عاني بعض الأطفال من صعوبات تحول دون متابعتهم لزملائهم أثناء تعلمهم القراءة، وهذه المشكلة تحظى باهتمام البيت والمدرسة، نظراً لأهمية اللغة التي تعتبر من الأدوات المهمة التي لا يستطيع الطفل الاستغناء عنها، ولا تستقيم حياته بدونها؛ فهي وعاء الفكر الذي يستقي منه نموّه العقلي والاجتماعي، وهي أداة التفكير التي يتعامل بها مع قضايا الحياة، وبها يبني الفرد علاقاته الاجتماعية مع أقرانه والمحيطين به، وهي بالتالي تترك آثاراً سلبية على سلوك من يعجز عن تعلمها، فقد يتولد لديه سلوك عدواني، فيمارس أعمالا تخريبية، أو يميل إلى السلبية والانطواء على الذات، فتقل ثقته بنفسه، ويتراجع تقديره لذاته. فما هي الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة ؟ وما أساليب تشخيصها وعلاجها ؟.
مفهومها: يرجع المعنى اللغوي لصعوبات تعلم القراءة إلى كلمة إغريقية قديمة هي dyslexia والتي تعني مرض الكلمات، ويطلق البعض على هذه الظاهرة "العمى اللفظي " Aphasiaويترتب على هذا العَرَض أن يجد المصابون به صعوبة في التعرف على الحروف المكونة للكلمة، وبالتالي صعوبة في فهم معناها، رغم أنهم لا يقلّون ذكاء عن أقرانهم المتساوين معهم بالعمر الزمني .

وعسر القراءة كما يرى الزيات (2002) " عَرَض ذو أساس عصبي نيورولوجي، أسري النزعة، يؤدي إلى اضطراب أو خلل أو قصور في اكتساب وتجهيز معالجة اللغة، ويتباين في درجة حدته أو شدته من الخفيف إلى الشديد، ويعبّر عن نفسه في:
أ- صعوبات في استقبال اللغة والتعبير عنها.
ب- صعوبات في التجهيز والمعالجة الفونولوجية أو الصوتية للقراءة والكتابة والتهجي والكتابة اليدوية وأحياناً الحساب".

وقد عرفه فروست وأميري1995 Frost & Ameery بأنه:" خلل عصبي إدراكي يرتبط تحديداً بالقراءة والتهجئة، فالطالب ذو الصعوبات القرائية هو طالب عادي أو أفضل من العادي في ذكائه، ولكن مشكلته تبرز في اضطراب النظام الصوتي لديه.
أما طومسون Tomson 1990 فيرى أن عسر القراءة" صعوبة حادة في شكل اللغة المكتوبة لا تعتمد على الذكاء، ولا ترجع إلى أسباب ثقافية وانفعالية، وتتصف باكتساب لمستوى القراءة والكتابة والتهجئة يقع تحت المستوى المتوقع نسبة إلى مستوى ذكاء الطفل وعمره الزمني، وهي ذات طبيعة معرفية تؤثر على المهارات اللغوية التي تتصل بالشكل الكتابي، وبخاصة الرموز البصرية اللفظية والذاكرة القصيرة ونظام الإدراك والتتابع .
وبناء على ما سبقفإنه يمكن النظر إلى عسر القراءة على أنه :مشكلة نمائية ترجع إلى خلل عصبي ، وفي معظم الأحيان يكون لها جذور وراثية ، تقلل من قدرة الطفل على مجاراة أقرانه في عملية تعلم القراءة خلال الموقف الصفي العادي .
وقد أشارت دراسة قام بها لايون Lyon 1997 إلى أن هذه الآفة تتفشى في المجتمعات المدرسية بنسبة قد تصل إلى 15 % حيث إن كل طفل يقل مستوى إتقانه لمهارة القراءة عن متوسط مستوى زملائه المساوين له في العمر الزمني بصورة ملموسة هو طفل يعاني من صعوبات في تعلم القراءة. كما أشار البيان الختامي للندوة الإقليمية لصعوبات التعلم إلى أن هذه المشكلة متفشية بين طلاب المدارس بنسبة تتراوح بين 10-15% ، وهي أكثر انتشاراً بين الذكور عنها بين الإناث بنسبة 3 : 1 بين الأقارب.

أسباب عسر القراءة:
يستشف من التراث السيكولوجي أن أسباب هذه المشكلة نمائية، وغالباً ما تكون وراثية المنشأ، وترجع إلى المخ ووظائفه الأساسية التي تتحكم في الذاكرة العاملة، وإلى خلل في بنية الدماغ shaywitz & shaywitz .
وقد أشار هايند hynd 1992 إلى أن الباحثين التربويين وعلماء النفس يتفقون على أن صعوبات تعلم القراءة تتمحور حول أربع نقاط أساسية هي :
1- اضطرابات عصبية خلقية يولد بها الطفل، فهي مشكلة وراثية تختص بها أسر بعينها ، ويتوارثها الأقارب جيلاً بعد جيل . كذلك فقد ثبت أثر الجينات الوراثية في تشابه التوائم التي تعاني من صعوبات في القراءة حتى ولو نشآ في بيئتين مختلفتين. Pennington 1995
2- عجز قرائي ذو أبعاد إدراكية ومعرفية ولغوية.
3- عجز عن القراءة في مرحلة الطفولة ويستمر مع الطفل حتى مرحلة المراهقة.
4- عجز قرائي يترتب عليه صعوبات في العديد من المجالات الحياتية، وتتزامن مع نمو الفرد.

وقد أثبتت دراسات تشريحية عديدة أن مخ الشخص الذي يعاني من عسر في القراءة يختلف عن مخ زميله الذي لا يواجه هذه الصعوبة ، ففي حين يكون النصفان الكرويان للمخ عند أرباب الصعوبات متساويين، فإنهما يكونان مختلفين عند الأصحاء ، حيث يكون النصف الأيسر أكبر من النصف الأيمن.
وقد توصلت البحوث التربوية الحديثة إلى تحديد عدد من الفرضيات التي توضّح الأسباب المؤدية إلى صعوبات في القراءة ومن هذه الفرضيات ما يأتي : ( الوقفي 2003):
أ- فرضية الخلل الصوتي ، والتي تشير إلى أن اختلال مهارات الوعي الصوتي الناجم عن تلف في منطقة اللغة في الدماغ يؤدي إلى ضعف في القدرة على إدراك العلاقة المتبادلة بين الصوت والصورة ، والتي تشكل الأساس الذي يقوم عليه تعلم الطفل للقراءة.
ب- فرضية خلل المغنطة الخلوية ؛ حيث يكون الطفل أقل حساسية بالأمواج الضوئية فيترتب على ذلك صعوبات في القدرة على القراءة.
ج- فرضية الخلل المضاعف ؛حيث إن الخلل الصوتي وخلل السرعة في التنمية يقودان إلى صعوبة في القراءة.
د- فرضية الخلل المخيخي ؛ حيث يؤدي وجود خلل في المخيخ إلى ضعف في اكتساب مهارات القراءة.

كما توصل باحثون بريطانيون في الآونة الأخيرة إلى أن عسر القراءة لدى الأطفال ينجم عن خلل وراثي ، وأن الاختبارات التي قاموا بها تمخضت عن عزل الجينات المسئولة عن هذا الخلل.
وذكرت صحيفة اندبندنت البريطانية : " أن فريقاً من العلماء في مختبر الفيزيولوجيا التابع لجامعة أوكسفورد أجروا أبحاثاً على عينات من الحمض النووي، أُخذت من دم أطفال يعانون هذا الخلل ومن دم ذويهم، وشاركت في هذه الأبحاث تسعون عائلة. وأكد الفريق أنه نجح في عزل ثلاث جينات لها علاقة بهذا الخلل قريبة من الجينات التي تتحكّم بنظام المناعة في الجسم البشري، وخلص أولئك الباحثون إلى أن عسر القراءة والفهم مرتبطان بخلل في آلية حماية الجسم، وناتجان عن نشاط بعض الأجسام المضادة. وأوضح رئيس الفريق البروفسور جون ستاين أن هذا الاكتشاف يثبت أن عسر القراءة والفهم وراثي. وأشار ستاين إلى أن الباحثين يدرسون في الوقت الراهن علاجاً لهذا الخلل، وقال إن العديد من المصابين بهذا الخلل يعالجون بطريقة سيئة جداً ، لكننا بتنا نعرف الآن أن في الإمكان تجنيبهم الكثير من المشكلات بواسطة العلاج المبكر. وأفاد أولئك الخبراء كذلك إلى أن ما بين خمسة وعشرة في المائة من الأطفال يعانون من هذا الخلل" .

المصدر: www.kayanegypt.com
kayanegypt

جمعية كيان

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1186 مشاهدة

ساحة النقاش

جمعية كيان لرعاية ذوي الإحتياجات الخاصة

kayanegypt
جمعية أهلية , لا تهدف للربح . تعمل في مجال رعاية و تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تقديم الخدمات التأهيلية لهم بشكل متكامل , بواسطة فريق من المتخصصين. تهدف إلى تقديم نموذج رائد للتأهيل في مصر و الوطن العربي, و تنمية و تاهيل الكوادر المتخصصة و تكوين توجه إيجابي »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

1,700,994

مركز كيـــان للتدريب

 

" إن التدريب بمثابة إستثمار للموارد البشرية المتاحة في مختلف مستوياتهم و تعود عوائده على كل من المؤسسة والموارد البشرية التي تعمل بها "

- بدأت فكرة إنشاء مركز كيان للتدريب والتنمية والاستشارات في بداية عام 2007 حيث عقد مجموعة من الدورات التدريبية التمهيدية في جمعية كيان للوقوف علي مدي احتياج مجال التربية الخاصة وذوي الاحتياجات الخاصة للتدريبات.
- بدأ تجهيز قاعة مخصصة لمركز التدريب في بداية عام 2008 و بدأ النشاط الفعلي للمركز في شهر مارس 2008.

لقراءة المزيد...