دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

دروس خصوصية
——————— 
في هذا الوقت أصبح شغل الشاغل لمعظم الأسر بإيجاد المعلمين والمدرسين لأولادهم لغرض تحسين مستواهم الدراسي والتعليمي لضمان نجاحهم بعدما فشلت أغلب المدارس الحكومية في التربية والتعليم خلال السنوات الماضية نتيجة الإهمال والفساد المستشري في المؤسسات المعنية. 
عند اكمال دراستي الجامعية كنتُ مقتنعاً جداً بعدم اتخاذ مهنة التدريس في مسيرة حياتي الوظيفية ، وكانت نظرتي لزملائي الذين اتخذوا التدريس مهنة دون الدرجة التي أرتقي بها في وظيفتي بشيءٍ من الغرور، على اساس أن الوظيفة أفضل بكثير من الوقوف بين الطلاب وسبورة الصفوف .
بعد أحالتي على التقاعد لم يكن توقعي أن مستقبل أصدقائي المدرسين بعد التقاعد أفضل مني بكثير حينما أكتشفت أن أحدهم يمارس التدريس الخصوصي للطالب الواحد بمبلغ تجاوز المليون للشهر الواحد ، أما الدرس الواحد ليوم واحد قد يكون مائة ألف دينار . 
يحاول بعض المعلمين والمدرسين التنصل من عمله في المدارس الحكومية ويشجع الطلاب على تدريسهم في أوقات خارج الدوام بدروس خصوص لقاء مبالغ وقد يكون ذلك أموال غير مقبولة بمثابة رشوة لغرض التدريس بصورة يستوعبها الطالب ومغاير عما يسمعه في الصف من معلمه ، قد تكون هذه الظاهرة خطيرة جداً في العملية التربوية خاصة وأن انتشارها بات أوسع مما نتصور فقد عمت ذلك للصفوف الابتدائية أبتداءً من الصف الأول .
نأمل من الدروس الخصوصية هي لتطوير قابلية الطالب نحو مستوى أعلى لا يكون على حساب واجب المدرس في وظيفته كما يفعله بعض الأطباء حينما ينصح بمراجعة مريضه إلى عيادته الخاصة بدلاً من المشفى .
لوحظ في المناطق الشعبية تقوم بعض البنات بتدريس الطلاب في مسكنها بأجور زهيدة بعيداً عن التخصص لتحسين قابلية الأطفال في التعلم ويدخل ذلك ضمن المنفعة المتبادلة بين الأطراف .
ربما تكون العلاقة غير طبيعية بين المعلم والطالب إن كان بناؤها على أساس المال بعد تحويل عالم التدريس والتعليم إلى مؤسسة تجارية وربحية. خلال مقابلتي لأحد الأصدقاء المدرسين فوجئت بكثرة الاتصالات الهاتفية على طلبات التدريس وتحديد السعر والمدة ، مع إن هناك نوع من الأخلاص والجهد المميز في التدريس خارج المؤسسة الحكومية .
والأدهى من ذلك عندما سمعت مدير مدرسة أهليه يُحدد لأحد أولياء الأمور معلمة خاصة بعد أوقات الدوام للطالب على أساس تحسين مستواه الدراسي . هنا يجب أن نلاحظ ردود فعل الحكومة من ظاهر انتشار التدريس الخصوصي ومع مدى تأثيره على الدخل الأُسَري حيث يكلف العوائل مبالغ طائلة لأولادهم بينما هناك دول عربية تحارب وتعاقب التدريس خارج أوقات الدوام على أساس الخصوصية .
قد تؤثر بشكل مباشر على العلاقة بين المعلم والطالب حينما تتسع هذه الظاهرة لكلا الطرفين عندما يؤخذ الجانب المادي في التعليم والتدريس ويبقى الهمِّ الأكبر هي العوائل الفقيرة من عدم إمكانيتهم في أشراك أولادهم بالدروس الخصوصية .علاوة على القصص الكثيرة التي نسمعها بين فترة والأخرى بتعليم الأطفال أمور لا يحمد عقباه نتيجة تدخل المال في علاقة التعليمية. 
بكل ثقة أن هذه الظاهرة ستشكل بادرة خطيرة في التربية والتعليم للأجيال القادمة إن لم تراعي الدولة استحقاقات الأطفال بالتعليم المجاني مع وضع الكادر التعليمي والتدريس بعدم جدية التدريس خلال أوقات الدوام الرسمي ويعني التهرب العلني من المسؤولية وإجبار الفساد على التفشي في حالة عدم وجود خطط وبرامج لإنهاء هذه الظاهرة ، نعم ممكن الحكومة تشجيع فتح دورات تقوية تحت أنظار مديريات التربية وباسعار رمزية لتحسين مستوى التعليم.
——————
عبدالزهرة خالد
البصرة/ ٨-١٠-٢٠١٨

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

557,836