دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

(((((( شاعر ))))) و ((((( ناقد ))))))
رؤية ثانية لقصائد الغزل 
اليوم شاعرنا (((( دكتور وأستاذ وشاعر من الدرجة الاولى الدكتور بومدين جلالي - الجزائر))))
وناقدنا استاذ متخصص في الادب العربي((( الاستاذ صالح أحمد )))
لحْظة بحْرية ...
ــــــــــــــــــــــ
ذات صيْفٍ، وبهــاءُ الجوّ جــودُ، /// وشبابــي في تسانيــه السُّعودُ،
وغرامـــي بالتي كانتْ حياتي /// - دونما ريْبٍ – سرورٌ وصُعودُ،
بحُبـــورٍ قدْ ركبْنــــا لطف بحرٍ /// فرحلنـــا وصدى الوجْدِ ردودُ.
يــا لَها مِنْ فتنة تعْزف لحْناً /// من هيامي، ومساءُ الصمْتِ عودُ !
تتغنّـى بالأمانـي دون صوْتٍ، /// ورياضُ الروح عطـرٌ ووُرودُ !
كعَروس البحْر والمبْسمُ شَـــــوْقٌ /// من جلالٍ، وتساميــه شرودُ.
متْعة الإحْساس والحسِّ معاً، مِنْ /// سحرها بتّ بإشــراقي أجودُ
فرسمْتُ الشِّعر رقْصاً كالتهاني /// في المعاني حينَ بالحُبّ تسودُ.
آيــةٌ بحْريَّةٌ، والوحْــــيُ مـــدٌّ /// بعْدَ جــزْرٍ فيـــهما نُبْـــلٌ وَدودُ
خلفها بدْرُ سماءٍ خاسفٍ من /// نورها، والنبْض في قلــبي رُعودُ 
غيْرة العــاشق هزّتْني بريحٍ /// صرْصرٍ والعشقُ في ذاتي وَقودُ
فوضعْت اليد فوق البدْر توّاً /// وفؤادي قال : للصبْــــــر حُدودُ
ضحكتْ ذاتُ المباهي ثم قالتْ : /// إنْ رغبْتَ الآن هيّــا سنعودُ
ومددْنا لتغاريـــــدِ الأمانــي /// لهْف حبّ في تجلّيــــــه الوجودُ
هي ذي بعض حكايـا الأمس لمّا /// كان فينـا ما الأنا عنْه يذودُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الأستاذ الدكتور بومدين جلالي - الجزائر
ا((( القراءة النقديه )))
((الاستاذ صالح أحمد )))
غزلية وجدانية راقية... ذكّرتني بالأندلسيات الراقية الرقيقة... إذ معظم الموشحات الأولى (الموزونة على أوزان الخليل) جاءت على بحر الرمل.. هذا البحر الذي تنساب ايقاعاته بليونة وعذوبة.. مموسقة كخرير جدول رقراق...
وقد أضاف شاعرنا الراقي للقصيدة رونقا آخر، إضافة إلى رونق موسيقى تفعيلة الرمل (فاعلاتن) إنه رونق التأنق في اختيار الألفاظ والتعابير المتوافقة تماما مع إيقاع الوزن... وانسيابية المعنى.. وروح الموضوع... ما خلق جوا عذبا مريحا لطيفا في القصيدة... وجعلها تتسلل إلى ذائقة القارئ قسرا..
انه الفن الشعري الأصيل النابع عن وعي ودراية وتجربة وحس عالٍ وذائقة متميزة حساسة...
يخطئ من يظن أن الشعر يكتفي بالمتاح والمطروق من الفاظ وتعابير اللغة.. بل للحقيقة.. إن تخيّر الالفاظ بعناية وإحساس من شأنه ان يضيف رونقا وجمالا وجاذبية للشعر.. وقد ابدع شاعرنا في ذلك أيّما ابداع.. فهو على ما يبدو من المغرمين باختلاق التعابير الجديدة الموحية والجميلة.. فدعونا نتابع أقواله الرائعة : 
- "وبهاء الجو جودُ" ... صورة راقية.. مبتكرة... الجو يجود بالبهاء ويسخو بقوة..
- " وشبابــي في تسانيــه السُّعودُ" تسانيه.. السناء تعني البريق.. الإشعاع.. السمو والعلو والشموخ... سعد شباب في تسانيه.. في دوام بريقه وشموخه... صورة تعبيرية راقية جدا
- "لطف بحرٍ" اعتدنا أن نقرأ تعابير عن البحر .. تعبر عن هياجه.. أو صخبه.. أو هدوئه.. أما أن يكون طبع البحر لطف.. فصورة مبتكرة أبدع شاعرنا من خلالها بإيصال الصورة الراقية.. بحبورنا.. بفرح لقائنا.. جاد البحر بلطف..
- " فرحلنـــا وصدى الوجْدِ ردودُ" : ما أبدعه من تعبير.. رحلنا في لطف البحر.. لم نتكلم.. لم نعبر.. تركنا لوجدنا أن يرد على حبورنا بالصدى... صدى قلوبنا..
- "ومساءُ الصمْتِ عودُ" : هكذا تكتمل الصورة الراقية.. مساء الصمت عود يعزف ألحان نبضنا بصمت وجداني عميق ..
- "تتغنّـى بالأمانـي دون صوْتٍ" : إصرارا منه على توضيح الصورة التعبيرة.. لأنها على ما يبدو تلامس صدى في نفسه.. يأتينا بهذا التعبير الشارح والمفسر.. تتغنى بالأماني.. الأماني هي شاغل أرواحنا.. ولكن دون صوت.. إذ لا فائدة للصوت حين تتكلم الأرواح .. 
- "ورياض الروح عطر وورود": رياض الروح.. ما لا تراه العين.. ولا تبلغه الحواس الجسدية.. انه حس عميق يتولد في الروح ويسمو بها.. عطرا ونشيدا وصفاء
- "المبسم شوق من جلال" ما أروعها من صورة.. البسمة تحكي كل لغات الشوق.. ولكن بجلال .. باحترام وشموخ "وتساميه شرودُ": وحين يتسامى عن الدنيا.. عن اللذة العابرة .. يشرد إلى عالم روحاني يسمو فيه معنى الشوق عن كل معنى مألوف.. أو متخيّل..
- "متْعة الإحْساس والحسِّ معاً" من التعابير غير الموفقة –برأيي المتواضع- لا أدري: هل قصد بالاحساس (الإحساس الجسدي.. المرتبط بالحواس الخمس..؟" عندها تكون الصورة مستهجنة غريبة.. فما دام تحدث في كل الأبيات الماضية واللاحقة عن الحس الروحي والتسامي الروحي .. فلم أقحم الحواس هنا..؟ وإن كان يقصد الإحساس باللحظة.. بالموقف.. والحس الروحي الوجداني الذي يقف وراءه.. فالجمع بينهما أيضا مستهجن لأن كلا المعنيين يؤدي نفس الأحساس في نفس القاارئ.. وجمعهما يدخله في ارتباك شعوري...
- "بتّ بإشــراقي أجودُ" كلما ازددت إحساسا بالمتعة.. كلما ازددت إشراقا... تعبير في غاية الجمال.. والدقة والعذوبة
- "فرسمْتُ الشِّعر رقْصاً" الرسم بالكلمات.. وليس فقط.. بل الرقص بالكلمات.. كلمات الشعر تتراقص في وعيي .. كالتهاني
- "آية بحرية" لك أن تتخيل البحر حين يتحول في وعي الشاعر إلى آية.. آية من جمال.. من رقة.. من سحر..من عذوبة.... وهو يوضح الصورة بقوله: " والوحْــــيُ مـــدٌّ /// بعْدَ جــزْرٍ فيـــهما نُبْـــلٌ وَدودُ".. ما يوحي إلي بهذه الآيات رسول من المد والجزر اللطيف النبيل الودود... كأنما يريد أن يقول: أحس البحر بنا فبات كل شيء فيه ودود ليوافق إحساسنا ويكمل بهجتنا بكل نبل..
- "خلفها بدْرُ سماءٍ خاسفٍ من /// نورها، والنبْض في قلــبي رُعودُ"
- "فوضعْت اليد فوق البدْر توّاً /// وفؤادي قال : للصبْــــــر حُدودُ"
- إنه شاعر حاذق.. يريد للقارئ أن يتتبع المعاني معه بحس ووعي.. "خلفها بدر سماءٍ" لينبه ذهن القارئ أن المقصود هنا البدر العادي الذي نراه في السماء.. أما في قوله (فوضعت اليد فوق البدر.. فإنما يقصد الحبيبة التي ترافقه رحلة الأشواق..
- "ومددْنا لتغاريـــــدِ الأمانــي /// لهْف حبّ في تجلّيــــــه الوجودُ".. مرة أخرى يؤكد على أن المتعة لم تتعد الأمنية.. التي تغرد في النفوس والقلوب وتسكن الوجدان والشعور... "في تجليه الوجود" في تجلي هذه المشاعر.. معنى وقيمة الوجود والحياة.. نعم: لا معنى للحياة إن خلت من تغاريد الأماني ونقاء الحس وسمو الشعور.. وتساني الوجد والشوق..
- "هي ذي بعض حكايـا الأمس لمّا /// كان فينـا ما الأنا عنْه يذودُ"... ما أبدعها من خاتمة: إنها حكايا الأمس.. التي بتنا نفتقدها اليوم.. حيث طغت الماديات.. على الوجد والحس والصفاء والنقاء .. هذا الذي كنا نذود عنه.. ندافع عنه بكل ما أوتينا.. إنه النقاء والبهاء.. وصفاء الحس ونقاء الشعور .. وشموخ الأماني..
قصدية مبنية بقوة.. بتأمل.. وفكر عميق.. وخبرة متميزة.. وإحساس عال .. ووجدان صادق راقٍ عظيم...
لشاعرنا التحية والاحترام

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 251 مشاهدة
نشرت فى 1 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

557,265