دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

"رجعتْ الشتويّة".. لا بُدّ من فيروز في لحظةٍ شبيهةٍ بهذه و المطرُ يشتعلُ.. فتّشتُ عن اسطوانةٍ.." عَـلَى صوتِها أنْ يأتي الآن الآن، ممتطيًا لونَهُ الوادعَ الرّخيمَ".. تذكرتُ قصيدة قيلتْ في صوتِها..ذاتَ يومٍ مِنْ قريحةٍ معطّبةٍ، فكّرتُ ، قبل أنْ أطّلِعَ على نَصٍّ الشاعر شوقي بزيع، أنْ أكتبَ عن صوت فيروز.. كتبتُ بيتا أو اثنيْن. و توقّفتُ.. لقد خُنْتُ الصوتَ. وسأخونُ الشعرَ .. وفجأة كان لا بُدّ أن أقلِعَ .. فأقلعتُ.. تركتُ البيتيْن مُعلّقيْن إلى لحظةٍ شعريّةٍ أخرى لستُ أعلمُ متى تحينُ، قد يكونُ حين تتوافَدُ سائرُ الخطراتِ الأخرى (إنّ الخَطرةَ الأولى التي نعتقدها في الشعرِ بِكْرًا، قد تنحبِسُ حين تنعقلُ سائرُ عرباتِ النصِّ التي تَجرّها هيَ مثلَ قاطرةٍ... هكذا لم تزدحمْ التّفاصيلُ. لم تجُرَّ القاطرةُ بقيّة العرباتِ الأخرى. إحداهما خانتْ الأخرى، إمّا القاطرة وإمّا العرباتُ: إمّا اللمعةُ الأولى وإمّا مُزكّياتُ المعنى من باقي اللّـُمَعِ) .. لقد أحسستُ أنّي أخون صوتَ فيروز إذ عجزتُ عن التّعبيرِ عنه في أكثرِ مِن بيتيْن.. ولكنْ لمَ عجزتُ إذّاكَ عن استكمالِ نسيجِ المتعةِ الخاطفة؟ لمَ جَفَّتْ غيومي فجأة عن الهُطولِ، ولم أستطعْ أنْ أحاكيَ الأمطارَ التي كانتْ ما تزالُ تعرفُ إيقاعَها بِعُنفوانٍ شبقيٍّ موتور؟ لقد مَحُـلْتُ.. تلك هيَ إذنْ، لحظةُ الحُبْسة.. لا تستطيعُ أن تتقدّم شِبراً في تضاريس القصيدة، في أرضِ الشّعرِ..
لابُدّ للمرْءِ أنْ يُعزّيَ نفسَه إذا وقعَ في حُبْسةٍ مِن هذا النوع: لستُ في ساعةِ إلهامٍ.. إنّ الواقعَ بشراسةِ أشيائه ينقضُّ على اللحظةِ الواعدةِ، فيُشوّهُ حضورَها التـَوّاهَ المُتوِّهَ.. إنّ الخواطِرَ ترْفَضُّ وتستعصي على أنْ تنسجِمَ في وحدةِ الفِعْلِ الكلّيِّ الخارِقِ.. إنّني لم أصْفُ بما يكفي.. أمْ لعلّها لحظة عَجْزٍ حقيقيّ شبيهةٌ في انكفائها و نُكوصِها المُشْبَـعِ بالجُبْنِ، بلحظةِ العجْزِ عنْ أداء الفِعلِ الجنسيّ على نَحْوٍ مكتملٍ فارهٍ، يستوِفي خلالَه الطرفان لذّة القَهْرِ الخالدة.. يقول ابن عربي إنّه"لمْ يكنْ في صورةِ النّشأةِ البشريّةِ أعظمُ وِصلةٍ مِن النّكاحِ، ولهذا تعُمُّ الشهوةُ أجزاءه كلّها ".. إنّ هذه الوصلة الأعظمَ تنقلبُ حقيرةً، عظيمةَ الحقارةِ حين تنشلُّ أداتُها عن أداءِ مَهمّتِها التي ينبغي أنْ تكون موْزوعةً بالانتصار و مزروعةً باللّهبِ، و حين يكونُ حقلُ المعركة مجالاً لانتهابِ النخوةِ الاختلاسيّةِ.. إنّ هذا العجْزَ الجبانَ يُسمّونَهُ خصاءً.. 
______

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 87 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

563,248