http://faculty.ksu.edu.sa/7031/DocLib3/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%87.doc

 (جانييه) Gagne'مفهوم للتفوق والموهبة

 

 

[  د. نوره السليمان  ]

 

 

 

 

 

 

 


مفهوم جانييه ( Gagne' ) للتفوق والموهبة:

لقد تعرض مفهوم الموهبة ( Giftedness ) والتفوق ( Talent ) إلى الكثير من التعريفات كما ذكرنا, وظهر الكثير من العلماء ممن لا يفرق بين هذين المصطلحين, وتم استخدامهـما كمترادفين, وخلال العقود الأربعة الماضية تقدم عدد قليل من الباحثين الذين يفرقون وبشكل واضح بين هذين المصطلحين ومنهم فيالد هوسين (1986م، 1992م ), مورلوك ( 1996م ), ولكن معظم هذه التفسيرات مازالت تعاني من الغموض وعدم الوضوح.

           ولقد ميز جانييه ( Gagne', 2003 ) بين كل من التفوق والموهبة بشكل واضح في نموذجه المميز والذي طرحه لأول مرة عام ( 1985م ) وأعاد صياغته عام ( 2000م ) وأطــلـق عـليه

 ( DMGT ) Differentiated Model Of Giftedness And Talent والذي يتكون من ستة عوامل: الموهبة, التفوق, والأربعة الباقية مندرجة تحت مسمى العوامل المؤثرة في الموهبة لتحقيق التفوق. انظر الشكل رقم ( 1 – 3 ).


شكل ( 1 – 3 ) يوضح نموذج جالييه ( Gagn' ) ( DMGT )

 


وهذه العوامل الستة للتفوق والموهبة عند جانييه ( Gagne' ) تتضح على النحو التالي:

   أولاً: مجالات القدرات الطبيعية (( الموهبة )) ( NAT ) Natural Abilities  

   ثانياُ: العوامل المؤثرة في تطور الموهبة لتحقيق التفوق ( Catalysts ) :

1)    العوامل الشخصية ( IC ).          2) العوامل البيئية ( EC ).

              3) عوامل التعلم والممارسة ( LP ).      4) عوامل الصدفة ( CH ).

   ثالثاً: المهارات التي يتم تطويرها بشكل نظامي (( التفوق ))

 Systematically Developed Skills  (Sys Dev).

     

        ولأهمية هذا النموذج, سوف نتحدث عن كل هذه المكونات لنموذج جانييه        ( DMGT ), والذي يتطرق إلى التفريق بين كل من التفوق والموهبة في ضوء العناصر السابقة:

أولاً: مجالات القدرات الطبيعية (( الموهبة )) ( NAT ):

        يعتبر جانييه الموهبة ( Giftedness ) حالة خاصة من الاستعداد الفطري لدى الفـرد, وذلـك بـالإشـارة إلـى القـدرات الطبيـعية, فالـموهـبة عنـد جـانيـيه هـو امـتلاك الفرد واستخدامه لقدراته الطبيعية, والتي لم يتم إخضاعها إلى نوع من التدريب والممارسة ويتم التعبير عنها بصورة تلقائية وقد أطلق عليها كلمة          (( استعداد )) وقد يظهر هذا الاستعداد في مجال واحد أو عدة مجالات, بحيث يقع الفرد في أعلى ( 10% ) على الأقل بين أقرانه.

        ويذكر جانييه أن المواهب في البداية تكون قدرات خام أو مكونات أساسية لتشكيل التفوق لاحقاً في حالة تلقي الفرد ومروره عبر المؤثرات الإيجابية الداعمة لنمو وتطور تلك المواهب. والفرد لا يمكن أن يكون متفوقاً إذا لم يكن في الأصل موهـوباً. ولكـن مـن الممكـن أن لا يـصل ذلك المـوهـوب إلى مرحلة التفوق وذلك في حالة عدم توفر العوامل المؤثرة في تطور تلك المواهب, فليس كل موهوب متفوقاً, لكن العكس صحيح, كل متفوق هو موهوب في الأصل. فالمواهب لدى الفـرد قـد تـظـل غير ظـاهـرة على الأفـراد وتصـبح مواهـب كامنة مع وجود القدرة أو الاستعداد. وهذا ما فسره جانييه لتسرب العـديد من الطـلبة من الـمدارس على الرغم من وجود القـدرة العـامة لديهم وبشكل مرتفع, أو أن يكون لديهم أحد المواهب في الرسم, أو الشعر. ولكن القصور في العوامل الوسيطة المؤثرة أدى إلى عدم ظهور وبزوغ تلك المواهب لدى هؤلاء الطلبة.

ويؤكد جانييه في نموذجه ( DMGT ) أن الموهبة تظهر على شكل قدرات طبيعية     ( Natural Abilities ) وهي تشمل :

1) المجال المعرفي أو القدرة العامة                     ( IG ) Intellectual .

2) القدرة الإبداعية                                     ( CG ) Creativity .

3) القدرة الوجدانية الاجتماعية                       ( SG ) Socio affective .

4) القدرة الحسية الحركية                             ( MG ) Sensor motor .

           ويذكر أنه من الممكن تقسيم هذه المجالات الأربعة للموهبة إلى عناصر وعدد من الفئات وهو لا يعتبر هذه التقسيمات أو العناصر قاطعة ملزمة للنموذج, وذلك لوجود العديد من التقسيمات داخل كل مجال من المجالات الأربعة. ويمكن التطرق إلى هذه المجالات الأربعة للموهبة, وهي كالآتي :

1) المجال المعرفي أو القدرة العامة ( IG )

        وتعتبر أهم القدرات الذهنية, وتظهر هذه القدرة العامة من خلال استخدام الاستدلال والاستنتاج وتبلور القدرة اللفظية والمكانية, والتذكرية, والملاحظة, والتقييم وإصدار الأحكام. وهذا المجال للقدرة العامة يحتاجها الطفل


لتعلم القراءة, والتحدث بلغات أخرى, وفهم المصطلحات اللغوية, والرياضية, ومختلف القدرات التي تظهر في اختبارات الذكاء الفردية والجمعية والتي تعتبر من أفضل الوسائل للتوصل إلى القدرة العامة.

 

2) القدرة الإبداعية ( CG )

        وهي القدرة على الإبداع والإتيان بالجديد, وحل المشكلات بطريقة فريدة, وإنتاج الأعمال في مجال العلم والفن والأدب والتمتع بخيال واسع, والإتيان بأفكار متعددة ومتنوعة, والقدرة على الإتيان بالتفاصيل الدقيقة. وتتميز هذه القدرة بوجود عدد من الاختبارات التي تقيسها.

 

3) القدرة الوجدانية الاجتماعية ( SG )

        وهو ما يظهر لدى الأطفال من تفاعلات اجتماعية بحيث يكون لديهم القدرة على معرفة ميول واهتمامات وتوجهات ورغبات الآخرين من زمـلاء, ومعـلمين وآبـاء وأمهـات وتقل في هذا النوع من القدرات المقاييس وخاصة اللفظية منها, ومعظم المقاييس والأدوات في هذا المجال كما ذكر جانييه هي تقديرات ذاتية من المعلمين والأهل. وبالنسبة للجانب العاطفي فيعتبر حديثاً نوعاً ما ولقد ظهر الاهتمام به من خلال العلماء أمثال ماير كارسون و سالوفي (Caruson Mayer& Salovey,2000  ), مما قد يدفع إلى وجود نظام تصنيفي جديد متعلق بالمجال الوجداني الاجتماعي.

 

4) القدرة الحسية الحركية ( MG ):

        وتعتمد هذه القدرة على استخدام جزء من الجسد أو بعضه أو كله, وتظهر من خلال سلامة الحواس, وتتضح هذه القدرات من خلال اللعب في الملاعب الرياضية, واستخدام القدم مثلاً بالركض أو القفز أو التسلق أو السير على الحبل وغيرها من الألعاب البدنية الحركية. أو تظهر من خلال استخدام الأطراف للتعامل مع الأجهزة والآلات الموسيقية أو الميكانيكية وفي المهن الحرفية مثل النجارة والحدادة والنحت, وغيرها من المجالات التي تتطلب استخدام أعضاء الجسد كله أو جزءٍ منه. وهناك مجموعة من الاختبارات تهدف إلى تحديد القدرات البدنية لدى طلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتي أقرتها لجنة الرياضة الأسترالية ( 1994م ) وكذلك لجنة الرياضة الأمريكية ( 2000م ). وتعتبر الاختبارات في النواحي الحسية الحركية من أقل الاختبارات تواجداً مقارنة باختبارات القدرات العامة والقدرة الإبداعية.

 

ثانياً: العوامل المؤثرة والمحفزة في تطور الموهبة ( Catalysts ):

        إن العوامل الوسيطة أو المحفزة ( Catalysts ) هو مصطلح يشير إلى المواد الكيميائية التي تضاف إلى التفاعل بحيث لا تستعيد هذه المواد المحفزة والمؤثرة حالتها السابقة التي كانت عليها. بمعنى آخر تسهم هذه المؤثرات والمحفزات في التفاعل ولكن دون أن تظهر مكوناتها الأصلية في الناتج النهائي. فتنمية الموهبة تعتمد بشكل أساسي على المكونات الرئيسية وهي القدرات الفطرية والتي تتحول ببطء إلى قدرات محددة ومعقدة وتختلف في فروعها ولكن تتفق في جذورها ومن الممكن قياسها قياساً دقيقاً وتحديد مستوى الإتقان لتلك المهـارة بعـد تطـورها ويذكـر جانـييه أنـه ليـس هـناك عـلاقة بين نوعـية المـؤثر أو الحافـز المستخدم وقوة مشاركته وظهوره في عملية التقييم والقياس ويذكر أن هناك أربعة عوامل من المؤثرات وهي:

1)   العوامل الشخصية  ( IC ) : وهي العوامل التي تتعلق بالمؤثرات الداخلية للفرد, وهذه العوامل قد تكون إيجابية محفزة ودافعة وميسرة للموهبة وتحقيق ( التفوق ) أو تكون سالبة معيقة لتطور الموهبة لديه, وقد تختلف درجة شدة تلك العوامل الشخصية فقد تكون قوية في تأثيرها على المواهب أو قد تكون ضعيفة التأثير السلبي في عملية التطور والنمو لتلك المواهب.

        وأورد جانييه نوعين من العوامل الشخصية الداخلية للفرد:

أ) العوامل الجسدية, العضوية البيولوجية والتي تقع تحت تأثير العوامل الوراثية, وتظهر بعدة أشكال لمواصفات مبدئية للقدرة, فمثلاً القدرة الحركية للعب كرة القدم قد تتطلب مؤهلات وراثية مثل طول ووزن وقوة القدم لتحقيق الأداء المتميز للقدرة الحركية, أو القدرة الموسيقية ومتطلباتها الجسدية مثل سعة اليد وطول الأصابع وحجم اليد لها تأثيرها على العزف على الآلات الموسيقية.

 ب) عوامل نفسية وهي تلك المتعلقة بالمؤثرات والدوافع النفسية الداخلية للفرد:

1)    كالاهتمامات والدوافع والاتجاهات.

2)    قوة الإرادة والتحكم في النفس والمراقبة المستمرة للذات.

3)    إدارة الذات والابتعاد عن المشتتات الخارجية.

4)  الخصائص والسمات المتعلقة بالمزاج والوعي وتقدير الذات والقدرة على التكيف, فهذا التفاعل للعوامل النفسية الداخلية قد يأتي النتيجة النهائية لها تفاعلات إما إيجابية أو سلبية تنعكس على تطور الموهبة لدى الفرد خلال مراحل النمو المختلفة.

2)    العوامل الخارجية المؤثرة في نمو المواهب لتحقيق التفوق :

       أ ) العوامل البيئية ( EC ) Environmental: للبيئة أثرها الإيجابي أو السلبي على تطور الموهبة لدى الفرد مثلها مثل العوامل الشخصية السابقة. ويتضح تأثير العوامل البيئية من خلال:

 1) العامل الجغرافي والبيئة الطبيعية المحيطة بالفرد والعدد السكاني والتقدم العمراني الحضاري.

2) البيئة الاجتماعية والثقافية للأسرة من حيث حجم الأسرة وعدد أفرادها ومستواهم التعليمي والاقتصادي.


                   ويذكر جانييه أن كل هذه العوامل البيئية لها تأثيراتها المختلفة سواء الإيجابية أم السلبية على نمو المواهب وتحقيق التفوق وما يتركه المحيطين بالفرد من تأثير سواء من آباء ومعلمين وزملاء أو مناهج وخدمات تعليمية سواء كانت إثرائية أو برامج خاصة أو برامج تسريع, بالإضافة إلى سلسلة الأحداث والمواقف المتعاقبة, والمكافئات والجوائز وما تتركه من آثار على نمو وتطور الموهبة لدى الأفراد.

3)    عامل التعلم والممارسة ( LPLearning and Practicing :

        إن عملية نمو وتطور الموهبة لتحقيق التفوق يتم من خلال تحويل القدرات الطبيعية المحدودة إلى مهارات تعكس الكفاءة من خلال تلقي التعليم والخبرة في أحد المجالات التعليمية والمهنية, وتتوافق مستوى الكفاءة والتعليم مع مستوى الإتقان الذي يتراوح من الحد الأدنى من الكفاءة إلى مستوى أعلى, وهكذا فإن تطور الموهبة من خلال التعلم للطلبة أصحاب المواهب يحقق التفوق لتلك القدرات الفطرية. وتأخذ عملية التعلم والممارسة من خلال التأثير لأربعة عوامل والتي تظهر من خلال:

          التأثير الأول وهو جانب النضج: وهي عملية تتحكم فيها الجينات بشكل كبير, فمع النضج تنمو وتتحول كل البيئة الحيوية للجسم مثل العظام والأعضاء الداخلية كالمخ وغيره, وتؤثر هذه العملية التطورية على الوظائف الأخرى للجسم, فعلى سبيل المثال: أظهرت الأبحاث أن حدوث التغيرات الكبيرة في طبيعية المخ يتزامن بشكل مباشر مع حدوث التغيرات المتوازنة في النواحي العضوية والإنجازات المعرفية. أما التأثير الثاني فهو: التعليم الغير الرسمي, فالمهارات والمعرفة التي يكتسبها الفرد تأتي من خلال ممارسته لأنشطة حياتية اليومية وهو ما يطلق عليه الذكاء العملي, ونتيجة لهذه الأنشطة التعليمية الغير رسمية أو غير النظامية الهيكلية, تنشأ بصورة كاملة المعرفة العامة, ومهارات اللغة والمهارات الاجتماعية واليدوية, والتي يتقنها الأطفال الصغار قبل التحاقهم بالمدرسة من خلال الأنشـطة غـير الرسـمية. وآخـر عمـليتـين لتطـور الموهـبة من خـلال التعـلم والممارسة هما اللتان يتسمان بالطابع


الرسمي والتي يتوفر لهما النية المقصودة لتحقيق الأهداف التعليمية المحدودة, ويلعب التخطيط لتلك الوسائل بشكل نظامي للخطوات التعليمية الرامية لتحقيق الأهداف. وبالنسبة للحالة الأولى من التعليم الرسمي هو التعليم غير المؤسسي, والذي يعتمد على التعليم الذاتي بطريقة رسمية, حيث يقرر عدد من الأفراد من صغار السن أو الأكبر سناً أن يطوروا من قدراتهم بطريقة نظامية في أحد المجالات المهنية, بحيث يأخذ شكل نشاط في وقت الفراغ. والقليل من الأفراد يحقق مستوى عالي في مواهبهم في هذا النوع من التعليم. وقد لا يحدث  تطور يذكر عند البعض الآخر والنوع الرابع هو أشهر العمليات التعليمية وأكثرها شيوعاً هو الذي يقوم على أداء المؤسسات التعليمية ويؤدي إلى الاعتراف الرسمي بكفاءة وقدرة الشخص, والتحاقه بالمدرسة بمجال معين والانضمام إلى مجموعة أو فريق متخصص بموهبة معينة.

4)    الصدفة أو الحظ ( CH ):

           يعتبر جانييه من الأوائل الذين بحث في موضوع الصدفة كعامل في تنمية المواهب. وقد أدخله كعامل مهم في نموذجه واعتبره من المؤثرات المهمة للمواهب. وأوضح أن الصدفة تؤثر بشكل كبير على العوامل الأخرى. فالطفل المولود للأسرة ليس له دخل في الحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة التي تربى بها, ونوعية الرعاية والاهتمام, والبرامج في المدرسة التي يلتحق بها. وكذلك تظهر الصدفة في توارثه لجينات وعوامل وراثية ليس له أي اختيار ولكن هي الصدفة التي وضعته في تلك الأسرة, سواء كان ذلك المستوى من الظروف الداعمة لنمو المواهب أو المحبطة لها. فيذكر أن الإنجازات التي يحققها الفرد تعتمد على عنصرين هامين:

1)    العوامل الوراثية.

2)    والخلفية الثقافية للأسرة والاجتماعية. وأن هناك نسبة من الصدفة في معظم الأحداث والمكونات التي يعيشها الفرد.


ثالثاً: التفوق أو المهارات التي يتم تطويرها بشكل نظامي (( التفوق ))

Systematically Developed Skills (Sys Dev)                  

        عرف جانييه ( Gagne' ) مفهوم التفوق بأنه درجة الإتقان المرتفع للقدرات العقلية كما تظهر من خلال المهارات والتي يتم تطويرها بشكل منتظم من خلال الأنظمة والمؤثرات السابق ذكرها الداخلية للفرد والمؤثرات الخارجية المحيطة به. وتظهر تلك القدرات في أحد المجالات أو عدة مجالات للنشاط الإنساني, بحيث تضع الفرد في أعلى ( 10% ) على الأقـل بين أقـرانه. وذكر جانييه أن مجـالات التفوق العقلي تنشأ بشكل تراكمي, حيث أنها تتحول من استعدادات عالية إلى مهارات بعد أن يتلقى الفرد التدريب والتعليم المناسب بمعنى آخر هي تلك القدرة أو الاستعداد الذي يتم تطويرها بشكل نظامي ( Sys Dev ) في أحد المجلات شديدة التنوع.

           ومن هنا نرى أن المجالات المهنية العملية تحتاج إلى إتقان سلسلة من المهارات, مما يدفع إلى وجود الفروق الفردية الكبيرة في الأداء للأفراد, وقد نجد في بعض الأحيان أن المستوى المتدني في الأداء قد يرتقي إلى مستوى عالي من الأداء نتيجة للتدريب والتعليم والخبرة التي يكتسبها الفرد خلال مراحل حياته.

           ويسعى الأفراد في العديد من المجالات إلى تطوير مهاراتهم من خلال التدريب كنشاط يمارسونه في أوقات فراغهم لمختلف الأعمال أو المهن ( مثل: العمل الحرفي, الكتابة, الرسم, ومعظم الألعاب الرياضية ). إن قياس هذا الجانب للتفوق العقلي هو عملية مباشرة وواضحة ويمكن ملاحظتها على ارض الواقع والتوصل بالفعل إلى قدرات الفرد المرتفعة من خلال المحكات التي تتوافق مع الأداء العالي في المهارات المحددة لأي مجال من المجالات التفوق, وخلال مرحلة النمو والتي تتعلق بسن المدرسة وهي كما ذكر جانييه أن التفوق يتضح في المجالات التالية:

1)     النواحي الأكاديمية ( Academic ): اللغات, العلوم, الدراسات الإنسانية... الخ.

2)     الفنون ( Arts ) بكافة أشكالها: البصرية, الدراما, الموسيقى... الخ.

3)     الهويات( Leisure )وأوقات الفراغ: الشطرنج, ألعاب الفيديو, الألغاز...الخ.

4)     العمل الاجتماعي ( Social Action ): وسائل الإعلام والعمل التطوعي.

5)     الألعاب الرياضية ( Sports ) بمختلف أشكالها الفردية والجماعية.

6)     التطور التكنولوجي ( Technology ): الإلكترونيات, الأجهزة, الأعمال التجارية, الصناعات.

               ويؤكد جانييه أن التفوق العقلي في هذه الجوانب يتم من خلال إجراء التقييم وكتابة التقارير مثل الاختبارات التي يعقدها المعلمون الشفهية, واختبارات التحصيل الدراسية, المسابقات, المنافسات, المنح الدراسية...الخ. ويذكر جانييه أنه في بعض الأحيان لا تظهر علامة ثنائية مباشـرة بين مجـالات الموهبة ومجـالات التفوق. فـأي قـدرة طبيعـية (( موهبة )) يمـكن أن تظهر بطرق مختلفة اعتماداً على المجال الذي يعمل فيه الفرد, فالفرد قد يكون لديه قدرة طبيعية مثل القدرة على استخدام أصابع اليد, هذا الاستعداد ليس بالضرورة أن يظهر في تفوق محدد ولكن يتنوع إما في مجال الطباعة واستخدام الآلة الكاتبة, أو الرسم أو النحت أو العزف على البيانو أو الحياكة, وممارسة ألعاب الفيديو أو في الجراحة والعمليات الجراحية, وغيرها من مجالات التفوق, وليس محصوراً في تفوق واحد. أما بالنسبة لموهبة الذكاء أو القدرة العامة, فهذه استعداد فطري كما ذكر جانييه ويمكن أن يظهر في التفوق العلمي في مجال الكيمياء أو تحليل خطة معينة, أو التخطيط للعبة رياضية, وهذه القدرة العامة لها دور فعال في مختلف النشاطات ولكن هناك بعض المجالات المهنية المرتبطة بشكل مباشر ببعض القدرات وعلى وجه الخصوص بعض مجالات القدرات مثل المهارة الرياضية والتي تقوم على القدرة الحركية أو المهارة الوجدانية والتي تقوم على الذكاء الانفعالي وغيرها من المهارات.


        ويعتبر جانييه التفوق العقلي بناءاً تطورياً, فتعلم الأطفال مجموعة من المهارات, يترتب عليها تقييماً أدائياً في تلك المهارات, وبالتالي مقارنتهم بأطفال آخرين, أمضوا نفس الفترة في تعلم تلك المهارات. ومن الممكن أن يبدأ التقـييم كما ذكـر جانييه في مرحـلة الروضة مثلها مثل تقييم للأشخاص المبتدئين المتدربين والدارسين للموسيقى مثلاً والفنون البصرية والألعاب الرياضية, وتبعاً لهذا التدريب والتعلم, فإن مستوى الإنجاز يتغير مع تطور واستمرار عملية التعلم. وخلال سنوات الدراسة الأولى للطالب في المدرسة, ويمكن أن يحصل على درجات تؤهله لأن يكون ضمن أعلى أفضل ( 10% ) من تلاميذ فصله, فيسمى عندها متفوقاً أكاديمياً. وقد يصبح تقدم هذا الطالب بطيئاً لأي سبب من الأسباب السابق ذكرها الشخصية والاجتماعية...الخ, مما يستدعي حذفه من قائمة مجموعة المتفوقين, وقد يحدث العكس وذلك بسبب الارتباط الكبير بين التفوق والإنجاز الذي يحققه الطالب كل عام فإن معظم الطلبة المتفوقين يثابرون ويحرصون على أن يحتفظوا بهذه المكانة والتفوق خلال سنوات دراستهم.

        وهنا نلاحظ أن جانييه في نموذجه أعطى تفسيراً واضحاً لكل من التفوق والموهبة حيث اعتبر الموهبة ( Giftedness ) حالة خاصة من الاستعداد الفطري بينما نظر إلى التفوق ( Talent ) أنه حالة التطور لتلك المواهب خلال عدد من العوامل والمؤثرات ليصبح تفوق من إنجاز معين. ونلاحظ أن كل من التفوق والموهبة عند جانييه يتفقان في الآتي:

1)     أن كلا المفهومان يشيران إلى القدرات العقلية والتي تظهر من خلال النشاط الإنساني.

2)     أن كلا المفهومان لا يمكن استخدامهما للأفراد العاديين من ذوي الذكاء المتوسط أو الأقل من المتوسط.


3)  أن كلا المفهومان يشيران إلى أفراد يتميزون بسلوكيات ودوافع وحوافز داخلية وخارجية وسمات شخصية تختلف عن فئة العاديين إذا ما تم مقارنتهم في كافة الجوانب نظراً لسلوكياتهم المتميزة.

         ويذكر جانييه أن أوجه الالتباس والاختلاف في فهم هذين المفهومان ربما يرجع إلى أوجه التشابه بينهما كما هو مذكور أعلاه مما يؤدي إلى الخلط واللبس في استخدامهما, وهذا يدفع الآخرين لاستخدامهما كمترادفان وكذلك قد يكون الخلط ناتج عن اللغة المستخدمة لتلك المفاهيم.

           ومن جهة أخرى تظهر عدة اختلافات واضحة على كل من مفهوم التفوق والموهبة وقد ذكرها جانييه لتدعيم نموذجه وهي كالآتي:

1)     أن الموهبة تتميز بنمو بطيء من خلال الاستعدادات, بينما يظهر النمو السريع للإنجاز من خلال التفوق.

2)     أن التعليم غير الرسمي هو الذي يحكم الموهبة, بينما التعليم الرسمي يتحكم في التفوق وظهور الإنجاز.

3)     أن الدوافع والمؤثرات تقل أهميتها في حالة الموهبة بينما تتضح هذه الأهمية للمؤثرات الخارجية والداخلية على التفوق.

4)  تشكل العوامل الوراثية دوراً رئيسياً وهاماً في إحداث الموهبة وتشكيلها, بينما يلعب عنصر البيئة والعوامل الداخلية والخارجية والتدريب والممارسة أثراً واضحاً في التأثير على التفوق.

5)  إن المواهب قد تظهر في مجالات عامة وغير محددة بينما تكون مجالات التفوق ومحتواها أكثر تحديداً لتلقي التدريب والتعليم في المجال المحدد.

6)  أن يتم تقييم جميع التلاميذ لتحديد المواهب لديهم, بينما يقتصر تقييم التفوق لدى الأفراد الذين يتعرضون للتدريب والتعليم والممارسة في المجالات التي يظهرون تفوقاً بها.

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 63/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 4898 مشاهدة
نشرت فى 7 يوليو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,823,007