دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

قراءة في شعر المتنبي - ما لنا كلنا جو يارسول / 2
بقيت في المقطع الأول - وفق تقسيم القصيدة - كلمة يسيرة يتطلبها أن ما نثر آنفاً إنما يتصل بقراءة ثانية – جديدة – لها ، تختلف قليلاً أو كثيراً عن قراءة أغلب الذين انبروا لذلك من القدماء ، وهذه القراءة لا تزعم أنها وضعت يدها على صواب ؛ إذ جل ما تزعمه أنها محاولة جديدة لفهم حالة المتنبي آنذاك . أقول ذا لأنّ معظم الشرّاح التفتوا إلى المعنى الذي تشير إليه سياقات اللغة بعيداً عن كون الشعر مستوى من مستويات تفسير حال ، فإسار السياق اللغوي حجاب يحجب عنا كثيراً أو قليلاً من أسرار النص. واللافت النظر هنا أنّ سواد الشرّاح ذهبوا إلى الذي عناه المتنبي في البيت الرابع هو تلك المحبوبة التي تنعى عليه حبّه ، وهو وجه لا يخلو من نظر على أنني لا أرتضيه ، قال :
تَشتَكي ما اشتَكَيتُ مِن أَلَمِ الشَو♥ قِ إِلَيها وَالشَوقُ حَيثُ النُحـولُ
ولم يفلت من إسار هذا الفهم اللغوي السياقي إلا التبريزي الذي ضمّ إلى هذا الرأي وجهاً آخر يقترب مما ذهبت إليه كثيراً ، فهو يرى أيضاً أنّ الشاعر يتهم الرسول بمشاركته إياه في حب تلك الحبيبة ، قال : " زعمَ أنّه أرسل رسولاً لا يثقُ به ، فلمّا نظر إلى عينيها تغيّر عن حال الأمانة . تشتكي تحتمل وجهين : أن يكون حكاية الرسول الذي ناداه في أول القصيدة ؛ أي تشتكي ما اشتكيت وأنت كاذبٌ ؛ لأنّك لستَ ناحلاً ، وإنّما الشوق حيثُ النُّحُولُ ... والأخر أن تكون تشتكي إخباراً عن المرأة " (1).
فهل يرى القارئ سرفاً- يُنعى عليَّ – فيما ذهبت إليه . عندما قدمت قولاً يتهم الرسول الذي ما هو إلا ابن أمير حلب ؟ !
كِلا الرسولين خان الأمانة : رسول المتنبي خان أمانةً بين عاشق ومحبوبة ، ورسولٍ أميرِ حلب – ابن سيف الدولة – خان الأمانة بين مالئ دنيا وشاغل ناس ، وبين مقارعٍ رومٍ وذابٍ عن حياض أمّة.هذا قول دفع إليه أنّ للفن رسالة – وأي رسالة –في كل دهر ، فالشعر تعبير عن الناهض في الحياة . وهو قول قد لا يرتضيه خلقٌ قلوا أم كثروا ، وربما مدوا ألسنتهم في وجهي ، فلا أجد أكثر من أستمع إلى قولهم - إن قالوا- وأبتسم إن وجدوا قولاً خيراً من ذا ، أو أبقى عند ما ذهبت إليه ، إلى أن يأتيني " قبس أو أجد على النار هدى ".
وللحديث صلة أن نُسئ في أجل.
(رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـلِحاً تَرْضـاهُ، وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصّـالِحِينَ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الموضح للتبريزي: 4 / 237 - 238.

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 145 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,726