جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
خُروقٌ في سياج اللغة
شعر: صالح أحمد (كناعنة)
///
ليلٌ هنا... هذا الفَضا غَيهَبُ
غضَبٌ! ولا مَن يَغضَبُ!
والليلُ يَغدو للسُّدى مَسرَحًا...
للمارِقينَ... ومَن بأوتارِ الرّدى يَلعَبُ..
صوتي وصوتُكَ دونَنا يَصخَبُ
ما قُلْتَ... ما بُحنا... وكُنّا للرّدى نُطلَبُ.
نتقَمَّصُ الأشياءَ... نخشى أن تُشابِهَنا... بِنا نُعجَبُ
الآهُ والكلماتُ والغيماتُ والأوقاتُ.. في ألواننا تُصلَبُ
ليلي هنا لونٌ يُترجِمُني إلى موتٍ... إلى لغةٍ...
وتُنكِرُني حُروفُ اللّغة!
ليلٌ هُنا... وَحدي على لَيلي دَليلٌ... عَجَب!
والموتُ يَرصُدُني على شُبّاكِ آمالي، ويصلُبُني لَديها... عَجَب!
ليلٌ.. ولونُ الدّربِ ينسِجُ من عَواطِفِنا خَطايانا...
ثمّ يَطلُبُنا ويقتُلُنا ..
على شرَفِ المواسِمِ والمزاعِمِ والدّوافِعِ والحَكايا... عجَبْ!
ليلٌ.. ولونُ الحلمِ يعكِسُنا كَلامًا قالنا إذ لم نَقُلهُ.. عجَبْ!
يا أيّها الوَطَنُ الذي سَكَنَ الخُطَبْ
ما ذا الذي أغرى النّهارَ لِيَهجُرَك؟
أأفيقُ من موتي على موتي أنا
لتَضيقَ عن ضَمّي، وموتي يُنكِرَك؟
وجَعَلتُ يا لُغَتي سِياجَكِ من دَمي
وطُعِنتُ دونَكِ... كيفَ يُنكِرُني دَمُكْ؟
يا بحرُ خُذ لوني... ويا لونُ اكسُني...
لتكونَ لي وطَنًا... كذلكَ صِرتُ لَكْ!
*****
بَحرٌ هنا...
دَعنا نُواصِلُ...
دَربُ قلبي طَويل!
بحرٌ هنا...
فلعلَّ يومًا تَحبَلُ المَوجاتُ من ألوانِنا سَكَنًا لنا...
لا موتَ في ذا البحرِ قُم نَحياهُ، يَحيانا...
مَرايا تعشَقُ الألوانُ حِكمَتَها، وتَمضي...
حيثُ ترتاحُ الحُدودُ ، وتَعبِقُ اللّغةُ الأخيرة...
***
لا يا صهيلَ الموجِ لا تبكِ البُروق
وانهَض، ستنتَصِفُ الفُروقُ منَ الفُروقْ
خَلفَ اختِصارِ ملامِحي لُغَةٌ لَهَت
وجَثَت.. ليشتَبِهَ الشُّروقُ على الشُّروق
****
موتٌ هنا ...
حتى المَرايا لا تَرى في الموتِ إلا موت..
والبحرُ يَغسِلُ كلَّ شيءٍ؛
غيرَ أنفاسٍ بِرغمِ الموتِ قد ظلّت حبيسة!
******
"يا بحرُ لو تنطِقُ أخبَرتنا"1
مَن يُنصِفُ الأحوالَ مِن حالِنا؟
الصمتُ والأمواجُ ألوانُنا
والآهُ في الغاراتِ مَوّالُنا
والصّبرُ لا يَدنوهُ تَرحالُنا
للموتِ لا نَسعى، ويُسعى لَنا
******
يا بَحرُ لو تنطِقُ أخبَرتَهُم..
عن كيدِهم، عن صَمتِنا، عن سيفِهم، عن جُرحِنا... لونِنا!
بحرٌ هُنا...
سرٌّ، ولا سِرَّ لنا.
موتٌ هنا...
عُذرٌ، ولا عُذرَ لنا.
هذا الشّآمُ شآمُنا...
والنّيلُ لونُ سلامِنا...
والبيدُ حضنُ سَرابِنا...
البحرُ لا يَشقى بنا...
عهدٌ هنا...
سنبذُلُ الوَردَ حتى يَخجَلَ الزّبَدُ
ونحفظُ الوُدَّ حتى يَلتَقي البِدَدُ
ونستُرُ الشّمسَ حتى لا تُباغِتَنا
ونرجُمُ الأمسَ حتى يستَفيقَ غَدُ
ونشرَبُ البحرَ حتى لا يضيقَ بنا
ونَحصُدُ المِلحَ حتى يشفَعَ الرّغَدُ
ونطلُبُ العيشَ حتى يستَنيرَ بنا
أفقٌ هُنا يَتَّقي آثارّهُ الرّمِدُ
ونطلُبُ الموتَ حتى يستفيقَ بنا
صوتٌ لنا فيه يحيا الوجدَ مَن وَجَدوا
::::: صالح أحمد (كناعنة) :::::
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية