برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار الأطفال المعوقين سمعيا
إعداد: أ.د.عبد الغفار عبد الحكيم الدماطي - أستاذ التربية الخاصة - كلية التربية ـ جامعة الملك سعود
تقديم
في ضوء ما توافر لعلماء اللغة من آدلة وبراهين على سرعة تعلم الأطفال العاديين لغة أمهاتهم، وتَفَوِقهم كذلك على الكبار في تعلم لغة ثانية إلى جانب لغتهم الأصلية فإن موريس Moores,2000) ) قد قام بتحقيق ودراسة ما ارتآه بعض العلماء من وجود فترة مثالية ـ أو على الأقل مهمة ـ لاكتساب اللغة وارتقائها، إذ يرون أن القدرة النوعية الخاصة بنمو اللغة وارتقائها تميل إلى بلوغ أوجِها في حوالي الثالثة والرابعة من عمر الطفل، ثم تميل إلى الانخفاض بصورة ثابتة بعد ذلك.
وطبقا لهذا الرأي فإن موريس Moores,2000) ) يرى أن البدء بأي برنامج لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى الأطفال الصم بعد أن يكونوا قد بلغوا الخامسة من عمرهم قد يكون محكوماً عليه بالإخفاق والفشل مهما كانت الطرق المستخدمة في هذا البرنامج. فبالرغم مما قرره علماء اللغة من أن صغار الأطفال العاديين لا يبدأون في وضع الكلمات معاً في جملة واحدة إلا بعد أن يبلغوا 18 شهراً من أعمارهم إلا أن الثابت أنهم يستقبلون اللغة منذ ميلادهم، وأن هذا الاستقبال يظل مستمرا على امتداد سنوات عمرهم. وطبقا لذلك فإنه يبدو من الضروري بل والمفيد إذن أن يبدأ المسئولون عن تربية ورعاية الأطفال الصم في تقديم برامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى هؤلاء الأطفال ، لا بعد أن يبلغوا سن السادسة أو الخامسة أو حتى الرابعة من عمرهم، بل يجب البدء بها فور ميلادهم أو فور التحقق من فقدان السمع وثبوته لديهم بصفة قاطعة دون انتظارأو إضاعة وقت (Conlon,2002).
وتحاول الورقة الحالية تقديم تصور مقترح لما ينبغي أن تكون عليه برامج التدخل المبكر في مرحلة ما قبل المدرسة لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى بالغي الصغر من الأطفال الصم.
ما المقصود بالتدخل المبكر والبرامج قبل المدرسية
ونعني هنا بالتدخل المبكر والبرامج قبل المدرسية ترتيب وإعداد برامج يلعب فيها الآباء ــ بالتعاون مع المدرسين والمدرسات المختصين ــ دورا أساسيا في دعم وخدمة من لم تتجاوز أعمارهم ثلاثة أعوام من الأطفال المولودين صمًّا أوالذين أصيبوا بالصمم بعد ولادتهم وقبل أن يبلغوا العام السادس من أعمارهم، بالإضافة إلى دعم وإرشاد أُسَرهم (Conlon,2002).
ويرى الخطيب (1998) أن من بين ما ينبغي لتلك البرامج أن تُهيِّئه لهم ما يلي :
1-إمكانية النمو الاجتماعي والعقلي واللغوي بالاستعانة أساسا بالتواصل البصري.
2-التفاعل الاجتماعي مع آبائهم وأفراد أُسَرهم، ومع غيرهم من الأطفال الصم، ومع راشدين صم كذلك.
3-الحصول على اختبارات وتدريبات سمعية ملائمة.
وفضلا عن ذلك فإن فريمان وزملاءه(Freeman et al.,1981) يرون أنه ينبغي لبرامج التدخل المبكر أن تتضمن بصفة أساسية تقديم إرشادات للآباء بشأن ما يمكنهم القيام به للتعاون مع المختصين في تيسير النمو اللغوي والتواصلي لدى أطفالهم، وبعبارة أخرى ، ينبغي أن تتضمن هذه البرامج ما يلي:
1-توجيه الآباء إلى َضرورة تلبية حاجة الطفل الأصم الأساسية إلى الاتصال بالآخرين بصرياً ووجدانياً عن طريق رؤية ما يدور حوله، إذ ينبغي ألا يشعر هذا الطفل بالعزلة أو أن يُترَك وشأنه.
2-تعريف الآباء بجميع الوسائل الممكنة التي يمكنهم اللجوء إليها للتواصل مع أطفالهم في المنزل كالحركات الطبيعية، والأصوات، والألعاب، وكلمات تُلفَظ على مَقْرُبَة من أذن الطفل، وقراءة الشفاه، ولغة الإشارة، والإيماءات والتلميحات، والتهجي بالأصابع.
3-توجيه اهتمام الآباء إلى أهمية المعينات السمعية للنمو اللغوي، وتعريفهم بخصائصها، وتركيبها، وطرق تشغيلها وصيانتها، وكيفية تدريب أطفالهم الصغار على استخدامها والإفادة منها بشكل سليم وفعّال في تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل.
4- إرشاد الآباء إلى الالتقاء بغيرهم من آباء الأفراد الصم عن طريق رابطات الآباء مثلا، والجمعيات التي تضم أولياء أمور الأطفال المعوقين سمعيا.
ويرى البعض أنه يمكن لصغارالأطفال الصم عموما الاستفادة من مشاركتهم في برامج التدخل المبكر قيل أن يبلغوا سن دخول المدرسة حتى وإن أدى ذلك إلى فصلهم عن أُسَرهم معظم النهار، بل ولمدة أسابيع متتالية. ذلك أنهم من خلال هذه البرامج:
1- سوف يُنَمّون مهارات السيطرة الإيجابية على الوسط البيئي المحيط بهم.
2- وسيُنَمّون كذلك مشاعر التقدير للآخرين ومراعاة شؤونهم.
3- وسيتعلمون التعاون والتواصل فيما بينهم وبين أقرانهم من الأطفال الصم المشاركين في البرنامج.
4- كما ستتاح لهم فرص الاستمتاع باللُّعَب، والإنصات إلى الحكايات والتفَرُّج على الصور، وتمثيل الأدوار.
5- وسيَنْمون بدنياً عن طريق الإيقاعات الراقصة وغيرها من الأنشطة الإيقاعية.
6- بالإضافة إلى اكتسابهم بعض مهارات اللغة والتواصل وبخاصة ما يعتمد منها على حاسة البصر.
المقومات الأساسية للبرنامج
ينبغي للمسئولين عن وضع وتصميم برامج التدخل المبكر الملائمة لصعار الأطفال الصم الذين لم يبلغوا بعدُ سن المدرسة العمل على أن تهدف هذه البرامج بصفة أساسية إلى تسهيل نموهم اللغوي وبناء وتأسيس وتطوير مهاراتهم اللغوية والتواصلية. ولكي نضمن لهذه البرامج فرصة النجاح في تحقيق هذا الهدف فإنها ينبغي أن تقوم على المقومات الرئيسية التالية:
1- إتاحة بعض الاستراتيجيات (الأُطُر) التي يمكن للمسئولين الاختيار من بينها لتقديم الخدمات الإرشادية والتربوية والتدريبية للصغار الصم وآبائهم.
2- إرشاد الآباء وتوعيتهم بأهمية الكشف المبكرعن أطفالهم المعوقين سمعياً والصعوبات التي قد تعترضهم في سبيل هذا الكشف.
3- إرشاد الآباء وتوجيههم إلى السبل الكفيلة بالتعامل بفعالية مع أطفالهم المعوقين سمعيا، وإلى كيفية مساعدة أطفالهم من خلال البرنامج على تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل.
4- تقديم الإرشاد النفسي والعلاجي للآباء الذين قد يحملون إلى البرنامج مشاعر سلبية أو مَرَضيّة ناجمة عن ابتلاء أحد أفراد أسرهم بكارثة الصمم، والتي قد تؤثر على تعاملهم بفعالية مع أطفالهم.
5- اختيار المدرسين الأكفاء الذين تلقوا تدريبا وإعدادا جيدا للعمل في هذا البرنامج.
6- وضْع خطة لتدريب هؤلاء الصغار على التواصل في المنزل مع أسرهم وذويهم، وبناء منهاج لتنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل قائم على أساس من مبادئ النمواللغوي العادي وأسسه، وفي إطار من الأوضاع والخبرات المنزلية والأسرية الطبيعية التي ينمو في ظلها الأطفال العاديون.
7- إتاحة عدد من الطرق والبدائل التواصلية التربوية التي يمكن للمعلمين والآباء الاختيار من بينها بما يلائم خصائص واحتياجات وإمكانات كل طفل من أطفالهم.
8- تزويد كل طفل مشترك في البرنامج بمعين سمعي ملائم يكفل له تكبير الصوت وتضخيمه.
وفيما يلي سوف نتناول بالإيضاح والتفصيل كل مقَوِّم من هذه المقومات.
المقوِّم الأول
في نطاق هذه المقومات عموما، ولكي يتم لبرنامج التدخل المبكر تحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح في مساعدة صغار الأطفال الصم على تنمية مهارات اللغة والتواصل في السنوات المبكرة من عمرهم فإن المختصين في إعداده وتصميمه (Streng et al.,1978) قد اقترحوا عددا من الأُطُر والبدائل الاستراتيجية التي يمكن اللجوء إليها في تقديمه وتنفيذه، والتي يمكن كذلك لكل ثقافة من الثقافات المختلفة الاختيار من بينها بما يلائم إمكاناتها وتطلعاتها ومنظوماتها الخاصة من القيم الدينية والاجتماعية والثقافية والتربوية، إلى جانب تلاؤمها مع ما تتميز به من عادات وتقاليد إيجابية وبناءة.
وبداية فإن من بين الاستراتيجيات (الأُطُر) المقترحة التي يمكن اللجوء إليها في إرشاد الوالدين إلى الطريقة المثلى التي يسلكونها في تعليم اللغة لصغارهم الصم وتدريبهم على التواصل بها الاستعانة في كل برنامج بمعلم شبيه في إعداده وكفاءاته المهنية بالمعلم الجوال itinerant teacher، بحيث يمكننا أن نطلق عليه تجاوزا " المدرس الزائر" visiting teacher.
وقد تم بالفعل اللجوء إلى هذا الأسلوب (الإطار) الإرشادي التدريبي في بلاد مثل بريطانيا، واسكندينيفيا، وكندا، واليابان، كما استخدم في مناطق كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية (Oyer,1976). ولكن ــ وللأسف ــ بعد مرور فترة من تطبيقه تبين للمسئولين أن تلك الزيارات الإرشادية التدريبية التي يقوم بها المدرس الزائر لكل منزل فيه طفل أصم لم يُنظَر إليها باعتبارها أمراً عملياً أو واقعياً في كل الأحوال، إما بسبب النفقات الباهظة التي يتطلبها سفر (انتقال) هذا المدرس إلى المنطقة التي يقيم فيها الطفل وصعوبة الوصول إلى منزله، أو بسبب قلة عدد الأطفال الصم في المنطقة التي خُصِّصت له لزيارتها، كما في المناطق الريفية النائية مثلا، أو بسبب رفض بعض الآباء تَطفُّل هذا المدرس الزائر واقتحامه ــ من وجهة نظرهم ــ خصوصياتهم وشئون حياتهم العائلية الخاصة.
وبالرغم من تلك الصعوبات المحتملة فإن المختصين يرون أنه لا ينبغي لمصممي هذه البرامج التخلي بسهولة عن اللجوء إلى استراتيجية (إطار) " المدرس الزائر" في تقديم الخدمات الإرشادية والتدريبية للأطفال الصم وأولياء أمورهم في منازلهم، أو التخلي عن الاستفادة منها مهما كانت الصعوبات التي تعترضها، إذ قد أثبتت الزيارات التي يقوم بها هذا المدرس فعاليةً كبيرةً في خدمة صغار الصم الذين يقطنون في المناطق الآهلة بالسكان، وبخاصة إذا توافر عدد من المدرسين والمدرسات المدربين تدريباً جيداً على القيام بتلك الزيارات والعمل الإرشادي مع أُسَر بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم، أو من معلمات رياض الأطفال المتمتعات بقدر كبير من الخبرة والكفاءة في مجال إرشاد وتدريب أمهات هذه الفئة من الأطفال الصم.(Streng et al.,1978)
من جانب آخر فإنه إذا لم يكن ممكنا لهؤلاء الصغار ولا لأولياء أمورهم الاستفادة من الخدمات الإرشادية والتدريبية التي يتم تقديمها في إطار من استراتيجية " المدرس الزائر" لأي سبب من الأسباب المذكورة أعلاه فإنه يمكن لمصممي برامج التدخل المبكر اللجوء إلى استراتيجية (إطار) أخرى بديلة يمكن أن نطلق عليها " الوضع المنزلي المدرسي school-house setting" والتي تتمثل في إنشاء وتهيئة مكان في مدرسة ما من مدارس رياض الأطفال (إن وُجِدت) أو في إحدى المدارس الابتدائية في منطقة ما من المناطق التي يقع عليها الاختيار لخدمة أكبر عدد ممكن من أبنائها.
وينبغي لهذا الوضع (أو الإطار) أن يكون شبيهاً إلى حد كبير بالأوضاع المنزلية الواقعية التي تعيش في إطارها الأسر عموما، وبالببيئة المنزلية الحقيقية التي يعيش فيها الطفل الأصم من حيث جوِّه النفسي وترتيبه وأثاثه ونظام حياته الروتيني، حيث يمكن لصغار الأطفال الصم وآبائهم معاً أن يتلَقَّوا تدريبات وتعليمات وإرشادات خاصة بكيفية التواصل لتنمية مهارات الكلام واللغة، وبحيث يمَكّن الآباء والأمهات من تعميم الخبرات والمعارف والمعلومات التي يكتسبونها في إطار هذا الوضع، ونقلها من مواقف الإرشاد والتدريب إلى بيوتهم الخاصة، حيث يقومون بتطبيقها وإدماجها في تفاعلاتهم الواقعية واحتكاكاتهم اليومية التواصلية مع أطفالهم(Simmons-Martin,1976).
كذلك فإنه يمكن للآباء والأمهات الذين يرغبون في الانضمام إلى هذا البرنامج أن يصطحبوا أطفالهم معهم للقيام بزيارات أوّلية لمبنى المدرسة التي أنشئ فيها بهدف استطلاع ما يجري فيه من خدمات، وطلباً للاسترشاد والتوجيه ممن يعملون فيه، على أن تكون مقرونة من جانب المدرسين العاملين في البرنامج بزيارات عَرَضيّة لمنازل هؤلاء الأطفال، حيث يقومون بها لاحقا بعد أن يطمئنوا إلى اقتناع أولياء أمورهم بالبرنامج، وبعد التأكد من نمو علاقة مليئة بالثقة المتبادلة فيما بينهم.
وفي سبيل تشجيع الآباء على القيام من حين إلى آخر بزيارات منتظمة للبرنامج فإنه ينبغي أن تُهيَّأ لهم وسائل الانتقال إلى مقرِّه في المدرسة التي تقدمه، وأن تُخصَّص لهم فيها غرف استضافة تكون تحت تصرفهم. وفي أثناء زيارات كهذه ينبغي أن يتلقى الآباء توجيهات وإرشادات بشأن أطفالهم، وأن يتلقوا كذلك دروساً في لغة الإشارة وغيرها من وسائل التواصل البصري.
ولما كان من المحتمل أن ينضم إلى هذا البرنامج عدد غير قليل من الأطفال الصم الذين يأتون من أماكن نائية أو متفرقة على مساحات كبيرة فإنه قد يتعين على بعضهم الالتحاق بالقسم الداخلي من البرنامج (إذا وُجِد). فإذا لم يكن ذلك متيسرا لأي سبب من الأسباب فإنه يتعين على القائمين على برامج التدخل المبكر أن يوفروا لهم من وسائل الانتقال ما ينقلهم إلى المدرسة التي تقدم البرنامج ومنها إلى بيوتهم. فإذا توجَّب على بعض الأطفال الالتحاق بالقسم الداخلي من البرنامج فإن على معلميهم أن يتخذوا من الترتيبات ما يمكّنهم من القيام بزيارات عرضية لآبائهم، وأن يناقشوا معهم آراءهم حول ما يقدمه البرنامج من خدمات، وما يحرزه أطفالهم من تقدم، وما هو متاح للأبوين من فرص التعاون مع البرنامج في سبيل توفير أفضل الظروف والمناخات التي تساعد أطفالهم على النمو لغويا وتواصليا.
وبالرغم مما حققته استراتيجية " الوضع المنزلي المدرسي " من نجاح نتيجة لفعاليتها وتوفير ما يقضيه المدرس الزائر من وقت طويل في السفر والانتقال إلى منازل هؤلاء الأطفال، فإن سترينج وزملاءهـا (Streng et al.,1978) يرون أن عددا غير قليل من الآباء أو الأمهات قد لا يتمكنون من الاستفادة منه، نظرا إلى أن حجم بعض الأُسَر وظروفها الخاصة ومستوياتها الثقافية(التعليمية) والاقتصادية، بالإضافة إلى بعض العوامل والحواجز النفسية والمصادر البيئية المحدودة قد تُحِدُّ من فعالية تلك الاستراتيجية والاستفادة منها بالنسبة لبعض الآباء.
من جانب آخر فإن عدم وعي عدد غير قليل من مجتمعاتنا العربية بأهمية برامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل في السنوات المبكرة من عمر الطفل الأصم، بالإضافة إلى ما سوف يتطلبه هذا التدخل من جهود وتكاليف باهظة قد يؤدي إلى تقاعس كثير من المؤسسات التربوية والاجتماعية عن التفكير في إيجاد مثل هذا النوع من برامج رعاية بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم ( للحصول على شرح مفصَّل لأسباب هذا التقاعس انظر: الخطيب والحديدي،1998 ص 63ـ 73 ). وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض هذه المجتمعات ــ متأثرة بنظرتها التقليدية إلى التربية عموما ــ لا زالت تعتبر انضمام أمهات الصغار الصم إلى هذا البرنامج لتلقي الإرشاد والتوجيه والتدريب فيما يتعلق بدورهن في تنمية مهارات أطفالهن في اللغة والتواصل ــ لا زالت تعتبره ــ أمرا غريبا على نُظُمنا وبرامجنا التربوية الخاصة، وبالتالي فإن تلك المؤسسات قد تستبعد إمكانية تحمُّس أُسَر هؤلاء الأطفال للانضمام إلى مثل هذه البرامج والإقبال على المشاركة في نشاطاتها.
ومهما يكن من أمر اقتناع المسئولين في تلك المؤسسات أو بعض أولياء الأمور بجدوى الخدمات الإرشادية والتدريبية التي يقدمها هذا البرنامج، ومهما كانت الصعوبات التي قد تعترض سبيله، وأيًّا كان الإطار المادي (المكاني) المخصص لتقديم تلك الخدمات فإنه يتوجّب على العاملين فيه من معلمات ومعلمين وغيرهم أن يوفروا لمن يقبلون الانضمام إليه من الأطفال الصم وأولياء أمورهم جواً نفسياً شبيهاً إلى أقصى حد ممكن بالجو النفسي والمادي الذي يجدونه في بيوتهم. وفي سبيل توفير مثل هذا الجو فإنه ينبغي استبعاد كل ما يغلب عليه الطابع المدرسي من معدات وأدوات مدرسية وأشياء ومواد وأجهزة لتحل محلها مواد وأشياء أخرى شبيهة بمعدات المنزل وأثاثه وترتيبه. ويمكن في هذا الصدد تشجيع من يرغب من الآباء والأمهات على أن يُحضِروا من منازلهم ما يمكنهم إحضاره (أو الاستغناء عنه) من أدوات وأشياء وألعاب بحيث يمكنهم استخدامها في الفترات المخصصة من البرنامج لتدريب أطفالهم. ولكن الأهم من ذلك كله هو أن يكون الجو النفسي الذي يوجده العاملون في هذا البرنامج مؤكِّدا لأسلوب البيت وطريقته في التعامل بتلقائية والتواصل بشكل طبيعي مع أطفالهم الصغار الصم بدلاً من التأكيد على الطريقة المدرسية التي تتميز بالسلطة والحزم والانضباط إلى غير ذلك من نُظُم وضوابط مدرسية لا تتلاءم مع هؤلاء الصغار في تلك المرحلة المبكرة جدا من أعمارهم، ولا حتى مع أهاليهم وذويهم.
المقوم الثاني
يتطلَّب الإسراع العاجل في مساعدة صغار الأطفال المعوقين سمعياً على تنمية مهارات اللغة والتواصل ضرورة تبصير آبائهم بأهمية التعرف المبكر على الفقدان السمعي لدى هؤلاء الصغار واكتشافه في وقت مبكر قبل أن تستفحل خطورة الآثار المترتبة عليه.
وفي أول مرة يلتقي فيها الآباء بالمختصين العاملين في البرنامج ينبغي إرشادهم وتوجيههم إلى أن الكشف المبكر عن إعاقة الطفل الأصم وتشخيصها ومعالجتها طبّيا ــ إن أمكن ــ يعدّ الخطوة الجوهرية الأولى لتهيئة أفضل الظروف الممكنة للتدخل المبكر لتنمية مهاراته اللغوية والتواصلية.
إذ ينبغي إرشادهم إلى أن الطفل الوليد عندما لا يستجيب للأصوات العالية ولا يبدي قدرة على الكلام في الوقت المناسب فإن مَن حولَه ينزعون عادة إلى استنتاج أن هنالك أمراً غير عادي يحدث مع هذا الطفل. غير أن معظم الرُّضَّع من الأطفال الصم لا يكادون يقِلُّون عن أقرانهم من الأطفال العاديين في التنبه والاستجابة لآبائهم وأمهاتهم وأشقّائهم، حيث تعوضهم حاستا البصر واللمس وأحاسيس ومشاعر أخرى عما يعانونه من عجز عن السمع، مما يعني أن الآباء والأمهات لا يكتشفون بسهولة أن أطفالهم يعانون من مشكلة في حاسة السمع (الدماطي،2005).
وحتى إذا عُرِض الطفل الرضيع على أرباب التشخيص المختصين في قياس السمع واختباره فإنه من المحتمل ألا يدركوا أنه طفل أصم، لأنه يستخدم سائر حواسه ويستجيب للضوضاء المنبعثة من حوله باستجابات سلوكية لا تختلف عن سلوك أقرانه من الصغار العاديين المتمتعين بسمع سليم.
كما ينبغي إرشاد أولياء الأمور إلى أن الصعوبات التي تعترض اكتشاف القدرة على السمع واختبارها لدى الرُّضَّع وصغار الأطفال ربما كانت أهم أسباب تأخر الكشف عما يعانونه من فقدان شديد لحاسة السمع. وقد يكون من المطمئن لبعض الآباء الذين يعبرون عن فشلهم في اكتشاف الصمم مبكرا لدى أبنائهم أن نخبرهم بأنه قد يحدث أحياناً ألا يُكتَشَف الصمم لدى الوليد الصغير إلا في وقت متأخر نسبيا، أي قبل أن يبلغ من العمر ثلاثة أو أربعة أعوام، وأن ذلك أمر محتمل حتى في بلد مثل أمريكا التي تعتبر على درجة عالية من الخبرة والكفاءة والمعرفة بإجراءات الكشف والتشخيص والعلاج المبكرة ( الدماطي،2005).
وليس من الأمور السهلة بأي حال من الأحوال أن يعيش الوالدان مع طفل أصم يوماً وراء يوم وهما يعلمان أن في الأمر شيئا دون أن يعرفا مضموناته أو ما ينبغي لهما فعله إزاءه. ونظرا لأن التشخيص الذي لا يعقبه علاج هو إجراء يتسم بالقسوة، فإنه ينبغي دائماً أن يقترن الاكتشاف والتشخيص المبكرَيْن للصمم بخدمات إرشادية للآباء، وتقديم إيضاحات عملية لهم تتعلق بما يمكنهم عمله من أجل أطفالهم (الخطيب، 1998). كذلك فإنه ينبغي إرشادهم إلى ضرورة بذل كل جهد ممكن لاختزال الفترة الفاصلة بين اكتشاف فقدان السمع في الطفل والتحقق من أنه لن يبرأ ( يُشفى) منه من جانب والشروع في إلحاقه ببرنامج ملائم للتدخل المبكر من جانب آخر.
المقوم الثالث
ويشمل هذا المقوم إرشاد الآباء المنضمين للبرنامج وتوجيههم إلى السبل الكفيلة بالتعامل بفعالية مع أطفالهم المعوقين سمعيا، وإلى كيفية مساعدة أطفالهم من خلال البرنامج على تنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. و تجدر الإشارة في بداية الحديث عن هذا المقوم إلى أن أكثر من تسعين في المائة من الأطفال الصم يولدون لآباء وأمهات عاديين ممن ليست لديهم مسبقا أيَّة خبرة معرفية أو عملية بالصمم وما يترتب عليه من آثار خطيرة في نمو أطفالهم وتنشئتهم. كما أن أول شيء يقال لهم عن صمم طفلهم لن يبرح ذاكرتهم أبداً. ومن هنا فإنه من الأهمية بمكان أن يكون لدى المرشدين النفسيين والمعلمين العاملين في برامج التدخل المبكر فهْم واع وبصيرة نافذة بالاحتياجات الخاصة بكل طفل وأسرته وبإمكانياتها وقدراتها. كما ينبغي لهم أن يتلافوا اتّبـاع نَهْج مُوحَّد في نصح الآباء وإرشادهم، ومن واجبهم كذلك أن ينظروا دائماً إلى إمكانيات كل أسرة وأن يؤكدوا على ضرورة أن يتخذ والدا الطفل الأصم موقفا إيجابيا من نموه وتطوره.
وفي لقاءاتهما الأولى بالعاملين في البرنامج فإن أول ما يتبادر إلى ذهن الوالدين بعد أن يتحققا من أن طفلهما أصم هو ما إذا كان سيتعلم الكلام أم لا. ولذلك فإن السؤال الأول الذي يطرحانه عادة هو " هل سيتكلم طفلي ؟ " ونظرا إلى أنه من الصعب دائماً أن نعرف كيف سيتم للطفل الأصم اكتساب مهارات الكلام فإنه ينبغي للعاملين في برامج التدخل المبكر أن يتوخُّوا جانب الحيطة والحذر من إعطاء جواب قاطع عن هذا السؤال، وأن يستعيضوا عن ذلك بتركيز اهنمام الوالدين على ما يمكنهما عمله من أجل مساعدة طفلهم على النمو نفسيا ولغويا وتواصليا واجتماعيا في المستقبل القريب.
وينبغي أن يُحاط الأبَوان علما بأن طفلهما الأصم يمكنه أن يحقق نمواً طبيعياً في جميع الجوانب باستثناء التواصل باللغة المنطوقة (الكلام)، كما ينبغي إرشادهما إلى مايمكنهما القيام به استجابة لما يطرأ من تطور على قدرات التخاطب (التواصل) لدى طفلهما. فالطفل بإمكانه أن يتعلم التخاطب والتواصل، ولكن وسيلته إليهما يجب أن تتواءم مع حاسة البصر. ولذلك ينبغي تعريف الآباء بمختلف وسائل التواصل البصري التي يمكنهم من خلالها إعانة أطفالهم على تعلمها وتعلم المعينات اليدوية للكلام. كما أنه من الأهمية بمكان أن تُقدَّم لهم إيضاحات عملية لتلك الوسائل حتى تتاح لهم فرصة حقيقية لاختيار الطريقة والكيفية التي يتواصلون بها مع أطفالهم الصم.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي أن يُشَجَّع الآباء على التعامل مع أطفالهم على أساس من العلاقة الطبيعية التي تربط بينهم وبين أبنائهم. ذلك أن بعض الآباء ـ في غمرة حماسهم البالغ لتقديم ما يرونه من جانبهم أفضل عون ممكن للطفل ـ قد يبادرون إلى تعليمه اللغة غافلين عن تلبية حاجته إلى التواصل التلقائي. فإذا لم يتم إرشاد الآباء إلى نهج التواصل الشامل ولغة الإشارة التي يمكنهم استخدامها في التعامل مع صغارهم الصم فسوف يواجِهون في مستقبل حياة هؤلاء الصغار عديدا من المشكلات في الاتصال بهم والتخاطب معهم.
كذلك فإنه ينبغي للقائمين على البرنامج تشجيع الآباء على البحث عن أطفال آخرين صم وكذلك عن راشدين صم ممن يقطنون في نفس الحي لكي يتيحوا لأبنائهم فرص التواصل معهم والاحتكاك بهم. كذلك فإن اتصال الآباء بأُسَرٍ أخرى تضم بين أعضائها فردا أصم ــ أو أكثرمن فرد ــ من شأنه أن يُمَكِّنهم من تبادل الخبرات مع هذه الأسَر وتلقي مؤازرتهم الاجتماعية والوجدانية.
ولكي تحقق برامج التدخل المبكر(قبل المدرسية) أقصى قدر ممكن من النجاح في تحقيق أهدافها، فإنه ينبغي للمعلمين أن يُطلِعوا الآباء في لقاءاتهم الأولى بهم على الخبرات والتجارب التي سوف يمرون بها هم وأطفالهم في إطار هذه البرامج. ويُعدُّ التواصل الوثيق بين العاملين في برامج التدخل المبكر وأسرة الطفل الأصم أمراً بالغ الأهمية لتهيئة ظروف تتضافر فيها الموارد الوجدانية للأسرة وفرص التعلم التي تتيحها تلك البرامج للأطفال الصم (الشناوي،1998).
كذلك فإنه ينبغي توجيه اهتمام الوالدين إلى أن طفلهما قد يستسلم في بداية البرنامج للسلبية والانطواء إذا لم يكن قد صادف قبل انضمامه إليه أيَّة إيماءة أو لغة إشارة، وبالتالي فإنه ينبغي طمأنتهما إلى أنه لن يمضي على طفلهما في البرنامج سوى وقت قصيرحتى تُحدث وسائلُ التواصلِ البصريةُ الجديدةُ تغييراً جذرياً في سلوكه، فيبدأ التواصل معهما ومع غيرهما من الأطفال والكبار حيث يشرع في تنمية قدراته ومهاراته اللغوية والتواصلية .
وينبغي تنظيم الأنشطة التي يتضمنها أي برنامج للتدخل المبكر بحيث تلبي احتياجات صغار الأطفال الصم وتتلاءم مع خصائصهم، مع ضرورة التحقق من أن البرنامج يتجاوز حدود مجرد الإشراف على الأطفال إلى تقديم ما يحفزهم إلى تعلم اللغة واكتساب مهاراتها عن طريق الألعاب والتواصل التلقائي بلغة الإشارة أو باللغة المنطوقة (الكلام)، إذ إن الأطفال الصم مهيّأون في هذه السن المبكرة لاستقبال كافة طرق التواصل بما في ذلك الإيماءات ولغة الإشارة.
وفي نطاق هذا البرنامج ينبغي أن تتم معظم التفاعلات والاحتكاكات التواصلية بين الأمهات وصغارهن الصم في إطار مطابق بأقصى قدر ممكن للأنشطة التواصلية الواقعية المشتركة التي تتم بينهم في المنزل. ومن هنا فإنه ينبغي لهذا البرنامج أن يقدم لأسرهم وذويهم من الإرشاد والتوجيه ما يساعدهم على قهر الصعوبات التي تقف حائلا دون تواصلهم مع أطفالهم. وأفضل وسيلة إلى ذلك هي إرشاد الوالدين إلى القيام في المنزل بنشاطات تواصلية طبيعية مع طفلهما لمساعدته على تنمية لغته، وذلك بصفتهما والدَيْن لا معلميْن(Streng et al., 1978).
ويوصي المختصون بألا يكون دور الآباء والأمهات في هذا البرنامج التدريبي نسخة شبيهة بدور المعلمين العاملين فيه، والذين يستخدمون أنشطة ومواد ووسائل قد تكون غريبة نوعا ما عن البيئة المنزلية الطبعية أولا تَمُتُّ إليها بصلة. وقد يرجع السبب في التوصية بذلك إلى حرص هؤلاء المختصين على تجنيب الآباء خطر الوقوع في شراك الاعتقاد الخاطئ بأن قيامهم بتدريب أطفالهم على التواصل في بيئة مدرسية لمدة ساعة واحدة أو نصف ساعة يوميا هو الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها مساعدة أطفالهم على اكتساب اللغة وتنمية مهاراتهم فيها. فعلى النقيض من ذلك ينبغي تشجيع الآباء ( بل ومعاودة إرشادهم وتوجيههم من حين إلى آخر) على القيام باستمرار بممارسة أنشطة تواصلية طبيعية تستثير في أطفالهم تعلم اللغة والتواصل. وعلى الرغم من أن ذلك ينبغي أن يتم في إطار بيئة مدرسية إلا أن تلك البيئة يجب تصميمها وتهيئتها وترتيبها وتأثيثها بحيث تبدو في وضع أقرب ما يكون إلى بيئاتهم المنزلية الخاصة.
المقوم الرابع
أما المقوم الرابع من مقومات برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى الأطفال الصم فهو يتعلق بتقديم الإرشاد النفسي والعلاجي لمن يحتاجه من الآباء بما يضمن تكوين اتجاه إيجابي سليم نحو أطفالهم الصغار المعوقين سمعياً، وبما يساعدهم على التخلص من اتجاهاتهم السلبية أو مشاعرهم المَرَضيّة الناجمة عن ابتلاء أحد أفراد أسرهم بكارثة الصمم،
وبداية تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من معلمي ومعلمات الصم لم يسبق لهم أن تلقوا من التدريب ما يكفي للتعامل مع الاحتياجات النفسية والعاطفية لهذا النوع من الآباء والأمهات. ومن هنا فإن من بين الطرق التي يمكن اللجوء إليها للتغلب على افتقارهم في هذا الجانب الإرشادي والعلاجي من البرنامج أن يستعان بأحد العاملين في المدرسة كالأخصائي الاجتماعي أو أخصائي الإرشاد والتوجيه النفسي(الشناوي،1998)، أو أن يُحتفَظ على الأقل بمثل هذا الفرد للقيام بإرشاد وتوجيه هؤلاء الآباء بالقدر الذي يخفف مما تجيش به صدورهم من مشاعر الحزن والقلق وخيبة الأمل والشك في قدرة أطفالهم على تحقيق أي قدر من النمو في مهارات اللغة والتواصل. ويجدر به في هذه الحالة أن يكون قادراً على تزويد المعلمين والمربين ببصيرة نافذة تمكنهم من التغلغل بعمق في مشكلات التوافق والدافعية الشائعة بين أُسَر صغار الصم وذوبهم. كما يقدم الخدمات المتخصصة لهؤلاء الآباء الذين طالما استجابوا لإعاقة أطفالهم بالحزن والأسى واليأس وخيبة الأمل (الفوزان،2000).
وعلى الرغم من أن هذا الجانب الإرشادي العلاجي من برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل غير معهود في نظمنا التربوية الخاصة، وعلى الرغم كذلك مما يستلزمه هذا الجانب من تكاليف باهظة وجهود متخصصة إلا أنه ينبغي للمسئولين عن برامج تربية المعوقين سمعيا الاقتناع بأن الثمار المرجوّة من ورائه تفوق إلى حد كبير تلك التكاليف والجهود اللازمة لتقديمه، خاصة وأنه يسهم في التعامل بفعالية مع المرحلة المبكرة من حياة الطفل الأصم والتي تعتبر أخصب الفترات وأثمنها لمعالجة مشكلاته في اللغة والتواصل (الشناوي،1998).
فإذا لم يتوفر مرشد نفسي متخصص للقيام بإرشاد الآباء وتوجيههم في هذا الجانب فإن مسئولية التعامل مع مشكلاتهم الأسرية والنفسية المعقدة تقع على عاتق المُدَرسين بالرغم من أنهم ( أى المدرسون) لم يُعَدّوا بالطبع لتحمل مثل هذه المهمة الصعبة(عملا بمبدأ الأخذ بأخفّ الضررين). وإذا لم يكن هناك بُدٌّ من قيام المدرس (أو المُدَرّسة) بهذا الجانب الإرشادي فإنه يتوجَّب عليه أن يكون مستمعاً جيداً يجيد الإصغاء إلى ما يدلي به بعض الآباء من مشكلات يواجهونها مع صغارهم الصم. وقد يكون من المناسب له في اللقاءات الأولى مع الأب أو الأم أن يقضي جزءا كبيراً من الوقت مستمعاً فقط إليهما وهما يتحدثان عن خبراتهما ومشاعرهما منذ ولادة طفلهما واكتشاف الصمم فيه (الشناوي، 1998).
وعلى الرغم من أنه من الطبيعي أن يشعر معظم المدرسين والعاملين في البرنامج بعدم الارتياح لسماع بعض الآباء أو الأمهات وهم يتحدثون عن مشاعرهم الوجدانية الحزينة إلا أننا إذا أردنا مساعدتهم حقا فإنه يتوجب علينا أن نتقمص مشاعرهم وأن نضع أنفسنا في أماكنهم لكي نتمكن من التعامل مع مشاعر الحزن والألم التي يعبرون عنها، والتوفيق بينها وبين مشاعرنا الخاصة بعدم الارتياح لما نسمعه منهم. وقد يكون من الأفضل للمدرسين اللجوء في هذا المقام إلى مبدأ "الاعتناق أو التقمص العاطفي empathy " كأفضل وسيلة للتعبير من جانبهم عن استجاباتهم الإيجابية الهادفة وتقديرهم المخلص لمشاعر هؤلاء الآباء وهم يُفيضون في الحديث عنها (الشناوي،1998).
أضف إلى ذلك أنه يجدر بالمدرس الذي يتعامل مع آباء الأطفال الصم أن يتعلم كيف يتقبل منهم كل ما في وسعهم القيام به من تعديل أو تغيير في شئون حياتهم، وما يتخذونه من استعدادات واسعة للتعايش مع مشكلات أطفالهم وتقَبُّلهم رغم إعاقنهم. كما ينبغي له أن يدرك أن بعض هؤلاء الآباء ــ إن لم يكن معظمهم ــ لا يقومون ببساطة بفعل كل ما يُطلَب منهم أو يتوجّب عليهم القيام به من أجل مصلحة أطفالهم الصم، بل إنهم يقدمون فقط لأطفالهم كل ما في مقدورهم تقديمه في إطار من ظروفهم العائلية الخاصة، وإمكاناتهم المحدودة، والضغوط الكثيرة التي يواجهونها في حياتهم من أجل سدّ احتياجات جميع أفراد أسرهم (الفوزان،2000).
كذلك فإنه يتوجب على المدرسين العاملين في برامج التدخل المبكر أن يدركوا أن المدرس المثالي الكامل لم يوجد بعدُ، وأنه من الطبيعي أن يكون لهم قصورهم النفسي والمهني الخاص بهم أنفسهم، وألاّ يكون في صدرهم حَرَج من عجزهم ببساطة عن تقديم الخدمات الإرشادية النفسية والعلاجية الأكثر تلاؤما مع كل حالات الأسَر التي يواجهونها في البرنامج، إذ أن كثيرا من الحالات الأُسَرية التي يتعاملون معها تعتبر مَرَضيَّة إلى حد كبير، وقد ترجع بصفة أساسية إلى كثير من المشاكل النفسية التي عانت منها تلك الحالات قبل اكتشاف الصمم في أطفالهم والتحقق من ثبوته لديهم.
وبالتالي فإنه يتوجّب على المدرسين المتصدين للتعامل مع تلك الحالات الأُسَرية المَرَضيّة ـــ إن وُجِدت ــ أن يكونوا يقظين ومنتبهين إلى ما قد يكون هناك من حاجة بعض الآباء إلى الإحالة إلى إحدى المؤسسات المحلية المتخصصة في العلاج النفسي لمساعدتهم وإرشادهم نفسياً، كما ينبغي لهم أن يُلِمُّوا بما يتوفر في البيئة المحلية من إجراءات ووسائل يمكنهم اللجوء إليها لإحالة مثل هذه الحالات المستعصية إلى تلك المؤسسات (الشناوي1998).
ومن المهم في غالب الأحيان أن يبدي أعضاء الفريق العامل في البرنامج اهتماماً لا بوالدي الطفل الأصم فقط، بل وأن يهتموا كذلك بأفراد أسرته بأكملها بحيث يشمل ذلك أشقّاء الطفل وأقاربه وأعضاء أسرته الممتدة كأجداده وجداته وغيرهم. إذ يجدر ببرنامج التدخل المبكر الفعال أن يوفر الإمكانات والوسائل اللازمة للكشف عن مشاعر هؤلاء الأفراد جميعاً تجاه هذا العضو الصغير من أعضاء أسرتهم، وأن يقوم المدرسون بتوفير معلومات إضافية في هذا الصدد حتى تكون جهودهم التي يبذلونها لرعايته في هذه المرحلة المبكرة من عمره مكملة ومساندة لجهود آبائهم وأمهاتهم.
وموجز القول في هذا الجانب الإرشادي العلاجي من البرنامج أن المدرسين الذين لا يجدون في أنفسهم كفاءة أو رغبة كافية في التعامل مع أُسَر بالغي الصِّغَر من الأطفال الصم وما يحمله بعض أولياء أمورهم في بداية البرنامج من مشاعر الألم والأسى واليأس تجاه إعاقة أطفالهم وعجزهم عن تعلم مهارات اللغة والتواصل بشكل طبيعي ـــ هؤلاء المدرسون ـــ ينبغي لهم ألا يستمروا في العمل في برامج التدخل المبكر، وأن يتحولوا عنها إلى العمل في برامج أخرى متقدمة كالمرحلة التمهيدية أو المرحلة الابتدائية .(Oyer,1976)
المقوم الخامس
ويتعلق بتعريف الآباء بالخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتشجيع أطفالهم على اكتساب مهارات اللغة والتواصل وتعلمها.
فعندما ينضم الآباء إلى هذا البرنامج فإنه يجدر بالعاملين فيه تقديم تعليمات لهم فور انضمامهم فيما يتعلق بالأنشطة التي هم على وشك القيام بها مع أطفالهم لمساعدتهم على تعلم التواصل واكتساب مهارات اللغة. وينبغي تقديم تلك التعليمات بشكل عاجل لكل والدين مصحوبة بإرشادهما وتوجيههما، وبطرق مختلفة تضمن لهما بعض النجاح. ويعتبر تعليم الوالدين وإرشادهما بصفة فردية في بداية البرنامج من أكثر الطرق فعالية وتدعيماً لنجاحه. ومع مرور الوقت وشعور الوالدين بألفة كافية وارتياح أكثر للفعاليات والأنشطة التي يتضمنها البرنامج فإنه ينبغي السماح لهما بالانضمام إلى الأنشطة الجماعية التي يقوم بها من سبقوهما إليها من آباء وأمهات .(Northcott,1977)
هذا وينبغي العلم بأنه ليس هناك من دافع لتشجيع الآباء على المواظبة على الحضور إلى البرنامج والمثابرة على الاشتراك في فعالياته وأنشطته أقوى من شعورهم باقتناع ذاتي مباشر بأنهم يتعلمون بالفعل كيف يتواصلون مع أطفالهم الصم وكيف يتعلقون بهم، وأن ذلك لم يكن ليتم لو أنهم أعرضوا عن الانضمام إليه والمشاركة في فعالياته. ولتحقيق هذه الغاية فإنه ينبغي لفريق العمل في البرنامج أن يتيحوا لهم عديدا من الفرص التي تمكِنهم من ملاحظة غيرهم من الآباء الذين سبقوهم إلى البرنامج وهم يعملون مع أطفالهم. وبطريقة مشابهة فإنهم يحتاجون كذلك إلى ملاحظة الآخرين لهم، لأن ذلك يسهم في استفادتهم مما يوجَّه إليهم من نقد هادف وبناء. وتعتبر الأنشطة التدريبية الفعلية التي يقوم بها الآباء ـ والتي يمكن أن تكون مسجلة على أشرطة " الفيديو " ــ من أكثر الطرق فعالية وفائدة لتحقيق هذا الهدف الأخير بصورة خاصة.
وينبغي تشجيع الآباء على أن يدمجوا في أساليبهم الخاصة التي يستخدمونها مع صغارهم الصم ما يستخدمونه عادة مع أطفالهم العاديين من إجراءات عادية لتنمية مهاراتهم في اللغة والتواصل. ومن الممكن توضيح ذلك بصورة عملية من خلال إرشادهم وتوجيههم إلى اتباع الإجراءات التالية:
1) يقوم الآباء بالتحدث إلى أطفالهم الصم في جمل قصيرة مركبة من مفردات ثابتة لا تتغير (على الأقل في البدايات الأولى من التدريب).
2) يقوم الآباء أولاً بِحَثّ الطفل على الكلام، ثم باستخدام طرق مختلفة لبسط الجمل وإطالتها، وعندما يبدأ الأطفال في التحدث فإن على الآباء أن يتحولوا إلى استخدام طرق أكثر دقة وبراعة كتوجيه الأسئلة إلى الأطفال وضرْب الأمثلة ببعض الجمل الملائمة للإجابة عنها.
3) يسوق الآباء حديثهم إلى أطفالهم الصم الصغار بدرجة عالية من التنغيم والإيقاع الملائمين لسياق هذا الحديث.
4) يقوم الآباء بإثارة اهتمام أطفالهم بالموضوع الذين هم على وشك البدء بالحوار والمحادثة حوله، وبعد أن يتم لهم التأكد من إلمام أطفالهم بموضوع الحوار والمحادثة والاستحواذ على اهتمامهم يحَوّلون مجرى الحديث إلى تعليقات تدور حوله بحيث يشجعون أطفالهم على استخدام هذه الطريقة نفسها.
5) ينبغي للوالدين الحرص على تعويض طفلهما عما يعانيه من عائق سمعي بإجلاسه ـــ أو تعديل جِلسته ــ بحيث يكون في وضع بدني يمَكِّنه بأقصى قدر ممكن من أن يرى ويسمع مَن حوله من الراشدين والكبار المتواجدين في موقع التدريب.
ولكي نوضح تلك الإجراءات بصورة عملية دعنا نتخيل المشهد التالي لإحدى الأمهات وهي جالسة على سجادة مع طفلها المسمّى " أحمد " والذي يبلغ من العمر 18 شهراً:
o فها هو الصغير أحمد على وَشَك البدء باللعب بكرة كبيرة ملونة.
o وها هي أمُّ أحمد تستحوذ على بصر ولدها الصغير بالإمساك بالكرة وإخفائها خلف ظهرها.
o ثم تقوم الأم بإحضار الكرة فجأة أمام ناظريه وهي تبتسم.
o ثم ترفع الكرة إلى أعلى وهي تشير إليها.
o ثم تقربها بعد ذلك من فمها وهي تقول: " … هيه .. انظر هنا ..انظر .. ها هي الكرة ".
فتعليقها على الكرة وحديثها الذي بدأته عنها بهذه الطريقة يؤدي وظيفتين هامتين في هذا السياق:
أولاهما: أنه يخدم الحوار بين الأم وطفلها بوصفه وسيلة لتنغيم وإيقاع ذكيين لنطق بقية الجمل التي تليه.
ثانيتهما: أنه وسيلة لفظية " منطوقة " استخدمت لجذب اهتمام الطفل إلى موضوع الحوار.
وحالما يتم تثبيت موضوع الحوار والمحادثة ( الكرة ) في ذهن الطفل وضمان تَوجّه اهتمامه إليه فإن الأم وولدها أحمد يبدآن في التفاعل معاً وفي تبادل الاستجابات بينهما في إطار (سياق) من اللعب بالكرة. فهي تستأنف كلامها معه مرة ثانية قائلة:
" هيه. . أنا دحرَجْتُ الكرة ..هيّا يا أحمد . .أنت كذلك: دَحرِجْ الكرة ".
فإذا ذهبت الكرة بعيداً عن أحمد فعلى الأم أن تستجيب لذلك بتعبير مناسب منادية:
" هات الكرة يا أحمد ".
فإذا ما عََنَّ للطفل أحمد أن يحاول الاستجابة لأمه ــ إما يدويا بالإشارة أو لفظيا بصوته ليعلق على هذه الحالة ( وهي هنا ذهابه إلى مكان الكرة لإحضارها) ــ فإن أمه سوف تستجيب لمحاولته بإعطائه نموذجاً كلامياً في صورة جملة تقولها له، أو ببسط وإطالة ما حاول أحمد أن ينطق به معلقاً على ذهاب الكرة بعيداً عنه.
فهذا النوع من التفاعل التواصلي بين أحمد وأمه هو نفس التفاعل التواصلي الذي يتم عادة بين الأمهات وأطفالهن العاديين، إذ إن أسلوب الحوار وتبادل الأدوار في الكلام(متحدثا مرة ومستمعا مرة أخرى) يُعدُّ مظهرا أساسيا من مظاهر استخدام اللغة، وبالتالي فإنه ينبغي للآباء أن يجعلوه كذلك جزءاً لا يتجزأ من تدريب أطفالهم المعوقين سمعياً لاكتساب مهارات اللغة والتواصل.
هذا ويجب على المدرسين والمدرسات القائمين بهذا التدريب أن يأخذوا في اعتبارهم أن كثيراً من الآباء والأمهات سيشعرون بشيء من التردد والخجل عند القيام بمحاولاتهم الأولى للتواصل والتفاعل مع أطفالهم على النحو الذي أوضحناه، وتحت توجيه من الآخرين وسمع وبصرغيرهم ممن يراقبونهم من الآباء، وبالتالي فإنه ينبغي للمشرفين على هذا التدريب أن ينظروا إلى هذا الخجل والتردد باعتباره أمراً طبيعياً وموقفا عابرا غير بارع لا يمكن تجَنُّبُه. ولكي يسهم المدرس في تسهيل هذا الموقف على مثل هؤلاء الآباء والأمهات فإنه ينبغي أن يوضح لهم في بداية محاولاتهم أن أي أسلوب يختارونه أو يرونه الأفضل لتدريب أطفالهم سوف يكون موضع تقديره وقبوله، كما أنه ليس من الضروري للآباء ــ ولا حتى من المرغوب فيه ــ أن يحاكوا (يقلدوا) بشكل حرفي دقيق ما يقدمه المدرس من نشاطات عملية إيضاحية للمحاورات والمحادثات التي ينبغي لهم القيام بها مع أطفالهم.
وحين يبدأ الآباء والأمهات محاولاتهم الحقيقية للتواصل مع صغارهم الصم فإنهم غالبا ما يتوقون إلى تحقيق نجاح عاجل في أولى محاولاتهم، ولكن حين يتبين لهم أنهم غير قادرين على تحقيق هذا النجاح كما توقعوه فإنهم قد يستجيبون لهذا الفشل الأََََوََََّلي بتعليقات مختلفة، كأن يقول أحدهم مثلا:
" يبدو أنني لن أُفلح في القيام بهذه المهمة "
أو: " لا مؤاخذة يا أستاذ! لا أدري ماذا أفعل "
أو أن يعلق أب آخر قائلا للمعلم:
" لا أدري يا أستاذ كيف أبدأ .. هل يمكنك ـــ لو تكَرَّمْتَ ـــ أن تقوم بهذه المحاولة بدلاً عني؟.. فأنت أدرى بذلك مني ! ".
ومن هنا فإنه من الضروري أن نوضح للآباء والأمهات كيف يبدأون محاولاتهم الأولى في التواصل مع صغارهم الصم، كما ينبغي إيضاح هذه المحاولات لهم بشكل عملي مبسّط يسهل عليهم القيام بها، إضافة إلى ضرورة أَخْذِهم بالصبر والحلم والرويَّة أثناء الأسابيع (بل الأشهر ) الأولى من البرنامج. وفي نفس الوقت فإنهم سوف يتعلمون التيقظ والتنبه لما يبدو مبكرا على وجوه أطفالهم من دلائل (تعبيرات وجهية ) تشير إلى وَعْي أطفالهم بالتواصل وإدراك أهميته لهم.
المقوم السادس
أما المقوم السادس من مقومات برنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى بالغي الصغر من الأطفال الصم فهو يتعلق بنوعية المدرسين الذين يعملون في هذا البرنامج من حيث إعدادهم وتدريبهم المهني. ذلك أنه من الضروري لكل من يعتزم العمل فيه ــــ أو بالأحرى في أية مرحلة من مراحل تربية وتعليم الأطفال الصم ـ أن يكون قد تم إعداده وتدريبه بشكل مكثف للعمل مع الصغار من هؤلاء الأطفال، وأن يكون كذلك قد تلقى تعليماً وتدريباً ملائمين، ولديه معرفة كافية بأسس ومظاهر النمو في اللغة والكلام لدى الأطفال العاديين بوصفها الأساس الذي ينبني عليه المضمون التطبيقي لبرامج تنمية لغة الأطفال الصم وتسهيل اكتسابهم لها، إذ لم يعد من الممكن لأي مدرس أن يعمل مع أية فئة من الأطفال الذين أعيقت لغتهم عن النمو وهو غير مُلِمٍّ على الإطلاق بشيء من أسس نمو اللغة واكتسابها لدى الأطفال العاديين، أو أن يكون قد ألمَّ فقط بالحد الأدنى من المعرفة بهذه الأسس مما يعد في نظر المربين المختصين إلماما سطحيا لا يكفي لتأهيله للعمل في هذا البرنامج .(Streng et al.,1978)
المقوم السابع
أما فيما يتعلق بالمقوم السابع لبرنامج التدخل المبكر لتنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار المعوقين سمعيا فإنه يتركز في ضرورة إتاحة عدد من طرق التواصل والاختبارات والبدائل التعليمية (التربوية) التي يمكن للمعلمين والآباء الاختيار من بينها بما يتلاءم مع خصائص واحتياجات وإمكانات كل طفل أصم على حدة. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يعد أحد من المختصين في تربية الصم يؤمن بما كان شائعا في الماضي من تزويد كل الأطفال الصم بخبرات تربوية واحدة أو بمنهج تعليمي موحَّد يسير عليه الجميع مهما كانت الفروق بينهم، كما لم يعد مقبولا أن نستخدم في تدريبهم وتعليمهم جميعاً طريقة تواصل واحدة فقط modality communication ( كلغة الإشارة وحدها) دون غيرها من طرق التواصل، إذ إن هذا الاتجاه يتعارض تماماً مع مفهوم " التعليم الفردي individualization of instruction " ، كما يتعارض مع مبدأ التطبيع الاجتماعي social naturalization الذي يعتبر الهدف الأسمى لكل البرامج المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة. كذلك فإن هذا الاتجاه يُذْكي (يقوي) روح العداء والتنافس المحموم والتعصب المهني البغيض بين معلمي الصم وما يستخدمونه مع أطفالهم من طرق تدريسية مختلفة (Streng,1978)، ولطالما أزعج العاملين في تربية الصم وتعليمهم، وكان مصدر بلاء وتأخر بالنسبة لبرامج رعاية وتربية الأطفال المعوقين سمعيا، ولا زلنا حتى يومنا هذا نشهد أثراً لذلك العداء والتعصب في كثير من النظم التربوية العربية الخاصة المهتمة بهذه الفئة من الأطفال، والتي تُصِر على اعتبار إما" لغة الإشارة " فقط أو " اللغة المنطوقة " فقط وسيلة التواصل الوحيدة والمثلي التي يجب تعليمها للأطفال والتلاميذ المعوقين سمعيا ، كما توجب استخدامها دون غيرها من الطرق من قِبَل الآباء والمدربين والمدرسين في كل مناحي تدريب وتدريس هؤلاء الأطفال.
ومن هنا فإنه يجدر بأي برنامج تربوي معاصر يهدف إلى تنمية مهارات اللغة والتواصل لدى صغار الصم في مرحلة ما قب
نشرت فى 25 يوليو 2011
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,827,275
ساحة النقاش