جلستْ بجواري، لصيقةً بالقوام الهديد.. ظلّت صامتة. دار سكونٌ ممتعٌ في فضاء المنزل. تحدّثت نفسي كتمانا: " ما أجمل امرأة صامتة في زمن هاذٍ ! ما أجمل زمنٍ هاذٍ تحت سلطة امرأة غامضة ساحرة في صمت! " كنت أعرف أنّ ذلك الصّمت زائل لا ريب على عجل.. لكنّ الصّمت الجليل في ظلّ أنثى تطاردك منذ شهرين، ينطوي على احتمالات وجسة، أقربها منطقيّة إمّا أنّها ستمنحك قسطا من الفتنة ثمّ تمضي و تتركك لوهمك الأوّل، و إمّا أنّها ستبيعك قسطا من الفتنة، تتقاضى تبعا لها أجرا زهيدا أو باهظا ، ثمّ تتركك أيضا، لمساحة خرابك الشّيخوخي رهين حثالة من نزوة يصعب التحاسها.. ربّما يوجد احتمال آخر، يتبنّاه العقل و تفتنّ به النّفس: هذه المرأة هبة منذورة،ليوم ثقيل بفراغه،علّك تسدّ فراغات الانقطاع عن الكتابة لأكثر من سنوات ثلاث.. ستكون عندئذ ضربا من الإلهام، إذا كان للإلهام أن يأخذ هذا الشّكل من الحضور.أجل، هذا احتمال صائب.. أليست هي من ودّت أن تتحوّل نصّا" حوّلني كتابة". هذا ما به قد أفصحت.. يحدث أن توجد مثل هذه الحالات، خاصّة مع الرسّامين. إنّ النّساء يردن أن يؤرّخن وجودهنّ رسما أو نحتا أو كتابة،أجل، فالمرأة ذات الحضور الفاتن لا تكتفي أن تكون كائنا من لحم ودم، لا يقنعها أن تظلّ جسدا مكتفيا بعظمة مجسّدة في الفضاء فحسب .عليها أن تحوّل الجسد إلى طور من التّخييل. حين ينتزع المرء مرتبة في المجرّد يصبح حضوره الأرضيّ امتدادا لعلوّه السّماويّ..
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
نشرت فى 7 يناير 2018
بواسطة magaltastar
مجلة عشتار الإلكترونية
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
564,174