جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
زيارة خاطفة إلى مدينة بحرية
تواصلا مع قصيدة الاسكندرية للشاعر محمد نجيب المراد
.......
"عندما تلجُ مدينة النور ينتابك البحر وتعتريك رعشات من جمال..لكن جرح الوطن
يسرق منك حتى لحظات الانبهار "
وصلتها قبيل الفجر
كان البحر مستلقيا على صدر المدينة
متّشحا سواد حزني
وحيدا..مشيت على بَرَد الرمال
جلست ..أرقب من بعيد ضوء منارة
اخضلّت الأرض بحقائب دمعي وانكساري
..
قبيل أن تولد شمس
جاء صديقي
قال..صباح الخير
صباح المدينة السمراء
قم يا محمد
هذا الدمع ولو اختلط بطيب الأرض لا يجدي
..يا صديقي ..أراه صباحا أبكما
آه
كم تمنيت أن أزور عروس البحر
فاتحة ذراعيها
القمر عند رأس التّين يغريك بليل
النجوم متلألآت ..عناقيدُ داليةٍ
تغازلك من تحتها النسماتُ
أمواجٌ تشهق كأنّها تحنان ناي
نوارس تعزف غرّةَ الإصباح
حلمت أن أزورها يوما
تدعوك منارتها ..قلعة المجد
مسارحها..
لتقرأ التاريخ
أن ترى ملامح الإسكندر
وبني أمية من هنا مرّوا
طريقك إلى قرطاجنّة
..
قم يا محمد
لا وقت للدمع
..يا صديقي ..أنا اليوم جرح نازف
أنّات ثكلى
دعاء أيتام
دمعة لاجىء
إنها النيران تنهشني
أنا يا صديقي ..حمصَ وإدلب
درعا ..حماة
أنا الشآم ...
أثقلَتْ روحي حقائب الحزن والدمِ المسفوح
قتلٌ وسلب واضطرام
تصحّرت روحي ..وقلبي أصابه موت زؤام
..
قم يا أخي
إغسل جبينك بالضحى
إمسح خدودك بشمس صباحنا
أردف:
أتعرف "زنقة ستات"؟
حيث تغمز نقشة الحناء
ونكهة البحر تدغدغ الأجفان
إسمع صوت "سيد درويش "
يغني عند "كوم الدكة "لعيون حلوة حسناء
...
مشينا..
أجهش الإسفلت
أقدامي على رفق تحط ّالخطو
أحسّ أنّ هذا الشارع المرصوف بالأحداق
لا أدري أيبكيني؟
أ أبكيه؟..
أمشي فيه مبهورا
عطر الياسمين يمتطي صهوة ريح
والفلّ يغضّ الطّرف عنّي
..
وصلنا ساحة المنشية الغرّاء
تفوح فيها أصوات نعناع ..موسيقى
هتاف بحر...للحرية الحمراء
يدندن الريحان أغنية انتصار
ألمح فيها عبر بؤبؤ الضوء
وجه ناصر
يلقي خطابه عن التأميم
والإمام "الشاطبي"من بعيد
يهجّد حيّ على الصّلاة
...
هذا المدخل الشّرقيّ للميناء
الأحجار عند السّور ترمقني
أشعر الاضواء تنزل من عرشها تمشي معي الهوينى
ثم تغرق في البعيد
...
البصيريّ بقلب الساحة الكبرى
يرفع صوته بآيات من القرآن
..وبردة الحبّ
صوته زغب من الرفق ..ونخيل من حنان
..
ذاك ترام الرمل
يصحو على أفق شماليّ
يشرب عند الصبح عطرا تعشّق في قلوب العابرين
وهذا يا صديقي "أبو قير "
يمدّ نحو البحر أجنحة
ينشر ريشه .. يقيم مع الغيم آصرة
تَهدي النوارس البيضاء صوب عروس البحر
تغري الموج دوما بالقدوم
يهمس للمدينة كلّ فجر
بكرا من الكلمات
..
آآآآه يا مدينة الحبّ
لك من قلبي ..من حزني سلام
لك من عينيّ دموع حرّى ..وشام
وسلامٌ أيها البحر
رسولي للقمر الفضيّ
والعيون التي...
للرمش المهنّد الذي يعرّش في عروقي
سلامٌ أيّتها العصافير
وشارع البحر
وسلامٌ أيّها الرمل
الذي استلقى على خاطري
يرسم مسارا في دمي
أحبّك يا مدينة العشق والتاريخ
إنّ هذا البحريشهد
إنّ هذا الرمل يشهد
لك من الشام سلام
.....
الاسكندرية
18/4/2012
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية