الحفاظ علي التراث‏..‏ بالطعام
كتبت ـ سامية عبد السلام‏:‏


هل يمكن ان يكون للطعام وظائف اخري غير الوظائف التقليدية مثل الامداد بالطاقة والوقاية من الامراض والمحافظة علي الحيوية والجمال والاحساس بالمتعة‏.

 

سؤال كان لابد من طرحه علي سوزان حسين معدة ومقدمة برنامج تليفزيوني شهير علي احدي الفضائيات‏. ‏حيث يعكس مظهرها وتصرفاتها عشقها وتقديرها للطعام‏..‏فقد علقت في اذنيها قرطا فضيا علي شكل شوكة وسكينة ولفت حول اصبعها ضفيرة لتحولها الي خاتم انيق‏,‏ وتعد الطعام بمنتهي الفخر وتتذوقه بمنتهي السعادة‏,‏ وعندما طرح عليها السؤال اجابت بقولها الطعام وسيلة مهمة للحفاظ علي الهوية‏.‏ وتعود بالذاكرة الي طفولتها لتوضح‏:‏ انا فلسطينية وعشت سنوات طويلة في كندا‏,‏ وكنت اري والدتي تستخدم الطعام للمحافظة علي التراث والارتباط بالوطن‏,‏ فتدعو صديقاتها وجيرانها إلي اكلات عربية او ترسل لهم اطباقا وهو تقليد عربي لا يعرفونه في الغرب ولكنهم كانوا سعداء به‏,‏ كما كانت تعد لي سندوتشات بالخبز البلدي الاسمر وتعد معه الفول والطعمية‏.‏ وكانت زميلاتي في المدرسة يتعجبن من لون بشرتي السمراء ولهجتي المختلفة ويترددون في الاقتراب مني كما كانوا يتعجبون من طعامي الغريب‏,‏ وكان هذا الطعام هو مدخلهم الي‏,‏ ففي البداية كانوا يسألونني ما هذا الطعام؟ وعندما تذوقوه اعجبوا به واصبحوا يطلبونه مني‏,‏ وكنت اسرد عليهم ونحن نتناول الطعام ما تقوله امي عن وطني وعن تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا واصحح لهم مالديهم من صورة خاطئة عن العرب‏,‏ واحدثهم عن تاريخنا وقضايانا والشخصيات العربية الناجحة علي مستوي العالم واصفة لهم بيوتنا وقيمنا وتقاليدنا كل ذلك ونحن نتناول الطعام‏,‏ ومن وقتها اصبح هذا الطعام مدخلي لقلوب الكنديين وغيرهم واكتسبت الكثير من الاصدقاء‏.‏
وكنت ادخل المطبخ في البداية من باب الفرجة ثم تعلمت فنون الطهي من امي واضفت اليها لمسات بسيطة من باب التجديد مع حرصي علي اصالته‏,‏ وكبرت معي فكرة استخدام الطعام للحفاظ علي التراث ودعم الهوية‏,‏ فأدعو صديقاتي علي اكلة حلوة ونحن نتجاذب اطراف الحديث ليتذوقوا مع الطعام جمال مذاق البيوت العربية الاصيلة التي تحافظ علي لمة العيلة واحترام الكبير والحنو علي الصغير والتكافل والتراحم‏.‏
ودفعني نجاحي مع صديقاتي الي التفكير في توسيع دائرة استخدام الطعام للمحافظة علي التراث واعداد برنامج تليفزيوني بنفس الشكل فأجمع صديقاتي واطبخ امامهم وهم يساعدونني ويستفسرون عن كل خطوة او اي عنصر أضيفه للطعام لتتعلم منه الاخريات بشكل تلقائي‏.‏
وقد دفعني ايضا لتقديم البرنامج ما اشاهده من برامج الطهي التي يقدمها‏,‏ افضل الطهاة في العالم ومع ذلك نجد من يتناولها يحن باستمرار لطعام البيت لان الطاهي يؤدي وظيفة اما طعام البيت فتعده ربة البيت بحب لتقدمه لمن تحب‏.‏
والطهاة الآن ـ كما توضح سوزان ـ يستخدمون عناصر ومكونات يدعون انها اكتشافات مع انها من اساس المطبخ العربي مثل زيت الزيتون وغيره من المكونات والاعشاب الي تميز هذا المطبخ ولكن المهم استخدامها بصورة صحيحة وبالكمية المناسبة‏,‏ كما يركزون علي الحفاظ علي الرشاقة بمنع الدهون كلية والحرمان من الكثير من الاصناف‏,‏ في حين ان الدهون مهمة ولكن بالقدر الملائم لعمر الانسان ونشاطه‏,‏ كما ان هناك اساليب حديثة في الطهي لا تؤثر علي مكونات الطعام ولا تسبب السمنة مثل اواني الطهي بالبخار واواني القلي التي لا تتطلب سوي قدر ضئيل جدا من المادة الدهنية ولا تفقد الطعام نكهته او مذاقه‏.‏
وتضرب مثلا بنفسها وهي ذات القوام شبه المثالي وتقول انا لا احرم نفسي من أي أكل ولكن دون اسراف‏,‏ فالاكل متعة وتزيد هذه المتعة اذا أعددناه بحب‏..‏
وتختتم بقولها‏..‏ ليس بالطعام فقط بل أي مجال يمكن استخدامه للمحافظة علي التراث‏.‏ المهم الاسلوب المناسب لتقبله‏..‏

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 77 مشاهدة
نشرت فى 27 يوليو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,764,046