دراسة جرائم الأحداث: أسباب ... علاج
الباحث التربوي والاجتماعي
عباس سبتي
2010م
تنتشر جرائم الأحداث في كافة دول العالم ، وهي آخذة في الانتشار على الرغم من تصدي هذه الدول في الحد منها ، ولهذه الجرائم عوامل وأسباب وأكثر هذه الأسباب متشابهة في الدول ، وتوجد مسميات لهذه الجرائم منها جنوح الأطفال أو الصغار وتفيد كلمة " جنوح " التقصير أو الإهمال ، وبعد التطور التكنولوجي ومن افرازاته " العولمة " وظهور تحديات كبيرة واجهت مؤسسات التربية : الأسرة والمدرسة ودور العبادة في دول العالم وأدى ذلك إلى تغيير في القيم الاجتماعية لدى الأطفال والمراهقين فما يراه الكبار من سلبيات وانحرافات أخلاقية يراها الأحداث والمراهقون سلوكيات طبيعية ومعبرة عن رأيهم ومعنونة لشخصياتهم ، ولعل ذلك من أسباب سلب دور مؤسسات التربية أن المراهقين والشباب لا يتأثرون بهذه المؤسسات وإنما بالدلائل المطروحة من إفرازات العولمة وقد تتشكل الشخصية الإجرامية للحدث في هذه المرحلة العمرية إذا لم يتلق العلاج المدروس
تعريف الحدث :
تختلف الدول في تعريف مفهوم الحدث خاصة تحديد عمره عند ارتكابه الجريمة لكن بشكل عام اتفقت أكثر الدول منها الدول العربية أن الحدث المنحرف يكون عمره ما بين 7- 17 سنة ، إذ أن السن السابعة فيصل بين عدم التمييز وبين التمييز فقبل السن السابعة لا يعد الطفل مميزاً وفي السابعة يكون مميزاً ، فالقانون يعد الطفل دون السابعة غير مؤهل لتحمل تبعة القانون ولا توقع عليه عقوبة وأيضا عدم اتخاذ تدابير إصلاحية لإصلاحه ، بينما الحدث في السن السابعة يطبق عليه القانون بعد ارتكابه الجريمة
وظهر مصطلح حديث يسمى ب " أطفال الشوارع" وهي فئة من صغار السن منحدرين من الأسر الفقيرة يتواجدون في الشوارع لإعالة أسرهم سواء ببيع السجاير وغيرها أو ارتكاب السرقات والانتشال والشحاتة وغيرها أو يكونوا بلا مأوى ومسكن وعرضة لمن يستغلهم في بيع المخدرات والدعارة واللواط وبقية الجرائم
أسباب جرائم الأحداث :
تتعدد أسباب جرائم الأحداث بتعدد البيئات والظروف والأشخاص وهي أسباب خارجية وتوجد أسباب داخلية مثل عامل الوراثة ومنها ما يصيب الدماغ من خلل أو اختلال في نظام الميول والرغبات والدوافع،
العوامل الداخلية :
عامل الوراثة ، وتكوين الشخصية :
وهو عبارة عن انتقال الجينات الوراثية من الأبوين أو أحدهما إلى الابن خاصة الجينات التي لها دور في إنحراف الحدث ومن الأسباب الداخلية ما يصيب الدماغ من تشوهات أو صدمات بعد الولادة مباشرة أو بعد أن يكبر الحدث
ومنها لتأخر في بعض وظائف العقل مثل انخفاض الذكاء أو ضعف الذاكرة والفهم ومعرفة عواقب الأمور قبل حدوثها أو اختلال في بعض الغرائز والميول يجعل الحدث غير سوي خاصة في بعض سلوكياته ، ومنها الإفرازات الغدد الصماء أو الهرمونات لها تأثير على شخصية الحدث والمراهق
حالة الإدمان على المسكرات والمخدرات تنتقل من الآباء والأمهات إلى الأبناء ذلك أن الجينات الوراثية تتأثر بهذه الحالة وتنتقل هذه الجينات وهي محملة للقابلية إلى تعاطي المخدرات والإدمان عليها
العوامل الخارجية :
وتتكون من البيئة الخارجية مثل الأسرة والمجتمع والحي والمدرسة ووسائل الاتصالات وأثر ظروفها على نفسية الحدث ،
انحراف الأسرة :
في مثل متداول يقول: وراء كل تصدع أسري ظهور حدث جانح ، إذ أن وجود مشكلات بين الأبوين من عدم الثقة وسوء الظن والتعدي بالضرب والتعدي على حقوق الآخر والانفصال والطلاق ، كل ذلك يجعل الحدث لا يعيش في جو آمن فهو لا يتلقى الحنان والمحبة وتتولد في نفسه الحقد على الوالدين وعلى الناس وفقدان الثقة بنفسه وعدم الاعتماد على نفسه ، إلى جانب فقر الحالة الاقتصادية للأسرة وحرمان الحدث من الحقوق الأساسية والكمالية فيلجأ إلى طرق أخرى للحصول على هذه الحقوق منها الطرق غير الشرعية و القانونية
في بعض الدراسات تؤكد على أن 75% من الأحداث من ترك المنزل وعاش بالشوارع وأصبح منحرفاً بسبب سوء المعاملة في المنزل نتيجة للتفكك الأسري
مع بداية الصيف تكثر جرائم الأحداث كما جاء على لسان أحد المسئولين بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالكويت ، ذلك أن وقت الفراغ الذي يقضيه الحدث في العطلة الصيفية قاتل وممل له ولا بد من سد هذا الفراغ بارتكاب الجرائم ( القبس 21-6-2010 ) ، ولعل هناك أسباباً تدفع الحدث إلى الجريمة ليس بسبب التفكك الأسري ومشكلاته ، حيث تشير إحدى الإحصائيات على أن 80% من الموقوفين من الأحداث يعيش في أسر لا تعاني من أية مشكلات ( موقع نور أطفال ، 2009) |
دعا مدير إدارة رعاية الأحداث بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالكويت عبد اللطيف أحمد السنان أولياء الأمور إلى وضع برامج هادفة لأبنائهم بعد انتهاء فترة الاختبارات النهائية وفترة الإجازة الصيفية وأن وقت الفراغ الذي يقضيه الأبناء دون تخطيط، أو استثمارها من قبل الأسرة باعتبار الأسرة المنبع الرئيسي لسلوكيات وأخلاقيات الأبناء، والمسئولة في البداية والنهاية عن أبنائها لتراقبهم وتتابعهم وتحاورهم في عمر يحتاجون فيه إلى لغة الحوار من قبل الوالدين.
وقال السنان إن الإدارة تشهد إحصائياتها خلال فترة الإجازة الصيفية ارتفاع نسبة نزلاء الأحداث وارتكابهم لقضايا العنف والمشاجرة والضرب، مما يسبب مساءلتهم قانونياً، وبالتالي دخولهم إحدى مؤسسات رعاية الأحداث نتيجة ذهابهم للأسواق لقضاء أوقات فراغهم يومياً بطريقة عشوائية غير منظمة، مما يؤدي إلى ارتكابهم بعض الممارسات الخاطئة هناك
وتشير بعض الدراسات إلى انه كلما زاد عدد أفراد الأسرة الفقيرة كلما ظهر فيهم أحداث جانحين ، وقد يكون احد الأبوين يتعاطى المخدرات أو مدمن عليها ، فيصبح الطفل قابل للتعاطي إما انه ورث ذلك من أحد والديه أو يحرضه الأب على التعاطي
لكن بدأنا نسمع ظهور حدث جانح في الأسر الملتزمة دينياً حيث الوالدان يقومان بدور التوجيه والإرشاد خارج المنزل لكنهما نسيا أولادهما كما يقول أحد الاختصاصيين النفسيين أن أحد الشباب الذي يراجع عيادته ويشكو من حياته الأسرية مع والديه اللذين كان يعيش معهما، وحسب قوله فإنهما ملتزمان دينيا ويؤديان الفرائض في أوقاتها، وكل يوم هما بالمسجد، وكل شهر بالعمرة، وكل سنة بالحج، الا أنهما لا يجدان لديهما فسحة من الوقت للجلوس مع هذا الابن والاستماع الى مشاعره ومشكلاته مع أصحابه وذلك لانشغالهما بإعطاء او حضور المحاضرات الدينية يوميا، وأما في الإجازة الأسبوعية فيقومان بالتواصل مع الأهل تحقيقا لصلة الرحم.
وأيضا تشير بعض الدراسات ان الفقر ليس السبب الوحيد بل ظهر احداث جانحون في الأسر الغنية نتيجة عدم الاهتمام بهم عاطفياً فالحدث يريد إثبات وجوده ويشعر أنه فاقد للعاطفة الأبوية وعدم من يعطف عليه من قبل الوالدين فيرتكب الجريمة كي يسلط الضوء عليه من قبل والديه وأنه يريد أن ينبهما انه فاقد لهذه العاطفة ، وأنه ليس توفر الرفاه والمادة وإشباع حاجاته المادية يسد مسد العاطفة والحنان
وتساهل بعض الوالدان بسفر ابنهما منفرداً مع زملائه أدى إلى ظهور علامات الإجرام عليه إذ تأثر وزملاؤه بالظروف خارج البلاد وهي مشبعة بأسباب جرائم الأحداث ، وهذا ما نبه إليه بعض المسئولين في الكويت الذين يشرفون على دور الرعاية الشبابية
ضعف دور المدرسة :
دور المدرسة تعليمي وأخلاقي والتهيئة للحياة المستقبلية ، لكن لا يجد الحدث ضالته في المدرسة فلا يساعده احد في فهم مشكلاته المنزلية وأثرها على تأخره الدراسي ورسوبه المتكرر بل يسمع التوبيخ واللوم والضرب أحياناً ، المدارس بشكل عام في كثير من دول العالم لا تحتضن هؤلاء الأحداث لعدم وجود منهج لهم
من أجل رفع المعاناة النفسية عنهم وإصلاحهم ، وحتى مادة التربية الإسلامية فهي مادة تعطى من اجل احتياز الاختبار ولا يشعر الطالب بأهميتها في تعديل السلوك وتوثيق العلاقة مع رب العالمين ، وبالتالي يفقد الحدث ثقته بمؤسسة المدرسة كما فقد ثقته بوالديه ، فيجرب حظه في بيئة الشارع والمجتمع الكبير ، ولعل ارتكاب الحدث بعض سلوكيات منحرفة مثل الاعتداء على زملاء الفصل أو المدرسة وتكوين عصابة أو شلة أو إتلاف أثاث المدرسة تعد البداية لجنح الحدث خاصة إذا لم يعالج العلاج المطلوب ، إذ بعد فشله دراسياً يجد ضالته في المجتمع فيمارس جرائمه
وتشير الإحصائيات على أن بعض الأحداث لم يتعلم في المدرسة ويعد من الأميين وقد بلغت نسبتهم في أحدث دراسة في اليمن حوالى 60% من عدد الأحداث
و31% ممن يحمل الشهادة الابتدائية و9% ممن يحمل الشهادة الثانوية ، وفي دراسة لقسم الأحداث بحلب بلغت نسبة الأحداث الأميين 69%
المجتمع المحلي أو الحي :
في الدول الفقيرة وذات كثافات سكانية عالية يقضي الأولاد أوقاتهم خارج المنزل الذي يضيق بهم فيلجأون إلى الحي وبالتالي يتأثرون بزملائهم خاصة وهذه الأحياء فقيرة ويتطلع بعض الأبناء إلى إشباع حاجاته من خلال الجريمة وبتحريض من زملاء الحي ، ، أشار الأمريكي " كليفورد شو " إلى أثر الحي على السلوك الإجرامي لخمسة أشقاء ، وفي دراسة مركز أبحاث لمكافحة الجريمة في المملكة العربية السعودية تبين أن الأحداث الأسوياء يسكنون في أحياء راقية عكس الأحداث الجانحين فأنهم يعيشون في أحياء فقيرة ، كما تؤكد بعض الدراسات على أن المدينة تفرز الأحداث الجنح أكثر من القرى والريف
قد يتصل الحدث ببعض المجرمين الذين يستغلون صغر سن الحدث في تحقيق مآربهم ، وظهر ما يعرف بعصابات الأحداث مثل عصابات القمصان السود في فرنسا والقمصان المذهبة في السويد
وسائل الأعلام والاتصالات :
في الماضي كانت الأفلام البوليسية تلعب دوراً في تعريف المراهقين والأحداث بأساليب الإجرام كذلك الأفلام العاطفية تساعد الفتيات على تكوين علاقات غير شرعية مع الرجال ، لكن مع تطور وسائل الأعلام وانتشار أفلام الفيديو والانترنت في كل مكان وضعف الرقابة عليها من الجهات المسئولة فأن الأحداث يتعلمون الكثير من هذه الأفلام والصور والأقراص المدمجة وغيرها في ارتكاب الجرائم وللأسف في بعض الدول الأوربية تحدد سن الشباب لشراء هذه الأفلام والأقراص إلا أن الأسواق المحلية مفتوحة لكافة الفئات العمرية
وتعرض الدراما الكويتية ( المسلسلات المحلية )مشاهد تعكس الانحراف بين الشباب وتشجع على هذا الانحراف مما يتأثر بها الأحداث ويتقمصون أبطالها ، وذلك في غياب العلاج المدروس والمؤثر على هؤلاء الأحداث ولحالاتهم الانحرافية
ذكر أحد المعنيين برعاية الأحداث أن 4 من نزلاء دار الرعاية وقعوا تحت تأثير إحدى المواقع الاكترونية التي تشجع على أعمال الإرهاب وهي مصيدة لتغرير الشباب باسم الدين
للأسف الدراما العربية والغربية لم تعد الجهاز التوعوي والإرشادي لظاهرة انحراف الأحداث والشباب ، بل في أحياناً كثيرة تعرض هذه الدراما مشاهد تكرس الانحراف في نفوس النشء أكثر من أن تعالج المشكلات الاجتماعية في الأسر
ثغرات في تشريعات الأحداث :
ينظر رجال الشرطة والتحقيق إلى الحدث أنه مجرم وليس على أن لا ذنب له خاصة وهو طفل لا يدرك الصواب من الخطأ ، ولعل بعض هؤلاء يلقي اللوم على الحدث على أنه السبب في ضغط العمل عليه خاصة إذا قام بجهود في تعقب الأحداث والتعرف على البيئات المبوأة بالانحراف وتعرض بعض رجال الشرطة إلى بعض المخاطر ، وتشير بعض التحقيقات على أن الحدث يلقى سوء المعاملة مع بداية القبض عليه على يد رجال الشرطة مما يترك أثراً سيئاً على نفسيته ويوضع الحدث في الزنزانة أياماً وقد يختلط بالمجرمين قبل النظر في قضيته ويلجأ بعض رجال الشرطة إلى ضرب و شتم الحدث، في هذه الأجواء فأن الحدث قد يعود إلى الجريمة خاصة إذا عاد إلى أسرته مع عدم تحويله إلى مؤسسة الإصلاح خاصة وهو يحمل الحقد على الجميع بسبب سوء المعاملة مع توبيخه ، وعدم دراسة ظروف أسرته دراسة كاملة
وقد انتقد بعض قانون الأحداث مثل عدم التمييز بين مرتكب الجريمة وبين معرض للانحراف ، كذلك عند ارتكاب الجريمة غالباً يسلم الحدث إلى من يرعاه ويقوم بتربيته من أهله أو غيرهم دون مراعاة لحجم الجريمة وطبيعة نفسية الحدث وأهلية من يقوم برعايته ، وعدم محاسبته بعد أن تجاوز الحدث السابعة من عمره ، وقد يوضع الحدث في دار الرعاية دون مراعاة لخطر جريمته فيؤثر على غيره من نزلاء الدار وأيضا قد تختلف مدة إصلاح الحدث وتربيته وتأهيله عن غيره ، وخروج بعض منهم من فترة الإصلاح فيعود إلى الجريمة لأن فترة الإصلاح غير كافية له
جرائم الأحداث :
الحدث المعرض للانحراف في حالات منها : إذا كان متسولاً أو عمل عملاً لا يصلح أن يكون مورد رزق ، إذا قام بأعمال مرتبطة بالدعارة أو القمار أو تعاطي أو نشر المخدرات ، أو إذا خالط أصحاب السوابق والمجرمين ، أو عقوق الوالدين أو إذا هرب من البيت أو تسرب من المدرسة أو المعهد ، أو كان يحصل على مورد من غير طريق شرعي وقانوني ،
في إحدى الإحصائيات الصادرة من محاكم الأحداث صنفت بعض الجرائم المرتكبة عند الأحداث مثل : الاعتداء على موظف ، دخول المنزل ، خيانة أمانة ، تهديد بالقتل ، الصرب والمشاجرة ، هتك العرض ، التهريب الجمركي ، المواقعة ، السرقة ، القذف والسب والشتم ، القتل ( الأنباء ، 2008)
في إحدى الدراسات قامت بها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية بدولة الكويت تشير الأرقام والنسب على أن 75% من الفئة العمرية 16-17 ( الأحداث ) تتعاطى المخدرات تأثراً بالكبار
إصلاح الأحداث :
تقوم الدول بسن قوانين لجرائم الأحداث بعد تفشي هذه الجرائم فيها وبشكل واسع وتتبنى بعض الدول الاتفاقيات لتنظيم قوانين لجرائم الأحداث ومنها
تشرع الدول تشريعات تدبيرية ووقائية من أجل إصلاح الحدث وليس إنزال العقوبة عليه كما بالنسبة للمجرم العادي، ومنها تسليم الحدث إلى ولي أمر الحدث ومن في حكمه إذا لم يقم والده بوظيفة التوجيه والتربية له ، وقد تدرس حالة الحدث فيوضع فيما يسمى مركز الملاحظة قبل إصدار حكم عليه خاصة لمن بلغ الخامسة عشر من عمره ، أو يوضع من بلغ السن السابعة إلى الخامسة عشر في معهد إصلاحي ويكتب مدير المعهد تقريراً عن حالة الحدث بعد ستة أشهر أو في حال تحسنه يطلب إعفاءه من المدة المقررة ، ويلجأ القاضي إلى وضع الحدث في مصح عقلي لعلاجه في حال تخلفه العقلي
وهناك تدبير الحرية المراقبة بهدف مراقبة سلوك الحدث من أجل تعديل سلوكه ليعود إلى المجتمع خاصة لمن أتم السن الخامسة عشر وقد يستمر في العلاج ما بين ستة أشهر وثلاث سنين على أن يقدم مراقب السلوك تقريراً كل شهر عن حال الحدث ، وقد يمنع الحدث من مزاولة عمل يكون السبب في انحرافه ، وهناك تدبير الرعاية وهو عبارة عن إصلاح الحدث عن طريق التعليم والتدريب المهني و يشمل هذا التدبير كل حدث وجد متسولاً ومتشرداً ولا معيل له ويقدم المعهد كل ثلاثة أشهر تقريراً عن حالة الحدث إلى المحكمة ، ولعل الهدف من هذه التدابير تعويض الحدث عما فقده من الرعاية والتربية الصالحة
نظمت الأردن المائدة المستديرة بعنوان " شرطة الأحداث في العالم العربي : الفوائد وفرص التطوير " في الفترة ما بين 22-23 مارس 2010 وتهدف هذه المائدة إلى تأسيس مكاتب لشرطة الأحداث في المراكز الأمنية ونقل التجربة الأردنية إلى بقية الدول المشاركة من اجل تحسين الخدمات المقدمة للأحداث والتعامل معهم بما يتفق والمعايير الدولية ، وتجنب دخول الأحداث في دائرة التقاضي من خلال المصافحة وفض النزاع بين الأطراف المتنازعة وتنمية قدرات العاملين في مراكز دور الرعاية واستحداث برامج تهدف إلى نظام قانوني وقضائي خاص بالأطفال ( موقع نور أطفال الاكتروني)
يلاحظ أن أكثر التشريعات لا تدين الأبوين المهملين في تربية الحدث وأنهما السبب الرئيس في إقدام الابن على ارتكاب الجريمة ، أو تدخل التشريع في منع الأبوين أو احدهما من الإنجاب إذا كانا مدمني المخدرات والخمور كي لا يولد لهما طفلاً يحمل في جيناته قابلية الانحراف والإجرام ، وعلى المشرع أن يصلح الحدث خلال تشريعات قد لا تدع الحدث من العودة إلى عالم الجريمة فقط بل تواصل التشريعات في إصلاحه وإصلاح أسرته
ثغرات في قوانين وتنظيم شئون الأحداث :
عدم اتفاق الدول على سياسات وتدابير لإصلاح الأحداث وذلك لقصور الجهود والتنسيق بين هذه الدول ، ونظرة المشرع إلى الحدث هل هو مجرم أم قاصر وصغير ، وأيضا الاختلاف في سن الحدث منها من يعد الحدث ما بين 7-17 سنة أو بين 7-18 سنة ، واختلاف الدول بوضع الحدث ما بين 16-18 في السجن أم الإيداع في دور الرعاية ، وتوجد قوانين تطبق بمحاكم الأحداث وقوانين لا تطبق حسب ظروف الدول واجتهاداتها حول هذه القوانين ، وكذلك دور الاختصاصي الاجتماعي والنفسي مهمش في مراكز الشرطة وهي مكلفة بالتحقيق مع الأحداث فقط مما يعني عدم مراعاة خصائص نفسية الحدث ، والتركيز على العقوبات او التدابير الرادعة ، وعدم تفعيل مبدأ العدالة الإصلاحية الصادر من المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي خاصة وهو يركز على إعادة تأهيل ودمج الحدث ومتابعة رعايته ، حيث أن الحدث قد يعود إلى الجريمة مرة أخرى
في دراسة حديثة (2008) أجريت في الكويت أوصت إعادة النظر في قانون الأحداث رقم 3/1983 ، وقيد نزلاء دور الرعاية في المدارس لاستكمال دراساتهم
بزيادة عدد الكوادر المدربة وزيادة المخصصات المالية وتفعيل مبدأ المشاركة المجتمعية بين الجهات الرسمية والأهلية ( موقع نور أطفال 20009)
ويعترف بعض المسئولين الأمنيين على تزايد جرائم الأحداث في عطلة الصيف وذلك بسبب الفراغ والسهر خارج المنزل وقصور البيت أو الوالدين في متابعة الأبناء ، وقلة البرامج التوعوية والتربوية التي تقدم لفئة الأحداث في الصيف كي تشغلهم عن التفكير في ارتكاب الجرائم ،
كثير من الدول تعاني من صغر حجم دور الرعاية لاستقبال الأعداد المتزايدة للأحداث سنوياً ، ففي إحدى الدول العربية أنشئت دار الرعاية وهي تستوعب 120 حدثاً في عام 1981 ولكن بلغ عدد الأحداث فيها 855 عام 2008 ، وهذا يشكل تحدياً كبيراً للتعامل العادل والمدروس مع فئة الأحداث ، ثم هذا ينذر بتقاعس الدول التي تعاني من الأزمات الإقتصادية لتوفير الموازنات المطلوبة لقضية الأحداث ، وتشير أحدث الإحصائيات في الكويت أن عدد نزلاء مراكز دور الرعاية قد بلغ 4457 نزيلاً في عام 2008 ، ولكن توجد معوقات منها إقرار كادر للعاملين في هذه المراكز لجذب الموظفين وسد النقص في التخصصات الطبية والنفسية والاجتماعية ، ونقص عدد هذه المراكز على أن تنشئ مراكز جديدة في المحافظات
دعا بعض المعنيين برعاية الأحداث إلى إعادة النظر بالأساليب العلاجية في دور المؤسسات الإصلاحية والمطالبة بمحاكمة الأحداث بعد أن عطل القانون بعد الغزو العراقي للكويت ، وهذا يعني أن دور الرعاية لا تؤهل الحدث الجانح إلى الحياة العادية و السوية دائماً بل قد يعود الحدث إلى الجريمة ، صحيح أن دور الرعاية تقدم برامج ثقافية ودينية واجتماعية و رياضية لكنها لا تكفي ، وتوجد بعض المشاريع بهدف اصلاح الحدث ومن في حكمه مثل مشروع الأم البديلة ومشروع البطل ، إلا أنها لا تكفي أيضا بل واعترف احد المسئولين بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعدم تنفيذ مشروع " المشروعات الصغيرة " الذي يهدف على تدريب وإيجاد أيدي عاملة مدربة فنياً ( جريدة الراي الكويتية ) ولعل المنهج التربوي الذي يدرس في دور الرعاية أيضا ينقصه المرونة وعد التأثر الأحداث به سواء المعلومات التي تقدم للأحداث على شكل محاضرات روتينية جافة كما في المدارس مما يعني عدم إقبال الأحداث على هذا المنهج ، كذلك عدم وجود دراسات عن نفسية كل حدث وعن نوع الجريمة التي ارتكبها وعن عمره وعن .... فهذه الدراسات تفرز لنا فئات الأحداث ولما تحتاجه كل فئة عمرية من منهج إصلاحي خاص بها ، وعدم اختلاط بعض الأحداث ببعض الآخر كي لا يتأثروا بعضهم ببعض وهذا يعني إنشاء وتعدد في دور الرعاية بينما في الغالب كثير من دول العالم تعاني من قلة أعداد هذه الدور
تجد أن الرسوب منتشر بين نزلاء دار الرعاية لأسباب كثيرة منها قصور المنهج التعليمي والتربوي الذي يقدم للأحداث ( القبس يوليو 2009 ) قلة البرامج التوعية التي تقدمها الجهات المعنية في المدارس سواء بيان أضرار المخدرات أو جرائم الأحداث ، و تقل معلومات طلاب المدارس عن جرائم الأحداث والتعريف بالحدث وعمره وتجريمه ، وهذا الجهل قد يدفع بعض الطلاب أن يكونوا ضحايا جرائم الأحداث ،
المقترحات والتوصيات
1- إعادة النظر في قانون الأحداث رقم 3/1983 ، وقيد نزلاء دور الرعاية في المدارس لاستكمال دراساتهم
2- تفعيل مبدأ المشاركة المجتمعية بين الجهات الرسمية والأهلية
3- تقديم برامج توعية للأسر من اجل شغل أوقات الأبناء وتعريف الأسر بمراكز الدورات الصيفية لالتحاق الأبناء بهذه المراكز
4- تحويل دور الرعاية والإصلاح إلى مدارس داخلية للأحداث
5- زيادة الحوافز المادية والمعنوية للعاملين في مراكز دور الرعاية وإقرار كادر لهم
6- إعادة النظر بالأساليب العلاجية في دور المؤسسات الإصلاحية
7- تشجيع المشاريع بهدف اصلاح الحدث ومن في حكمه مثل مشروع الأم البديلة ومشروع البطل ،
8- تقديم البرامج التوعية التي تقدمها الجهات المعنية في المدارس سواء بيان أضرار المخدرات أو جرائم الأحداث والتعريف بالحدث وعمره وتجريمه ، كي لا يكون طلاب المدارس يكونوا ضحايا جرائم الأحداث
28/3/2012
ساحة النقاش