موقف الرسول من يهود الحجاز
(دراسة تاريخية منهجية)
إعداد
خالدة عبد اللطيف حسن ياسين
إشراف
الأستاذ الدكتور جمال جودة
الدراسة على الرابط التالي
http://www.najah.edu/thesis/5171802.pdf
الملخص
من يهود الحجاز در اس ة تاريخي ة ε حملت هذه الاطروحة عنوان "موقف الرسول
منهجية" وتحدثت عن الجغرافية التاريخية للحجاز، وأوضاع اليهود الاقتصادية والسياسية
والدعوة الاسلامية واليهود، وإجراءات الرسول في ممتلكات اليهود في الحجا ز، واقتصرت
سنه ( 11 ه/ 633 م). ε زمنيا على فترة قبيل الاسلام حتى وفاة الرسول
تعرضت الدراسة الى جغرافية الحجاز الطبيعية كالسطح والجبال والوديان والمناخ
والحدود وتوزيع السكان في أرجائه سواء الحضر منهم أو البدو، والأماكن التي تواجد فيها
اليهود وأهميتها.
ش ّ كل اليهود جزءًا مهمًا وفاعلا في الحياة العامة في الحجاز، وتختلف الروايات حو ل
فترة نزولهم به، ويبدو أنهم جاؤوا لبلاد العرب على فترات متعاقبة، تمثلت في عدة هجرات كان
اقواها بعد الاحتلال الروماني لفلسطين في القرن الأول الميلادي .
تواجد اليهود في عدة أماكن حجازية هي : يثرب (المدين ة)، وخيبر ، ووادي القر ى
وفدك، وتيماء، ومقنا، وهي واحا ت وحرارًا صالحة للزراعة لخصوبة تربتها ووفرة مياهها
الجوفية، كما أنها وقعت على طرق التجارة النشيطة بين اليمن والشام وافريقية والعراق، ول ذا
عمل سكانها في الزراعة، والصناعة، والتجا رة، والمبادلات ال مالي ة، كالصير فة والربا،
والائتمان، وترتب على ذلك أن قوي نفوذ اليهود ماليًا وصاروا يتحكمون في اقتصاد الحجاز
بدرجة كبيرة.
ك
لعب يهود الحجاز، وبخاصة، المدينة دورًا كبيرًا في السياس ية العليا، إلا أن تدخل
بيزنطة في المنطقة؛ للسيطرة على الطريق التجاري في أواسط القرن السادس الميلادي ساع د
الأوس والخزرج على انتزاع السلطة من اليهود وتسليمهم إياها وقد تبع ذل ك ظهور الدع وة
الإسلامية في الحجاز.
بيهود المدينة والحجاز أطوارًا ثلاث ة :المهادن ة والتعايش ε شهدت علاقة الرسول
السلمي، ثم الجدل، ثم المواجهة والتصفية. واتصفت هذه العلاقة بعد الهجرة مباشرة بالانسجام
على تنظيم العلاقات السياس ية، والاقتصاد ية، ε والتعاون بين الطرفين. وعمل الرسول
والاجتماعية، بين سكان المدينة بمن فيهم اليهود من خلال وثيقة المدينة.
وسرعان ما ظهرت مرحلة الجدل والكلام، وشن اليهود حربًا إعلامية م ست جوهر فكر
واشتدت تلك الخلافات شيئًا فشيئًا، ثم تفجر الموقف بعد معركة بدر سنة ( 2ه / ،ε الرسول
623 م), نظرًا لتخوف اليهود من ارتفاع شأن المسلمين فراحوا يتعاونون مع قريش ضد الدولة
وإزاء هذا كله لم يكن أمامه سوى التصدي له م، .ε الفتية، كما نقضوا عهودهم مع الرسول
فبدأت مرحلة المواجهة، وكانت البداية مع بني قينقاع، أول من نقض العهد، ثم تلاهم بنو النضير
وه موا بقتله، وتبعهم بنو قريظة الذين حزبوا الأحزاب وتآمروا مع ε الذين تآمروا على الرسول
عن المدينة، واستولى على ε قريش لإنهاء الدولة الجديدة، فكانت النتيجة أن أجلاهم الرسول
ممتلكاتهم وأنهى وجودهم الفكري، والسياسي، والاقتصادي. وكذلك فعل خارج المدينة مع يهود
خيبر، مركز تخطيطهم ضد الإسلام والمسلمين، ومع فدك، ووادي القرى، وعقد صلحًا مع
تيماء، ومقنا، دفعوا بموجبه الجزية وأضحوا أهل ذمة.
لأراضي اليهود فمنهم من استسلم دون قتال بعد ε واختلفت طبيعة فتح الرسول
بنو قينقاع، وبنوالنضير) ومنهم من حوصر وقوتل حتى ) ε الحصار، ونزل عند حكم الرسول
بنو قريظة، وخيبر، ووادي القرى )، ومنهم من استسلم ) ε استسلم ونزول عند حكم الرسول
طوعًا دون قتال مثل فدك.
ل
في ممتلكات اليهود واحدة، رغم تشابه طبيعة الفتح في ε ولم تكن إجراءات الرسول
بعض المواقع، فقد أجلاهم داخل المدينة المنورة وأقرهم خارجها، ووزع أموال بني قينقاع لكنه
تملك، شخصيًا، أملاك بني النضير، وسيطر على جميع أموالهم كما امتلك نصف أراضي فدك.
كذلك حكم بقتل المقاتلة وسبي النساء والذرية في حالة بني قريظة، ولم يفعل الشيء نفسه في
حالة خيبر ووادي القرى. وقد أعطى اليهود الذمة في (تيماء ومقنا) بعد فتح مكة وأخذ منهم
الجزية.
وقد تناول البحث، من خلال دراسة روايات المؤرخين وتحليلها، التطور في استخدام
مصطلحات الصلح والعنوة، والفيء والغنيمة، التي تبين أنها لم تستخدم عند الرواة الأوائل وإنما
ظهرت عند رواة العقد الثاني من الدولة الأموية ما يشعرنا بأن الإدارة الإسلامية م رت بمراحل
متعاقبة حتى استقرت واستقر معها بعض المصطلحات ذات العلاقة.
1
المقدمة:
واجهت الدعوة الاسلامية في المدينة المنورة ونشوء دولة الأُمة في الحجاز معارضة
واضحة من يهود المدينة وخارجها، وش ّ كلت هذه المعارضة خطرًا على المشروع ا لاسلامي
وذلك لأن اليهود أصحاب كتاب سماوي إضافة إلى سيطرتهم على اقتصاديات الحجاز، وانطلاقا
تجاه ε من هذا، كان اختياري لموضوع هذه الرسالة، ناهيك عن أهمية إجراءات الرسول
ملكياتهم التي اعتمدها رجال القانون المسلمين (الفقهاء) سوابق تاريخية لوضع قواعدهم الفقهية
التي تخص الإدارة الإسلامية في الأراضي المفتوحة .
لقد كتب كثيرون عن يهود الحجاز وتاريخ نزولهم في جزيرة العرب، ودورهم السياسي
والاقتصادي في المنطقة، وطبيعة العلاقة العدائية التي انتهجوها مع الدعوة الاسلامية بشكل
تجاه ملكياتهم دراسة ε مباشر وغير مباشر، لكن لم يتناول أحد منهم دراسة إجراءات الرسول
تاريخية تحليلية، تقوم على فهم الروايات زمنيا وجغرافيًا واجتماعيًا, وهنا يمكن القول إن هذه
الدراسة تميزت عن غيرها في هذا الموضوع بالذات .
واقتضى موضوع الدراسة أن يكون في أربعة فصول, حمل الفصل ا لأول عنوان
"جغرافية الحجازالتاريخية "، تحدثت فيه عن الجغرافية الطبيعية، كالحدود، والجبال، والسهول،
والوديان، والحرار، والمناخ. حيث امتاز الحجاز بموقع تجاري هام ربط بين اليمن وبلاد الشام
وبين العراق وشرق جزيرة العرب وافريقية (مصر والحبشة), وبهذا لعبت التجارة دورًا هامًا
في تشكيل تاريخ هذا الجزء من الجزيرة العربية، ولا شك أن هذا ساعد السكان على الاستقرار
في الحجاز وزيادة عددهم سواء في المدن والتجمعات الحضرية، أو في الوديان المنتشرة في
ارجائه. وتطرق هذا الفصل كذلك إلى توزيع السكان سواء الحضر منهم (الطائ ف, ومك ة,
والمدينة، وينبع وغيرها) أو البدو وشبه المستقرين (هوازن، وغطفان، وأسلم، وأسد، وبلي ،
وجهينة وغيرهم) وبخاصة اليهود منهم، فقد تبين أنهم تواجدوا في الجزء الشمالي من الحجاز في
المدينة المنورة مع سكانها العرب، وكونوا مجتمعات خاصة بهم في خيبر ووادي القرى وفدك
وتيماء ومقنا.
2
أما الفصل الثاني فكان بعنوان "أوضاع اليهود الاقتصادية والسياسية في الحجاز"، تحدثت
فيه عن أهم النشاطات الاقتصادية التي مارسها اليهود وأوضاعهم السياسية عشية ظهور
الإسلام. ولوحظ أن طبيعة المناطق التي أقام فيها اليهود مكنتهم من مزاولة النشاط الزراعي
والتجاري، حيث ساعدتهم أراضيهم الخصبة في زراعة الأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية،
وعملوا في تربية الماشية، وكذلك فإن تواجدهم على الخطوط التجارية التي تمر من الحجاز
ساعدهم على مزاولة النشاط التجاري، فتاجروا في التمر والشعير والخمر حتى اشتهر بها
بعضهم كأبي رافع، وسلام بن ابي الحقيق. وظهر لهم دور بارز في عمليات المراباة والاحتكار،
والصيرفة، والسمسرة، والبيع بالنسيئة. وكان لهم باع في الصناعة، مثل الصياغ ة، التي
تخصص بها بنو قينيقاع، وصناعة الأسلحة، وقد ترتب على تفوقهم الاقتصادي، أن قوي نفوذهم
المالي، وشكلوا قوة اقتصادية في شمال الحجاز توازي قوة قريش في جنوبه، ولعبوا دورًا في
الصراع البيزنطي الفارسي على خطوط التجارة التي تمر بجزيرة العرب قبيل ظهور الإسلام،
فقد تحالفوا مع الفرس، ودعموهم في جزيرة العرب، في حين دعمت بيزنطة المسيحية. هذا ولم
يكن اليهود كتلة واحدة متماسكة من الناحية السياسية، فقد تحالف بنو النظير وبنو قريظة مع
الأوس ضد بني قينقاع الذين انضموا إلى الخزرج، وانعكست الصراعات بين الأوس والخزرج
على قبائل اليهود حين دخلت قبائل يثرب وبطونها معركة ضارية في يوم بعاث، فقاتل بعضهم
بعضًا. ومع مرور الزمن أخذ الأوس والخزرج ينافسون اليهود في تملك الأراضي الزراعية،
وبمساعدة الغساسنة أصبحت الغلبة والسيادة في المدينة لهم.
أما الفصل الثالث فقد وسم ب "الدعوة الاسلامية واليهود"، وتناول موقف اليهود من
واليهود، التي ε الدعوة الاسلامية في الفترة المدنية، ووثيقة المدينة، وبداية الخلافات بين الرسول
تطورت إلى صدام عسكري مسلح بين الجانبين موضحًا أسباب ذلك الصراع، وسير الغزوات
بيهود المدينة شهدت أطوارًا ثلاثة : المهادنة ε فيه ونتائجها. وقد تبين أن علاقة الرسول
بترحيب اليهود به ε والتعايش السلمي، ثم الجدال، ثم المواجهة والتصفية، حيث أمل الرسول
ومساعدتهم للمسلمين لأنهم أهل كتاب، فعاملهم بانفتاح، ووضع كتابًا ينظم فيه الشؤون
المشتركة بينهم، ولكنهم سرعان ما وقفوا منه موقفا سلبيًا تطور إلى المقاومة والتأليب، وأخذت
3
بالمناقشات، ε المواجهة في البداية شكل الحرب الفكرية والدعاية المضادة؛ إذ تحدوا الرسول
وطالبوه بالمعجزات وأظهر أحبارهم التعنت في الجدل والأسئلة، ثم تدرج الحال إلى الخصومة،
وتصاعد الصراع الفعلي معهم بعد معركة بدر نتيجة تخوف اليهود من ارتفاع شأن المسلمين،
للصدام المسلح معهم. وبدأ بالقبائل الكبرى داخل ε ما دفعه ε فنقضوا العهود مع الرسول
المدينة (قينقاع، والنضير، وقريظة ) ثم تفرغ لمن هم خارجها (خيبر، وفدك، ووادي القرى،
وتيماء، ومقنا). وكانت النتيجة أن أزال من أمامه أقوى المعارضين للدعوة الإسلامية في
الحجاز.
وأخذ الفصل الرابع والأخير عنوانا هو: "إجراءات الرسول الكريم في ممتلكات االيهود"،
لأراضي اليهود في الحجاز (داخل المدينة وخارجها) وأثر ε وقد بحث في طبيعة فتح الرسول
تجاه اليهود وممتلكاتهم (المنقولة وغير المنقولة) وقد تبين من الدراسة ε ذلك في شكل إجراءاته
أنه لم يتبع سياسة واحدة معهم، على الرغم من تشابه طبيعة الفتح في بعض المواقع، فقد أجلاهم
داخل المدينة وأقرهم خارجها، ووزع أموال بني قينقاع، لكنه تملك شخصيا أملاك بني النضير،
وسيطر على جميع أموال بني النضير لكنه امتلك نصف أراضي فدك. كذلك حكم بقتل المقاتلة
وسبي النساء والذرية في بني قريظة ولم يفعل الشي نفسه في خيبر ووادي القر ى. وأعطاهم
الذمة بعد فتح مكة، وأخذ منهم الجزية، لكنه لم يعاملهم المعاملة نفسها قبل الفتح. ولوحظ كذلك
أن مصطلحات الفيء والغنيمة، والصلح والعنوة، لم تستخدم عند الرواة الأوائل عند حديثهم عن
في أراضي اليهود، ولم تستخدم إلا عند الرواة التابعين لهم الذين عاشوا في ε إجراءات الرسول
749 م) . - 132 ه / 708 - العقد الثاني من الدولة الأموية ( 90
<!-- / message -->
ساحة النقاش