«القومى للبحوث الاجتماعية»: الأمن ليس مكفولاً للجميع.. والمصريون لا يشعرون به

  كتب   ريهام العراقى    ٢٠/ ١/ ٢٠١١

أكد استطلاع للرأى أجراه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن مناخ الفساد، واستغلال النفوذ، وسيطرة المال.. من أسباب نقص الإحساس بالأمن، والاستخفاف بالقانون، إلى جانب عجز أجهزة مكافحة الجريمة عن سد الأبواب التى يتسرب منها الإجرام والانحرافات، محذراً من استفحال الفساد فى مصر للدرجة التى يصبح فيها أقوى من النظام السياسى.

وقال الاستطلاع الذى أجرى على عينة تضم ١٠٠ فرد، تحت عنوان «أسباب نقص الإحساس بالأمن النفسى لدى المواطن المصرى ومسؤولية الدولة عن دعمه»، إن انتشار معدلات الجريمة من أسباب نقص الإحساس بالأمن النفسى عند سؤال المبحوثين عن أسباب نقص الإحساس بالأمن النفسى، حسب تأكيد ٩٠% من أفراد العينة، مشيراً إلى أنه إذا حققت أجهزة مكافحة الجريمة خطوة، فإن الجريمة نفسها تخطو خطوتين، وأن الأجهزة لا تكفى لسد الأبواب التى يتسرب منها الإجرام والانحرافات، نتيجة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التى طرأت على المجتمع.

واعتبر الاستطلاع أن المشكلة الكبرى تتمثل فى ظهور جرائم مستحدثة ترتبط بالصفوة، وتهدد أمن المجتمع، وتعد من أشكال الفساد الكبير، موضحاً أن أشكالها تتعدد من صفقات بين صاحب القرار وصاحب المصلحة مقابل رشوة أو منفعة، إلى مشروعات وهمية يقع آلاف المواطنين فريسة لها، أو التباطؤ من أجل تبديد أموال المؤسسات المالية كالبنوك، موضحاً أن هذا النوع من الجرائم لا تجدى معه أجهزة الضبط، لأن جذوره تضرب إلى أبعد من السطح، لافتاً إلى أن مسؤولية مكافحته تقع على كل مؤسسات الدولة، بداية من السلطة التشريعية إلى نظام العدالة الذى يطبق القانون فى ظل الحريات، والديمقراطية، وحقوق الإنسان.

وأوضح الاستطلاع أن ضعف الإحساس بالتواجد الأمنى فى الشارع جاء فى المرتبة الثانية بنسبة ٧٩% من العينة، مشيراً إلى أن انتعاش السوق الحرة والقطاع الخاص كان له أثر كبير على تهديد الأمن، وانتشار السلوك الإجرامى، خاصة أن مرافق الأمن العام والشرطة الرسمية ليس لديها من الإمكانيات المادية والفنية ما يكفى لتغطية حاجة الشركات والبنوك من حراسة، لأن تكلفة الأمن أصبحت باهظة، وهو ما أدى إلى ظهور شركات الأمن الخاص للشركات الاستثمارية للقادرين فقط ليصبح الأمن ليس مكفولا للجميع.

وذكر ٦٢% ممن شملهم الاستطلاع أن من بين أسباب نقص الإحساس بالأمن، اتساع دائرة الإدمان فى الشارع، خاصة أن مصر فى السنوات العشر الأخيرة تحولت إلى مرتع خصب يهدد الأمن النفسى للمواطن، لاقتران الإدمان بالجريمة والعنف والفساد الأخلاقى، واعتبرت النسبة نفسها أن البعد عن القيم الدينية والقدرة المادية التى لا تفى بمتطلبات الحياة، من أسباب نقص الإحساس بالأمن النفسى، مشيرين إلى أنهم غير قادرين على شراء متطلبات الحياة، بسبب اتساع دوائر الفقر فى المجتمع، حيث تصل نسبة الفقر إلى ٥٨%، إلى جانب ارتفاع الأسعار المستمر الذى يصعب ملاحقته.

وكشف الاستطلاع أن تفشى ظواهر العنف الاجتماعى والسياسى كان له دور فى نقص إحساس المواطن بالأمن النفسى، وهو ما عبر عنه ٤٩% من أفراد العينة، إلى جانب غياب العدالة الاجتماعية من خلال سوء توزيع الثروات، والإحساس بالظلم الاجتماعى، والمفارقات الاقتصادية الضخمة، الأمر الذى أدى إلى سقوط أعداد كبيرة فى بئر الحرمان والغضب، وأصبحوا عاجزين عن التكيف مع المجتمع، ما يؤدى إلى نمو مشاعر الرفض ويصبح التعبير عنها هجوميا.

وأوضح الاستطلاع أن الإرهاب قد ينمو بسبب محتوى سياسى، أو عقائدى مرتبط بهدف أو فكر، أو السخط على المجتمع، وضعف سياسات الدولة، والأوضاع الخاطئة، مشدداً على ضرورة فتح قنوات للمشاركة السياسية، ومواجهة الجهل بالتثقيف، والاهتمام بالتعليم الحقيقى، لأن الجهل والفقر بيئة صالحة لاستفحال الأفكار الموجهة ضد المجتمع، وأفراده، وأمنه، مطالباً المسؤولين بتصحيح السياسات العامة فى الدولة، ومراجعة المسار، لأن العنف السياسى هو أخطر ما يتعرض له المجتمع من اضطرابات واعتصام وعمليات إرهابية، ويعد أشد درجات العنف السياسى.

وقال ٤٩% ممن شملهم الاستطلاع إن مناخ الفساد واستغلال النفوذ يهدد الإحساس بالأمن النفسى تجاه مصالحهم فى ظل ضعف تطبيق القانون، وإن سيطرة المال، وإعلاء القيم المادية على المعنوية، بالإضافة إلى النظام الاقتصادى الذى أصبح قائما على السوق الحرة، أدت إلى ظهور جرائم تتميز باستغلال النفوذ والتلاعب فى سبيل الحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه من المال مهما كان فى ذلك من إفساد للذمم والضمائر وحرمان لأصحاب الحق من حقوقهم، وخداع البسطاء من أجل تحقيق الثروة، وأرجعوا نقص الإحساس بالأمن، إلى انتشار الفوضى، وضعف تطبيق القانون، موضحين أنه إذا فقد القانون شرعيته، تحول المجتمع من التماسك إلى التحلل، لتسود لغة القوة والثروة فوق لغة الحق والعدل، مؤكدين أنه بغير قانون لا يوجد مجتمع حر آمن.

ورأى ٢١% من المشاركين فى الاستطلاع أن تصاعد الاضطرابات على المستوى الإقليمى هو أقل المتغيرات تأثيراً على مدى الإحساس بالأمن النفسى، فيما رأى الباقون أن التهديدات التى تسيطر على الحياة اليومية تنشئ إحساساً بانعدام الأمن أكثر من الخوف من وقوع حدث عالمى جانح.

وطالب ٨٨% من المبحوثين بوضع خطة أمنية مدروسة لمواجهة الإرهاب والجريمة فى الشارع، وضرورة الاهتمام بالفقراء، والعمل على تحقيق التكافل الاجتماعى، وتطبيق أحكام القانون بحزم، واستجابة أفراد المجتمع له وعدم الاستخفاف به، للتخلص من نقص الإحساس بالأمن، ومواجهة تهديدات الفوضى.

وطالب ٦٥% ممن شملهم الاستطلاع ببث ثقافة السلام والتسامح من خلال رجال الدين، ووسائل الإعلام، والتعليم، لمواجهة اتساع ثقافة العنف، معتبرين أنه أحد مقومات التخلص من نقص الشعور بالأمن، إلى جانب ضرورة إيجاد حلول جذرية للمناطق العشوائية بنسبة ٦١% لأنها قنابل موقوتة تهدد الأمن القومى والنفسى.

وطالب ٤٠% بتحقيق الإصلاح الاقتصادى، فيما طالبت ٢٣% بتوفير الأمن الصحى، لدعم الإحساس بالأمن النفسى.

وشدد الاستطلاع على أهمية توزيع المسؤولية الاجتماعية على مستوى الفرد، والمجتمع المدنى، والدولة، موضحاً أنها تتمثل فى ٣ دوائر يمكن تقسيمها كالتالى: الدائرة الأولى يكون للإنسان فيها رأى وسلطة مثل الأب فى بيته، والمدير فى عمله، والرئيس فى دولته، وهنا تكون مسؤولية التغيير كاملة أو شبة كاملة حسب مساحة السلطة المتاحة،

والثانية يكون له فيها رأى وليست له سلطة، مثل المفكر، والإعلامى، وصاحب الرأى على المستوى العام مثل الأبناء فى الأسرة، والموظف غير القيادى فى عمله، وهنا يكون الإصلاح عن طريق القلم أو اللسان لأنه غير قادر على التغيير باليد لعدم امتلاكه سلطة التنفيذ، أما الدائرة الثالثة والأخيرة فلا يكون فيها للشخص رأى ولا سلطة، وهذه الدائرة لا تهم الشخص أساسا، أو تهمه لكن محظوراً عليه إبداء الرأى أو ممارسة الفعل، ويظهر هذا المشهد فى البيئة الاستبدادية، سواء على مستوى الدولة أو الإدارة لأن وسائل التعبير تكون غير متاحة.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 31/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,795,829