اطلعت على رسلتك وهذه نصيحتي اليكي
وردت إلينا رسالة من سيدة تشكو حالة اخيها البالغ من العمر 24سنة، فقد تعرض منذ عدة أشهر لحادثة فقد على اثرها عينيه .
باعت الأسرة معظم ما تملك ساعيين وراء العلاج لدى أطباء المخ والاعصاب الذين اخبروهم أن الحادثة قد أثرت على عينه وعلى العصب البصري لكنها بلطف الله في القضاء لم تمتد إلى أجزاء أو أعصاب آخرى من المخ .
وما زالت الأسرة تسعى وتنفق رغم ظروفهم الصعبة على أمل الوصول إلى الشفاء ونسأل الله أن يحقق لهم ذلك.
لكن أخاها قد اصيب بصدمة نفسية قاسية سببت له احباطا شديدا فهو لا يغادر الفراش ولا يريد أن يكلم أحداً ، ويصاب أحيانا بنوبات من الهياج، أرادت الاسرة أن تذهب به إلى مركز للصحة النفسية لكنه رفض حتي لا يقول عنه الناس أنه (مجنون)رغم أن هذا فهم خاطئ . أخوته حائرون والأم الدمعة لا تفارق عينها كلما نظرت إليه انفرطت دموعها على وجنتيها ، والابن لا يفارق الفراش من كثرة الاحباط والتفكير والبكاء. . وتتسأل الاسرة هل هناك حل؟
ولهذه الأسرة ولأمثالها أقول :
أتفق معكم : أن ابنكم قد حدثت له حادثة وأنه مر بأزمة شديدة لكن هذه الأزمة ليست هى نهاية العالم وليس هو أول فرد أو آخر فرد يمر بها بل أعرف أشخاصا تعرضوا لحوادث نجم عنها آثار أكبر من تلك التى يعانى منها ابنكم أعرف بعض الناس فقدوا أبصارهم وسيقانهم وآخرين اصيبوا بشلل رباعى ، وآخرين وآخرين واخرين لكن رغم أنهم فقدوا حواسهم أو بعضها إلا أنهم لم يفقدوا ارادتهم وقدرتهم على الصبر والعطاء ولا بد أن نثق أن الله حين يصيب الإنسان بابتلاء فهو يعوضه عنه فى الدنيا قبل الآخرة ، وأعرف أناساً لولا الابتلاء ما قويت عزائمهم وما تفوقوا ولا تميزوا ، وانما كانوا سيعيشون مثلما يعيش كثير من الناس يأكلون وينامون ويموتون ولم يشعر بهم أحد وهم أحياء ولا عندما ماتوا أيضاً ، لأنهم في حياتهم لم يكن لهم وجود ولا أثر ولم يضعوا بصمة لهم علي صفحة الحياة .
الأسرة العزيزة :
كفى ابنكم شرفا أنه في حالة كف البصر فقد أخذ من ربه ضماناً بدخول الجنة إن عمل لها، ففي الحديث القدسي الشريف الصحيح:
(من أخذت منه إحدى حبيبتيه فصبر لن أرضى له جزاءاً إلا الجنة) لكن علينا كأسرة ومع ذلك أن نأخذ بالأسباب ونسعى إلى كل ما أتاحه لنا العلم ، من خلال الخطوات التالية :
-الرضا بقضاء الله وقدره وإن أخبركم الأطباء المتخصصون بضعف الأمل فى الشفاء على أيديهم فعلينا أن نواجه هذه الحقيقة بلا رتوش حتى لا يظل ابننا يوقف التكيف وأي اجراء يتناسب مع ظروفه الجديدة جريا وراء أمل ربما لا يتحقق على الأقل في اللحظة الحاضرة .
- تجنب استخدام ألفاظ جارحة من قبل الوالدين أو من يحيطون به.
- إعطائه الثقة في نفسه وفي قدر اته والامل فى المستقبل
وفى الله سبحانه وتعالى .
– تقديم بعض الخدمات عن طريق شخص محدد يسهل الوصول إليه متخصص في مجال الإعاقة والوسائل المساعدة للمكفوفين .
- عدم التدليل أو الحماية الزائدة له بل وتدريبه على الاقدام والشجاعة
وعدم الخوف والاعتماد على نفسه .
- البحث عن نوع التعليم أو المهنة المناسبة له.
- تشجيعه على استرجاع العلاقات القديمة وعمل علاقات جديدة .
- الإفادة من الحواس والقدرات الكثيرة الموجودة عنده وتشجيعه على اكتشاف هواياته واستثمارها .
والى ابننا صاحب المشكلة أقول:
ارجوك يا محمد لا تستسلم للإحباط والوساوس والقلق على المستقبل ، وإنما تسلح بالصبر و قوة الإرادة والتحدي والثقة في قدرة الله تعالى
-أخرج من أزمتك واترك فراشك وابحث عن نوع التعليم المناسب لك، أو العمل الذي يتناسب مع ميولك وقدرات.
- علم نفسك بنفسك و ستجده هنا كالكثير من المتخصصين الذين يساعدونك في ذلك .
-حطم حواجز العزلة وافتح نوافذ الحوار مع أسرتك على مصاريعها أخبرهم عما يضايقك منهم وعن بعض التصرفات التي تصدر منهم وأنت تتألم أو تتعلم منها ، وكلهم آذان صاغية لك .
- اترك الخوف والتردد وتحرك داخل البيت وخارجه وستجد من يساعدك على ذلك .
- استعد علاقاتك بأصدقائك ولا تخجل من الجنس الآخر ، بصفة عامة فإن الناس لا يقيمون الإنسان على أنه بغير عين أو يد أو ساق وإنما يقيمونه على أساس معاملاته وأخلاقياته وشخصيته بين الناس .
- تناسى مشكلتك فهى ليست نهاية العالم وقد تعرض لها الكثيرون قبلك وسوف يتعرض لها الكثيرون بعدك ولست أنت أول من تحدث له حادثة ولا آخر من يحدث معه ذلك .
- ولا تنظر إلى نعمة واحدة سلبت منك ولا تركز عليها إنما ركز على عشرات النعم بلا مئات النعم التى نستمتع بها ودربها واستثمرها.
- اشترك فى بعض النوادى والجمعيات عيش حياتك استثمر ميولك وهواياتك و ثق أن الله أراد الخير لك وسيوفقك إليه
د.أحمد شلبي
Email:[email protected]
ساحة النقاش