التدريب الكلامي للأطفال ذوي الإعاقة السمعية
(تعليم الكلام - اللغة المحكية- كلغة ثانية في سياق ثنائي اللغة)
WHERE DOES SPEECH FIT IN
SPOKEN ENGLISH IN A BILINGUAL CONTEXT
للكاتبة: SHARON GRANEY
ترجمته بتصرف: سناء جميل أبو نبعة
أخصائية نطق ولغة - مركز النورس لتقويم اضطرا بات النطق واللغة - عمان / الأردن
مقدمة:
هذا المقال هو ترجمة بتصرف واسع مع إضافة بعض الشروحات ( معظم الشروحات والإضافات بين قوسين هي للمترجمة ) و إضافة بعض أرائي الشخصية من واقع تعاملي العملي مع الأطفال ذوي المشاكل السمعية لمقال بعنوان:
WHERE DOES SPEECH FIT IN?
SPOKEN ENGLISH IN A BILINGUAL CONTEXT.
للكاتبة: SHARON GRANEY
ويمكن الحصول على النص الأصلي على العنوان التالي - علما بأن النص مصرح بنسخه ونقله للأغراض العلمية:
U.S. DEPARTMENT OF EDUCATION.
OFFICE OF EDUCATIONAL RESEARCH AND IMPROVENENT (OERI).
NATIONAL LIBRARY OF EDUCATION ( NLE).
EDUCATIONAL RESOURCES INFORMATION CENTER (ERIC).
نبذه عن الكاتبة:
حاصلة على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة دلوير DELAWARE ) )
حاصلة على الماجستير في تقويم اضطرا بات النطق واللغة من جامعة جالوديت (ALLAUDATE UNIVERSITY, WASHINGTON, DC.) وهي تعمل حاليا في مدرسة دلوير للأطفال الصم وضعاف السمع.
لديها خبرة في التعامل مع الأطفال الصم وضعاف السمع و الصم - المكفوفين.وقشكر خاص العديد من المحاضرات حول تعلم الأطفال الصم وضعيفي السمع للغتين معا ( أن يكونوا ثنائي اللغة ).
شكر خاص :
كل الشكر والتقدير للأخ طارق الريس - طالب دكتوراه في جامعة دلوير على تعريفي بهذا الموقع الرائع الذي يحتوي على العديد من المقالات الرائعة و كان مشكورا قد أمدني بالنص الأصلي لهذا المقال عبر البريد الإلكتروني.
التدريب الكلامي للأطفال ذوي المشاكل السمعية
(تعليم الكلام (اللغة المحكية) كلغة ثانية في سياق ثنائي اللغة)هل لا يزال يتكلم ؟؟؟
كان هذا هو السؤال الذي وجهته لي أخصائية النطق و اللغة عند لفائنا بخصوص الطفل ( ج ) وهو طفل في العاشرة من العمر، يعاني من فقد سمع، و الذي كان يدرس في المدرسة التي تعمل بها قبل انتقاله للمدرسة التي أعمل بها، و( ج ) لديه قدرات نطقية جيدة ولكن تأخر لغوي واضح وهو يبذل جهداً واضحاً للاستفادة من النص والسياق للتواصل مع محدثيه، وكان قد تعلم لغة الإشارة بعد تركه تلك المدرسة بسرعة هائلة.
وكان سبب سؤال الأخصائية أنها تعتقد أنه سيتجاهل التواصل اللفظي إذا ما تعلم لغة الإشارة وهو اعتقاد خاطئ تبعاً لتجربتي الشخصية، فتعلم لغة الإشارة يدعم تعلم اللغة المحكية، ( وهذا لا يعني بالضرورة أن جميع الأطفال الصم وذوي الصعوبات السمعية سوف يطورون لغة محكية فاعلة للتواصل اللفظي كوسيلة تواصل وحيدة)، و لكن دمج اللغة الأولى ( الإشارة ) في تعلم لغة ثانية ( المحكية ) سوف يساعد في تطور مهارات تواصلية مقبولة إلى أقصى حد ممكن ويجب أن يتم بوجود سياق مناسب وكافي لتعلم وممارسة اللغة الثانية.
وسوف نناقش في هذه الورقة بعض العناصر التي تؤثر على تطور اللغة المحكية لدى الأطفال الصم وضعيفي السمع، وذلك في بيئة المدرسة التي تعتمد على لغة الإشارة كلغة التواصل الأساسية في الصف ( أي لغة تدريس المواد الدراسية )، والهدف الأساسي لهذه الورقة ليس تقديم برنامج متكامل لتعليم مهارات اللغة المحكية ولكن للبدء بالتأسيس لإطار لتقييم و تطوير المهارات التواصلية لكل شخص لدية مشكلة سمعية.
وتفتح التوجهات الحالية لتعليم الصم و ضعاف السمع آفاقاً جديدة للطرق الفعالة والخلاقة التي تشجع على تطوير اللغة المحكية، واحترام الهوية الثقافية لكل طفل (لغته ألام )، وعلى نقاط قوته اللغوية، و سوف يستطيع المعلمون مساعدة الطلاب على فهم وإتقان اللغة المحكية وبالتالي مساعدتهم بالنجاح الدراسي.
ويساعد أخصائي النطق و اللغة - التواصل - الذي يؤمن بهذه الأفكار في تعزيز عملية التواصل بالجمع، أي التي تجمع بين اللغة المحكية و المكتوبة بالإضافة للغة الإشارة، والتعاون بين معلمي الصفوف و المختصين في التعامل مع الأطفال الصم وضعاف السمع، وتحفيز مشاركة العائلة والمجتمع المحيط لإيجاد تجارب ذات معنى ( مفيدة )، هي بعض المكونات الهامة لتطوير المهارات اللغوية للطفل بدون التضحية بالإنجاز الأكاديمي أو الحالة الاجتماعية - النفسية له.
العناصر الداخلية في تطور اللغة المحكية:
الأطفال الصم أو ضعاف السمع ليسوا مجموعه متجانسة ( أي أنهم لا يتشابهون من جميع النواحي )، ولذلك تتأثر قدرة أي طفل على تطوير لغة محكية تبعاً للعديد من العناصر الخاصة به وبشخصيته، وهذه يطلق عليها العناصر الداخلية، وفي رأيي هناك متطلبين رئيسيين يجب توفرهما في الطفل لتحقيق نجاح في اكتساب اللغة المحكية وهما:
o الاستعداد البيولوجي ( الجيني)
o والدافع الداخلي ( الاهتمام ).
ويمكن تجزئة هذين العنصرين إلى بعض الأجزاء المحددة، و تشمل هذه الأجزاء:-
o نسبة السمع المتبقية
o الاستفادة من المعينات السمعية ودرجة الاستمرارية أو الثبات في لبس السماعة والمدة الزمنية لذلك.
o الاستعداد اللغوي وهو عامل متراوح من طفل لأخر.
o الدعم الأسري.
o الذكاء والدافعية لدى الأهل و الطفل معاً.
ويلعب كل عنصر - كما سيناقش لاحقاً- دوراً معقداً ومتداخلاً في التطور الكلي لمهارات اللغة المحكية، وليس هناك عنصر واحد فقط يحدد مدى التطور الذي سيحققه طفل أصم أو ضعيف السمع في وضوح اللغة المحكية مستقبلاً، وعلى كل حال فإن العناصر المتصلة بدرجة تعرض الطفل للغة المحكية( سماعيا ) هو العامل الأكثر أهمية، ويواجه الأطفال الذين لديهم فرص ضعيفة في التعرض للجزء المسموع من اللغة وغير القادرين على استخدام سمعهم لمعرفة ما يقولونه - فهم يواجهون تحدياً كبيراً أمامهم.
ومع وجود استثناءات، فإن الأطفال الذين يتعرضون للجزء المسموع من اللغة اقل من غيرهم ( يسمعون لغة محكية أقل) يكونون أقل قدرة على تطوير لغة محكية فاعلة للتواصل.
ورغم أنني اعتبر أن درجة اهتمام الطفل أو دافعيته تعتبر عنصراً فاصلاً في تعلم اللغة المحكية، فإن هذا العنصر يتأثر كثيراً بدرجة التعرض للمعلومات المسموعة، لأن هذا التعرض يجعل اللغة المحكية أكثر تفاعلاً ومعنى، أما إذا تساوت جميع العناصر من ناحية التعرض للغة المحكية، فإن درجة الاهتمام / الدافعية تصبح هي العنصر المهم والذي يؤثر بقوة على قدرة الطفل على تطوير مهارات لغة محكية، وهو عنصر يمكن أن تشجيعه و لا يمكن الإجبار عليه، والمثال الذي أذكره دائماً للأهل هو الرياضة أو الموسيقى، فالأهل المهتمون برياضة معينة أو موسيقى معينة يحبون أن يهتم أولادهم بهذه المهارة أيضاً، فإذا كان للطفل ميول أو استعداد لنفس هذه المهارة فهو سيحقق نجاحا بها، أما إذا تم إجباره عليها فهو غالباً لن يطور مهارات هامة فيها، وهذا لا يعني أنه لا ينبغي عدم تشجيع الطفل على المشاركة في هذه النشاطات، ولكن يجب أن يتم ذلك بتعريض الطفل للممارسة الدورية، على أن تكون ممتعة وعلى أن يكون اهتمام الطفل هو العامل المحدد للدرجة التي يتم بها تدريبه على هذا النشاط.
وطبعاً فان العديد من الآباء يرغبون بأن يتكلم أبناؤهم، وأن يتواصلون بسهولة مع المجتمع بالطريقة اللفظية، ورغم أن رغبة الطفل في التواصل اللفظي أو تعلم اللغة المحكية لا يمكن أن تقارن فعليا برغبة الطفل في النجاح برياضة معينة، إلا أن هناك الكثير من الحواجز التي تحد من نجاح الطفل رغم رغبته الداخلية في أن يتكلم.
كمية السمع المتبقية:-
يمكن قياس دقة سمع الطفل بموضوعية وتوثيقها على تقرير فحص السمع، ولكن عند مناقشة المهارات السمعية لأي شخص فإن من المهم ذكر أن هذا التقرير غالباً لا يستطيع عكس القدرات السمعية الفعلية للطفل، حيث يقدم قياس السمع معلومات حول مدى دقة سماع الطفل للنغمات الصافية ( Pure Tones )، ولا يشير إلى أي مدى يمكن أن يفهم الطفل اللغة المحكية داخل أو خارج سياق التواصل اللفظي، وقد خبرت خلال سنوات عملي أطفالاً ذوي ضعف سمع شديد كانت لديهم قدرة أفضل على التعامل مع اللغة المحكية من أطفال ذوي ضعف سمع متوسط، وليس هناك سبب واضح لمثل هذه الحالات.
المساعدات السمعية:-
يتفاعل كل طفل بشكل مختلف مع السماعات، والواقع أن استعمال المساعدات السمعية يزود الطفل بفرصة مناسبة للتعرض للغة المحكية بشكل جزئي أو كلي، ولكن الحقيقة العلمية هي أن ضعف السمع لا يضعف فقط استقبال الإشارة السمعية ( الأصوات ) بل إنه قد يشوه هذه الأصوات أيضاً، أي أن الطفل حتى مع وجود السماعة لا يسمع الأصوات ( سواء الكلامية أو غيرها ) كما يسمعها الشخص العادي.
وللتوضيح - فإن استخدام السماعة يمكن أن يشبه الراديو، حيث تزيد السماعات من علو الكلام الذي يسمعه الطفل، أما إذا كانت الإشارة ( الصوت ) التي يسمعها الطفل مليئة بـــالضجيج والتشويش، ففي هذه الحالة فان استخدام السماعات قد لا يكون عظيم الفائدة.
ويمكن لزراعة القوقعة أن تزيد علو الصوت، وبالتالي تعطي معلومات مسموعة أفضل ( وذلك بإثارة القوقعة مباشرة )، ورغم أنها قد تزيد الشعور بالصوت، فإن نسب نجاحها في تطوير مهارات لغة لفظية بالنسبة للأطفال الذين لم يتعلموا اللغة قبل فقدان السمع لا تزال غير مؤكدة تماماً، لذلك فأنه من المهم أن نأخذ بالاعتبار جميع العناصر ذات العلاقة بتطور اللغة عند التفكير بتقديم معينات سمعية وخصوصاً الزراعة.
ومن المهم جداً مراقبة سلوك الطفل لتحديد مدى استفادة الطفل من المساعدة السمعية، ويمكن الافتراض بأن استخدام المساعدات بشكل مستمر في أجواء - بيئات مفيدة للطفل (الذي يبدو أنه يستفيد من السماعات) سوف يكون له تأثير جيد على تطور لغته المحكية.
الاستعداد اللغوي:-
إن الاستعداد اللغوي هو عنصر هام في تطور اللغة المحكية، ويكون تطور اللغة المحكية أسهل بالنسبة للأطفال ضعاف السمع الذين لديهم لغة إشارة قوية، ويظهر ذلك جلياً لدى الأطفال الصم المولودين لآباء صم مقارنة بالأطفال الصم المولودين لآباء سامعين، وذلك لأن الطفل الأصم الذي لديه مجموعة جيده من المفاهيم وقدرة جيدة على توصيل أفكاره ومشاعره هو أكثر قدرة ورغبة لتعلم المهارات الضرورية لتطوير مهارات اللغة المحكية( وهذا يوفره وجود لغة سابقة لدى الطفل توفر له التعرف على هذه المفاهيم، والقدرة على توصيل الأفكار والمشاعر، وهي هنا لغة الإشارة )، إضافة إلى ذلك - فإن الأبحاث الحديثة أوضحت العلاقة بين الكفاءة في لغة الإشارة ( إتقانها )، وتعلم اللغة المحكية، ومعرفة اللغة المكتوبة قد يكون أداة قيمة لتطوير الاستعداد لتعلم اللغة المحكية، حيث يتمكن الطفل ضعيف السمع و القادر على القراءة من الربط بين الكلمة المطبوعة و الكلمة المحكية، وخصوصاً إذا كان أخصائي التواصل يقوم بالتدريب على المهارات المحكية والمسموعة عبر قصص أو جمل ذات معنى للطفل، وكذلك تقديم نموذجاً صحيحاً للهيكلة اللغوية، ويساعد هذا المعزز البصري ( اللغة المكتوبة ) على تدريس قواعد تجميع الأصوات لتكوين كلمة جديدة، وتقدم اللغة المكتوبة أيضاً طريقة جيده للأطفال لاكتساب وإتقان قواعد اللغة أكثر بكثير مما يمكنه الحصول عليه من اللغة المحكية ( سماعيا )، ومعرفة هيكلة و نظام وقواعد اللغة مهم عملياً عند قراءة الشفاه، والذي يتطلب تعبئة / إغلاق الكثير من الفجوات السماعية ( وذلك بتوقع أو تخمين ما لم يتم سماعه أو ملاحقته من الشفتين أثناء الكلام )، وهكذا فإن المهارات الدراسية المبكرة و التي تتطور عند ترجمة اللغة المقروءة يمكن أن تساعد أيضاً في تعزيز مهارات اللغة المحكية.
دعم الأسرة:-
إن دعم الأسرة هو عنصر أساسي ليس فقط من أجل التطور النطقي واللغوي، و لكن أيضاً للتطور العقلي والعاطفي، فالأسرة التي تقبل طفلها وتحترم احتياجاته اللغوية سوف تساعد هذا الطفل للوصول إلى أفضل ما يمكنه الوصول إليه من مهارات.
ومن واقع خبرتي فإن الطفل الذي يلمس اهتمام ودعم وتقبل الأسرة له، تصبح لديه القابلية والدافعية لمواجهة أصعب المواقف التي يمكن أن تواجهه أثناء تعلم اللغة المحكية، والأطفال الذين لديهم مثل هذا القبول من عائلاتهم يطورون قدرات أوسع وأكثر مرونة في عملية التواصل، فيما يواجه الأطفال شعورا أكبر بالضغط والصعوبة عندما يكون اهتمام الأهل منصباً على التطور الكلامي فقط، فالدعم الواسع والتشجيع يجعل الطفل يكوّن شعوراً بالثقة، وهذا الشعور ضروري للنجاح في التواصل، ويكون هؤلاء الأطفال مزودين بمهارات تساعدهم في التغلب على صعوبات التواصل المطلوب منهم تطبيقها واستخدامها أثناء تعلم مهارات التواصل.
القدرة العقلية:-
إن القدرة العقلية أو درجة ذكاء الطفل ليست دائماً مؤشراً جيداً على قدرته على تطوير لغة محكية، فالعديد من الأطفال الصم ذوي الذكاء العادي لا يطورون لغة محكية فاعلة رغم الجهد القوي المبذول، فيما يمكن أن يكون أطفال لديهم ذكاء أقل مهارات لغوية أفضل، ويكون لدى الأطفال ( الذين يتم دعم تطورهم اللغوي والعقلي مبكراً في حياتهم ) القدرة على التعامل مع اللغة كمهارة أخرى ممتعة يتعلمونها ضمن المهارات الأخرى، ومع الوقت فإن فهمهم لأهدافهم ودرجة دافعيتهم تتطور عندما يرون نجاح جهودهم.
لغة الإشارة أم اللغة المحكية:
إذا لم تتوفر طرق موضوعية لتحديد الاستعداد اللغوي لدى الطفل ضعيف السمع فكيف يمكن توقع استعداد هذا الطفل لتطوير لغة محكية ؟
وقد كان يطلب من الأهل في السابق- وحسب النظرية الأولى لتعليم الأطفال الصم وضعيفي السمع- الذين يرغبون تعليم طفلهم اللغة المحكية أن لا يعلموه لغة الإشارة، وبعد سنوات من التدريب الكلامي وعدم النجاح في تطوير لغة محكية فاعلة للتواصل مع الآخرين يتم تعليم الطفل لغة الإشارة كلغة مساعدة أو مساندة، ورغم أنه حالياً يتم تعليم واستخدام لغة الإشارة من معظم الأطفال ضعيفي السمع في السياق التعليمي، فإنه لا يزال هناك اعتقاد قوي لدى الكثيرين بأن تعلم لغة الإشارة سوف يجعل الطفل لا يتكلم أو يتعلم الكلام، وللأسف يؤثر هذا الاعتقاد سلبا على مصلحة الطفل، أما النظرية الثانية فتقول أنه يجب أولاً تعريض الطفل للغة الإشارة فقط، فيما يتم تعليمه اللغة المحكية بعد إتقانه لغة الإشارة.
وبناءاً على ما تقدمه هاتين النظريتين فإن الطفل يتعرض فقط لواحدة من اللغتين، مما يحد من إمكانيات تطوره في اللغة الأخرى، أما بوضع الطفل في مكان يقدم اللغتين معا وبنفس الاهتمام، لكن مع فصل السياق ( أي يتم تقديم كل لغة في مكان مختلف وليس معا في نفس السياق )، فإن الأهل والمعلمون سوف يتمكنون من تحديد قدرات الطفل على تطوير كل مهارة على حده، و مدى نجاحه في كليهما.
إن تطور اللغة هو أحد أهم أساسيات برامج التعلم المبكرة، ولأن قدرة الطفل ضعيف السمع على اكتساب اللغة عبر الوسيلة السماعية - أو ما يدعى اللغة المسموعة - محدودة، فإنه يتم الاستعانة وبقوة باللغة المرئية أي المكتوبة في المدرسة، فيما يمكن تعريض هؤلاء الأطفال للغة المحكية المسموعة في المدرسة أو البيت في سياقات آمنة و متوقعة ( مخطط لها )، وهكذا يتم تعريضهم للغتين بشكل منفصل خلال نشاطات الحياة اليومية، مما يمكن من مراقبة تطورهم في اللغتين بشكل أكثر وضوحاً، وعندما يتم تحديد مدى استعداد الطفل على تطوير لغة محكية، يتم إتباع قدرات الطفل وتفضيلا ته وتعديل مستوى اللغة المقدمة له تبعا لذلك.
ويبدو من المنطقي التساؤل --- لماذا لا يتم استخدام اللغتين معاً في نفس الوقت ؟
والسبب هو لجوء العديد من المعلمين لطريقة التواصل المتزامن (Simultaneous Communication) أثناء تدريس الأطفال ضعيفي السمع في الصفوف الدراسية، وهي طريقة تعتمد على توصيل اللغة المحكية حسب إشارات يدوية معينة ( كمساعد بصري ) مع الكلام في نفس الوقت ( بالتزامن )، وتفيد بعض التجارب العلمية بأن الأطفال اللذين يستخدمون اللغة المحكية بمعزل عن الإشارة يصبح تواصلهم اللفظي أفضل من اللذين يتكلمون ويؤشرون في نفس الوقت ( تعتقد المترجمة بأن ذلك يعتمد على الطفل نفسه بالإضافة إلى عدد من العناصر الأخرى مثل درجة السمع ومدى الاستفادة من المعينة السمعية وعمر الطفل عند البدء بالتدريب وتعاون الأهل والمعلمين وغير ذلك )، وهكذا فإن إبقاء اللغتين منفصلتين يعطي الخيار للطفل ( كأي طفل ثنائي اللغة ) لاستخدام أية لغة يفضلها أو يحتاجها حسب السياق الذي هو فيه.
وكذلك فإن جلسات التدريب النطقي اللغوي ينبغي أن تركز على استخدام اللغة المحكية للتواصل في بيئات تواصلية حقيقية بهدف تحقيق التواصل اللفظي الناجح في الحياة العادية، وجعل تعلم اللغتين منفصلاً يساعد الأخصائيين والمعلمين بدقة أكبر على تحديد مدى تقدم الطفل ووضوح كلامه بدون إشارات مساعدة، ومراقبة فهمه للكلام اللفظي، مما يساعد الأطفال على إدراك متى يكون كلامهم مفهوماً ومتى لا يكون، وبالتالي يساعدهم على معرفة متى يحتاجون لوسائل تواصل بديلة.
التوقعات الواقعية:-
ما يمكن أن يصل إليه الطفل ضعيف السمع مع التدريب الكلامي ( أي المستوى اللغوي المحكي ) يتراوح بين استخدام اللغة المحكية بفاعلية ممتازة وأقرب للعادية، واستخدام جمل معقدة و مفردات متنوعة، إلى استخدام مفردات محدودة في مواقع / سياقات محددة، ولا يمكن أبداً التوقع إلى أي مستوى سوف تصل لغة الطفل المحكية، ولهذا وبغض النظر عن توقعات أو أمنيات الأهل، فإن قدرة كل طفل وما سوف تصل إليه لغته يخضع لعدة عوامل كما سبق وذكرنا، ومن المهم معرفة أن ذلك يتراوح من مجرد معرفة المهارات الأساسية للغة المحكية، إلى لغة محكية أقرب للطبيعة، والاشتراك في حوار يومي عادي - مع وجود صعوبات في فهم بعض المفاهيم المجردة والمعقدة، فيما قد يصل البعض إلى مستوى عالي في معرفة اللغة اللفظية ولكن تبقى لديه مشاكل في تطبيق ما تعلمه في الواقع الحياتي.
والسؤال هو ---- عن الوقت و الجهد الذي سوف يطلب من الطفل بذله لتحقيق أقصى ما يمكن أن يصل إليه ؟
وهنا ينبغي الأخذ بالاعتبار التوازن بين التدريب اللفظي واللغوي والدراسي، ورغبة الطفل وتقبله النفسي للتدريب، ونظرته لنفسه ونجاحه في استخدام هذه اللغة في حياته اليومية، وإلى أي مدى ستكون قدرته على تتبع مسار الحديث المسموع، لهذا ينبغي على الأهل و المختصين تحديد الأهداف بناءاً على القدرات الواقعية للطفل، ويمكن للأسئلة التالية أن تساعد في تحديد أهداف واقعية للتدريب وهي تطرح على الأهل:-
o هل الطفل يجيب دائماً عند مناداته باسمه بدون إشارة ؟
o هل يستجيب لأصوات البيئة دائماً ؟
o يزيد من التواصل اللفظي عند بداية ارتدائه للسماعة ؟
o ينظر إلى وجهك باهتمام عندما تتحدث إليه ؟
o يتوقع الأصوات أو المقاطع التي تستخدمها باستمرار مثل ( ياه - يوه - آه ).
o يقلد حركات الشفتين.
o يصدر مقاطع.
o يقلد نغمة الصوت Intonation.
o يستخدم المقاطع التي يصدرها وكأنها كلمات حقيقية للتواصل.
o يستخدم بتلقائية كلمات مفردة.
o يصدر نغمة السؤال بشكل تلقائي.
<!-- / message -->
ساحة النقاش