الفكرة المجنونة في رواية
"اعشقني"
سناء الشعلان
جميل جدا أن نجد نصوص تتجاوز المنطق وتتفوق على العقل، فالرواية تطرح فكرة مجنونة، هناك "عقل/دماغ "باسل المهري" يوضع في جسد الفتاة "شمس" والتي تكون حامل بجنين طفلة "ورد" وهناك حبيبها "خالد" ضمن هذا الشخصيات المتوحدة في جسد "شمس" تجري احداث الرواية "باسل المهري" غير راضا عن وجوده كعقل في جسد امرأة فهو يشعر ويحس كذكر في جسد أنثى، حتى أنه يرفض الفكرة ويتعرض لحالة من الاضطراب في البداية، لكنه يتكيف معها لاحقا، ونجد جسد "شمس" التي تأخذنا إلى ماضيها الجميل وعلاقتها مع الحبيب "خالد" والكلمات الناعمة التي قالها متغزلا بجمالها وجسدها الشهي.
من خلال جسد "شمس" وعقل "باسل" تدور احداث الرواية التي تتحدث عن علاقة المرأة بالرجل، فتتذكر "شمس" كلماتها لحبيبها "خالد" "أنا الجسد الذي يشتهي الحرث الآن كي تتبدل ذراتي" ص211، وهناك الكثير من هذه العبارات التي قالها "خالد" لها، "أريدك ناعمة أمامي ومتوحشة في الفراش" فالراوية استخدمت هذه الطريقة لتخترق جداران المحرم والمحظور الذي يمارسه المجتمع، فجدت حرية مطلقة في هذا الشكل من الطرح.
يستوقفنا حالة وجود عقل رجل في جسد امرأة، وأيضا تحويل الجنين من طفلة إلى طفل، فهل أرادت الرواية بهذا التشكيل والتنوع أن تلغي فكرة الفروق بين الذكر والأنثى؟، أم أنا أرادت أن تقول أن (عقل الذكر) يمكنه أن يتعايش في جسد (أنثى) ويتكيف معه مستمتعا به؟، تبقى الرواية بحاجة إلى وقفة أعمق ولا بد من التوقف عند كل الكلمات والمشاعر التي أبداها كلا من العقل "باسل المهري" والجسد "شمس" خاصة في الصفحات 181 - 188 لكي نقدر أن نفتح فجوة في النص الروائي، لنتمكن من الوصول إلى الفكرة/الهدف/الغاية من هذا الطرح.
كما أن تكرار ذكر "المخابرات" في أكثر من موقف في الرواية، يشير بطريقة ما إلى حالة القمع التي تتعرض لها الراوية، وكأن الخوف من هذه الأداة يلاحقها حتى في عام 3100م، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن الرواية بحاجة إلى وقفة متخصصة وأعمق لكي نتمكن من الوصول/تفسير/تحليل ما تحمله من أفكار.
الرواية من منشورات الوراق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2012.
نشرت فى 29 إبريل 2018
بواسطة magaltastar
- حوار مع عشتروت فلسطين سفيرة السلام والحرية
الشاعرة والمطربة الكبيرة شادية حامد -
أجرى الحوار :- حاتم جوعية - المغار - الجليل - فلسطين
شادية حامد أو عشتروت فلسطين شاعرة وفنانة وباحثة من حيفا , خريجة بوسطن الولايات المتحدة , حاصلة على ماجيستير في ادارة المرافق الطبية والتمريض تعمل في احدى العيادات التخصصية لأمراض السكري, كما تتابع دراستها للدكتوراه في الأدب العربي والنقد. لها اصداران شعريان بالإضافة إلى دراسة حول الشعرية.
متيمة – مجموعة شعرية صادرة عن دار الكلمة نغم الاسماعيلية مصر
عرافة في أزقة الرباط – مجموعة شعرية صادرة عن دار الوطن الرباط المغرب
أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود – دراسة صادرة عن دار مرسم الرباط المغرب.
1- تبادر الى اسماعنا أن عشتروت فلسطين قد شاركت في نشاط ثقافي يتعلق بموضوع السلام في ايطاليا ..حبذا لو تحدثينا عنه
نعم في عام 1915 وكوني عضوة في البرلمان العالمي للأمن والسلام في ايطاليا , دعيت لمشاركة شعرية في يوم الثقافة الوطني وهو مهرجان عالمي في ايطاليا ترعاه اكاديمية جوزيفي بيتري برئاسة البروفيسور الطبيب جومبينو جوفاني في مدينة باليرمو في جزيرة صقليا , بالمشاركة مع مؤسسة الزيتونة برئاسة الدكتور الفلسطيني صلاح محاميد , تم تنظيم هذا المهرجان بحضور مئات من الاكاديميين والساسة من بينهم وزراء واصحاب فكر في مدينة المائة مئذنة .
ومن الطبيعي أن يكون الشعر حاضرا كعاملٍ للتآخي والسلام بين الشعوب الى جانب سائر الفنون كالموسيقى والرقص التعبيري والمسرح .
وكانت مشاركتي الشعرية باللغة العربية , مرفقة بترجمة ايطالية قرأها الدكتور صلاح محاميد على اسماع الحضور , فقام رئيس البرلمان وقلدني ميدالية الأمن والسلام .
2 – أنت حصلت على لقب سفيرة السلام والحرية ...كيف تم ذلك ؟
قبل أيام عُدتُ من مشاركتي الأخيرة في المغرب حيث تَسَنَّت لي جولة أنشطة شعرية مكثفة الأصبوحات والامسيات في عدة مدن مغربية : الدار البيضاء , عين السبع , مراكش ,الصويرة, آسفي, اقليم الحوز , آيت اورير, آيت دي فاسكا , بدعوات كريمة من جمعيات ثقافية مختلفة لدى المجتمع المدني المغربي.... كانت من بينها دعوةِ من الاتحادين :- الاتحاد الدولي للمبدعين , واتحاد المبدعين في المغرب , للمشاركة بأمسية شعرية كبرى كان من المُزمع تكريمي بها الى جانب الأديبة المغربية العملاقة (خناتة بنونة ) وهي قامة أدبية مميزة لها أياد بيضاء فقد سبق أن تبرعت بكل ما تملك للشعب الفلسطيني , بما في ذلك ريع جوائزها في الأدب . في هذه الأمسية التي اتخذت لها مسرحا في منطقة الصخور السوداء بالدار البيضاء والتي نُظَّمت كتعبير عن التضامن مع الأسير الفلسطيني وحقه في العدل ,و كاحتفاء بالإصرار على نيل الحق والحرية وكتعاطف مع رغبته الصادقة في الحلول السلمية والرغبة بالتعايش بين الشعوب, كنت أقف على الخشبة في نهاية كلمتي حين فاجأني الاتحاد بحصولي على هذا اللقب " سفيرة السلام والحرية " للحق لم استوعب في بادئ الأمر, كانت الفرحة عارمة , لكنها غمرتني حقا حين أدركت منحها لي كتقدير
" للجهود المبذولة من طرفكم لإنجاح وتعزيز ثقافة السلام والعدل والحرية والقضايا الانسانية" , هذا ما جاء حرفيا على لسان المبادرة الدولية للقيادات الانسانية لسفراء السلام والحرية لدى هيئة القانون والنظام حين منحتنا هذا اللقب .
3 – هل حصل الكثيرون على هذا اللقب ؟ خاصة في فلسطين ؟
اتوقع أن هنالك اسماء عديدة لسفراء سلام حول العالم قد لا اعرفها جميعها لكن اعرف أن من بينها الدانماركي سورن فيبب بيترسون رئيس مؤسسة السلام والصداقة الدولية , والسيد جوفاني جومبينو رئيس البرلمان العالمي للأمن والسلام في ايطاليا , أما في فلسطين , فهنالك على سبيل المثال الفنان المتميز محمد عساف والذي تم تعيينه بالأحرى : سفيرا للإنسانية وللنوايا الحسنة , وهي كلها نوايا جميلة تصب في مسرب السلام... فمن منظوري المتواضع استطيع أن أرى في كل من يحمل في فنه او علمه أو اجتهاده أو نضاله رسالة تدور حول القيم الانسانية النبيلة كالحرية والعدل والمساواة , وينقل صورة صادقة عن هموم أمته سواء عن معاناتها , أو عن أمجادها وكل ما يشرفها بين الشعوب , أرى فيه سفيرا للسلام , ويستحق أن يتجمل بهذا اللقب.
4- نسمع أنك تسافرين على الدوام الى الخارج , خاصة إلى المغرب , لماذا المغرب بالذات ؟
منذ ما يزيد عن عقد من الزمان تقريبا عدت إلى اهتمامي بالنشاطات الشعرية والفنية المحلية منها والعالمية , بعد انقطاع دام لسنوات , وبالتالي وجدت نفسي اندمج في هذا العالم الثقافي الرحب الذي لا ساحل له . وبالفعل أتيحت أمامي فرص عديدة للمشاركة بلقاءات ومهرجانات شعرية وغنائية على حد سواء وفي مختلف انحاء العالم كسويسرا ,النمسا, المانيا, بريطانيا , المغرب, السويد , الدانمارك , ايطاليا , صحراء سهارى ....بالإضافة الى أمسيات خاصة نظمتها الجاليات العربية هناك . لكني وللحق سُحِرت بالمغرب ! سحرت بهذا البلد العجيب , وربما حلّت علي فتنته الجميلة كما يقال ,إذ لا يمكن أن تزور هذه البلاد وأن تُفلِت من سحرِها , فقد وجدت فيها منابع للأصالة والعراقة ولاحظت أن أعظم سماتها : البساطة والتقليدية , ناهيك عن المكاتب الاسطورية المكتنزة بعلوم اللغة والشعر والادب , فوفّر لي منبرا شعريا جميلا حيث تجلّت أمامي مداخلاً لا حصر لها لآفاق ثقافية بديعة, وانفتاح على حضارات وثقافات عالمية, كون هذا المكان زاخراً بالتعددية العرقية والإثنية والدينية بكل ما تشمله من ثقافات ولغات ولهجات وطقوس وعادات ولباس وطبخ وأغاني وطبيعة خلابة ....الخ
5 – هلا نقلت لنا بعض النكهات المغربية ؟
للمغرب طبيعة آسرة, خلابة تختلف وتتباين باختلاف المناطق والمدن فالبلاد رحبة وفيافيها ومفازاتها وجبالها وصحراءها , شاسعة وممتدة ومن الممكن جدا ان تتجمد من البرد في شفشاون الزرقاء أو ايفران حين يتأفف الأخرون من الحر في مراكش
المغرب بلد متعدد في مكوناته القومية والسكانية واللغوية والثقافية، نتيجة ما مر عليه عبر التاريخ من عناصر بشرية متعددة ومتنوعة , كالفينيقيين واليهود والرومان والعرب والأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى, فكل هذه الشعوب كانت تترك بعضا من موروثها مما أضفى ثراءً على جوِّها الثقافي من حيث اللغات والمعيش والديانات والمأكل والملبس....فلكل مدينة طابعها وطبيعتها وعمرانها وأسواقها وطبيعة أهلها , إذ يخيل للزائر أنه وسط احدى أساطير الف ليلة وليلة ,وهو يمشي وسط أزقتها وخلف أسوارها ولا يعلم أن ما خفي عن عينيه وراء بساطتها أعظم من الخيال , فكم من قصر يختبئ وراء اضيق الأزقة وكم من حدائق غناء تحجبها الأسوار .
ولا غرو في أن يضم المغرب عددا من مواقع التراث العالمي وهي معالم قررت لجنة التراث في اليونسكو ادراجها ضمن مواقع التراث الدولية. كمدينة فاس القديمة على سبيل المثال بأزقتها الأسطورية ,أو الموقع الأثري في وليلي او ساحة جامع الفنا الشهيرة , ومراكش العتيقة .
ولا بدّ للزائر في المغرب ألا أن يحتفي بعرس الحواس ,فحيثما جال بنظرة , ترقص أمام عينيه الألوان الزاهية بكل شيء , الأزياء المساكن الأواني لوحات الرسم الأحذية التقليدية القفف أزقة الأسواق الزاخرة بما لا يُرى إلا في الأحلام ,ثم المذاقات التي لا تنسى في الأشربة والكعك والأطعمة كالطاجين والكسكس والطنجية المراكشية , والرفيسة والبسطيلة .فالمطبخ المغربي يعتبر المطبخ الاول عربياً وافريقياً والثاني عالمياً بعد فرنسا .أما الروائح والعطور فقصتها قصة هي الأخرى فحيثما تحل تداهم ذائقتك عطور الورد والزهر فالمغرب مشهور بتقطير الورد واستخلاص عبيره وشذاه خاصة في مدينة قلعة مكونة الشهيرة الواقعة في جبال الأطلس التي تهتم بزراعة الورد , والتي تقيم سنويا في موسم التنوير مهرجان الورد تختار به ملكة جمال الورد لذلك الموسم حيث تعم المدينة قوافل من الزائرين والسواح.
وفي المغرب لغتين رئيسيتين : العربية والامازيغية والتي تشمل ثلاث لهجات تاريفيت تاشلحيت وتمازيغت وبالتالي فهنالك موسيقى متنوعة كموسيقى الراي, والركادة .والعرفة, والطرب الغرناطي والاندلسي ,والعيطة , والدقة المراكشية , والطقطوقة الجبلية, والقناوة. ثم باختلاف الموسيقى تختلف الآلات الموسيقية فهي متعددة ومتنوعة كالبندير والوترة والكنبري والكنبوز والرباب والنفار والمزمار.
6 - أنت شاعرة وأديبة وفنانة لك مشاركات دائمة في مهرجانات الشعر وتبادل الحضارات في العالم ، كيف ترين نفسك سفيرة ؟ وكيف ترينها كشاعرة ؟
أرى في هذا اللقب شرفا رفيعا قلما كنت أحلم به وأنا الانسانة البسيطة , التي نشأت في حيفا مدينة التعايش الابدية , في جو من التعددية الجميلة , إذ يكفي انتماء لقب كهذا للإنسانية ,حتى يضفي بُعدا سماويا على وجودي ككائن ,وعلى حرفي كشاعرة , الحرف الذي بات الآن أكثر مسؤولية عن مضامين الرسالة التي يحملها , فالشاعر ليس إلا وجدان أمته , وضميرها , وعقلها , إن لم ينهض هو بأعبائها وهمومها ومعاناتها فمن يفعل ؟
الشاعر الحقيقي بنظري هو من يتبنى القضايا التي تتجاوب مع هموم اهله ومجتمعه وامته وانسانيته, خاصة عندا يلمس بوادر طغيان وقهر وظلم , أو يلتقط بذبذبات احاسيسه وعقله كل ما يكبل العدل والحرية ,لا بل كل ما يفرض عليه كمثقف او صاحب كلمة أو أديب أو مفكر ستارا قصريا من الصمت والإذعان ,آنئذ عليه أن يتشبث بقوة الحرف في مواجهة أي رياح تعصف في وجه كل ما يخدش قيَم الانسانية والعدل والمساواة والسلام .
إن القوة التصويرية للغة الشعر , لها سلطانها القوي على النفوس والعقول , ولو استخدم الشاعر الادوات التي حباه الباري بها لاستطاع أن يصمم الفكر والشعور على اكمل وجه ,وأن ينشر ثقافة الانسانية والتسامح والتعايش , موفقا بين اللفظ والمعنى ,حتى تصل رسالته الى وجدان كل فرد , وأظن أن هذا ما حدث مؤخرا في مشاركتي الأخيرة في مهرجان تبادل الحضارات الذي اقيم في المسرح الملكي بمراكش حين نودي علي كسفيرة للسلام بإلقاء كلمة أمام حضور ثقافي وفكري أو بالأحرى وزاري من مختلف دول العالم ,كالأرجنتين والاوروغواي وتشيلي والباراغواي والسعودية وقطر والدانمارك ومصر والاردن والمغرب والصحراء المغربية وغيرها.... فقمت وقلت ما أملاه علي ضميري وما أسعفتني به لغتي , لأجد حماسا من الحضور قد لا أجيد وصفه , ودعوات ليست بالقليلة لمشاركات شبيهة في كل دول العالم الذي كان حاضرا , ومن بينها الدعوة الكريمة لمهرجان البيعة لنصرة ملك المغرب : جلالة الملك محمد السادس في مدينة مراكش والتي وجهها الي الشريف مولاي يوسف من خدام الاعتاب الشريفة في الديوان الملكي.
7 – هل صحيح أنك أصدرتِ مؤخرا كتابا عن هجرة المغاربة اليهود ؟ حدثينا عن الكتاب ....
نعم صحيح , لقد صدر الكتاب مؤخرا وبالتحديد في نهاية فبراير 2017 عن دار مرسم في الرباط المغرب , حين استلمت أول نسخة منه في معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء . حيث تم حفل توقيعه في بهو وزارة الثقافة المغربية في المعرض بحضور نخبة من المثقفين والنقاد.
وهو عبارة عن دراسة تدور حول شعرية اليهود المغاربة الذين هاجروا الى أرض فلسطين حاملين معهم موروثهم الثقافي والاجتماعي من بلاد المغرب أي من ظل حضارة عربية اسلامية ليلتقوا بالثقافة الاسرائيلية الغربية, وما نتج عن هذا اللقاء من صدام حضاري أثَّر فيما بعد على تطور شعريتهم . عَمِل على تقديم الكتاب البروفيسور المغربي د. احمد شحلان من دار الحديث الحسنية , المتخصص بالعلوم التوراتية ويهود الاندلس , خريج جامعة السوربون في باريس .
وتكمن اهمية هذا الكتاب في مواكبته لمراحل تطور الصوت الشرقي داخل المشهد الشعري العبري الاسرائيلي على مدى ثلاثة عقود ,اي على مدى ثلاثة أجيال للهجرة ورصد ميزات وخصائص الشعرية في كل جيل . جاء الكتاب في خمسة فصول ,حيث تحدثْتُ في الفصل الاول عن صِدام المفاهيم الشرقية عند لقاءها بالثقافة الغربية المهيمنة ( اليهود الأشكناز ) , والفصل الثاني يبحث في الايديولوجية والسياسة وتأثيرهما في الشعرية الشرقية , كما يخوض الفصل الثالث في تعريف الصوت الشرقي والهوية الشرقية وتشكلها ومفاهيمها , ثم يأتي الفصل الرابع ليكشف لنا عن نقاط التحول السياسية والاجتماعية "وانتصار " الصوت الشرقي ويعرض الأربع نبرات الخاصة بالخطاب الشرقي , ثم وفي النهاية يُعرِّفنا الفصل الخامس على الشعرية الشرقية وتنوعها الايديولوجي والسياسي وركائزها وخصائصها .
جاء الكتاب في 232 صفحة من القطع الكبير , حيث تصدرت غِلافَه لوحة لفتاة مغربية يهودية ترتدي القفطان المغربي الخاص بالجالية اليهودية , لما يحمله من خصائص ومعاني. وحاليا تتم ترجمة الكتاب من العربية الى الاسبانية والانجليزية.
8 – سبق أن زرت المغرب مرات عدة , واطَّلَعت على المشهد الثقافي عن كثب , هلّا نقلت لنا بعض الانطباعات ؟
يعتبر المغرب تربة خصبة أنشأت ما لا يحصى من العقول البارزة على مستوى الساحة الثقافية الوطنية والدولية , فللمثقفين المغاربة باع طويلة في مختلف مجالات الفكر واللغة والأدب والشعر والفنون والموسيقى .بل هنالك حالات من النبوغ شيِّدت صرح المغرب الثقافي والفكري أذكر منها على سبيل المثال :- محمد عابد الجابري، المهدي المنجرة، ومحمد عزيز الحبابي ، أحمد الريسوني، عبد الله العروي , وغيرهم.....مثقفين نشأوا في محاضن أمتهم وارتبطوا بقضاياها وهمومها، واستطاعوا أن يصمموا رؤاهم من خلالها .
وبالطبع لا تقل عنهم منزلة بعض الاقلام الشعرية :- علال الفاسي , عبد المجيد بن جلون , عبد الكريم الطبال , محمد السرغيني , محمد بنطلحة , عبد الله راجع , محمد الخمار الكنوني , مليكة العاصمي , عبد الرفيع الجواهري , محمد بنيس, حسن نجمي , محمد الاشعري وغيرهم كثر......
كما يلاحظ كل من يقترب من مجال الفنون في المغرب , هذا الكم الهائل من الابداع والتميز , في شتى المجالات كالرسم والفنون التشكيلية بكل مدارسها وانتماءاتها , وتنوع المعارض وتعدد النشاطات الثقافية التي تدور حول مواضيعها وهنالك اسماء بارزة اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شفيق الزوكاري , بنيونس عميروش , عزيز أزغاي, عبد الرحيم التوراني, محمد بنعبدالله ,المكي مورسيا, عمر شناعي وغيرهم ...
9 – اخر نشاطاتك وانجازاتك في مجال الفن والادب
بالنسبة للغناء فهناك الآن مشروع أغنية خاصة بي وهي من كلماتي سيقوم إن شاء الله بتلحينها الموسيقي والملحن القدير طه ياسين , أما بالنسبة للأدب وبالإضافة الى المشاركات المحلية كدعوة بلدية قلقيلية للمشاركة في خيمة التضامن رفقة وكيل الوزارة الفلسطيني الاستاذ الشاعر عبد الناصر صالح , فقد شاركت مؤخراً في مهرجان الشعر في فينيسيا بإيطاليا في دار الاوبرا تلتها كما سبق أن ذكرت : جولة شعرية في مدن المغرب لأجل الاسير الفلسطيني , كما شاركت كسفيرة للسلام والحرية في مهرجان تبادل الحضارات في مراكش , من أجل التعايش طبعا , ومن المزمع قريبا مشاركتي في خيمة التعايش في عاصمة اسبانيا مدريد , كذلك مشاركة قادمة في يوليو القريب في مهرجان البيعة لنصرة جلالة الملك محمد السادس في المغرب . وسوف تليها مشاركة اكاديمية في جامعة مدريد تدور حول كتابي الاخير " أثر الهجرة في شعرية المغاربة اليهود" .
10 – كلمة أخيرة تحبين أن تقولينها
في الختام ومن هنا , لا أجد بدّا مما في نفسي من رغبة , إلا أن أتوجه بالعرفان لأساتذتي في حيفا , الذين صاغوني على ما انا عليه, من حب للعلم وشغف باللغة, بل وبكل ما يضرب جذوره العميقة بوجودي من قِيَم انسانية لطالما دأبوا على غرسها بنا , وعلى رأسهم الشاعر الاستاذ رشدي الماضي الغني عن التعريف , والذي لولاه لما وجدت نفسي اسلك طريق الشعر , فهو الذي غرس بي حب اللغة العربية رفقة الاستاذ جريس خوري معلم اللغة العربية المخضرم , الذي قلما كان يبتسم..... وما كان غياب ابتسامته , الا حافزا لاجتهادي , كذلك الاستاذ جريس خوري الآخر حفظه الله , لكم جميعا مدينة أنا .....أطال الله في أعماركم وعطائكم.
( أجرى اللقاء : حاتم جوعيه -المغار – الجليل )
( الشاعرة والمطربة الكبيرة شاديه حامد مع الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه )
( الشاعرة والمطربة الفلسطينية الكبيرة شاديه حامد سفيرة الراية المغربية )
نشرت فى 25 إبريل 2018
بواسطة magaltastar
-لقاء الشَّاعرة والأديبة السورية العربية الكبيرة " ليلى غبرا "–
( الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه ) ( الشاعرة السورية ليلى غبرا )
( أجرى القاء : حاتم جوعيه - المغار- الجليل - فلسطين )
مقدمة وتعريف ( البطاقة الشخصيَّة :
ج- ليلى كامل غبرا
مواليد عام 1971 -
متزوجة
سوريا – السويداء
أكمل دراستي بفرع الإعلام
لست مرتبطة بعمل
من الهوايات ..الكتابة والرياضة .
سؤال 2 ) حدِّثينا عن مسيرتكِ في عالم الشعر والأدب منذ البداية إلى الآن وأهم المحطات في هذه المسيرة ؟؟
وكيفَ كان التشجيع والدعم في البداية وهل كانت هنالك عراقيل وصعوبات أمام انطلاقتكِ الأدبيَّة ؟؟ ج- مسيرتي بالبداية كان حبي لمادة اللغة العربية كبيراً وأخذت اهتم فيها اكثر من باقي المواد.
كتبت بعض الخواطر الصغيرة ولاني فوضوية بكتاباتي لم اهتم بتجميع تلك الخواطر والنصوص وخاصة بعد الزواج تركت الكتابة وتفرغت لتربية أطفالي..
لكن بعدما كبروا الأولاد لم أتوقف وعدت للكتابة والمتابعة وأعادة ما فاتني من كتابة شعر وخاطرة
والمشجع كان وراء كتاباتي على مستوى المحيط هو زوجي وأولادي وبعض الاصدقاء الرائعين .
.
سؤال 3 ) كم كتاب أصدرتِ حتى الآن وما هي مواضيع هذه الكتب ؟؟
ج- كما قلت لك كوني لأزال بالبدايات
أصدرت كتاب أبجدية أنثى الياسمين
وكتاب خبايا الليل قيد الطباعة
سؤال 4 ) كيف كانت ردودُ الفعل لإصداراتكِ الشعريَّة ( المجموعة ) من قبل وسائل الإعلام والنقاد والأدباء والناس بشكل عام ... وهل كتب أحدٌ من النقاد والادباء عن هذه المؤلفات؟
ج- بالنسبة للردود كانت إيجابية
اما النقاد لم يطرق الباب احد من النقاد
اتوقع لان الكتاب مازال حديثا ً
سؤال5) هل أقيمَ لكِ أمسيات وندوات تكريميَّة تقديرا لجهودِكمِ وعطائكِ الإبداعي المتواصل شعرا ونثرا ؟؟
ج - شاركت بعدة أمسيات وفعاليات وطنية .وكانت جميعها محلية
سؤال 7 ) المهرجانات والندوات الشعريَّة والثقافيَّة التي شاركتِ فيها : محليًّا وخارج البلاد ؟؟
ج - كانت كلها محلية
ولكن قريباً لي مشاركات خارجية وصلتني عدة دعوات ان شاءالله سأكون موجودة فيها
سؤال 8 ) المواضيع والقضايا التي تعالجينها في كتاباتكِ ؟؟
ج - مواضيع اغلبها اجتماعيه الشيء الذي يكون الأقرب ويلامس هموم الناس.
سؤال 9 ) عدا الشعر هل تكتبين النثر والألوان الأدبيَّة الأخرى : (مقالات، قصص وخواطر ودراسات .. إلخ ) ..؟؟
ج - نعم عندي محاولات لبعض الأجناس الأدبية مثل ق ق ج القصة القصيرة جداً
والهايكو وحصلت على عدة جوائز بكتابتها
سؤال 10 ) رأيُكِ في مستوى الأدب والشعر اليوم ومقارنة مع المستوى الذي كان قبل عشرات السنين في الدول العربيَّة ؟؟ وما رأيكِ في مستوى الشعر الفلسطيني بشكل خاص .. ومن من الشعراء الفلسطينيين الذين تحبين أشعارهم ؟؟
ج - للاسف -الحالة الثقافية والأدبية في الوطن العربي قديماً او حديثاً هي أشبه بالمومياء التي مهما كانت جميلة لكنها ستظل ميتة في النهاية بلا روح ..للأسف هكذا يعيش الوضع الثقافي ركودا وتهميشاً محزناً جداً
وبالنسبة للشعر الفلسطيني ارى رواداً يعلو المنابر رائعيين ومن امثالكم
..أستاذ حاتم ما شاء الله وهل يخفى القمر وشاعر المقاومة سميح القاسم هو من الشعراء جداً احب شعره . . .
سؤال 11 ) ما هي مفاهيمُكِ وتقويمُكِ للشعر.. ما هو الشعر الجيد والشعر الرديىء .. وما رأيكِ في كلٍّ من : الشعر الموزون والمقفّى ( الكلاسيكي أو التقليدي ) وشعر التفعيلة والشحر الحديث الحُر وأيُّهم تفضلين ولماذا ؟؟
ج 11- لكل شعر بحوره وعروضه
وكل نوع منه هو موسيقا وله لغته . . .
أقول اكثر بأن قصيدة النثر الناجحه والمعقدة تحتوى على موسيقا اضعاف ما تحتويه القصيدة الكلاسيكيه، فالقصيدة الكلاسيكيه قد تصل الى خمسين بيتا او اكثر على بحر واحد موسيقاها تطرب الآذان على رتم واحد ولكن قصيدة النثر تأتي غير مقيدة ففي كل صورة مقام آخر طالت او قصرت ، فلكل قصيدة لها رونقها وجودتها ومكانها وزمانها .
القصيدة النثريه قريبه الاحساس وتاتي بشكل قصة تستمتع بحروفها ولا تتقيد بقافيه او نسق لا تستطيع الابتعاد عن الآخر.
.سؤال 12 ) الساعات المفضلة لديكِ للكتابة .. متى أنت تكتبين وفي أية أوقات يأتييكِ الإيحاء.. أم أنه لا توجد لديكِ أوقات خاصَّة للكتابةِ ؟؟
ج - ليس لدي الوقت الكافي للتفرغ والكتابة ..عندما يكون الهدوء موجود ويتركز بفترة الليل استغله للكتابة هذا الوقت له مشاعر خاصة قد أعيش بحالة وجدانية تتملكني..
سؤال 13 ) أسئلة شخصيَّة ؟؟
سؤال) البرج : الجوزاء
. . . . . سؤال ) اليوم المفضل : -ليس لدي يوم مفضل . كل الايام جميلة خاصة اليوم الذي يحمل فيه السعادة يكون مفضلا أكثر .
- -اللون المفضل :أحب الالوان الهادئة ..ألوان الربيع
نوع العطر : عطر الورد الناعم .
شرابي المفضل : شراب التوت . .
--الاكلة المفضلة :الكبة والتبولة ...جميع الأكلات السورية لها لذة مميزة .. الشيىء الذي أحبهُ . . .
سؤال 14) رأيك في ظاهرة الإسهال الشعري حيث أصج اليوم كلُّ من هبَّ ودب وكل من لا يعرف قواعد اللغة ونحوها وصرفها ولا يعرف حتى كتابة الإملاء شاعرا وأديبا ويصدر بكثرة الدواوين الشعرية ( كل أسابيع او كل بضعة أشهر ) والتي لا يوجد لها أيةُ علاقة مع الشعر ؟؟ ..وأما الشعراء الحقيقيون والكبار فكل بضع سنوات يصدرون ديوان شعر.!!؟؟
ج- من خلال قرأتي لبعض النصوص للأصدقاء
أقول إن الأدب مرآة الشعوب
كل شاعر او كاتب هو مبدع ولديه موهبة بالفطرة وان لم يكن موهوب لا يمتلك حس الابداع
وكلنا قد نخطيء بحرف املاء ..لانه ليس بالضرورة الشاعر ان لا يخطيء ولكن الأهم يجب مراجعة النص اكثر من مرة أو الاستعانة بمن هم اختصاص اللغة العربية وهذا الأهم
فعلا أصبحنا نرى هذه الايام كثرة دوواين الشعر بشكل كبير
لا نعرف متى ظهروا حتى يطبعوا كل هذا الكم ..بصراحة هؤلاء اعتبرهم بالشعر الموسمي زواله سريع
س15 )) هل النشاط الثقافي تحت ألسنة الحروب سيترك بصمة تاريخية أدبية خاصة, وهل تعتقدي أن المثقف العربي أخذ دوره الضروري في ارتقاء المجتمع؟
ج_ نحن في سورية الحرب الى الآن تلاحقنا والحروب التي مرّ بها شعبنا نتجت عنها ثقافة حرب وادب حرب ولغة حرب،
دخلت الحرب في مجال الادب بشكل كبير وبكل نواحيها
اعتقد لم يأخذ المثقف العربي دوره الريادي في مسيرة الأمة بسبب السياسة وما ينتج عنه من خلافات وصراعات سياسية .
س*16 )) إلى أي مرحلة يمكن للأديب أو الشاعر ان يؤثر بمجتمعه؟
_ ج- الشاعر هو رسول إلً الأمة، الشاعر الحقيقي يجب أن يترك بصماته واضحة في المجتمع وإلا عليه أن يترك الشعر والأدب .
س17) هل تفكرين بالقارئ عندما تكتبين نصوصك,؟؟ وهل المتلقي يمكن ان يكون مرآة الكاتب؟
-ج...لا ابداً انا اكتب للكل يقرأ ويفترض على المتلقي والقارىء أن يكون مبدعا ويشارك الشاعر فيما يكتب لا أن يكون مستهلكا ...هناك من يرى هذه الكتابات تستحق الوقوف عندها وهناك من يراها انها عادية ..انا أكتب وأترك للقارئ حكمه
سؤال 18 ) طموحاتُكِ ومشاريعُكِ للمستقبل ؟؟
ج- ان اكمل دراستي بالدرجة الاولى
وان اتابع مابدات به فأنا وجدت نفسي بالكتابة للتعبير عما يجول في داخلي وأحاول أختزال هذا الواقع المر. ..
انا جداً قنوعة بنصيبي لا اطمح للكثير يكفيني من هم معي ودائما هم الدعم الاساسي لي اصدقائي بالواقع او اصدقائي بعالم الافتراضي
انا من خلالهم وصلت لما وصلت له فشكرا لك شخص أعطاني من وقته لو دقيقه واهتم لحروفي .
سؤال 19 ) كلمةٌ أخيرة تحبين أن تقوليها في نهاية اللقاء ؟؟
ج- كلمتي اخاطب فيها ضمير الانسان أينما كان ..مازلت إنسانا. يكفي من الخراب الذي عّم ارضنا ..
يجب علينا جميعاً الوقوف ضد الاٍرهاب ضد القتل وذبح الانسان لاخيه الانسان .
دعونا نقف جميعاً حاملين أقلامنا وكلماتنا لنوقف هذا الطوفان من الخراب
دعونا نكتب لنشر الجمال والمحبة والسلام .
نكتب ضد الحرب وقطع الرؤوس وأخماد نار الفتنة .. . ..
ادعوا لله ان يعم الأمن والامان على بلدي سورية الحبيبة وننتهي من هذه الحرب القذرة .
( أجرى اللقاء : حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين (
نشرت فى 17 إبريل 2018
بواسطة magaltastar
- مداخلةٌ مختصرةٌ في الجلسةِ الحوارية لمناقشةِ ( بقلم : حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )
( بقلم : حاتم جوعيه - المغار - الجليل – فلسطين )
( الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه ) ( الإعلامية والأديبة اللبنانية كلود ناصيف - حرب )
حضرة الأخوات والإخوة الكرام :
كان من المفروض أن أكون موجودا بينكم الآن في هذه الجلسةِ الحواريَّة - في مدينة سدني باستراليا - لمناقشةِ نصٍّ أدبيٍّ للإعلاميَّة والأديبة والشاعرة المبدعة ( كلود ناصيف ) ، ولكن لظروف صِحّيَّةٍ صعبة ولبعدِ المكان لم أتمكن من المجيىء .. ويسعدني ويشرفني أن تكون لي مداخلة او بالأحرى قراءة صغيرة في هذه المناسبة الثقافيَّة الميمونة .
إنَّ الإعلاميّة والكاتبة كلود ناصيف غنيّة عن التعريف فقد حققت شهرة وانتشارا واسعا في استراليا والعالم العربي على الصعيد الأدبي والإعلامي .. لقد دخلت الأدب من باب الإعلام وكانت مذيعة في "صوت المحبَّة " وأبدعت وتألقت في هذا المجال، وتابعت مشوارها بعد ذلك في عالم الشعر والادب وأبدعت في هذا المجال أيضا أيما إبداع ، وقد نشرت كتاباتها الإبداعيَّة في المنبر الإعلامي المشهور ( موقع أفكار اغترابية ) الذي يديره الصديق والأخ العزيز الشاعر والأديب والناقد الكبير الدكتور جميل الدويهي..هذا المنبرالرائد الذي يستقطبُ خيرة الكتاب والشعراء اللبنانيين والعرب في استراليا ومن شتى الدول العربيَّة .
وفي هذه المداخلةِ الصغيرة سأقدم تحليلا مقتضبا لقصيدة ( أيها البعيد القريب ) للأديبةِ الشاعرة كلود ناصيف - حرب .
هذا العملُ الأدبي .. أو بالأحرى القصيدة وتستحق هذا التعريف وهذه التسمية تصنفُ وتدرجُ ضمن الشعر الحديث الحر-المتحرر من قيود الوزن والقافية ، وقد يسميها البعضُ خاطرة أدبية ..فهي شعر بكلِّ معنى الكلمة بلغتها الجميلة وتموجاتها المشعَّة وموسيقاها الداخلية وألفاظها الساحرة ، ولكنها ليست موزونة حسب بحور الخليل التقليديَّة...وفيها يتجلى ويشعُّ كلُّ عناصر الجمال والأبداع .. والجديرُ بالذكر أنَّ القصيدة النثرية الإبداعيّة تحتاجُ إلى بعض التقنيات والعناصر الهامة حتى تجاري القصيدة الموزونة في جماليتها وتألقها ..العناصر والأسس والتقنيات التي قد تسدُّ وتغطي على الحَيِّز والجانب الهام والمفقود وهو الوزن الشعري ...وليس كلُّ شاعر يستطيعُ أن يكتبَ قصيدة نثرية ناجحة ، لأن هذا الأمر يحتاجُ إلى موهبة شعرية فطرية فذة وإلى قدرات كبيرة وإلى ثقافة واسعة وإلمام في شتى المواضيع والمجالات ، ويجبُ أن يكون الشاعرُ أولا وقبل كل شيىء يجيد كتابة القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة...والذي لا يستطيعُ كتابة القصيدة العمودية الكلاسيكية لا يستطيع كتابة القصيدة الحديثة الحرة الإبداعيَّة .. وهذه القاعدةُ يعرفها معظمُ النقاد والأدباء .
تمتاز الأديبة الشاعرة " كلود ناصيف " في جميع كتاباتها ، وفي هذه القصيدة أيضا بلغتها وأسلوبها الأدبي الشاعري الجميل والرقيق والشفاف أحيانا والساحر والجميل وبالمعاني العميقة وبالأبعاد الإنسانيَّة والفلسفيَّة ..حيث تكثفُ الشاعرةُ من المعاني وتستعملُ الأستعارات والتعابير البلاغيَّة الجديدة والمبتكرة ..وكل قارىء ذكي ومثقف يشعرُ أن الأديبة لها قاموسها الشعري الخاص بها ولها أسلوبها المميز ونكهتها الخاصة .
هذه القصيدة طابعها وشكلها الخارجي غزلي،ولكن الشاعرة ترمي وتهدفُ إلى مواضيع أخرى غير الحب والعشق والعواطف والمشاعر الجياشة والشوق المؤجَّج العارم للحبيب المنشود ..ويلتقي في القصيدة البعدُ العاطفي والوجداني مع البعدِ الوطني ، وتذكرنا بشعراءِ المقاومة الفلسطينيِّين الذين يشبهون الأرضَ والوطن بالمرأةِ والفتاة الجميلة ..وبالشاعرات الوطنيات الملتزمات والمناضلات (العربيات والفلسطينيات) اللواتي يشبهن أحبَّاءَهنَّ وفرسان أحلامهن بالوطن الجميل المعطاء . وقد يحلِّلُ البعضُ هذه القصيدة على أن الشاعرة قد كتبتها للوطن الكبير والجميل ولم تكتبها لشخص ما حيث تقول :
( " لا أريدُ من هذا الليل
سوى قمر
أنتَ قمري
أنتَ لي وطن ....
عيناك مسقط قلبي " ) .. إلخ ...
..وتستعملُ في القصيدةِ التشبيه والتشبيه المضاد والمعاكس .. والقلائلُ من الشعراء العرب اليوم والمجددين ورواد الحداثة يستعملون هذا الأسلوب ويدخلون هذا المنحى... والجدير بالذكر أنه في معظم الشعر الأجنبي الكلاسيكي القديم وليس الحديث وأيضا الشعر العربي جميعه قديما وحديثا نجد أن التشبيهات هي دائما مباشرة وواضحة كالتصوير الفوتوغرافي.. حيث تنقلُ التنشبيهات والصور بمعانيها المجرَّدة والواضحة ويوجد علاقة مباشرة وواضحة ومطلقة بين الشيىء أو الموضوع والموضوع الآخر المشبه به ، وقد شذ عن هذا الامر امرؤُ القيس بعض الأحيان في الشعر حيث في العديد من صوره الشعرية وتشبيهاته المميَّزة لا يوجد أي تشابه بين الشيىء أو العيِّنة التي اختارها والشيىء والموضوع الآخرالذي يشبِّهُهُ بها ، ولكن التشبيه يكون معقولا ومنطقيا .. وشاعرتنا هنا تستعملُ هذا اللون الذي يندرُ في الشعرالعربي حتى في الشعرالحديث حيث يكون الموضوعان والأمران اللذان تشبهما ببعض متناقضين وعكس بعضهما البعض ولا يوجدُ أيُّ وجهٍ أو صلة للتشبيه تربط بينهما ، فمثلا عبارة : ( حديثك الصامت )..فالحديثُ هو الكلام الذي نسمعه بالإذن، والحيث لا يكونُ صامتا أو أخرسا .. وممكن أن يكون التعبير بالإشارات أو بنظرات العيون التي تكون صامتة وليس لها صوت ولا تسمع بحاسة الإذن .
وتستعملُ الشاعرةُ - في هذا النصَّ- بعض التعابير والمصطلحات البلاغية الجميلة التي قد تكون مبتكره ، مثل :
( صوتُكَ يختالُ بهدوء في أذني.. )
إنهُ لتعبير جميلٌ وله وقعُهُ الساحرعلى المتلقي، ويوجدُ التناقضُ الجميل في المعاني والأشياء المشبهة ببعض..فالصوتُ الذي يختالُ وكأنهُ فارسٌ مغوار معجب بنفسه يكونُ اختياله رزينا وخفيفَ الظل وغير مزعج ، ومكان وجغرافية الإختيال هو أذن الشاعرة وحاسَّة سمعها..والأذنُ تعشق قبل العين احيانا -على حد قول الشاعر العباسي المخضرم ( بشار بن برد ) ..والتشبيهُ هنا تشبيهٌ حِسِّي وشعوري وروحاني وليس ماديًّا ملموسًا.
وبعد هذه الجملة الشعرية تتابعُ الشاعرةُ قولها مباشرة :
( تنبتُ قصيدة فوق شفتي) وفي هذه الجملة التي تختمُ فيها الشاعرةُ القصيدة قد نجدُ كلَّ الفحوى وملخّص الرسالة التي تريدها الشاعرة ..
وبالإمكان تلخيص وتقييم هوية وطابع وسيميائيَّة هذه القصيدة في عدة أسس ومجالات، وهي:
1 ) تستعملُ الشاعرةُ أسلوبَ السهل المتنع أحيانا ، وتبدو المعاني والصور الشعرية كأنها عاديَّة ومألوفة ، ولكنه من الصَّعب على كلِّ شاعر أن يأتي بمثلها ويرقى إلى مستواها الفني المُمَيَّز .
2 ) التناغم والإنسجام والإنسياب الجميل بين اللفظ والمعنى .
3 ) المحاكاة الضدِّيَّة والتشبيهُ المعاكس والمناقض..إذ لا يوجد أيُّ صلةٍ أو تشابه بين الشيئين والأمرين المُشَبَّين ببعض .
4 ) نجد أيضا في بعض العبارات والجمل الشعريَّة المعاني العميقة المترعة بالأبعاد الفلسفيَّة والأجواء الرومانسيَّة الحالمة وبالرؤيا الشمولية للحياة الجميلة...وهذه القصيدة أو النص الأدبي نابضة بالأمل والتفاؤل والإشراق وتنبؤُ بربيع مزهر وغدٍ جميل رائع ..
النص الكامل للقصيدة :
- أيُّها البعيد القريب –
أيُّها البعيدُ القريب
برفق يتسللُ قلبي إلىى صندوق بريدِك
كلصٍّ تصيبُهُ الفوضى
يسرقُ من حروفكَ قصائدَهُ
ومثلما يتركُ اللصُّ خلفهُ
يتركُ لهفتهُ..
وثمة حديث لا ينتهي
حينما أفكرُ بك
لا يفصلُ بيننا سوى مقدار عناق
فتعال...
حضوركَ يحرِّضني على الحب
يا لكثرة حديثكَ الصَّامت
سأقولُ الآن :
تذوَّقتُ طعمَ القصيدة
فقط عندما تلفظ
حروفَ اسمي
لا أريدُ من هذا الليل
سوى قمر
فأنتَ قمري
انتَ لي وطن
عيناك مسقط قلبي
أغمضُ عيني
على صورتِكَ التي أمامي
أسمعُ صوتكَ يختالُ بهدوءٍ في أذني
تنبتُ قصيدة فوق شفتي " ) .
( بقلم : حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )
نشرت فى 17 إبريل 2018
بواسطة magaltastar
مجلة عشتار الإلكترونية
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
578,135