الولادة الثانية للشاعر ..
....
في ثنايا سرده الأول تجمل ليله بحبر محموم . سارع يطيل وجومه على مصباح قديم . ووجهه الدائري الغريب يملأ فناجين السكون . 
كانت رعشة البدء تتقطر من عبق سقف خشبي شهد أخيلته وهي مسك شعاع يقبض على سحر الزيتونة الوحيدة داخل باحة المنزل .يلثم مفاتنها مداعبا غصنها المليئ على جهة البحر حيث يصهل خيال قرميدا أحمرا يقتبس من زرقة السماء لوحة بازغة للصحو الدافئ . 
هكذا كان على وفاق الوجد يتقصى عبير الذات . يتفحص ديمومة اللحن الذي يهز تلك الزيتونة اهتزازات سحرية غير مرئية تصغي لدندنة ماء عذب يعزف جذور الشجرة بفعل صخور غائرة نبت من عنفوانها لغز يجاذب صدر أبي فرحا وتيها .
كما يتحلى شهد الماء بين رغبات أمي وهي الواصل الخافق يشبع الزمن لذة رفيفة وعشب ضياء . 
هي شجرة الزيتون تفرز خيوط العيش . تبتكر الحلم عشا تؤتيه الدعة من سواعد والدي ومن يديه خدوشات تمرر حكاية تسكن أرجوحة حب بين جبل يتغنى غابات الاخضرار وبين منزل تماهى شهقة الطين . فنضح من الهزيج سرده البهيج يحاكي بهجة الماء المترف العفيف . 
كان عرق والدي فضي الحبات . يشغل بستان الفيئ . قسماته من لون الضياء المثابر يطرب الخيوط بجذوة العضلات . كنت أمزج سرد كثافاتي بمرايا ماء لا يمل الوفاء ..
حتى توالد السرد خطاب . يشتهيني طير الحنين . لأغرف من وهج الحنين أنس من رحلوا . وبصمة الجياد وما داسه الزمان . 
لكي تفوز الحروف تناغم الشدو عميق الوجدان. والنغم المفضي لسرده أشعاري حلم وعين لا تنام .
محمد محجوبي