الرعاية الطبية.. بين النظرية والتطبيق
بقلم:
السيد حسين العزازي
وكيل وزارة الكهرباء والطاقة سابقاً
لا يمكن لأحد انكار ان هناك جهودا حكومية تبذل في مجال الرعاية الطبية ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة من الظواهر السلبية أرصدها علي النحو التالي:
* ازدياد تكاليف الرعاية الطبية بصورة ملفتة للنظر. والمريض في غالبية الأحيان يجهل الأسس الفنية للحكم علي جودة الرعاية الطبية وتكلفتها. وهو يختلف في ذلك عن المستهلك العادي بالنسبة للسلع التجارية.
* الشكوي المستمرة من الجمهور تجاه انخفاض جودة الرعاية الطبية وهذا ما أبرزه مجلسا الشعب والشوري والباحثون المهتمون بهذا القطاع ووجود المؤشرات الدالة علي مستوي أداء الرعاية الطبية مثل:
مرضي لا يتم تشخيصهم ويتكرر دخولهم المستشفيات علي فترات متقاربة.
مرضي لا يحصلون علي العلاج المناسب.
مرضي يتعرضون للمخاطر بدون ضرورة.
مضاعفات ووفيات نتيجة قصور في الأداء بسبب "انخفاض في المعرفة أو نقص في الامكانيات أو الإهمال".
* انخفاض المستوي العلمي والعملي والأداء الإداري للفريق الطبي مما أدي إلي انخفاض المصداقية والثقة بالمستشفيات الحكومية في أداء خدماتها وعدم رضاء متلقي الخدمة.
* وحيث أن عاقبة الخطأ في مجال الرعاية الطبية خطيرة ولا يمكن تحملها حيث تصل في بعض الأحيان إلي عجز المريض أو وفاته. والمريض في غالبية الأحيان لا يختار المصدر الذي يحصل منه علي الرعاية الطبية التي يحتاجها خاصة في ظل النظم الحكومية الحالية.
ومن ذلك فإن كل هذه الظواهر مجتمعة تتطلب حتمية تحسين الأداء الطبي وضرورة تطبيق معايير الجودة بالمستشفيات.
والجودة كما عرفها الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان في حديثه الشريف: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".. أي ان الجودة هي اتقان العمل. وبمعني آخر هي أن تقوم بالإجراء الصحيح بالطريقة الصحيحة من أول مرة بل وفي كل مرة.. ولذا: .....
أصبح من الضروري أن نتوقف برهة لنعيد النظر في محتوي الرعاية الطبية المقدمة بالمستشفيات ونتائجها وذلك لتقرير ما إذا كانت هذه الرعاية ذات جودة عالية واكتشاف أسباب عدم جودتها واتخاذ الإجراء المناسب لتحسين نوعيتها.
إن إدارة الجودة في المستشفيات هي مسئولية الإدارة ووظيفة القيادة. فالجودة تشمل علي جميع العمليات المتعلقة برعاية المرضي داخل المستشفي.
إن تحسين نوعية الخدمة للوصول إلي رعاية طبية عالية الجودة قد يبدو للوهلة الأولي أمر ترف لا ضرورة له ويتجاوز حدود ميزانيات معظم الأنظمة الصحية في الدول النامية غير ان تحسين الجودة لا يكلف في غالب الأمر بل يوفر في النفقات. وعلي العكس من ذلك فإن تدني النوعية يقلل من الفوائد للمنتفعين ويحبط العاملين في المستشفيات ويبدد الموارد.
وتعتبر إدارة الجودة بمثابة فلسفة إدارية ابتكارية وطريقة جديدة للتفكير. فهي ليست فقط تغييراً في القيم والمعتقدات والمسئوليات بل انها فلسفة تبحث في التوجه بالعميل. وتحقيق التحسين المستمر في كافة العمليات وخلق علاقة طيبة بين العملاء الداخلين والخارجين "العاملين والمرضي" وغرس الثقافات الإيجابية وثقافات الجودة بين العاملين. وزيادة كفاءة وفاعلية المستشفي.
إن تطبيق إدارة الجودة في المستشفيات يعتبر بمثابة ثقافة تحويلية وخبرة تعليمية تنشر من خلال الإدارة العليا إلي جميع أرجاء المستشفي.
وباختصار فإن الجودة تعني الأداء الصحيح طبقا للمعايير علي أن يتم هذا الأداء بطرق ووسائل آمنة يتقبلها المجتمع وبتكلفة مقبولة وبحيث يؤدي هذا الأداء إلي إحداث تأثيرات إيجابية علي معدلات الوفيات والإعاقة في هذا المجتمع "تعريف خبيري منظمة الصحة العالمية ملتون رومر وكارلوس مونتويا جويلار". ويؤكد الدكتور دونا بديان ان جودة الخدمات الصحية تشمل ثلاثة مكونات وثيقة الصلة ببعضها البعض وهي: "جودة الرعاية التقنية بمعني قدرة الخدمة الصحية علي تحقيق أفضل تحسن في الحالة الصحية للفرد والمجتمع علي حسب ما هو متوفر من علم وتكنولوجيا ومهارات معينة في هذه الحقبة الزمنية. وجودة العلاقات الشخصية بين المريض والفريق الصحي. وجودة لطافة ولياقة الرعاية الصحية علي سبيل المثال ""النظافة الراحة الترحاب"".
ومن منطلق أوسع فإن عناصر جودة الرعاية الصحية تشمل كلا من الفاعلية والتأثير واتاحة الرعاية الصحية والكفاءة والاستمرارية والمقبولية من قبل المريض.
وفاعلية الرعاية الطبية مفهوم يشير إلي مدي التحسن في الحالة الصحية للفرد والمجتمع حيث نتوقع أن تكون الخدمات فعالة ونريد أن يحقق كل إجراء مكاسب صحية ملموسة "أو انخفاض في المعاناة".
وفاعلية الرعاية مفهوم يتصل بقدرة مقدمي الخدمة من أطباء وعناصر مساعدة علي اتباع الطرق والأساليب التي تحقق أفضل النتائج بالنسبة للمريض.
واتاحة الرعاية مفهوم يشير إلي مدي سهولة الحصول علي الرعاية الصحية المطلوبة في التوقيت المناسب. وبدون التدخل المناسب في التوقيت المناسب يصبح من الصعب تحقيق نتائج جيدة بالنسبة للحالة الصحية.
ومن العوائق التي تحول دون سهولة حصول المريض علي الرعاية التي يحتاجها عدم وجود أو عدم كفاية الخدمات ومعوقات مالية ومعوقات اجتماعية. وجغرافية وإدارية ونفسية.
وكفاءة الرعاية مفهوم اقتصادي بالدرجة الأولي يشير إلي تكلفة الموارد المستخدمة في انتاج الرعاية وتقديمها ويعبر عنها بتكلفة كل وحدة من وحدات الرعاية الصحية المقدمة مثل تكلفة الفحص بالنسبة للمختبر والأشعة.
ويمكن تحليل الكفاءة الاقتصادية للمنشأة العاملة في مجال الخدمات الصحية من عدة جوانب فمنها الكفاءة الانتاجية. والكفاءة الفنية. وكفاءة التخصيص. والكفاءة الاجتماعية.
واستمرارية الرعاية الصحية مفهوم يشير إلي مدي تنفيذ خطة الرعاية الصحية الخاصة بالمريض بطريقة متصلة وبدون انقطاع حيث ان انخفاض درجة الاستمرارية تؤثر سلباً علي مستوي جودة الرعاية الصحية من خلال التأثير علي بعض المكونات الأساسية للجودة مثل الفاعلية والكفاءة والمقبولية.
ومن أمثلة الانقطاعات التي تؤثر سلباً علي استمرارية الرعاية الصحية عدم وجود نظام فعال لمتابعة المنتفعين. وعدم تسجيل بيانات كافية عن حالة المريض في ملفه والتغيير المتكرر لمقدمي الرعاية الصحية.
ومقبولية الرعاية مفهوم يشير إلي درجة تقبل المريض للرعاية الصحية التي يحصل عليها. ودرجة رضاؤه عنها. ويعتبر رضاء المريض أحد العناصر الرئيسية لجودة الرعاية الصحية ولا يجوز إغفاله عند تقدير هذه الجودة.
المصدر: algomhuria_net.htm
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 54/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 15 سبتمبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,762,663