دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

مناقشة قصائد مختارة للشاعر أمل دنقل
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي عقدتها دار الفاروق، تم مناقشة مختارات من قصائد الشاعر المصري أمل دنقل، وافتتح الجلسة الروائي محمد عبد الله البيتاوي، ساردًا السيرة الذاتية الحافلة للشاعر دنقل، منوهًا إلى أهم المحطات الهامة في حياته:
هو محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، ولد عام 1940م في أسرة صعيدية بقرية القلعة، مركز فقط، على مسافة قريبة من مدينة قنا في صعيد مصر، وقد كان والده عالمًا من علماء الأزهر الشريف، مما أثر في شخصيته وقصائده بشكل واضح. ورث أمل دنقل عن والده موهبة الشعر، فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضًا كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي، مما أثر كثيرًا فيه وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الأديب. فقد دنقل والده وهو في العاشرة من عمره، مما أثر عليه كثيرًا وأكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره.. رحل أمل دنقل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا، وفي القاهرة التحق بكلية الآداب، ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل. فقد عمل دنقل موظفًا بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية، ثم بعد ذلك موظفًا في منظمة التضامن الأفروآسيوي، ولكنه كان دائمًا ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر، كمعظم أهل الصعيد، شَعَر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثر هذا عليه كثيرًا في أشعاره، ويظهر هذا واضحًا في أشعاره الأولى. 
مخالفًا لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة، عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية، مما ساهم في تشكيل نفسيته، وقد صُدم ككل المصريين بانكسار مصر عام 1967، وعبّر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث".
شاهد أمل دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام، ووقتها أطلق رائعته "لا تصالح" والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، ونجد أيضًا تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحًا في مجموعته "العهد الآتي". كان موقف أمل دنقل من عملية السلام سببًا في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصرية، وخاصة أن أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسن الآلاف.
عبر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسها، ونجد هذا واضحًا في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعة شعرية له "أوراق الغرفة 8"، حيث عرف القارئ العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" الصادر عام1969 الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.
بعد أن عرض البيتاوي السيرة الذاتية للشاعر، فُتح باب النقاش على النحو التالي:
تحدث الشاعر جميل دويكات: نحن أمام شاعر نستطيع معرفة حالته الشعورية من هذه النصوص الشعرية العميقة، فشاعرنا صاحب انتماء قومي عروبي أصيل، ولو كُتب لهذا الشاعر عمرًا أكبر، لرأينا المزيد من هذا الإبداع.
قصيدة حمامة: هي رمز للجمال والحب وحالة الهيام لدى الشاعر، قصيدة لغتها جميلة وعميقة، وقد كان بياض الحمامة هو الفعل الطيب والخيّر، والسواد هو الحياة التي عاشها الشاعر. 
قصيدة العار الذي نتقيه: لعل الشاعر هنا أراد من هذه الأسطورة " أوديب" إخراج ما هو بداخله، واللافت للنظر أن الأم هنا لا تكاد أن تظهر إلا قليلاً، فهل كان الشاعر يريد إسقاط هذه الأسطورة على نفسه أم على واقعه؟
العينان الخضراوتان: هذه القصيدة صاحبة الجمال المطلق، فألفاظها بيضاء شفيفة، وفي ذات الوقت، تعبر عن الحنان والحالة النفسية المتألمة، نتيجة للحالة المرضية القاسية التي أودت بحياته، لكن الشاعر لم يكن مهزومًا، فهو عاش الحياة كما أراد، لذا خرجت هذه القصيدة خليطًا بين الكلمات البيضاء والسوداء، بين الاخضرار والحريق.
قصيدة العشاء: الحساء هنا هو الدم، وعلى الرغم من أن العدو هنا تمكن من دم الشاعر، إلا أنه مازال يتلذذ بشربه، فحالتنا العربية على مر هذه الأزمان، كانت محلها الوجودي مفعول به، وعدونا هو الفاعل الذي لا يرحم.
قصيدة رسالة من الشمال: قصيدة فيها الأخذ من الموروث، المتعة كباقي القصيدة موجودة رغم الوجع الساكن فيها، وأن الشاعر لم يعط المعنى بالمجان، بل على القارئ البحث في ثنايا هذه النصوص الرائعة.
أما الناقد سامي مروح دويكات: قدم دويكات رؤيته لعموم نصوص هذه القصائد قائلاً: إن الشاعر دنقل شاعر متمرد، له رؤية ترجمها من خلال قصائده الشعرية، ولدى الشاعر مؤثرات ودلالات في النص، ضاربًا مثلاً، بالحمامة، التي كان لها حركة دائرية في سماء القاهرة، والتي تملكها الخوف المبرَر والغير مبرَر، فكأن الخوف سكن بقلبها، وأن الحمامة هنا، كان القصد منها هؤلاء البسطاء من الناس الذي عاشوا حالة من القمع وعدم الحرية والخوف والبؤس نتيجة لظروف سياسية اقتصادية. فالشاعر دنقل، في رؤيته للطير، خالف الكثير من الشعراء والأدباء في مدلولها، فالطير رغم معرفته بالحرية والانطلاق، إلا أن الشاعر هنا طرحه بطريقة سوداوية مغايرة مؤكد على الحالة السيئة التي كانت قائمة. وفي قصيدة العار الذي نتقيه: أردا الشاعر هنا بكل وضوح أن يقول أن على الإنسان مواجهة قدره وعدم الهروب.
أما الناقد نضال دروزة تحدث قائلاً: كان في شعر دنقل نبوءة، لم تلبث أن تحققت بوقوع الهزيمة العسكرية في حزيران من عام1967م، وجاءت هذه النبوءة في قصيدة "الأرض والجرح الذي لا ينفتح". التي قال فيها:
الأرض ما زالت ، بأذنيها دم من قرطها المنزوع،
قهقهة اللّصوص تسوق هودجها.. وتتركها بلا زاد،
تشدّ أصابع العطش المميت على الرمال
تضيع صرختها بحمحمة الخيول.
ملثّما يخطو.. : .. إلى أن يصل
قد شوّهته النار!
هل يصلح العطار
ما أفسد النفط؟
لم يبق من شيء يقال.
يا أرض:
هل يلد الرجال؟
وحين وقعت هذه الهزيمة، لم يهرب ولم يتوارى، بل تقدم بالركب، ونشر قصيدته: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، بأسلوب جارح وعن الأسباب وراء هذه الهزيمة. ونوّه دروزة إلى الديوان الأخير الذي نُشر بعد موت الشاعر عام1983م، وأن قصيدته "كلمات اسبارتيكوس الأخيرة " سنة 1964م هي تمثل بغير سك أولى معالم التجديد والنضج في تجربة دنقل الشعرية.
الروائية خلود نزال تحدثت قائلة: يمتلك الشاعر أمل دنقل حسًا وطنيًا، وأن الحزن يسيطر على معظم قصائده، معبرًا عن تلك الهموم التي كانت تفتك بحياته.
وكأن دنقل في قصيدته الحمامة، استسقى الفكرة من قصيدة أبي فراس الحمداني. العلاقة بين الشاعر والأم هنا، قد تكون ليست تلك الأم من لحم ودم، وإنما هي الأرض والوطن. التناص كان ظاهر خاصة في قصيدة ماريا، وهي أسطورة إغريقية. في عموم قصائد دنقل، وجدت المتعة والصور الفنية المكثفة.
الشاعر عمار دويكات قال: على أعتاب الرؤى في قصائد أمل دنقل، ليس الشاعر فقط من هو ابن بيئته، بل الشعر أيضًا لا ينزاح عن هذا المسار، فتُـرى كم نحن بحاجة من وقت كي نتخلص من الألم الساكن فينا، لدينا شاعر مصري عتيق، افترسه الزمان باكرًا، كما افترس امرؤ القيس وإبراهيم طوقان وغيرهم، فكأن الشعراء الذي يمضون باكرًا يضعون كل ما لديهم دفعة واحدة، ليحققوا النصر على الموت بالضربة القاضية. 
قيل عن دنقل في آخر أيامه أنه كان يصارع الموت بالشعر (صراع بين متكافئين الموت والشعر). أمل دنقل الذي عرف بـ لا تصالح، عرف بقصيدة جاءت مذبوحة على معبد الضياع والسلام الرمادي. 
لندخل في قصائد دنقل، نحتاج إلى حبة أسبرين مميعة لدمنا الذي ما زال يتجلط من مآسينا المتراكمة والمتراكبة: حمامة ٌ خائفة متوهمة منهكة، هل لونها الأبيض كان هو المحور والرمزية عن السلام المنهك والخائف؟ تهربُ الحمامة من التمثال إلى القبة إلى الساعة إلى الجسر من الشرطي، فهل قصد دنقل بالشرطي هو النظام السياسي الذي قبـِل السلام الذليل فتحول إلى موت وضياع؟
ثم يطلب الشاعر من الحمامة أن تنشد للموت، وأن تلتقي بالفجر في صباحها الأخير، ملقاة على ذات التمثال التي هربت منه، تمثال نهضة مصر، حيث أنامل محمود مختار التي أبدعته، ثم تلتقي الحمامة مع الراحة والسكينة، راحلة ميتة عن هذا العصر المجنون، وهنا في تقديري إبداع دنقل، حيث أراد القول في ثنايا هذا النص أن التمثال الذي يمثل نهضة مصر وتطورها وحالاتها السياسية والتمردية، أصبح قبرًا يستريح عليه الأموات، وهذه دلالات على الوضع السياسي الذي رفضه دنقل. 
العار الذي نتقيه: يبدأ دنقل هذه القصيدة باسم إشارة "هذا" إذن نحن أمام أحداث كبيرة لم يذكرها الشاعر، ولكن تأثر بها. ثم يبدأ بالتناص المُوحي عن أسطورة أدويب، الذي حقق نبوءته. هنا ماذا أراد الشاعر يا تـُرى؟!!، هل نحن أمام هزلية الواقع العربي، أم أن هذه القصيدة هي ردة فعل عن الشاعر نتيجة لانهيار أحلامه بالنصر والبطولة والعروبة، يقتل ُ أوديب أبيه لايوس ويتزوج من أمه جوكاسنا. الشاعر يريد منا أن نقف على حقيقتنا وعلى وضعنا بكل تجرد وأن ننتج من أغصاننا ثمرنا، وأن لا نهرب للأمام مخافة الهزيمة، بل علينا الوقوف للمواجهة. لقد استخدم دنقل هذه الأسطورة بحرفية رائعة، وبإسقاط مذهل لواقع مر، نختبئ منه وبذات الوقت نسكن فيه. 
أما الناقد رائد الحواري فتحدث قائلاً: أن نتقدم من شعر "أمل دنقل" يعني أن نكتشف عالم الشاعر، فمن يطّلع على ما كتبه سيجده شاعرًا نبيلاً، شاعرًا محبًا، شاعرًا متمردًا، شاعرًا متألقًا ومبدعًا، وأن يغادرنا وهو في العقد الرابع من عمره فهذا يعني أنه كان شاعرًا بكل معنى الكلمة، فعندما يستهلك الإنسان جسده قبل أوانه، فهذا يدل على أن الشاعر كان أكبر من جسده الذي لم يقوى على البقاء صامدًا كما هو حال شعر الشاعر.
قصيدة لا تصالح: هي القصيدة الأشهر، وقد قلنا أن وقع فعل الأمر على القارئ فيه شيء من القسوة، لأن من معانيه أن هناك من يصدر لنا الأمر، وعلينا أن ننفذ، وأن من أصدر الأمر يحمل شيء من الفوقية، لكن "أمل دنقل" يتجاوز هذا الوقع لفعل الأمر من خلال استحضار سيرة الزير سالم التراثية، فبمجرد أن يدخل القارئ إلى متن القصيدة سيعلم أن الكلام موجه للزير، والذي سيخفف من وقع فعل الأمر الذي قرأه في فاتحة القصيدة.
أمل دنقل في "لا تصالح" استخدم لغة سهلة وتتوافق تمامًا مع ما جاء في سيرة الزير، ولكن الجميل فيها أنه وظّف الحدث التراثي/تاريخي بشكل يتطابق تمامًا مع الواقع العربي/المصري، كما أن استخدام صيغة السؤال قصد منها الشاعر استثارة العقل، وطبعًا هذا لا ينفي أن يكون بين ثناياه استثارة النخوة والتي هي جزء من تركيبة النفس العربية، والتي تنحاز للإثارة وتتأثر بشكل واضح في طريقة وشكل الخطاب الموجه إليها، لهذا نقول أن قصيدة "لا تصالح" وظّف فيها الشاعر حدث تراثي/تاريخي بشكل ينسجم ويتوافق مع الواقع.
قصيدة ماريا: دائمًا للمرأة أثر إيجابي على المتلقي، فأن يكون عنوان القصيدة اسم امرأة "ماريا"، فهذا يعني أن هناك تناول لعلاقة ما معها، وأن النص/القصيدة سيكون فيها شيء من الهدوء والنعومة، ويعني أيضًا أن الشاعر يحترمها، لهذا جعلها عنوان القصيدة، والجميل أكثر أننا نجده يخاطبها:
"ماريا! يا ساقية المشرب
"الليلة عيد" فمثل هذه الفاتحة الشهية تقدم القارئ أكثر من القصيدة، وتجعله يتقدم بسرعة أكثر منها، خاصة إذا علمنا أن اسمها "ماريا" وبعد أن ندخل التفاصيل، سنجد هناك نفس متعبة يرهقها الوجع والألم، لهذا تريد من يخفف عنها ما تمر به، فكان من خلال "ماريا" ومن خلال المشروب:
"لكنا نخفي جمرات التنهيد!
صبي النشوة نخبا.. نخبا"
وهنا نشعر أن الشاعر يذهب إلى "ماريا" وحانتها لينسى/ليهرب من واقعه، فتحدثه بروح الإنسانة الناعمة والتي تنظر إلى الناس بصورة عادية وبسيطة:
"الناس هنا كالناس في اليونان
بسطاء العيشة، محبوبون"
وكأن الشاعر من خلال إسماعنا صوت "ماريا" أرادنا أن نعرفها أكثر، فطبيعتها بسيطة وخيّرة، لهذا تنظر إلى الناس بهذا الشكل الإنساني الذي يتساوى فيه الكل، لكن الشاعر لا يراهم كما تراهم هي: 
"لا يا ماريا
الناس هنا في المدن الكبرى.. ساعات
لا تتخلف
لا تتوقف
لا تتصرف
آلات، آلات، آلات
كفى يا ماريا 
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان"
التباين من وجهتي النظر، تشيران إلى طبيعية كلاً من "ماريا والشاعر" إلى طريقة التفكير والنظر إلى الأشياء، فنجد الشاعر يحاول أن يبتعد عن الواقع من خلال "نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان" والتي يكررها مرتين في القصيدة.
انسجام الشاعر مع القصيدة وتوحده معها جاء من خلال التماثل بين فكرة "النسيان/الهروب" من الواقع عند الشاعر والألفاظ وطريقة تقديم الأفكار التي قُدمت فيها القصيدة، فالقارئ يتأكد أن الشاعر يعمل على أن لا يخوض في الحديث عن الواقع، لهذا هو يحاور امرأة "ماريا"، وهي بطبيعتها تمنحه شيء من الهدوء والسكينة، وأيضًا طبيعة "ماريا" الساقية التي تميل إلى جذب الزبائن وجعلهم يحبون حانتها.
قصيدة العشاء: من أشكال رفض الواقع تقديم المادة الأدبية/القصيدة بشكل فانتازيا، في هذه القصيدة نجد عالم غير عقلاني، عالم يتمرد على العقل والواقع:
"قصدتهم في موعد العشاء
تطالوا لي برهة،
ولم يرد واحد تحية المساء!
... وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
في طبق الحساء
... ... ...
نظرت في الوعاء:
هتفت: "ويحكم ... دمي
هذا دمي ... فانتبهوا"
.... لم ينتبهوا!
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة وظلت الشفاه تلعق الدماء!"
فالشاعر يقدم حدث شديد القسوة "ناس تشرب من دمه" لكنه خفف من حدّة هذه القسوة من خلال الفانتازيا، وهذا يشير إلى أن الشاعر بطبيعته يميل إلى السلام، لكن وقع الأحداث عليه، كشاعر، يجعله يقوم بدوره في طرق جدار الخزان، فكان من خلال هذه الطريقة في تقديم فكرة الرفض للواقع.
وإذا ما توقفنا عند النقاط المتقطعة والتي تمنح القارئ مساحة جيدة ليفكر/يتوقف عند تفاصيل الأحداث، يتأكد لنا أن الشاعر يميل إلى استثارة العقل والتفكير وليس التعبئة العاطفية الانفعالية.
قصيدة العينان الخضروان: صيغة المثنى تعطي إشارة إلى ميل الشاعر إلى طرف المرأة، فكأنه من خلال صيغة المثنى يطلبها لتشاركه حالته، ما يمر به من فرح أو حزن، فصيغة المثنى تعني/تشير إلى العلاقة الثنائية بين نظرين، وأن يكون العنوان "العينان الخضروان" فيعني أن هناك تغزل/تغني بجمالهما:
"العينان الخضروان
مروّحتان
في أروقة الصيف الحران
أغنيتان مسافرتان
أبحرتا من نايات الرعيان
بعبير حنان
بعزاء من آلهة النور إلى مدن الأحزان
سنتان"
نجد المثنى في كلاً من "مروّحتان، أغنيتان، مسافرتان، أبحرتا، سنتان" ونجد أثر المثنى في ألفاظ أخرى "الحرّان، الرعيان، حنان، الأحزان" وكأن حرف النون الذي يشير إلى صيغة المثنى انعكس على بقية الألفاظ، وهذا يشير إلى أن الشاعر ينحاز إليها.
إذن هناك ميل نحو علاقة ثنائية مع المرأة، وهذا ما وجدناه في:
"وأنا أبني زورق حبّ
يمتد عليه من الشوق شراعان
كي أبحر في العينين الصافيتين إلى جزر المرجان
ما أحلى أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان
و أنا أبحث عن مجداف
عن إيمان"!
نقلة واضحة نحو الحب، فنجدد اللغة الناعمة والهادئة من خلال "زورق، الحب، الشوق، شراعان، أبحر، العينيين، الصافيتين، المرجان، أحلى، الجفنان، إيمان" فكل هذه الألفاظ جاءت لتؤكد على انحياز الشاعر إليها، إلى تلك التي تمنحه كل هذا البياض والجمال، فبدونها سيفتقد هذه اللغة وهذا الصفاء.
وإذا ما أخذنا صيغة المثنى التي جاءت في: "شراعان، العينين، الصافيتين، الجفنان" نكون أمام حالة توحد بين الشاعر والحبية.

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 31 أكتوبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

597,888