مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

نظم أغراضك تنتظم لك الحياة ، ج4 من محاضرة للدكتور أحمد مصطفى شلبي في جمعية نور البصيرة
أنا مختلف لكني لست أقل ويمكن أن أكون أفضل ، ج3 من محاضرة للدكتور أحمد شلبي بجمعية نور البصيرة
الإعاقة ليست إصابة داخلية بقدر ما هي صناعة أسرية ومجتمعية ، ج2 من محاضرة للدكتور أحمد شلبي بجمعية نور البصيرة
محاضرة د أحمد شلبي في الاحتفال بيوم العصا البيضاء بجمعية نور البصيرة ج1
في اليوم العالمي للصحة النفسية .. الصحة النفسية مجالاتها وحاجتنا إليها
نحو مدرسة ممتعة
كيف تعد الأسرة والطالب للعام الدراسي الجديد من لقاء للدكتور أحمد شلبي مع المذيعة القديرة سماح عيسى
في ذكرى المولد النبوي؛ سورة الضحى ونمط متفرد في التدعيم والتوجيه والتأثير النفسي
إلى أي مدى يمكن أن تحقق المشاركة والتفاعل استمتاعا أكثر بالحياة؟ ؛ لقاء للدكتور أحمد مصطفى شلبي
الحرمان هل يمكن أن يكون جزءا من السعادة ودافعا للإنجاز؛ لقاء للدكتور أحمد مصطفى شلبي

 

ومن الإشارات والإضاءات النفسية  التي تضمنتها هذه السورة الكريمة :

1-       أن عنوان السورة وبدايتها يحملان على التفاؤل والاستبشار بذهاب العسر وانشراح الصدر لمن يقرؤها ويتدبرها ويعمل بما تطلبه منه؛ (ألم نشرح لك صدرك ) (الآية الأولى)

2-      كذلك فإن جميع المعاني التي تضمنتها السورة هي معانٍ نفسية تربوية  في المقام الأول.

3-      إن سياق السورة يصل بين خبرات الماضي ، والموقف الحاضر ، والمطلوب في المستقبل؛

- فهي تذكر النبي الكريم (ص) وكل مؤمن ببعض نعم الله عليه التي مرت به في الماضي وبخاصة في المواقف الصعبة

- وتتخذ منها دليلا وتأكيدا على انكشاف العسر الذي يمر به في الحاضر

- ثم ترسم له نهجا واضحا إذا سار عليه يضمن له دوام زوال هذا العسر في المستقبل ، ويكون هذا النهج هو آخر ما تستقبله الأذن من هذه السورة الكريمة وهو ما يساعد على التركيز .

(فإذا فرغت فانصب ، وإلى ربك فارغب) (الآيتان 7-8).

 

4-            وقد استخدمت السورة أسلوبا فريدا في الإرشاد والتوجيه النفسي يمكن أن نطلق عليه (أسلوب الإرشاد العقلاني الانفعالي لحواري  الحاني ) : فلو سار سياق السورة على الإرشاد المنطقي فقط فكان سيتدرج على النحو التالي:

لقد وضعنا عنك وزرك ، الذي أنقض ظهرك

مما ترتب عليه انشراح صدرك وارتفاع ذكرك

ولذا فلا بد أن تقتنع بأن مع العسر يسرا

والمطلوب منك أنك إذا فرغت أن تنصب ، ولربك أن ترغب.

وبطبيعة الحال فليس هناك مجال للمقارنة بين الأسلوبين ؛ 

# فوضع الوزر وشرح الصدر أمور انفعالية والمناسب لها أن تستخدم أسلوبا عاطفيا انفعاليا أيضا وليس أسلوبا منطقيا فقط فلغة الانفعالات والعواطف تحتاج إلى لغة مماثلة فيها القرب والحنو –كما نشهد في السورة الكريمة- وليست منطقية فقط،

# وتلمس هذا القرب في استخدام الاستفهام الحاني ،والذي يتطلب الرد من المتلقي حيث بواسطته يتم نوع من التخفيف الانفعالي عنده

# كما تلحظه في استخدام ضميري المخاطب (الكاف؛ صدرك وزرك...) (والتاء؛(فرغت) 

# كذلك في استخدام لفظة (ربك ) أي المربي لك والقريب منك 

#  وفي استخدام نون العظمة والقدرة (نشرح ، ووضعنا ، ورفعنا)والتي تشير إلى أنه لا يقدر على ذلك إلا الله القادر العظيم، 

# وأيضا في التأكيد المتكررعلى انقشاع هم العسر أمام فرحة شرح الصدر والذي أشرنا إليه في المقال السابق.

 

5- ومن الوسائل والفنيات التي استخدمها هذا الأسلوب المتفرد في الإرشاد ؛ الأخذ من خبرات الماضي ما تم إإنجازه منها بالفعل (كانشراح الصدر بعد ضيقه ، وتخفيف الحمل بعد ثقله ، وارتفاع الذكر بعد خفوته ) اتخذت من ذلك تذكيرا وتأكيدا وسبيلا لاجتياز أزمات الحاضر وانفراج الضيق وانكشاف العسر ، ولم تكتف بذلك بل رسمت بعض الوسائل لتجنب ذلك في المستقبل كما سبق الإشارة.

6        كذلك اختارت من خبرات الماضي ما هو أصعب مما كان يمر به النبي (ص) والفئة المؤمنة في حاضرهم وهو العسر ،وبطبيعة الحال إذا نجح الإنسان في اجتياز الأصعب فسيكون من اليسير عليه اجتياز الأقل صعوبة .

7-      وأيضا انتقلت السورة مع المتلقي من الخبرات المتفق على اجتيازها بنجاح في الماضي كتخفيف الحمل الذي أنقض الظهر إلى الخبرات المطلوب اجتيازها في الحاضر ولم يتم اجتيازها بعد (تجاوز العسر) واستخدم السياق أسلوب الاستفهام الذي يفيد التقرير والذي يتطلب الحوار والرد من المتلقي؛ (ألم نشرح لك صدرك) وكأني بالمتلقي يجيب (بلى) ... إلى (ورفعنا لك ذكرك) فيجيب المتلقي (نعم) فإذا اتفقنا على أن ذلك قد حدث فأيقن بانفراج العسر في الحاضر كما حدث ذلك في الماضي.

وكمثل تقريبي (ولله المثل الأعلى)؛ عندما يذهب المريض إلى الطبيب الذي يقوم بعلاجه ويطلب منه التخلص من بعض الأعراض التي لا يزال يعاني منها فيذكره الطبيب ببعض الأعراض التي تم الشفاء والتخلص منها ويؤكد له أن باقي هذه الأعراض سيتم التخلص منها بإذن الله إذا أخذت الدواء أو سرت على الإرشادات المطلوبة ، هنا يكون المريض على ثقة من انتهاء الأعراض الحاضرة كما انتهت الإعراض السابقة.

 

8-     وإذا كان هذا من حيث الكيف ، فمن حيث الكم قد أشارت السورة إلى العديد من المواقف التي تم اجتيازها في الماضي وكان نتيجتها (انشراح الصدر) ولم تكتف بذكر موقف واحد  وهو أدعى إلى زيادة الطمئنينة في نفس المتلقي ، وربك الذي أعانك على اجتياز هذه المواقف وغيرها -وإذاعددتها فستجدها كثيرة- هو قادر على أن يعينك على الموقف العسير الذي تمر به الآن فتخرج منه بزوال الكرب ورفع الذكر كما حدث في المواقف السابقة.

9-      كما أن في ذلك  إشارة إلى فضل الله على الإنسان وكرمه معه ، وهو يزيد من الطمئنينة في نفس المتلقي أيضا .

 

10-  وأيضا تلفتنا السورة إلى أسس 5 للراحة النفسية ، وهي :

-           انشراح الصدر واطمئنان النفس،

-           راحة الجسد

-           التقبل والحب والتقدير من الناس،

-           العمل الدؤوب.

-           الرغبة إلى الله والالتجاء إليه .

أ‌)        فنحن نلحظ في القسم الأول من السورة تقديم شرح الصدر على وضع الوزر كما هي عادة التعبير القرآني حيث يبدأ بالإشارة إلى السلوك الظاهر ثم يغوص في ما وراءه من انفعالات ودوافع ؛ (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ... وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى ... (الليل؛5-10 )

كذلك يلفتنا إلى أن حالة الفرد عند استقبال البلاء أهم من وقوع البلاء نفسه ، وهو ما يشير إلى أهمية الحالة النفسية للفرد قبل وعند وبعد استقبال الابتلاء.

ب) وتشير الآياتان (2-3) إلى تأثر الراحة الجسدية للإنسان بالحالة النفسية له ؛ فحمل الوزر أمر نفسي ومع ذلك فقد أتعب الظهر وأثقله.

ج) كذلك تأتي الإشارة إلى رفع الذكر تأكيدا من الخالق الخبير على حاجة الإنسان السوي إلى أن يكون محبوبا ومتقبلا ومقدرا من أسرته وقومه ومجتمعه.

د) فإذا تأملنا الآية السابعة نجد أن الخالق العظيم قد طلب من المتلقي عدم الفراغ ، ولا يخفى ما للفراغ من آثار نفسية ضارة على الإنسان العادي من الفكر والغم والهم لذا طلب منه العمل بل والعمل الدؤوب قدر الاستطاعة.

ه) وفي الآية الثامنة أمده بقوة إضافية من عون الله تبارك وتعالى عندما يقصد المتلقي وجهه ويستعين به هذه القوة تذهب عن الإنسان الشعور بالضعف وتمده بطاقة نفسية فضلا عن عون الله المستمر له.

واستخدام لفظة (ربك) ترشده إلى أنه لن يستعين بغريب عليه وإنما بمن رباه وتعهده ، وضمير الكاف في ربك يشير إلى خصوصية العلاقة بين العبد والرب الكريم، كما أن تقديم الجار والمجرور في أول الآية يشير إلى أن الرغبة لا تكون إلا إلى الله وحده.

كل هذه المعاني وغيرها كثير تتضمنها السورة الكريمة التي تتكون من 8 آيات تشتمل على 27 كلمة فقط؛ (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) (الكهف ، 109).

(وللحديث بقية).

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 110 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2023 بواسطة mostsharkalnafsi

ساحة النقاش

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

362,739