جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
العوم في ( والماء.. ) للشاعر رجب الشيخ
————————————————
وسط غابةٍ من شعورٍ تكتظ بالأغاريد وسقيفة عصافير لا أميز لونها ولو من بعيد يترآى لي حلم تليد بشدة إيماءة صغيرة تتردد في تحديد المكان والموعد من قريب.
وسط أغصان من كلمات وأوراقٍ من حروف ترتفع البراعم حد خدود الشمس تقطف وهجاً سرعان ما يذوب بين السطور تسيل الجداول بماء معين ولا وادي يحدد تضاريس الصخور والرمال والرّيح قد يقسو قليلاً على أنامل الإحساس فتتنمل بشعورِ وجدٍ كان يغور بين طيات القلب الوحيد القابع في جوف كاتب ( والماء.. ) ماذا لو [ والماء .. ] إذا هوى ولو يتشظى المعنى بين الفينة والأخرى فوق خريطة لا تتعدى الرسم المحدد .
هكذا الكتيب لا يكلفني حجمه حيزاً ولا ثقله عناء الحمل ، كان خفيف الظلّ كظلْ غيمةٍ في نهار تموزي تغطي واحة من الأمل يرعى فيها قطيع من الرجاء ، وكان ترتيب القوافل متنوعاً بالطول والعرض والجمال وتسلسل الأرقام تحمل تجارةً لن تبور في زمن الجفاف يوم قالوا هذا البلد يمرّ بسلسلة من سنوات عجاف .
ترتبط الحبيبة بغداد عاصمة الثقافة بشريان الجنوب يحمل لها النقاء والصفاء مروراً برئة الطيب والكرم معطراً بدعاء الوالدين حينما سألوا الرحمن ألا يغيب عنهم طويلاً فأنهم المنتظرون .
أستوقفني الإهداء ، هل هي حقاً حبيبته أم أنها مدينة مفتحة الأبواب والنوافذ لتهب فيها ما طاب من نسيم وعطور ونعيم . أطرق الباب الأول أدخل وأجلس ، أرتشف بعض الكلمات من فناجين الشعور والإحساس وتأتي الذاكرة ممزوجة بين التأريخ والأسئلة التي غادرت [ ص ٧ ]. تمرّ العصافير وظلت الأسئلة تدور والحفيد يلهو مع جدته القابعة خلف خرافات العولمة [ ص ١٥ ]. يرتمي الرّيح بإحضان أعشاش الشجر وأغنية تضاهي الشفاه ، قد يكون التنقل سلساً حسب مسافة الخطوة فهي دلالة واضحة على إمكانية الكاتب في إختزال المفردات لخلق جوٍ يليق بالقارئ الذي يعيش تقلبات الأحداث وسرعة المرور لما يتصوره التواصل الاجتماعي الحديث وعلى مدى الأوراق التي تقلبها الأنامل المرتعشة شوقاً بالارتقاء سلّم من نصوص وخواطر وومضات بسلامة بحيث لا يتأثر في المديات والمسافات ، وقد قلّ كتّابها فأنفرد شيخنا بمنجزه ليخط ذكريات بمذكرة الجيب تحمل سفراً ممتعاً على سكة سفر متوازنة مع طبيعة التنقل والمكان لتفتش في كهفٍ معتم ليجد فيه خيط أملٍ [ ص ٢٨ ], وَمَنْ يجرؤ في التعمق بجغرافية جسدها غير كاتبنا الذي لخص بقلمه الجرأة والفصاحة وكل طقوس الرؤيا لأجل رسم لمحة طيف يركض خلف أو أمام الشاعر نفسه [ ص٣٥ ].
حتما نقرأ في المنجز بعض التفاصيل الخاصة بشيخنا وعن خلفيته البيضاء كالصورة المطلوبة في جواز السفر لغرض السفر بنا إلى عالمه مروراً بدجلة التي روت عطشه وسنابل مدينته التي سدت رمق عشقه ، يحمل في نبرة شعره لحن جمال الحزن في موسيقى الفرح مع رائحة رغيف الأمهات المشوي في تنور الحنان .قد تكون الأدوات التي تم استخدامها كأدوات التجميل في الصالون لتزيين عروس ديوانه ف[ أركض ، أركن ، أغادر ، أثقب ، إمتطيت ، أغير ، أستيقظ ، أشرب ] كل هذه الأفعال تجعل من حقيقة الوعي في الشعور ورفض اللاواقعية في السرد النثري وقد تحقق بالفعل مرامه عندما يعجن الشاعر في مسامات الفراغ الموجودة في زمنه الحاضر بينما العوامل المساعدة كانت [ كؤوس المواعيد ، فراشاتي ، ضجيج ، صوت أقدام ، أفكار ، مخيلتي ، قباب ناضجة ] تجعل الورقة في المنجز حيّةٌ نديةً في حين تجبرني القراءة على الاعتراف بتقصير عباراتي وكل كلامي اتجاه هذا المنجز لما يحمله من معان واستقطاب الحداثة في الشكل والتدوين ، ربما هذه المغامرة بالنسبة لي ناجحة حينما أحصل على موافقة شاعرنا الشيخ ( رجب الشيخ ) بنشرها .
————————
عبدالزهرة خالد
البصرة
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية