جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
مساء آخر
-- --- --
منذ أن توارى اليمام عن بركة جدي
دمعت عيون الماء
فلم ينتبه لحالها موسم جاف
كما تعطلت خفقات البستان
اثر جنوح متسلط
في ذالك المساء المشهود كان الشدو والغناء وكل الحبور لباسا من شمس دافئة تمسح أهداب الكروم وتفشي في خاطرنا أسرار البهاء
فلم يكن لتعاقب المواسم
سوى أن تبصم أهازيجها
فتستوفي الأعياد جميعها صيت القلوب الرقيقة
كان لكل موسم مذاقه السحري
يترك حديثا بين الألسن ' يكاشف بألحانه صولات وجولات في حاضر الناس ' كل موسم يزرع بذوره ' يهيج الأرض بمحاسنها
تعكف على نسجه ألوان تنطق بها غبطة معشوشبة في سكون ووقار
المواسم كانت متعة كتاب مفتوح
تتغذى صفحاته من شرايين حياة توزع قسمة الحلم
فتنتعش اللحظات بزخم الجمال
حين احتجبت فرجة الخميلة ' بين بركة جدي وبين الجنات
تذاكر الزمن مع شقوقه
في فراغ يضني القلوب
فلم ينعكس ضوء الماضي
سوى على حبات دموع
تتهجى بها جبال
ذالك المساء الآخر
لا يلو على اماءة منشودة بين حظ التراب
تلهى بنا أخطبوط مارق بين السنين
في شهقة الصبابات
يبكي عشق قديم
يتلمس سديم قربى وغليظ شوك ناقم
فنرشفه مساء آخر
كما سقوط بين لعبة نسيان وتناسي
تحاول صخور مرتعدة من فراق
أن تولد شحنة في وجوم انكسار
نحاول معها
أن نبقي في الأشياء لعب ذكريات
كما تحاول امرأة مخبولة
أن تلاسن وردا ذابلا
في غرابات صاعدة
نشفق على بكاء المساء من أن ينزف ملاذنا
نحاول الانفلات من قبضة الموسم الذي يسعل بالدهور
والمساء بيننا
ليته كان طريا
يفي بأغراض الذات
محمد محجوبي
الجزائر
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية