<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]-->
العلاقـة بـين الأمـة والثقافــة
بقلم / خالد مطهر العدواني
الثقافة هي تلك الأفكار والقيم والمعتقدات والمعايير والتفسيرات العقلية والعادات والتقاليد والاتجاهات التي يتسم بها الفرد والمجتمع .
فهي تشير إلى النمط الكلي لحياة شعب ما ، والعلاقات الشخصية بين أفراد ذاك الشعب أو المجتمع وكذلك توجهاتهم .
فحين تنبض الثقافة بهمّ الأمة ، وحين تمدّ الأمة الثقافة بمقومات صمودها وعوامل بقائها وأصالة منبتها ونبل مخبرها ، وإذا توثّقت العلاقة بين الطرفين ؛ كان ذلك مدعاة لسيادتهما جميعاً ، وإذا تهاوت تلك العلاقة فلا بقاء لواحدة دون الأخرى .
وحينما يكون للأمة رسالة يحملها مثقفوها عبر أقنية الاتصال لإبلاغها دعوة للخير للعالم أجمع ، يعيشون آنذاك حالة من الهمّ والقلق لأجلها .
وإذا انتفى ذلك وفضل المثقفون سلوك طريق غير معبَّد وأسلوب غير ممهَّد وطريقة ومنهج مرسوم بالعبثية والمصلحة الفردية ، فلا الساق بقادر على السمو والعلو ، ولا الجذر يستطيع وهبه مقومات شموخه ، وتغدو العلاقة حالة من العقوق
ومصيبة عدد من المثقفين – خاصة الإعلاميين – في عالمنا العربي والإسلامي بعامة ، وبلدنا – بلد الإيمان والحكمة – بخاصة ، أنهم بدلاً من توجيههم ما أُنعم به عليهم من القدرة على المتابعة والرصد والتحليل والكتابة ، ليصب في خانة المشاركة والنصح للأمة ، وتوجيهها وتعميق صلة الأمة بدينها وأخلاقها وتاريخها وموروثها الثقافي والحضاري ، فإنها – وبشواهد تكشف عن جهلهم وفساد أفكارهم – يخرجون لنا كل يوم بمقالات وحوارات تزعم أنها تثري الساحة الثقافية والعلمية ، وتنمي الوعي لدى أبناء الأمة .
والحقيقة أنها أحد أكبر الأسباب في الاضطراب الفكري والفرقة والنزاع الذي تعيشه منطقتنا العربية والإسلامية ، فضلاً عن بلد واحد من بلدان هذه المنطقة ، بل إنها من الأسباب الرئيسية لتغذية أفكار الغلو لدى بعض الشباب السذج أو المتهورين .
كما أن هناك فجوة واسعة بين المثقف المحلي ومطالب ورغبات وهموم وتطور المجتمع ، والمعنى المقصود : اتساع المسافة الزمنية بين المراحل التاريخية للتطور الثقافي ، وهو أمرٌ قد يُلبس بعض المثقفين التهمة حين يقفزون قفزات واسعة متجاهلين المرحلة التي يمرّ بها المجتمع دون وعي بأنَّ قفزاتهم قد تبعدهم عن أرض الواقع .. فالمثقف مجدد ، وهو إذا حمل همّ بيئته كان مفجراً لأمالهم معالجاً لأدوائهم .
وكثيراً من المثقفين لا يكونوا مماثلين للنابغة ( الجعدي أو الذبياني ) ، وإنَّما تبدأ سيرهم الثقافية في صغرهم ، فتتولاهم أسرهم رعايةً واستنباتاً ورياً حتى تنهض هاماتهم الثقافية وتسمو سوقهم الإبداعية الإيجابية ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا أدركت أسرهم أنَّ مجتمعاً بلا ثقافة إيجابية أو مثقفين إيجابيين ، سيستسلمون بلا وعي تحت وقع الإعجاب بالأخر .
فمن الضرورة أن يولد المثقف في مجتمع ويرضع من مجتمعه وتنبثق أفكاره منه ، لأن من وظائف المثقف أن يجدَّد نفسه ويكثر من الاطلاع ، وأن يُدعم بين جوانحه موضوعاً يُسير أطروحاته ومناقشاته ، على أن ينبع ذلك الموضوع من حاجات بيئته .
ومن هنا نخلص إلى أن العلاقة بين الأمة والثقافة علاقة وثيقة لا تقوم إحداهما إلا إذا قامت الأخرى.