دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

authentication required

(((( شاعر )))) و ((( ناقد ))))
(( الشاعر الدكتور حسين عوفي )) و((الناقد الاستاذ صالح أحمد ))
((((((((((((قصيدة أنتِ القصيدة )))))))))))))
أَنتِ القصيدةُ:
بقلم حسين أبو لَيث/بابل
1.أَحْيَتْ بِناعِسةِ العُيونِ شَبابَهُ
فَأَبلَّ مِنْ كأسِ الرَّحيقِ رِضَابَهُ
2.وتَمَلْمَلَ الشوقُ الدفينُ بِقلبِهِ
لَمّا جَلَتْ وجناتُها أحقابَهُ
3.لِتميلِ في حقلِ المَشِيبِ أقاحةً
بِهلالِ عِيدٍ قد جلا أثوابـَهُ
4.مابيننا يجري الحديثُ كجدولٍ
يروي من الجسدِ السحيقِ هِضابَهُ
5.عَلِقتْ بقلبي وانبثثتُ بِروحِها
سِرّاً تكفَّلَ وجدُنا إعرابَهُ
6.أشكو لها وجدي وتهمسُ لهفةً
ومدى الحنينِ يبثُّهُ تلهابهُ
7.فاعشوشبت روحي بِأزهر مارأتْ
عيني وجفني دغدغت أهدابَهُ
8.كالطيرِ في إهزاجِهِ والحسنِ في 
إغناجِهِ والفجرِ مدّ رِكابَهُ
9.والعِشقُ أعتى الخَلقِ تخشى داءَهُ
مامسَّ صنديداً أراقَ لُبابَهُ
10.وأنا سعيتُ إليهِ مِلءَ إرادتي
فقطفتُ من حلوِ الندى أطيابَهُ
11.وسهرتُ مُبتهِجاً أحاكي بدرَها
والليلُ مُرخٍ بالهدوءِ ثِيابَهُ
12.لاتسأليني عن لهيبِ صبابتي
أنا مُدنِفٌ للشامِ حطّ ركابَهُ
13.فلقد عهدتُكِ للمشارِبِ نبعةً
حتى ملأتِ لذي الهوى أكوابَهُ
14.قالت:أحبّك مذ ملكتَ لواعجي
وإذا غرامُكَ ما فطنتُ.حِسابَهُ
15.لاذنبَ اي إلا عشقتك طائعاً
لايرتجي طولَ الزمانِ ثوابَهُ
16.فأجبتها:مهلاً رفيقةَ خاطري
مثلي بعشقِكِ.كالجنونِ أصابَهُ
17.إنَّ الغرامَ غداةَ مثلك تنبري
لاشيء يمنعُ عن فمي تسكابَهُ
18.مابيننا يسري الغرامُ كجدولٍ
يروي من الجسمِ السحيقِ هضابَهُ
19.فخلعتُ شيبي إذ طلعتِ كهالةٍ
زاحت من الليلِ الغسوقِ سحابَهُ
20.رُغمَ المسافةِ بيننا لم نكترث
بُعداً وهمسُكِ.مولياً إقرابَهُ
21.ولئن رأى المجنونُ مثلك كاعباً
ماهام في ليلى وضاعَ شبابَهُ
22.لم يعرفِ العشاق مثلك زهرةً
طلعت بقلبي يوم ماتَ ترابهُ
23.فيكِ اختزلتُ أحبتي وصحائبي
ماهمني منهم ألحَّ عتابَه
24.فلمثلِ شهدكِ ذي خلايا خافقي
أسرابَ نحلٍ لم تجد أضرابَهُ
25.يامن ارومُ مدى الزمانِ لِقاءَهُ
وأظلُّ ماطالَ المدى طلّابَهُ
26.مالي سِواكِ وماسِوايَ هواكِ إذ
في مثلِ صَبوتِنا الغرامُ إيابَهُ
27.ماشيّد العشاقُ صرحاً كالذي
شدنا واعلينا هناكَ قِبابَهُ
28.حتى العتابُ يجيء أعذبَ همسةٍ
يُدلي بها ثغرُ الحبيبِ خطابَهُ
29.بلقيسَ روحي يانزارَ قصائدي
عشتارَ عشقي ذا إليكِ جوابَهُ
30.كوني بقلبي نبضَهُ طول المدى
أرخى لها وترُ الفؤادِ ربابَهُ
31.أنت القصيدةُ والتي أسميتها:
عشقي، فأعجزَ حرفُها كُتّابَهُ
حسين عوفي
العراق/بابل
(((((((((( النقد والاضاءة ))))))))))
الاستاذ صالح أحمد 
قراءة في قصيدة: "أنت القصيد" 
للشاعر حسين عوفي أبو ليث
بقلم: صالح أحمد (كناعنة)
حسين عوفي أبو ليث البابلي العراقي.. شاعر أبى إلا أن يتجشم الصعب ارتيادا للقمم... وهو يدرك في قرارة نفسه، وراسخ يقينه.. أن التميز لا يحالف طالب السهل، بل هو حليف الواثق بأن التميّز قرين سمو الغاية، وشموخ المقصد.. وحصيلة القدرة على تذليل الصعاب...
حسين عوفي آمن أن الأصالة لا يبهت جوهرها.. ولا يصدأ معدنها.. بل تبقى تشع بريقا ورونقا يتطلع إليها الجميع بإكبار؛ لأنها الأصل.. ولأنها الجوهر.. ولأنها غاية لا يدركها إلا من كان أهلال لها؛ حسا، وذوقا، وثقافة، ووعيا، وإتقانا.. وقبل كل شيء؛ موهبة أصيلة مصقولة بالوعي والثقافة..
شاعرنا الأصيل حسين أبو ليث أصر أن لا يثنيه عن عشقه الجزالة والأصالة والفخامة الشعرية قول القائلين: أن الشعر العمودي لم يعد يناسب الذوق العصري.. ولم يعد قادرا على استيعاب القضايا العصرية المتجددة.. 
أو قول القائلين: أن القصيدة العمودية بأوزانها الثقيلة، وقيودها التعبيرية والفنية.. باتت تحد من قدرة الشاعر على الانطلاق... ولا تستجيب لرغبته بالتحليق وحرية التعبير ...
وذلك لأنه آمن أن المشكلة في ثقافة الشاعر وقوة موهبته.. وليس في القالب أو الشكر أو الوزن.. فمن ملك الموهبة الأصيلة، وعمل على صقلها وتنميتها وترقيتها بالثقافة والاطلاع وثراء الفكر والتجربة.. لن تقف في وجهه موانع... ولن تحد من انطلاقة عقبات.. بل سيستجيب عمود الشعر ويطيع لقريحته وفيض روحه وخياله...
أمامنا نموذج حي لروح الأصالة تتجلى جمالا ورونقا على يديه.. وطوع خياله.. وقريحته.. قصيدته الأخيرة التي عنونها بـــ (أنت القصيدة) 
قصيدة عمودية.. على البحر الكامل.. تزخر بالمعاني الرصينة الأصيلة.. والتعابير الموغلة بالعراقة والأصالة.. كما تزخر بالمعاني الراقية الرفيعة الساحرة.. وكأني به قادم من عمق التاريخ الشعري.. يلبس عباءة البحتري تارة.. وقميص النواسي طورا.. وعمامة مسلم ابن الوليد أطوارا... إنه هذا وذاك ولكن بروح متجددة متوجة ببصمته الخاصة والفريدة التي أكسبته تميزه.. وأبرزت قدرته على تطويع اللغة لمراقي خياله وذوقه..
."أَحْيَتْ بِناعِسةِ العُيونِ شَبابَهُ
فَأَبلَّ مِنْ كأسِ الرَّحيقِ رِضَابَهُ
.وتَمَلْمَلَ الشوقُ الدفينُ بِقلبِهِ
لَمّا جَلَتْ وجناتُها أحقابَهُ"
مطلع يختزل معاني صراع النفس مع الحياة.. الحياة التي لا يخبو بريقها ما دام الحب تاجها.. والشوق بابها.. واللهفة عنوانها.. 
(أحيت شبابه)... تعبير أراده وقصده بقوة ليدلل على أن شباب النفس والروح لا يتوقف.. بل هو قابل للتجديد إذا وجد ما يحييه.. وهل أقدر من (ناعسة العيون) على إحيائه؟! وجعل الشوق الدفين، أو الذي ظنه دفينا، يتململ ليعود حيا... (لما جلت وجناتها أحقابه) وأزالت كل رواسب السنين.. ورواسب الظن.. ورواسب الخوف من الحب ... (لِتميلِ في حقلِ المَشِيبِ أقاحةً) وتتفتح ورود عمره وشوقه كحقل يحييه الطل بعد أن جف .. أو أقفر.. ليجري الحديث مجدّدا عهد الهوى، كما يجري ماء الحياة ليجدد نضارة الزهر:
"مابيننا يجري الحديثُ كجدولٍ
يروي من الجسدِ السحيقِ هِضابَهُ"
وما أبدع تعبير (الجسد السحيق) حيث يحتمل عدة دلالات، أو تأويلات.. فهو سحيق: سحقته عجلة الأيام بدورانها... وهو سحيق: موغل بالقدم.. وهو سحيق: بتاثير الجفاف العاطفي والشعوري والحسي.. 
وهاهو الحديث العذب؛ حديث الحب، يحييه من جديد.. ويعيده حاضرا نضرا منسابا كجدول يروي الهضاب... 
ولا يظنن أحد أنه اختار كلمة الهضاب هنا للزوم القافية والروي فقط! فقد كان يمكنه استخدام كم من الكلمات تفي بذلك، مثل: (سحابه، ترابه، غيابه...) ولكنه اختار (هضابه) عن قصد ووعي.. فالهضبة في اللغة تعني الأرض المرتفعة قليلة التضاريس... بمعنى أن تكون على شكل واحد .. وطبيعة واحدة.. لا تنوع للتضاريس فيها.. وقد تشقها الينابيع وتعلوها الخضرة.. وتتجدد فيها حياة الطبيعة.. وهذا ما رمى إليه.. فجسده بات كالهضبة، تضاريسه محدودة طغت عليها تجاعيد الزمن، فجاء الحب ليفجر ينابيعه ويحييه..
"فاعشوشبت روحي بِأزهر مارأتْ
عيني وجفني دغدغت أهدابَهُ"
"فاعشوشبت": صيغة "افعوعل" تحمل دلالة التفاعل.. نعم بتأثير التفاعل بيننا أزهرت روحي واستعادت حياتها وحيويتها.. وقدرتها على التفاعل مع الحياة.. وأطيب التفاعل تفاعل الحب، لذا يضرب لنا أمثالا عن تفاعلات الحياة التي تحمل معنى التجدد المحبوب: 
"كالطيرِ في إهزاجِهِ والحسنِ في 
إغناجِهِ والفجرِ مدّ رِكابَهُ"
عناصر من الطبيعة يتقمصها .. ليعيش تفاعلات روحه.. وينقلها إلينا حسا.. وتعبيرا مشبعا بالتفاعل الحسي الذوقي المحبب.
وانظر كيف يقابل بين تعابيره كأنها عقد منتظم.. لا انفصال للآلئه عن بعضها..
ثم ينقلنا ليختزل لنا تجربته التفاعلية وما تركت في نفسه ونفسيته وروحه من أثر ترجمه إلى شعور نابض في النفس، جعله يستشعر هذه الحيوية بكل طاقاته، ما زاد في شبابه وانطلاقته:
".والعِشقُ أعتى الخَلقِ تخشى داءَهُ
مامسَّ صنديداً أراقَ لُبابَهُ
.وأنا سعيتُ إليهِ مِلءَ إرادتي
فقطفتُ من حلوِ الندى أطيابَهُ
.وسهرتُ مُبتهِجاً أحاكي بدرَها
والليلُ مُرخٍ بالهدوءِ ثِيابَهُ
.لاتسأليني عن لهيبِ صبابتي
أنا مُدنِفٌ للشامِ حطّ ركابَهُ"
أيقظ الحب كل عنفوانه .. فبات لا يخشى ما يخشاه غيره.. يدفعه هذا الحب لى المغامرة وطرق الصعاب.. متجشما مغبة الرحيل طلبا للصباة من عراقه إلى شامه.. فالحب لا يعرف الحدود.. لأنه وطن القلوب.. وحدوده اللهفة والشوق الصادق ..
بلقيسَ روحي يانزارَ قصائدي
عشتارَ عشقي ذا إليكِ جوابَهُ
30.كوني بقلبي نبضَهُ طول المدى
أرخى لها وترُ الفؤادِ ربابَهُ
31.أنت القصيدةُ والتي أسميتها:
عشقي، فأعجزَ حرفُها كُتّابَهُ
... 
وتأتي الخاتمة لتعانق المطلع.. (انت القصيد) كأني به يهتف للدنى .. لا معنى للقصيد إن لم يكن تاجه الحب.. وروحه الهوى.. وبيته العشق .. ونغمته الصبابة.. تدوم كنغمة الربابة الأصيلة يحن لها الوتر.. وهل أحن من أوتار قلب الشاعر العاشق؟!
...
باختصار شديد:
أنه قبس الأصالة في زمن الهلهلة.. 
فلشاعرنا الراقي الأصيل.. تحية ومودة

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 84 مشاهدة
نشرت فى 21 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

558,100