دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

ما رأيت منك خيراً، وما رأيت خيراً منك ...
دفعني نقاش جرى بين نفر من الناشئة - على اختلاف رتبهم - في مكان ما حول أي العبارتين هي لمدح ، وأيهما لذم؟ وذلك في ظل إصرار بعضهم على أن الأمر راجع إلى سياق، وحسب نية قائلها - وما يطلع على سرائر إلا خالقها - وهذا ليس بشيء هنا..
وفي الحقيقة فإنّ الأمر أيسر وأدنى متناولاً من أن يكون محل خلاف، وذلك بدلالة ما تعرفه العرب من ترتيب يقوم عليه أسلوب المخايرة والتفاضل الذي يتكون على الترتيب مما يأتي :
(1- المفضل 2- أفعل التفضيل 3- المفضول أو المفضل عليه مسبوقاً بحرف الجر من) ، وأي خلل في هذا الترتيب ينفي المخايرة في محمود أو مذموم. وهذا يقودنا إلى أن قولهم (ما رأيت منك خيراً) لا علاقة له بمعنى التفضيل، وكلمة (خيراً) فيه مصدر واقع في موقع المفعول به للفعل (رأى) البصري،في حين أنّ الجملة الثانية (ما رأيتُ خيراَ منك) هي التي يراد بها التفضيل والمخايرة، وهي ما يراد بها المدح هنا . قلت هذا بعيداً عن رجوع إلى المظان في مكتبتي، وعندما أحوجني البرهان وأعوزني الدليل، قادتني حافظتي إلى حديثين للنبي صلى الله عليه وسلم وثيقي الصلة بالجملتين موضع النقاش.
أما أولهما فهو حديثه صلى الله عليه وسلم عن كفران النساء للعشير، قال : ( يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط). وهذا في معرض ذم ، لأن (من ) الجارة واقعة قبل المصدر (خير) الذي يشتبه باسم التفضيل بعد حذف همزة أفعل منه لكثرة استعمالهم إياه. وأما الحديث الثاني فهو في رده صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد أرادت أن تغمز من قناة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها. قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء". وواضح هنا أنّ حرف الجر (من) واقع بعد أفعل التفضيل، وقبل الاسم المفضول، وهو الضمير الكاف العائد على السيدة خديجة، وكلامه عنها مدح نظراً لمكانة خديجة منه ،على حبه صلى الله عليه وسلم عائشة، وقد بين سبب منزلتها تلك عنده. 
وأحسب أن الذي أشكل على القوم أن اسم التفضيل (خير) كما (شر) حذفت منهما همزة أفعل التفضيل لكثرة استخدامهما ودورانهما على الألسن، فاختلط أفعل التفضيل بالمصدر منهما، قال صاحب اللسان:"يقال : ما أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه ، وهذا خَيْرٌ منه وأَخْيَرُ منه . ابن بُزُرج :، قالوا هم الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ من الشَّرَارَة والخَيَارَةِ ، وهو أَخْير منك وأَشر منك في الخَيَارَة والشَّرَارَة ، بإِثبات الأَلف"(1). 
وخلاصة القول: إنَّ المعول عليه في فهم معنى التفضيل يكمن في أن تكون (من) الجارة مع المفضل عليه واقعة بعد اسم التفضيل.
أما أولهما فهو حديثه صلى الله عليه وسلم عن كفران النساء للعشير، قال : ( يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط). وهذا في معرض ذم ، لأن (من ) الجارة واقعة قبل المصدر (خير) الذي يشتبه باسم التفضيل بعد حذف همزة أفعل منه لكثرة استعمالهم إياه. وأما الحديث الثاني فهو في رده صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد أرادت أن تغمز من قناة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها. قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء". وواضح هنا أنّ حرف الجر (من) واقع بعد أفعل التفضيل، وقبل الاسم المفضول، وهو الضمير الكاف العائد على السيدة خديجة، وكلامه عنها مدح نظراً لمكانة خديجة منه ،على حبه صلى الله عليه وسلم عائشة، وقد بين سبب منزلتها تلك عنده. 
وأحسب أن الذي أشكل على القوم أن اسم التفضيل (خير) كما (شر) حذفت منهما همزة أفعل التفضيل لكثرة استخدامهما ودورانهما على الألسن، فاختلط أفعل التفضيل بالمصدر منهما، قال صاحب اللسان:"يقال : ما أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه ، وهذا خَيْرٌ منه وأَخْيَرُ منه . ابن بُزُرج :، قالوا هم الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ من الشَّرَارَة والخَيَارَةِ ، وهو أَخْير منك وأَشر منك في الخَيَارَة والشَّرَارَة ، بإِثبات الأَلف"(1). 
وخلاصة القول: إنَّ المعول عليه في فهم معنى التفضيل يكمن في أن تكون (من) الجارة مع المفضل عليه واقعة بعد اسم التفضيل.
لعل في هذا بعض نفع فليتأمل، هذا والله أعلى وأعلم وأجل.
هذا وللحديث صلة إن نسأ الله في أجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللسان والتاج (خير).

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 25 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,871