دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

تقنية السرد في 
"انهيارات رقيقة"
هشام نفاع
لا أبالغ إن قلت أن هذه الرواية تعد مدرسة كاملة في تقنية السرد، فنجد كافة الشخصيات تتدخل لتبدي وجهة نظرها في السرد، من الشخصيات الفاعلية "جداد" إلى الشخصيات المتخيلة "حسن" إلى الشخصيات الثانوية "الدراجي" إلى الراوي نفسه، وحتى الكاتب نجده حاضرا ويتدخل في السرد، كل هذا التداخل في عملية السرد يجعلنا نقول أن رواية "انهيارات رقيقة" تعد الراوية الأهم في تناولها لمضوع السرد، فهو البطل الأوحد في الرواية، خاصة إذا علمنا أن الزمن غير محدد والمكان مجهول.
وهنا نطرح سؤال ما هو الهدف من رواية لا تحمل فكرة محددة، ولا تتحدث عن مكان أو زمان واضحين، حتى أن شخصية "جداد" المركزية يتم سلبها المكانة التي أخذتها في بداية الراوية، وتعطى لغيرها، "حسن، الدراجي، الراوي، الحاكم، دودو، روحانيات" حتى وكأنها تبدو لنا شخصية ثانوية؟، الاجابة نتركها الآن، لعلنا ـ فيما سيأتي ـ نجد ما يجيب على هذا السؤال.
الراوي
لكل عمل روائي سارد أو أكثر، لكن أن يتدخل الرواة في مناظرة فيما بينهم، أو يخاطبون القارئ بشكل مباشر فهذا هو التمرد بعينة، يقول الراوي: " "كيف جاءت هذه الحكاية إلى العالم"
قال الراوي: يا قارئات يا كريمات ويا قراء يا كرام
لقد ترددت كثيرا في إقحام القارئ بمسائل تقنية بل بدروب شائكة، ... وأرجو ألا يعتقد أحد أنني أسعى لإقحام نفسي في القصة وكأنني واحد من أبطالها، فأنا لست سوى راو بل حتى راو عن راو." ص73، بعدها يبدأ يحدثنا الراوي بلغة "فعلت، قمت، ذهبت" علما بأننا في كل ما سبق لم نجد إلا "فعل، قام، ذهب" وهذه نقلة تأخذ المتلقي إلى أن هناك شيء جديد في سرد الراوية، يتجاوز الشكل السردي المتعارف عليه، لكن هذا التجاوز جاء بشكل جميل وسلس، وليس منفر أو مؤذي لشكل الرواية.
يقدمنا الراوي أكثر من هذا التجاوز للمألوف في (شكل السرد الروائي) من خلال قوله: "لقد كلفني الفضول شراء إبرة خاصة، والجلوس لساعات طويلة أصغي للحاكية العجيبة، حكاية شاب يدعى جداد يرويها حكواتي بشكل متقطع، وبدا كأنه غائب الحواس أو صوفي من الطراز الحديث.
مرت الايام لأكتب حكايته التي تواصلون قراءتها في الفصول التالية، إنها حكاية منقولة عن حكاية وجدت نفسي فيها راويا عن راو لم ألتقيه ولم أعرفه، اضطرني لإكمال ما نقص دون أن أملك وسيلة واحدة كي أتأكد من حقيقة ما أقول" ص80، بهذا الشكل يتم نسف الطريقة العادية في السرد، فهناك تدخل مباشر من "الراوي" يبرر/يعلل/يوضح لنا تدخله في سرد قصة "جداد" علما بأننا كنا نقرأها فيما سبق بطريقة عادية مألوفة.
هذا على صعيد تدخل الراوي بالأحداث، لكن هناك حوار/مناظرة تتم بين شخصيات الرواية والراوي، تقول" روحانيات للراوي: "ـ اسمع لا تتظاهر بأنك محايد، فأنت لست مجرد راو لما ورطنا فيه جميعا، بل قد أقحمت نفسك في القصة إلى درجة لم يعد بوسعك التظاهر بالسذاجة وكأنك "مجرد كاتب" وحتى لو زعمت أن كل ما يجري هو نتاج خيال، فهذا لا يبرئك مما فعلت.
ـ هل تعلمين أنك تتطاولين .. هل تظنين أن بإمكانك كسر كل الحدود.. لا تنسي يا ست أنه لا يزال بوسعي حسم مصيرك فورا، بل تكفيني بضعة أسطر حتى أنهي دورك تماما في القصة، وأواصل بها حيثما شئت؟" ص115و116، بهذا الشكل يدخلنا الراوي إلى عالم جديد من السرد لم نعهده من قبل، فإنطاق الشخصيات الرواية وجعلها تحاور وتناقش الراوي يعد أحد أهم معالم التمرد على "شكل السرد الروائي".
بعد المناظرة التي تمت بين الراوي وبين "روحانيات" نجده يمر بحالة من العصبية، حتى أننا نجده يتلفظ بألفاظ شاذة عن العمل الروائي: "أردت تمزيق كل ما كتبت حتى الآن بل إحراق الصفحات المطبوعة وإصدار أمر "حذف" للملف على شاشة الحاسوب...كس أخت الكتابة! فمن الصعب استيعاب هذا التوبيخ، وممن؟ من شخصية خطط لها دور متواضع في قصة أنا من ينظم أحداثها ويبني شخصياتها ..هذا عصي على التصديق، لم أتخيل في حياتي أن تصطدم حرية الكتابة بالكتابة نفسها" ص118، بهذا الشكل يقنعنا الراوي أن ما يمر به من مشاعر واضطراب جزء حيوي وأساسي من الرواية، وكأنه يريدنا أن نصل إلى أن العمل الروائي فيه من الألم والتعب والصراع ما يجعل الراوي يتوتر ويخرج عن المألوف، حتى أننا نجده يفقد الاتزان ويتحدث بعصبة وغضب ويتلفظ بألفاظ بذيئة.
الشخصيات تتمرد على الراوي"
الصراع بين الراوي وشخصيات وأحداث الرواية تخرج من تحت سيطرته، وتتمرد عليه، فتبدو لنا "الاحداث والشخصيات" هي التي تسيطر عليه، وتجعله يكتب ما تريده هي، وليس ما يريده هو، ونجدها حاضرة في فعل الكتابة/السرد/الأحداث كما هو الراوي وأكثر: "حين بدأت بالكتابة اعتقدت أن بوسعي تحريك أبطال قصتي كحجارة الشطرنج. لكني نسيت أنه حتى لو أردت ذلك فلن يمكنني سوى الامتثال إلى قوانين لعبة الشطرنج، ... لقد بنيت حضورا وإرادات وصفات لشخصيات ولم يعد بإمكاني إخراجها من العبة عبثا. بات لها حق علي.
شعرت بالمهانة وقد صارت الأحداث التي خططتها وطبقتها بنفسي، هي ما يجرني. لقد تغلبت الكتابة على ارادتي، فإما أن أترك الآن كل شيء وإما أن أحكم العقل، وكأن روحانيات قرأت ما دار بخلدي، فقامت من مكانها، طوت الرسالة، وضعتها أمامي وأعلنت: أنا ذاهبة! 
ـ لوين (كان يجب القول: "لوين بالله" لأنها أصدق وأكثر تعبيرا، ولكن علينا ما علينا .. من يهمه أسئلة اللغة وسط هذه المصيبة!)
ـ شئت أم أبيت ـ ردت ـ سأعد أغراضي وأرحل باتجاه جبل الريح، أعرف أن بوسعك تدبير حادث يؤدي بحياتي، لكني لست مستعدة للتنازل عن وجودي الحر. سأشهد ضدك!" ص119و120، إذن تقف شخصيات الراوية أمام صانعها/خالقا/مُوجدها رافضة ومتحدية سلطته عليها، فلم تعد تطيق ذراعا به، وحتى انها تريد أت تقدمه للمحاكمة وتشهد ضده، فأي تمرد هذا؟، وهل له علاقة بواقع الفلسطيني الخاضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي؟.
هناك تمردات أخرى تقول بها شخصيات خلقها/أوجدها الراوي، تؤكد عدم سيطرته على مجرى الأحداث، فهو الآن خاضع لما تريده الشخصيات ولمجرى الأحداث: "يجب أن أتحايل على القصة. لماذا لا أحرر جداد من سجنه، قلت لنفسي، ...ولكني هنا، في قضية جداد يمكنني أن أنطلق في الكتابة وأتهور وأكسر كل منطق. لم لا؟ أصلا أنا بحاجة لبعض التعويض عن القيود التي تلفني، والله إني سأحرر جداد من الاعتقال كما في الأفلام السينما، وسألعب بنفسي دور البطل الرئيسي!
عدت إلى الفصول السابقة. كان الدراجي ذو الخوذة الخضراء قد غادر المستشفى. 
.. وحسن، حسن الذي هرب من غولة العين، يجلس في هذه اللحظات تحت شجرة أملا في قسط من الراحة. ..يجب التفاوض مع الدراجي لإقناعه بالانضمام إلى مغامرة تحرير جداد. ..ظل على تعنته ولديه أسبابه الوجيهة: فهو لم ينس بعد ما تورط فيه بجريرة جداد.
...دودو "شو أفرقت يعني" الراوي: الفرق كبير.. ربما صغير، لكنه يبقى جوهريا. فجداد كان مسيرا، وهو ليس مسؤولا عما فعل.
دودو: كيف؟
الراوي: لقد انطلق جداد راكضا خلفك في تلك الليلة لأن أحداث القصة فرضت ذلك، لم يكن أمامي بداية أفضل، أنا من كتب وأنا من يتحمل المسؤولية.
دودو: لم أعد أفهم شيئا.
الراوي: جداد ليس موجودا فعلا، إنه شخصية من بنات أفكاري" ص125، يبدو لنا الراوي في موقف ضعيف، يحاول أن يلملم الموضوع/الأحداث/الشخصيات، ويجعلها تعود إلى مكانها الطبيعي في الرواية، لكنها لم تعد تحت سيطرته، وتتحدث وتفعل وتحاصر الراوي نفسه، فهي الآن من تتحكم فيه الأحداث والشخصيات، من هنا نجد الراوي حاول أن يجد لنفسه مخرج من هذا المأزق ـ الراوية ـ الذي أوجده لنفسه.
ذروة تحرر الشخصيات وانتصارها على الراوي جاء في هذا الحوار: " دودو: ... لكني لست مثلك، أنا مجرد شخصية لا تعرف ماذا سيحل بها بعد قليل.
الراوي: تعال لنكسر القاعدة، بل المعتقد الوهمي وكأن الراوي خالق مطلق. تعال لمشاركتي في صنع الراوية. أعدك بأن تكون شريكا حقيقيا, فما رأيك، هل تريد الانضمام الي وإلى حسن في انقاذ جداد؟" ص127و128، بهذه الحيلة يحاول الراوي ان يخرج من المأزق الذي يمر فيه، يحاول أن يتحايل على الشخصيات، من خلال ترغيبها لتكون معه مشاركة في صناعة الأحداث وخلق شخصيات جديدة، لكنها لا تريد أن تكون شريكا في أعمال قاسية ومؤلمة، وخلق شخصيات تتألم وتتأذى، فقد مرت بالألم ولا تريد لأحد ـ حتى لو كان من بنات الخيال والأفكار ـ أن يمر بالألم والقسوة، فتبدو لنا أكثر رحمة وإنسانية من الراوي نفسه.
ينهي الراوي الراوية بمشهد مأساوي، بحيث يتم إنهاء كل ما جاء في الرواية من أحداث وشخصيات من خلال المحاكمة التي اجريت: "وبدأ الحاكم الأوسط ينطق بالقرار:
"بعد التمحيص وتناول القضية من جميع جوانبها والوقوف على أدق حيثياتها، قرارنا الاستماع إلى صوت المنطق وإصدار أمر بإحراق هذه الراوية، رفعت الجلسة" انخلع قلب الراوي فصرخ: أيها السادة، ألم تفهموا ما قلت لكم قبل قليل.. ألم تتعلموا من ذلك القادم من التاريخ.. لو احرقتم الراوية سنموت جميعا..
"أصمت يا وقح. لقد رفعت الجلسة.. هيا أحضروا النار" ...ألم أقل لكم كلنا نموت الآن. هذا انتحار. هذا انتحار. هذا انتحار..
وغطى السواد كل شيء" ص167، نهاية مأسوية، بالنسبة للراوي وللشخصيات والأحداث.
"صوت يحدثنا عن الكاتب وطريقة تقديمه لما حصل مع جداد"
تتجاوز شخصيات الراوية مكانها في الأحدث، وتخبرنا بأن ما يحصل/حصل لم يكن برغبتها أو إرادتها، بل من تدخلات الكاتب نفسه، الذي لم يكن يعي حقيقة ما يقدمه للقارئ: "ما سمعته من قهقهة وكلام ثمل قبل قليل لم يكن سوى افتراض أراده الكاتب، عبارة عن ملاحظات متخيله لما كان قد يقوله فرويد عن وضعك" ص84، فالراوي لا يستخدم شخصيات الروائية لترد/تتمرد على ما جاء من أحداث ومواقف فسحب، بل نجده يستحضر صوت خارجي، كتأكيد على أن عملية سرد الأحداث لا تخضع لجهة/طرف/شخص بعينه، وأن ما جاء في الرواية يتشارك فيه ـ غصبا ـ اشخاص خارج السيطرة ولا يمكن ـ حتى ـ للكاتب نفسه ـ أن يمنعها من التدخل في مجريات الأحداث ومسار الشخصيات.
" حسن يتجاوز الراوي ويشتمه"
في البداية ننوه أن "حسن" شخصية متخلية، اوجدها الراوي في بنات افكار "جداد" بمعنى أنه ليس شخصية فاعلة ـ قبل هذا التمرد/الحدث ـ بل جاء من خلال استحضار حكاية شعبية "حسن والغولة" المتعارف عليها في بلاد الشام.
حالة الاحتقان عند الشخصيات لم تتوقف عند تدخلها المباشر متجاوزة دور الراوي فحسب، بل تقوم بشتمه معبلاه عن سخطها وغضبها لمجرى الأحداث والطريقة التي استخدمها الراوي في سرده لها: 
"حسن يشتم وادة الراوي"
(يجب السيطرة على الأمور قبل أن تفلت تماما من يدي)
ناديت على حسن فنظر نحوي مستهجنا: من أنت؟ 
ـ أنا الراوي من يروي ما وقع لك على العين.
ـ شو؟! 
شرحت له ما سبق أن شرحته لدود، أصغى قليلا ثن انفجر في:
ـ "يا ابن الشرموطة، هو أنت" ونهض راكضا باتجاهي وهو يرفع طرفي قمبازه استعدادا للعراك" ص129، طريقة تعبير عن سخط "حسن" تجاه الراوي، تؤكد عدم انصياعه أو قبوله بكل ما جاء على لسان الراوي من سرد عنه.
لكن ما هي الدوافع/المبررات التي جعلت "حسن" يخرج عن اللباقة ويستخدم ألفاظ بذيئة؟ اتجاه من صنعه وكونه؟: "لست أنا، وأعوذ بالله من قول أنا، حسن ابن الشيخ حسان من يهرب من شبح غولة تعلكها ذاكرة وألسنة البسطاء، فقد حظيت بالتعليم وسعة ذات اليد بحيث وسعت من مداركي وعرفت صديقي من عدوي. أما قصة الغولة البلهاء، فهي ما زرعه الغزاة لدى هؤلاء العامة، مستفيدين من احتكامنا للغيبيات، فظلت في الأذهان البليدة لدى من ظلوا يرددونها على ابنائهم وأحفادهم كما يريدون الأدعية ويتمتعون بالتعاويذ" ص154. "حسن" لا يتمرد على الراوي فحسب، بل يتمرد على الفهم المجمعي لحكاية "حسن والغولة" ويفسر لنا حقيقة شخصيته الواعية والمتعلمة، والتي تعي حقيقة ما يراد من نشر مثل هذه الحكاية، حقيقة أن "الغزاة" يريدوننا أن نبقى أسرى للخرافة والخوف والجهل، متخندقين وراء أفكار خيالية/وهمية تحد من انطلاقتنا نحو المستقبل.
"الكاتب والراوي"
الراوي يُدخل الكاتب في مجرى الأحداث/ مبينا أن الكاتب هو من أوجد أحداث وأفكر وليس هو الراوي: "بالمناسبة، لقد أنهى حكيه بالأرداف . تلك التي يزعم فرود ـ الذي خاطب جداد من خلف الشباك حسب فرضية الكاتب ـ أنها هي ورديفاتها ما أعاد إليه بعض الهدوء النسبي ـ الذي لم يبقى منه شيء الآن وهو ممدد كالأبلة ويقبض على فردتي حذائه بيديه" ص97.
الكاتب وروحانيات"
يتدخل الكاتب ويحاور شخصيات الرواية بطرقة مباشرة، بعيدا عن هيمنة الراوي، وهنا تبدو لنا الراوية في حل من هيمنة/سيطرة أي شخصية مهما كانت مكانتها في سرد الأحداث أو تقديم الشخصيات، فنجد (انفلات) كامل وشامل من كافة الشخصيات التي اسهمت في وجود هذه الراوية.
الحوار الذي دار بين روحانيات والكاتب يمثل هذا الانفلات السردي: 
"ـ روحانيات أتسمعينني؟
ـ (عويل وبعده): من أنت، من يناديني، ماما الحقيني.
ـ لا تخافي لا تخافي، جئتك طالبا العون يا أختاه.
ـ من أنت؟
ـ أنا كاتب هذه القصة، وقد انتهيت للتو من سرد واقعتك مع جداد الخارج من البيمارستان واستضافتك إياه حتى اقتاده العسس.
ـ هل تقصد أنك ستفضحني؟ هل ستروي واقعة تواقعنا؟
ـ في الواقع دونت ذلك، لكن النشر قابل لإعادة النظر.
ـ أرجوك، لا تفضحني فتجعل العرسان يعرضون عني.
ـ لك مني عهد اعادة النظر، أو وصف الأمر بأقل ما يمكن من ضرر." ص110، طبعا هذا يعيدنا إلى الواقعة التي جرت بين "روحانيات وجداد" في الصفحة 70و71، والتي نجد فيها مشاهد جنسية تروى على لسان الراوي وليس على لسان الكاتب، وهذا ما يجعلنا نقول أن الراوي أراد أن يتجاوز أي امتثال/خضوع/تقيد/التزام بقوانين السرد المتعارف عليها في الرواية، جاعلا من هذا الاختراق لقوانين السرد سمة عامة تصل إلى درجة (الفوضى المنظمة) مما يجعل الراوية بهذه الفوضى والتدخلات تعد رواية استثنائية بتمردها وبثورتها على السرد الروائي.
الراوي والحاكم
يُقدم لنا "الحاكم" بصورة تؤكد ما قلنا سابقا: "عدم الالتزام بأي راو بعينه":
" بدأ الحاكم الأوسط الكلام:
يجب على كافة الأطراف الانتباه إلى أن الراوية لم تعد بيد الراوي بل إنه الآن مروي عنه، لقد حشر نفسه فيما يكتب فمسح شخصية كالتي خلقها. صحيح أن لا أحد سيصادر روايته منه ولكن بما أنه أوصل الأمور إلى هذا الحد من فقدان السيطرة فإننا سنتحكم ببعض الخيوط. فالفوضى يجب أن تظل تحت السيطرة أيضا.
على سؤال "من نحن" نعلن:
ـ نحن "القول الخفي" نحن أصحاب القلم المستتر الذي يتدخل كلما تطاول الرواة، بعد قليل ستفهمون!" ص144، بهذا الإيضاح من "الحاكم" يمكننا القول: أن رواية "انهيارات رقيقة" تمثل أهم رواية تتمرد على السرد الروائي، بحيث تجعلنا نشعر بأننا في عالم مفتوح يمكن لأي شخص/فكرة/خيال أن يكون حاضرا وفاعلا ومؤثرا في مجرى الأحداث، فليس هناك أي شخص/شيء محظور أو منوع من أن يكون له صوت وحضور، اعتقد هذه هي الفكرة التي أرادنا "رواة" الرواية أن نصل إليها، فحق الكلام للكل، ومن ضمنهم نحن المتلقين للرواية، وعلينا أن نأخذ دورنا وحقنا في الكلام والتعبير عما نرفضه أو نجده لا يتوافق مع رغباتنا/أرادتنا.
الرواية من منشورات دار الراية للنشر، حيفا، الطبعة الأولى 2012.

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 111 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,443