دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

ايحاءات
حالة من الهدوء المفاجئ وغير العادي بسبب من الصمت ، شئ غير مألوف ، وقف شاحب الوجة ، سخيف المنظر ، كان فمه قد تدلى نصف مفتوح من الخوف ، ولم يغلقه طيلة فترة النظر ، تقدم من الكأس متعباً مذعوراً، وكاد يصرخ بصوت دائري مجنون :
-من شرب الكأس مادمت موجوداً وحدي !!!!!!!!!!!
لكن أنة خافتة باكية ،تشيه مخلوق صغير سحق تحت الأقدام ، ندت منه:
_أأأأأ...أأأأ؟؟؟؟؟
سمع صوت يشبه زفير الهواء ، يتوهج كسكين ، رفع ناظريه وتلفت ، عدم الأنصات الى العالم الحقيقي ، كان طريقة لاسستراق اصوات أبعد وأكبر:
_ ما اّ اّ اّء ؟؟؟!!!!
استغاثة ساخرة متحدية ،بدت عنيفة كصوت صقر ، تبعتها قهقهات بعيدة تردد صداها خلف الصوت في الغرفة ، اشباح تتأرجح قربه ، مخبئة نفسها مابين الستارة والنافذة.
ترنح على الكرسي ، لقد أنفرط عقده ، سوف يشعر بالخوف عندما يسدل الليل استاره مادام وحده ، العبوس يعلو وجهه الذي أظلم ومال الى السواد،استدار فجأة نحو النافذة ، إنه لايعرف مصدر الصوت ، صراخ بألم ونفاذ صبر :
_ماا اّ اّ اّء؟؟؟!!!!!!!!!!!
اجتاحته ثورة مجنونة ، فجأة لمح صورة أمرأة احتلت مساحة النافذة ، وبحركة طائشة من يده حاول أن يبعدها ، بدت المرأة شكل متفرق بث الرعب في أوصاله ، لقد تمزق قميصها الباهت ، وتشعث شعرها بفعل الريح والغبار ، والحقد والأضطراب في عينيها ، وبدت وكأنها ستقتله ،حلت القماط الذي يشد طفلها ، وشدته الى صدرها ، وأعطته صدراً متدليا ليرضع ، وقد حملته بذراع واحدة .وهي تنوح:
_مات ابني ولم ألفه بالقماط
ولم اهدهد له السرير
ولم يشرب من صدري الحليب
تنهد الرضيع وتنهد ، نظر اليهما بعيون فزعة ، اشباح تسللت في ظلمة الليل ، تساءل عمن مات كيف يعود ، طارت منه صرخة جبانة عبر الهواء في الغرفة ، عندها تذكر من هو الرضيع ومن هي أمه .
رجال متوحشة كالضباع ، ساقوهم كقطيع عبر الارض الجبلية الوعرة ، لقد واصلوا المشي حفاة أشباه عراة ،كان الرضيع مشدود الى صدر أمه ، تلك الحزمة الباكية المدلاة على يدها عرقلت تحركها طيلة الوقت ،برافقه ذلك النحيب القاسي كوتر مشدود ، الرجال غاضبون منها ،وبخها بعبارته المتكررة :
_ انت عاهرة ملعونة
صرخت بألم ونفاذ صبر :
- ماء ....أريد ماء
نزع الرضيع من صدرها وألقاه بعيداً الى الأرض ، سمعت طقطقة عظامه ، لمحت أمه ماحدث ولهثت بأعين باكية وصاحت :
_ اواه...اواه
علمت ان ابنها مات ، كانت تنوح ، جلست على الأرض ، نكزها بقدمه كي تتابع المسير ، ولما رفضت ، قطع جسدها بالحجارة حتى نزف جسمها ، عندها أنطلقت صرخة قاسية عبر الهواء في الوادي .
_ ماء....ماء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هو الأن خائف من الأموات ،وسوف يشعر بالخوف كلما كان وحيداً ويسدل الليل استاره خلفه، خائف من الأرواح الطيبة التي تطوف في السهول والتلال ،وهي تصرخ :
_ماء...ماء
فؤاد حسن محمد-جبلة - سوكاس

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 4 أغسطس 2017 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

579,182