئة أن قسوتها على بنتها من مصلحتها كي تتحمل المسئولية
وأخيرا فإذا كان من الصعب علينا أن نجد أناسا يقسون علينا أو حتى يظلموننا بغير ذنب اقترفناه ويزداد ألمنا حين يحدث ذلك من أقرب الناس إلينا فليس معنى ذلك أن تضيق الدنيا أمام أعيننا لإن لدينا من نلجء إليه وهو أرحم بنا من أنفسنا
فحين رأى (ص) امرأة ترفع ابنها على صدرها لتنقظه من سخونة رمال الصحراء، حين رأى النبي (ص) ذلك سأل الصحابة (ر) أرأيتم أن هذه تلقي بولدها في النار؟ تعجب الصحابة فقال لهم النبي (ص) (إن الله أرحم بعبده من هذه الأم بوليدها).
وقد أوصانا القرآن الكريم بالصبر والصلاة حين قال: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة: 153
وحين تفتح أبواب رحمة السماء تهون قسوة البشر بل ينعدم أثرها حين يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
فلتصبر ابنتنا ولتسجد لربها وتشكو حالها مع برها بأمها وسيستجيب الله دعاءها وسيكون الخير في انتظارها بإذن الله
مع خالص أمنياتي بكل التوفيق.
ساحة النقاش