دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

authentication required

صــورة
هذه الابتسامة معدنيّة.. لها تـجــلٍّ نُحاسيّ..
لِمَ السخرية؟ أكانت أمارة عظمة، أمْ علامة ضيْم وجوديّ ، أم هنيهة تفلسف فريد؟ لماذا تسخرين من الأشياء والكائنات؟ لماذا تبدين كذلك؟ 
لماذا تبتسمين على نحو هازئ ؟ أنا يتملّكني شغف النّظر إلى هذا الوجه المنفلقِ عن شفتين سعيدتيْن؟ 
لماذا تبتسمين أصلا على مرأى منّي؟ 
لماذا ابتسامك صامت و رهيب كسيارة مفخّخة لمّا تنفجرْ؟
لماذا أنت يافعة جدّا مثل حبـَـقَـة فتيّة، وتبتهجين بيفاعتك، فيما أنا طاعنٌ في الهرم والالتواء مثل حـُـزنٍ معاصر؟
لماذا تشبهين التفّاحة قبل القضْمِ، وأحاكي أنا تينة تجاوزت أشواط نُضــجِها الأخيرة؟ 
لماذا السخرية في ابتسامتك مغضّنة؟ لماذا تجعّدت منّي الروح قبل الجِـلْـد؟ 
كيف توفّـَـقتِ في بلوغ هذه المرتبة من الطّمأنينة المبتسمة؟ 
هلْ أنت ساكنة؟ علام أرتبكُ إذنْ، إزاء وتيرة سكونك؟ أوَ كنتُ مرتبكا حقّا وأنتِ أمامي ممتلئة الحضور راشحة بالضوء؟ أيّنا المرتبكُ حقّا؟ 
أيّنا المثيرُ للشفقة حقّا؟ 
أيّهما المثيرُ للدّهشة صمتك أم ضجيجي؟ ضجيجك أم صمتي؟
أيّنا ارتـَـقَى ذروة الأنفة؟ هل ثــمّة أنــفة أصلاً؟ 
لماذ أنت ثابتة؟ أو يـكون لأنّي متحوّل؟
أيّنا أجمل ما بين طوريْ التشكّل والتحلّل؟ 
لماذا أحسّ بأنّك بطلة، ولكن بطلة مزيّفة كسائر الأبطال الذين يتوهّمون أنّهم يصنعون اللحظة التاريخيّة الفارقة وينصاعون لوهمهم طويلا تماما كما تنصاعين الآن لابتسامة مُـسخّـرة للمكر العاري؟ 
لماذا أحسّك مغرورة وينشأ في الآن نفسِـه إحساسٌ ضديدٌ بأنّك تافهة، تماما مثل إحساسي بذلك الأنتلجنسيا "السنوبْ" *، المريض بتعاظمهِ، الغِـرّ ؟
لماذا تبدين شاهقة جدّا و أنت تقتعدين أرضا وضيعة على مسافةٍ مِنْ حضيضِ وضحضاح؟ 
لا بُدّ أنّك تؤمنين بمقولة القيمة.. لا بُـدّ أنّك تزدرين ،الآن، منزلة القيمة ؟ هل في وسعنا فعلا تصنيف معجم للقيمة؟ أيّنا أحفظُ - بالصمت أم بالابتسام- للقيمة؟ هل تعلمين أنّ القيَمَ فوق الجسد والمادّة، وانّها لا تشيـخ بتقادم العهد وصروف الدّهر؟ 
غيّري جلوسك.. غيّري ابتسامك.. غيّري نظراتك. إنّها تلمعُ.. غيّري هذه الهيئة كليّا.. 
لا تبتسمي هكذا.. 
تثيرين روح الفُضول المتوحّش و تنبّهين الغضبَ ليُـهيل على جفنيه تراب الغفلة.. لا تدفعيني إلى أنْ أستكْنهَ سرّ الفاجعة (ليس أشدّ من التّفاهة فاجعة)التي يُحيلُ عليها ابتسامك.. 
لا تحمليني على احتقارك..
لا تحمليني على الانفعال الأهوج.. أنت تستفزّينني بمكرٍ لأنْ أثــورَ.. أقسمُ أنّي أفعل، بلا تردّد، أو تعثّر، أو ندم..
حين تتجلّى ابتسامتك يُناظــرُها للتوّ غضبٌ داخليّ مرتعش.. 
أوَ يكون هذا مركّب نقْصٍ، وفقا لرؤية التحليل النفسيّ، أم يكون قدرة على فهْمِ مُضمراتِ السّريرة المناورة؟
لا.. أنتِ لم تتعمّدي اقتراف تلك الابتسامة .. أنتِ استعرتِها فقط لحين التقاط الصورة .. حتما هي لحظة تجمّل عرضيّ.. هي ابتسامة مستعارة.. والسخرية ملصق إعلانيّ،لقطة إشهاريّة لا غير..
سأمزّق الصّورة..
---------- 
سيف الدّين العلوي
* snobb: المتنفّج أو النفّاج ـ المقلّد لمن يعتبرهم أرْقى

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

559,042