جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
عَلـى وَشَـــكِ القَصيـدة... / سليمــان دغــش
يكفي حُضوركِ في تفاصيلِ القصيدةْ
لأطيرَ مثلَ فراشةٍ مَحمومَةٍ للشَّمسِ
أطفِئُها وأُشعِلُها
وتُشعِلُني وَتُطفِئُني
وأحْمِلُها إلى عَينيْكِ إمّا شئتِ قنديلاً سماوِيَّ الضّحى
مَنْ قالَ إنَّ الشّمسَ سيّدتي بعيدةْ...؟
يكفي حُضورُكِ في المَرايا
كيْ أراني فيكِ أجملَ من ملائكةِ السّماءِ
وكُلّهم سَجَدوا لحوّاء التي حَمَلتْ خطيئةَ آدم البَشَريّ
مُنذُ البَدءِ لا الأفعى ولا تُفّاحَةٌ أغرَتهُ أو أغوَتْهُ
إلا ناهِديْها النافِرينِ إلى السَّماءِ تَمَرُّداً
واللهِ لولاها لعاشَ جَهَنَّمَيْنِ معاً
هُنا وَهُناكَ
إنَّ هُنا هُناكَ ولا هُناكَ سِوى هُنا
فاسجُدْ لها وَلهاً
وعَمّدها بماءٍ من قداسَتِها بمحراب الهوى
وأضِئْ لها شَمعاً ليؤنِسَها وحاذِرْ أنْ تُدَنِّسَها بطيشِكَ
يا شَقِيُّ
ولا تخدِشْ زجاجَ الروحِ فيها أو أنوثَتها
وَمَسِّدها بماءِ الوردِ والعِطرِ الفَرَنسِيِّ
وَقَدِّسْها بخَمرٍ منْ فراديسِ السّماءِ فلا نبيذ سوى
المُعَتَّقِ منذُ بدءِ الخَلقِ في شَفَتَينِ يبدَأُ منهما
وَهَجُ التّماسِ العاطِفيُّ لِيُشعِلَ الغاباتِ في الجَسَدينِ
حالَ تَوَحُّدٍ في العِشقِ
مثلَ فراشَتينِ شَقِيّتينِ على السّنا تَتَزاوجانِ على
سَريرِ النارِ حتى الموت ليلاً
في انتظارِ الصُّبحِ أنْ يأتي يَزفّهما على طَقسِ
الجَنازاتِ الجميلةِ بينَ نورٍ سَرمَدِيٍّ في الخُلودِ
وبينَ بعثِ الروحِ في جَسَدَينِ صارا واحِداً في الحُبِّ
يا للحبِّ إنَّ الحُبّ مفتتحُ الخلودِ إلى القصيدة
يَكفي حُضورُكِ فيَّ في أفُقِ المجازِ لتبدأَ الناياتُ
فيَّ أنينها وَجَعاً تُدَغدِغُهُ الرؤى
ما أجمَل الرؤيا إذا ما استسلمَتْ لِنُعاسِها ما بينَ شَكٍّ
تاهَ في حُلُمِ النّهارِ وبينَ ليلِ حقيقةٍ طالَ الطَّريقَ إلى حَقيقَتِها
فتَوَسَّدَتْ جَفنينِ سوداوينِ نامَ الليلُ بينَهُما على سُجّادَةٍ مائيَّةٍ
تتسابَقُ النجماتُ والشُّهُبُ البَعيدةُ كيْ تُكَحِّلَ نورها وَسَناً
على جَفنَيْنِ إنْ رَفّا معاً سَجَدَتْ ملائكَةٌ وسَبَّحتِ السماءُ
فهلْ رأى أحَدٌ ملاكاً ساجِداً يوماً لغيرِ اللهِ
إلا حينَ شاهَدَها على وَشَكِ التَّجلي فانحنى لمقامها العالي
ورتَّلَ سورَةَ الإشراقِ للعُشاقِ
ما الإشراقُ إلا حالة العشقِ الأخيرة في توَحُّدِ عاشقينِ
تجاوزا في الحُبِّ آخرَ حاجزٍ يفضي إلى الملكوتِ
أبعَدَ منْ أنينِ النايِ في شفةِ الخلودِ ، تخطَّيا اثمَ الخطيئةِ في المَحَبّةِ
لا خطيئةَ في الهوى...
وتَبَرأا منها الشّرائع ما عدا شرعَ الهوى
وتَوَحّدا نغماً سماويَّ الخلودِ يهيمُ موسيقى
على مَعزوفَةٍ أزَلِيَّةِ التكوينِ يضبِطُ لحنها القُدُسيَّ روحُ اللهِ في الأعلى
فمرّي فوقَ رملِ الروحِ حافيةً وعاريَةً
ليعلو المَوجُ في بَحرَينِِ
بحرٌ لازَوَردِيَّ الرؤى يَرمي لأَفروديتَ رَغوَتَهُ بلا خَجَلٍ
وَبَحرٌ للمَجازِ المُخمَلِيِّ، رَمت خواتِمَها ولؤلؤَها القَصيدَةُ فيهِ
وانسَحَبتْ لغُربَتِها وَوِحدَتِها على رَملِ الشّواطئِ،
مَنْ تُرى سَيَلُمُّ خاتَمَ سِرِّها
وَيُعيدهُ لِجُنونِ سُرَّتِها على وَشَكِ الصّهيلِ
ألمْ أقُلْ يَكْفي حُضورُكِ في التّفاصيلِ الدَّفيقَةِ فيَّ
كَيْ تتقمَّصي روحي على وَشَكِ القَصيدةْ...
(سليمان دغش)
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية