جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
يدفعنا اعتقاد ما إلى اعتبار محمود حسون رجلا غارقا في المتعة بمقياس ما.. إنّ له عقلا لا يُفكّرُ.. عذراا (نروم تصحيح اعتبارٍ متسرّع) إنّ له عقلاً يُفكّرُ بطريقةِ لا تستدعي الألمَ.. لا تنبشُ خلف الفراغ.. كلّ عمليّة نبْشٍ خلف الفراغ ـ الأفكار الجالبة للشّقاءِ الإنسانيّ لم تكنْ تتصلُ بدماغِ محمود حسون من قريب و لا من بعيدٍ.. لذلك نعتبرُ هذا الصنف من البشرِ كائنا بسيطا.. و ليس علينا أنْ نعُدّ البساطة حينئذ تحقيرا، ولا نزولا عن مرتبةٍ إنسانيّةٍ في وجود بشريّ ما.. ذلك أنّنا نعتقد أنّها- على عكس ذلك- مكسبٌ تنفِقُ الكائناتُ العاقلة من أجل بلوغه المالَ و الزّمنَ، و تتكبّدُ مشقّات فظيعة في محطّات العمر المختلفة، بحثا عن لحظةٍ تخلو من حُمّى الجدل الذي لا يُفْضي إلى شيءٍ.. البساطة الحقّ هي شارطُ السعادة المحض...
محمود حسون كان ممّن يدركون تلك السعادةَ محْضًا.. كان يعيش البساطة ببساطةٍ دون أنْ يعِيَ بكونِها بساطة.. ربّما كان يعيش بذلك الأسلوب، أقصى لحظات انخطافِه و نشوته.. البساطة عند محمود حسون أنْ يسوق قطيعه للمرعى و للعودة من المرعى مرّتيْن على الأقلّ في اليوْم، صُعودا ونزولا.. كذلك كان، و هو يُطارِدُ خروفا شذّ عن طابور القطيع، يمتثلُ للبساطة الجذلى.. و حين يُدلّي وجهه بين قائمتيْ النعجة شاخبًا حليبها إلى فيه، منتقِلاً من ضرْعٍ إلى آخر، ومن نعجة إلى أخرى، كان يحيا ضرْبًا من المتعة الخالصة التي تنشأ سلوكيّا عن بساطة ظاهرةٍ.. ولم يكنْ ، و هو يجتهد في اقتناصِ "شحمة الأرض"، يُفكّرُ بشيءٍ سوى أنْ يَعقِدَ مشهد ذبيحة عذراء، و يُدير حفلَ شواءٍ في لحظاتٍ مخلوسةٍ مِنْ زمان يومِه.. وهي لحظاتٌ مسرفة في المتعة و غير مكلفة.. و الأهمّ من ذلك أنّها لا تمتّ لغيرِ البساطة بصلة..
ذلك وجه الحياة و مطلق البساطة الممتعة التي عرفها محمود حسّون الرّاعي، حتّى بلوغه مرقدَه ههنا في المقبرة..
_______
محمود حسون كان ممّن يدركون تلك السعادةَ محْضًا.. كان يعيش البساطة ببساطةٍ دون أنْ يعِيَ بكونِها بساطة.. ربّما كان يعيش بذلك الأسلوب، أقصى لحظات انخطافِه و نشوته.. البساطة عند محمود حسون أنْ يسوق قطيعه للمرعى و للعودة من المرعى مرّتيْن على الأقلّ في اليوْم، صُعودا ونزولا.. كذلك كان، و هو يُطارِدُ خروفا شذّ عن طابور القطيع، يمتثلُ للبساطة الجذلى.. و حين يُدلّي وجهه بين قائمتيْ النعجة شاخبًا حليبها إلى فيه، منتقِلاً من ضرْعٍ إلى آخر، ومن نعجة إلى أخرى، كان يحيا ضرْبًا من المتعة الخالصة التي تنشأ سلوكيّا عن بساطة ظاهرةٍ.. ولم يكنْ ، و هو يجتهد في اقتناصِ "شحمة الأرض"، يُفكّرُ بشيءٍ سوى أنْ يَعقِدَ مشهد ذبيحة عذراء، و يُدير حفلَ شواءٍ في لحظاتٍ مخلوسةٍ مِنْ زمان يومِه.. وهي لحظاتٌ مسرفة في المتعة و غير مكلفة.. و الأهمّ من ذلك أنّها لا تمتّ لغيرِ البساطة بصلة..
ذلك وجه الحياة و مطلق البساطة الممتعة التي عرفها محمود حسّون الرّاعي، حتّى بلوغه مرقدَه ههنا في المقبرة..
_______
سيف.د.ع
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية