<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} -->
عندما يحل شهر رمضان المبارك تشعر وكأنك في عرس أو مهرجان أو احتفال:
مهرجان كوني، وعرس أو احتفال بشري:
:فعلى المستوى الكوني
يخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) في الحديث المرفوع
عن حابر بن عبد الله :
- (. . . فإنه إذا كان أولُ ليلةِ نظر الله إليهم ، ومن نظر الله إليه لم يُعَذِّبْهُ أبداً . . . )
فبالإضافة إلى ما يحظى به العبد من شرف نظر الله عز وجل إليه في هذه الليلة
فهي نظرة فيها الرحمة والود والأمان من العذاب كما أشار الحديث.
- كذلك فإن الملائكة تستغفر لعباد الله الصائمين طوال هذا الشهر الكريم،
- وفي الحديث المتفق عليه أيضا: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)
فتقييد الشياطين فيه تيسير للعبادة على الصائم وإزالة لبعض المعوقات عن طريقه.
وإغلاق أبواب النار وفتح أبواب الجنة فيه تكريم للصائم حيث تفتح الجنة أبوابها وتتزين لعباد الله الصائمين ويخصص
باب من أبوابها لدخولهم فقط وهو باب الريان حيث يدخل النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم): (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) (متفق عليه).
وعلى المستوى البشري:
نلحظ العديد من مظاهر الزينة والبهجة بهذا الشهر الكريم فالأنوار والزينات تُرصع بها المساجد والمآذن، والألعاب وأشكال الفوانيس تستهوي الكبار قبل الأطفال، وزينات والأنوار على واجهات البيوت والمحال، وموائد الرحمان تنتشر في كل مكان، وتلحظ عشرات الفوازير والمسلسلات التي تتنافس في تقديمها مختلف وسائل الإعلام، والعديد من المسابقات التي تقوم بها المؤسسات والهيئات، وترى زحاما على متاجر الحلوى والطعام، وإقبالا على المساجد في مختلف الصلوات وفي التهجد والقيام، وتنافس وتسابق في شتى ألوان الخير والطاعات وزيارات وعزومات وسهرات وخيام، رغم أنه في هذا الشهر يحدث امتناع عن الطعام والشراب والشهوة في نهار رمضان،
فلماذا هذا المهرجان الكوني؟
ولماذا ذلك العرس البشري؟
يعطينا القرآن الكريم السبب الأساسي لذلك فيقول:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون) (البقرة: 185)
فهذا الشهر يستمد بهاءه من عظمة الكتاب الذي أنزل فيه، بل والليلة تستمد قدرها من عظمة ما أنزل فيها: (إنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر: 1-2).
وإذن فهو عرس ومهرجان على مدى شهر كامل من أجل كتاب ، ولكن ليس كأي كتاب؟
فالقرآن الكريم له مجموعة من الخصائص التي تجعل المقارنة بينه وبين أي كتاب آخر مستحيلة بل ومحاولة تقليده أوالإتيان بمثله أمر مستحيل أيضا فهو كتاب معجز من زوايا عديدة ؛ لذا فقد تحدى المولى عز وجل الأنس والجن على أن يأتوا بمثله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (سورة الاسراء .آية 88) -ثم يصعد التحدي بعد أن عجزوا أن يأتوا بمثله فتحداهم أن يأتوا بعشر سور: (...قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ...) (يونس: 38)
-ويصعد التحدي مرة ثالثة بعد أن عجزوا عن ذلك فيطلب منهم أن يأتوا بسورة واحدة: )وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)) (البقرة: 23-24)
لكن لماذا عجز الأنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بعشر سور أو حتى بسورة ؟
وما بعض الأسرار التي تقف وراء إعجاز هذا الكتاب العجيب؟
وما هي بعض أوجه هذا الإعجاز؟
هذا ما نحاول الإجابة عليه في خواطر أخرى .
وكل عام وأنتم بخير.
بقلم د. أحمد مصطفى شلبي.
ساحة النقاش